"تعريف العقيدة" لفظيلة الشيخ العلامة صالح الفوزان - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

"تعريف العقيدة" لفظيلة الشيخ العلامة صالح الفوزان

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-02-08, 23:23   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
السلفية الجزااائرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية السلفية الجزااائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي "تعريف العقيدة" لفظيلة الشيخ العلامة صالح الفوزان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

"تعريف العقيدة" للشيخ صالح الفوزان
اقتباس من موقع الشيخ صالح الفوزان (حفظه الله )




العقيدة لغة:
مأخوذة من العقد وهو ربط الشيء، واعتقدت كذا: عقدت عليه القلب والضمير. والعقيدة: ما يدين به الإنسان، يقال: له عقيدة حسنة، أي: سالمةٌ من الشك. والعقيدةُ عمل قلبي، وهي إيمانُ القلب بالشيء وتصديقه به.

والعقيدةُ شرعًا:

هي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشره، وتُسمَّى هذه أركانُ الإيمان.
والشريعة تنقسم إلى قسمين: اعتقاديات وعمليات:
فالاعتقاديات: هي التي لا تتعلق بكيفية العمل، مثل اعتقاد ربوبية الله ووجوب عبادته، واعتقاد بقية أركان الإيمان المذكورة، وتُسمَّى أصلية.
والعمليات: هي ما يتعلق بكيفية العمل مثل الصلاة والزكاة والصوم وسائر الأحكام العملية، وتسمى فرعية؛ لأنها تبنى على تلك صحة وفسادًا [شرح العقيدة السفارينية (1/4). وقوله: (على تلك) أي: على الاعتقاديات].
فالعقيدةُ الصحيحةُ هي الأساسُ الذي يقوم عليه الدين وتَصحُّ معه الأعمال، كما قال تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف/110].
وقال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر/65].
وقال تعالى: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ، أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر/2، 3].
فدلّت هذه الآيات الكريمة، وما جاء بمعناها، وهو كثير، على أن الأعمال لا تُقبلُ إلا إذا كانت خالصة من الشرك، ومن ثَمَّ كان اهتمام الرسل – صلواتُ الله وسلامه عليهم – بإصلاح العقيدة أولاً، فأول ما يدعون أقوامهم إلى عبادة الله وحده، وترك عبادة ما سواه، كما قال تعالى:
{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} [النحل/36].
وكلُّ رسول يقول أول ما يخاطب قومه:
{اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف/ 59، 65، 73، 85] قالها نوح وهود وصالح وشعيب، وسائر الأنبياء لقومهم.
وقد بقي النبي صلى الله عليه وسلم في مكة بعد البعثة ثلاثة عشر عامًا يدعو الناس إلى التوحيد، وإصلاح العقيدة؛ لأنها الأساسُ الذي يقوم عليه بناءُ الدين. وقد احتذى الدعاة والمصلحون في كل زمان حذو الأنبياء والمرسلين، فكانوا يبدءون بالدعوة إلى التوحيد، وإصلاح العقيدة، ثم يتجهون بعد ذلك إلى الأمر ببقية أوامر الدين.

بيان مصادر العقيدة ومنهج السلف في تلقيها

العقيدة توقيفية؛ فلا تثبت إلا بدليل من الشارع، ولا مسرح فيها للرأي والاجتهاد، ومن ثَمَّ فإن مصادرها مقصورة على ما جاء في الكتاب والسنة؛ لأنه لا أحد أعلمُ بالله وما يجب له وما ينزه عنه من الله، ولا أحد بعد الله أعلمُ بالله من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا كان منهج السلف الصالح ومن تبعهم في تلقِّي العقيدة مقصورًا على الكتاب والسنة.
فما دلّ عليه الكتاب والسنة في حق الله تعالى آمنوا به، واعتقدوه وعملوا به. وما لم يدل عليه كتاب الله ولا سنة رسوله نقَوْهُ عن الله تعالى ورفضوه؛ ولهذا لم يحصل بينهم اختلاف في الاعتقاد، بل كانت عقيدتهم واحدة، وكانت جماعتهم واحدة؛ لأن الله تكفّل لمن تمسك بكتابه وسنة رسوله باجتماع الكلمة، والصواب في المعتقد واتحاد المنهج، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} [آل عمران/103].
وقال تعالى: {فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُم مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى} [طه/23].
ولذلك سُمُّوا بالفرقة الناجية؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم شهد لهم بالنجاة حين أخبر بافتراق الأمة إلى ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، ولما سئل عن هذه الواحدة قال: "هي من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي" [الحديث رواه الإمام أحمد].
وقد وقع مصداق ما أخبر به صلى الله عليه وسلم، فعندما بنى بعض الناس عقيدتهم على غير الكتاب والسنة، من علم الكلام، وقواعد المنطق الموروثَيْن عن فلاسفة اليونان؛ حصل الانحرافُ والتفرق في الاعتقاد مما نتج عنه اختلافُ الكلمة، وتفرُّقُ الجماعة، وتصدع بناء المجتمع الإسلامي.


