يوم طويل شاهق الأنفاس طابور من الأجساد متراصة تبحث في دواليب الوقت عن فرصة
فجأة حافلة فاغرة تتوقف ،هجوم شرس كتلة من اللحوم في التصاق كامل تذوب الفوارق
وتلتصق الأجساد نساء رجال شيوخ عجائز عجينة جسدية جاهزة للطهي والفرن حار بما يكفي،
في لمحة بصر تمتلئ الكراسي وتختنق المساحات يزداد الاحتكاك حدة فيستغل بعض المعوقين
خلقيا ودوي الحاجات الخاصة من مفهوم تربوي بالتحرش عبر تصرفات مقززة يعلو صوت هادر
استحي أحشم، يلتفت الكل في براءة مصطنعة وكأن الدور مخطط له مسبقا فريسة وضحية
ووحش ومتفرجون يتعالى صياح عجوز كبيرة عيب عليكم أين الاحترام يرن الصدى عبر ممرات الصمت
ثم يعود فارغا،شيخ كبير يطالب شاب بترك منافذ أمنة لخروج الهواء الطلق الشاب يسكن هاتفه
ومشغل الموسيقى فلا يعير لكلام الشيخ أي أهمية ترتفع درجات الحرارة فيدخل الشيخ في
حالة غضب،الشاب الديكي ينظر للشيخ ثم يتكلم بكلام قبيح وفارغ فتضج الأركان تشتعل الأعين
وفي لحظة خاطفة يرسل شاب لكمة حارقة في وجه الديك الرومي فيلتزم الديك خمه
وتصمت الأفواه ،لحظات حاسمة يعقبها عودة الهدوء الممزوج بغبار الحرب التي انتهت لتوها
في زاوية قاتمة شاب لا مرئي تمتد يده السحرية الى حقيبة شابة قد غادرت عالمها وافترشت
نطاق هاتفها الصاخب لا تكف عن إرسال فرقعات قهقهية تسمح للشاب الساحر من اختراق جدار
الصمت والانسلال إلى عمق الأراضي التابعة للفتاة ،وفي لمحة بصر تفترس يده السحرية مبلغ مالي
وسلسلة ذهبية تشم الفتاة رائحة غريبة وما تكاد تغادر عالم الهاتف حتى تصحو على وقع الفاجعة
حقيبتها قد سلب منها كل غالي ونفيس تفترس عيونها كل من هم حولها الساحر ينغمس عميقا
الشابة تنهش عيونها كل شيء يتحرك تختار شاب ظن أن نظراتها شيء من قبيل الإعجاب الشرس
يبتسم في وجهها بسمة خافتة فتهجم عليه اللبؤة مخلفة له جراح وعاهات مستديمة، تصيح الفتاة
لقد سرقني تتناوله الأيدي من كل جانب كأنه طبق بين أيدي الجياع تتناوله اللكمات في نهم شرس
أخيرا يطل الشاب من القدر ليقسم للأيدي انه مجرد معجب لا أكثر ولا اقل، يفتش ثم يطلق سراحه
الفتاة تبحث عن عيون أخرى لا تجد شيء فتدخل في هستريا سوداء وتتهم الكون كله بالتأمر
يرسل شاب عبر مكبر الصوت كلمات للفتاة ويخبرها أنها لو لم تسكن هاتفها وكانت أكثر حرصا
ما انتهى بها الأمر فريسة في يد ساحر الظل، تدخل الفتاة في جدال لا ينتهي مع كل متكلم
ويبقى رجل الظل يبحث عن فرائس تسكن قوقعة هاتف بعيدا عن الوعي حتى يفترس هدوءها
محطات تمر بها الحافلة في رحلتها الحارة عبر مراحل توقفها الممزوجة بمئات القصص
عن الأجساد المتراصة والأعين المتوحشة والأيدي التي تتبادل اللكمات وتختطف
بعض ما غفلت عنه الأبصار في جو مشحون بكل معاني الخبل والالتصاق الوقح المقزز
بعد كل محطة تعود القصص من جديد ويزداد الاحتكاك مع اشتداد الأعداد وطول المسافات
وينتهي اليوم الطويل بزوال الشمس وتعاقب فصول الحلم ولا يبقى غير الكلام والقصص عن ما جرى
حين تشرق الشمس تصطف الأجساد في رحلة التعب بحثا عن حافلة فاغرة في هذا الزمن الشره