في المحطة..على قارعة المجهول...
على أنغام زخات طلول السكون الشاردة..و بين عروش ايلول ذابل متعثر أثقله عبوس الشتوية الراقدة..و بين جحافل الصمت السائدة..ارتدت محطة الهروب الأملد كرياح تلك الأمسية الراكدة..
حين حاصرتني أهوال الواقع المر بانكسار كعواصف الشؤم العاتية..و غازلتني أوتار الغروب بسخرية استهتار و كراهية..لأبقى وحيدة بين دهياء رحيلي القاتل مدمرة مستلقية..
تغلغل الدمع بين أحضان جفن تفننت في تلوينه خناجر الخنا العتمة و العدوانية ..و اخاطت له ماكينة الكدر غمامة داكنة لتكون له ظلا ظلمة أبدية..ليأبى أن ينهمر خوفا من التقاء الصدفة بالصدمة الانسانية..حتى انت يا دمع آثرت التخلي عن أعين اشتاقت اشراقة اللمة الاسثنائية..
جلست على كرسي خشبي مخدوش حاكت تعاريجه ذكريات مرة قاسية..كوشم حقير يصارعه النسيم كل دقيقة و ثانية..لتتوزع أنظاري بين أركان ذاك السقف المقرف المتعفن..الذي اتخذت عناكب الخبث العرجاء من زواياه مستقرا لها ..كانت تنسج خيوطها الحريرية بتغطرس و انانية..و كأنها تتبجح و تخاطبني بلغة الشفقة بنظرة ثاقبة جهنمية..قد يكون وضعا تشمئز من رؤيته أعين النبلاء و أصحاب السلطة المالية.. و لكنه أفضل من حالي البائسة المزرية..كئيبة يائسة لا أدري أين ستكون وجهتي الأزلية..أشواك القر تخز جسدي بقسوة رغم احتضاني لسترتي الصوفية..و الظلمة الحمقاء تكتسي وجه السماء ببطئ تحيل تلك الزرقة الجميلة السماوية..لتعلن عقارب تلك الساعة الضخمة الدائرية..حلول الثامنة و هي غير مبالية..و يأتي القطار بسرعة ليتوقف عند أعتابي لأبدأ رحلتي الأليمة الدامية..على سكة قدري الحديدية..