--------------------------------------------------------------------------------

المرجع : كتاب عقيدة التوحيد للشيخ صالح الفوزان

{منقول}








 


قديم 2013-02-08, 23:28   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
السلفية الجزااائرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية السلفية الجزااائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أعتذر عن الخطأ في عنوان الموضوع {فضيلة}










قديم 2013-02-11, 07:39   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
ibnsina1
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

بسم الله الرحمان الرحيم


نعم صحيح انتم علماء ونحن فقط من اصاغر طلاب العلم ونؤمن بالقرآن كما جاء كله لا بعضه
وحتما سلفنا الصالح وخصوصا منهم علماء القرون الثلاثة الاولى
و انتم ما شاء الله عليكم اكثر الناس تمسكا بسيرتهم فقط لانكم تعلمون يقينا بانهم المتمسكون بما جاء
به رسو لالله صلى الله عليه وسلم ومن خالفهم او نازعهم او انكر عليهم فقد عارض الحق وبارز الله بالمحاربة
فالرجاء الرد على ما ساذكره من كلامهم وبينوا لنا الاشكال ولكم جزيل الشكر
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++ ++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
1- قال مصباح التوحيد ومصباح التفريد الصحابي الجليل والخليفة الراشد سيدنا علي رضي الله عنه (40 هـ) ما نصه : (كان- الله- ولا مكان، وهو الان على ما- عليه- كان اهـ. أي بلا مكان. (( الفرق بين الفرق لأبي منصور البغدادي [ ص / 333 ] )) .
=================================================
2- وقال أيضا : "إن الله تعالى خلق العرش إظهارًا لقدرته لا مكانا لذاته" أ هـ. (( الفرق بين الفرق لأبي منصور البغدادي [ ص / 333 ] )) .

================================================== =
3- وقال أيضا : (من زعم أن إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود" اهـ. (المحدود: ما له حجم صغيرا كان أو كبيرا) . [حلية الأولياء: ترجمة علي بن أبي طالب (73/1) ].
================================================== ============
4- وقال التابعي الجليل الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم (94 هـ) ما نصه (4): (أنت الله الذي لا يحويك مكان" أ هـ. [إتحاف السادة المتقين (4/ 380) ] .

5- وقال أيضا : ( أنت الله الذي لا تحد فتكون محدودا ) اهـ. [إتحاف السادة المتقين (4/ 380) ]

6- وقال الإمام جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين رضوان الله عليهم (148 هـ) ما نصه : "من زعم أن الله في شىء، أو من شىء، أو على شىء فقد أشرك. إذ لو كان على شىء لكان محمولا، ولو كان في شىء لكان محصورا، ولو كان من شىء لكان محدثا- أي مخلوقا" أ هـ. [ ذكره القشيري في رسالته المعروفة بالرسالة القشيرية (ص/ 6) ].

7- قال الإمام المجتهد أبو حنيفة النعمان بن ثابت رضي الله عنه (150 هـ) أحد مشاهير علماء السلف إمام المذهب الحنفي ما نصه : " والله تعالى يُرى في الآخرة، ويراه المؤمنون وهم في الجنة بأعين رؤوسهم بلا تشبيه ولا كميّة، ولا يكون بينه وبين خلقه مسافة " اهـ. [ ذكره في الفقه الاكبر، انظر شرح الفقه الاكبر لملا علي القاري (ص/ 136- 137) ].

