السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الله خلق بن آدم وخلق فيه رغبات كحب المال والشهرة والتملك ..وقد استغل هذه الرغبات من ارادوا استغلال الانسان ، والقضاء على المعارضة التي تعرقل سير مركبة السياسات والتوجهات ، وتعطيل تيارات منافسة تشكل خطرا على المعهود والموروث ولو كان فاسدا ، فكانت الحضارات لا تقوم إلا بأشخاص يستطيعون التغلب على هذه الرغبات ، وقد كان أول ما قاومت به قريش الدعوة الإسلامية هي ورقة الرغبات الإنسانية فقد جاؤوا إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم - أيها الرجل : إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك من أموالنا، حتى تكون أغنى قريشا رجلا، وإن كان إنما بك الباه فاختر أى نساء قريش شئت فلنزوجك عشرا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فرغت؟ قال نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بسم الله الرحمن الرحيم (حم تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ....) إلى أن بلغ (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ) [فصلت1-13] . فقال عتبة : حسبك أما عندك غير هذ ا؟ قال: لا. (ابن كثير) وفى رواية أخرى أضيف إلى كلام عتبة : وإن كنت إنما بك الرياسة عقدنا ألويتنا لك فكنت رأسا ما بقيت) ، ولكن الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان يسعى إلى تبليغ الرسالة إلى البشر تحمل في طياتها مشروع النجاة في الدنيا والآخرة فرفض المناصب والإغراءات وصبر للتعذيب والعقوبات ، وبقي استعمال الرغبات الإنسانية عبر التاريخ وتتجدد كلما تجددت حركة التغيير......كثير ممن باعوا أنفسهم طمعا في المناصب والشهرة ، واستغل اليهود جائزة نوبل ليشتروا بها توجهات الكتاب والمبدعين والساسة والمفكرين فنالها الكثير من الخونة أمثال أورهان باموك الكاتب التركي الذي أثار الفتنة وانتقد مذابح الأرمن واستهان بسمعة الانتماء القومي التركي ، وأعطيت للسادات ثمنا له على التطبيع واتفاقية كامب ديفد ، ولمحمد البرادعي وهو الذي مهد لغزو العراق ... وكثير أمثالهم ، وليسوا في مجملهم إلا كالذي استعمله نابليون في احتلال إحدى المدن ، فلما طلب الخائن مصافحة نابليون قال له : أنا لا أصافح الخونة ورماه بكيس من المال .
عبدة المال والمناصب لا يخلو منهم زمان أو مكان ، بل أصبحت المناصب والجوائز كالخيط الذي يخاط به فم المعارض على حد قول أحدهم { ليست هناك جوائز بريئة } وانتهج الذين يريدون الحفاظ على حكم موروث طريقة الإغراء بالمناصب السياسية فيعطى للمعارض منصب وزير دولة وهو لا يملك أي قرار سوى حضور المؤدبات واستقبال الشخصيات ، إلى حين نشأة معارضة أخرى فيرمى به إلى سلة المهملات ، بعد أن باع قضيته واشترى الملذات ، حتى المساجد الكبيرة المشهورة يؤمها من لا يتكلمون عن منكر رأوه ، وتحسن صورتهم ويزكى مذهبهم ، ويرأس وزارة الدين من باع المبادئ -إن كانت لديه مبادئ - ... أما الذين يقولون كلمة الحق ووقفوا من الإغراءات موقف الحبيب المصطفى { والله يا عم لو وضعوا الشمس بيميني والقمر بيساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه} فمكانهم حيث لا يصل صوتهم إلى الناس ، ورحم الله الشهيد سيد قطب فبعد أن رفض منصب وزير الأوقاف مقابل تخليه عن فكرته وقرروا إعدامه وجاءوا إليه بشيخ أزهري يستنطقه الشهادة ليقول له قل " لا إله إلا الله " فقال له أمثالك يقولّنيها وقال له " أنا أموت من أجلها وأنت تأكل بها خبزاً " رحم الله سيد قطب ورحم الله من ثبتوا على الحق ولم يقبلوا مناصب التقزيم والتحقير .