8- وقال أيضا في كتابه الوصية : " ولقاء الله تعالى لأهل الجنة بلا كيف ولا تشبيه ولا جهة حق " اهـ. [ الوصية: (ص/ 4)، ونقله ملا علي القاري في شرح الفقه الاكبر (ص/138)] .

9- وقال أيضًا : " قلت: أرأيت لو قيل أين الله تعالى؟ فقال- أي أبو حنيفة-: يقال له كان الله تعالى ولا مكان قبل أن يخلق الخلق، وكان الله تعالى ولم يكن أين ولا خلق ولا شىء، وهو خالق كل شىء" اهـ. [ الفقه الأبسط ضمن مجموعة رسانل أبي حنيفة بتحقيق الكوثري (ص/ 25). ].

10- وقال أيضا : "ونقر بأن الله سبحانه وتعالى على العرش استوى من غير أن يكون له حاجة إليه واستقرار عليه، وهو حافظ العرش وغير العرش من غير احتياج، فلو كان محتاجا لما قدر على إيجاد العالم وتدبيره كالمخلوقين، ولو كان محتاجا إلى الجلوس والقرار فقبل خلق العرش أين كان الله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا" اهـ.
[ كتاب الوصية، ضمن مجموعة رسائل أبي حنيفة بتحقيق الكوثري (ص/ 2) ، وملا علي القاري في شرح الفقه الاكبر (ص/ 75) عند شرح قول الامام: ولكن يده صفته بلا كيف"] .

وهذا رد صريح على المشبهة المجسمة أدعياء السلفية الذين يسمون أنفسهم الوهابية ويزعمون أن السلف لم يصرحوا بنفي الجهة عن الله تعالى. فإن أبا حنيفة رأس من رؤوس السلف الذين تلقوا العلم عن التابعين، والتابعون تلقوا العلم عن الصحابة رضي الله عنهم، فاحفظ هذا أخي المسلم فإنه مهم في رد افتراءات الوهابية على علماء السلف.

ونلفت النظر إلى أن أتباع أبي حنيفة أي الذين هم على مذهبه سواء في لبنان وسوريا وتركيا وأندنوسيا والهند وغيرها من البلدان على هذا المعتقد أي ينزهون الله تعالى عن التحيز في جهة فوق العرش ويقولون الله موجود بلا كيف ولا جهة ولا مكان، إلا من لحق منهم بأهل التجسيم الذين فتنوا بالوهابية وغرتهم الحياة الدنيا أو فتنوا بابن تيمية رافع لواء المجسمة في القرن السابع الهجري كابن أبي العز الحنفي الذي فتن به أي ابن تيمية فشرح العقيدة الطحاوية على خلاف منهج أهل الحق عامة وأهل مذهبه خاصة، فقد حشا شرحه وملاه بضلالات ابن تيمية، فإنه كالظّل له، ومما ذكره [ ذكر ذلك عند الكلام على قول الطحاوي (والجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان أبدا ولا تبيدان" : (ص/ 427 سطر 16 و. 2)، ط 9، عام 08 14 هـ. ] في هذا الشرح من عقيدة ابن تيمية أن أهل السنة على زعمه يقولون بفناء النار أي عنده وعند ابن تيمية وعند الوهابية عذاب الكفار والمشركين والوثنيين الذين حاربوا الله وأنبياءه في نار جهنم ينتهي وينقطع مكذبين قول الله تعالى: (وَلَا يُخَفَّفُ عَنهُم مِن عَذَابِهَا) (سورة فاطر/36). ومما ذكره [ ذكر ذلك عند الكلام على قول الطحاري: "ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق): (ص/32 1 سطر 5- 6)، ط 9، عام 1988 ر. ] أيضا من عقيدة ابن تيمية قوله بأزلية نوع العالم التي أخذها ابن تيمية عن الفلاسفة أي على زعمهم أن الله لم يخلق نوع العالم إنما خلق الأفراد فقط والعياذ بالله.

وقد اتفق علماء الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها منذ زمن الصحابة إلى يومنا هذا على أن هاتين العقيدتين هما عقيدتان كفريتان لما في ذلك من تكذيب الله ورسوله، ومما علم من الدين بالضرورة أن النار باقية إلى ما لا نهاية له لأن الله شاء لها البقاء، وأن العالم كله مخلوق لله نوعه وأفراده، وهذا توارثه المسلمون خلفًا عن سلف لا يناقضه ولا يعارضه إلا من استحوذ الشيطان على قلبه وأضله الله وطمس على بصيرته.

ومن العجب مع ما في هذا الشرح لابن أبي العز الحنفي من ضلالات كثيرة أن الوهابية استحسنته وصاروا ينشرون هذه العقيدة الفاسدة بين المسلمين ويتدارسونه فيما بينهم، حتى قرروا تدريس هذا الشرح في المعاهد والكليات بالرياض (14) [ صحيفة 9 من الشرح. ] وادعوا [ صحيفة 5 من الشرح ] أن هذا الشرح يمثل عقيدة السلف أحسن تمثيل.

ونقول نحن: والذي أرواحنا بيده لقد كذبوا في ادعائهم وافترائهم على السلف كما هو دأبهم، وستكتب شهادتهم ويُسألون.

وأما تكفير الإمام أبي حنيفة لمن يقول: "لا أعرف ربي فى السماء أو في الأرض "، وكذا من قال: "إنه على العرش، ولا أدري العرش أفي السماء أو في الأرض " فلأن قائل هاتين العبارتين جعل الله تعالى مختص بحيز وجهة ومكان، وكل ما هو مختص بالجهة والحيز فإنه محتاج محدث بالضرورة. وليس مراده كما زعم المشبهة إثبات أن السماء والعرش مكان لله تعالى، بدليل كلامه السابق الصريح في نفي الجهة والمكان عن الله.
================================================
وقال الشيخ الإمام العز بن عبد السلام الشافعي في كتابه "حل الرموز" في بيان مراد أبي حنيفة ما نصه (1): "لأن هذا القول يوهم أن للحق مكانا، ومن توهم أن للحق مكانا فهومشبه " اهـ، وأيد ملا علي القاري كلام ابن عبد السلام بقوله (2): "ولا شك أن ابن عبد السلام من أجل العلماء وأوثقهم، فيجب الاعتماد على نقله " اهـ. [(1) نقله ملا علي القاري في شرح الفقه الأكبر بعد أن انتهى من شرح رسالة الفقه الأكبر (ص/ 198).][ (2) المصدر السابق.]

11- وقال الإمام المجتهد محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه إمام المذهب الشافعي (204 ص) ما نصه : " إنه تعالى كان ولا مكان فخلق المكان وهو على صفة الأزلية كما كان قبل خلقه المكان لا يجوز عليه التغيير في ذاته ولا التبديل في صفاته " اهـ. [إتحاف السادة المتقين (2/ 24 ]

12- وأما الإمام المجتهد الجليل أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (241 هـ) رضي الله عنه إمام المذهب الحنبلي وأحد الأئمة الأربعة، فقد ذكر الشيخ ابن حجر الهيتمي أنه كان من المنزهين لله تعالى عن الجهة والجسمية، ثم قال ابن حجر ما نصه : " وما اشتهر بين جهلة المنسوبين إلى هذا الإمام الأعظم المجتهد من أنه قائل بشىء من الجهة أو نحوها فكذب وبهتان وافتراء عليه " اهـ. [ الفتاوي الحديثية / 144).]

13- وقال الصوفي الزاهد ذو النون المصري (245 ص) ما نصه :
"ربي تعالى فلا شىء يحيط به *** وهو المحيط بنا في كل مرتصد
لا الأين والحيث والتكييف يدركه *** ولا يـحـد بـمـقـدار ولا امـد
وكـيـف يـدركـه حـد ولـم تـره *** عين وليس له في المثل من أحد
أم كـيف يبلغه وهـم بلا شبه *** وقد تعالى عن الأشباه والولد" اهـ
[ حلية الاولياء ترجمة ذي النون المصري (9/388) ]
================================================== ============================================
هذا ولدينا المزيد من من اقوال السلف الصاح اهل السنة والجماعة ام ستحذفون الموضوع كما فعلتم









قديم 2013-02-11, 07:52   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
محب السلف الصالح
عضو فضي
 
الصورة الرمزية محب السلف الصالح
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم

نسـأل الله أن يردنا إليه ردا جميلة









قديم 2013-02-11, 09:13   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك اخية
(منقول:من كلام الشيخ أبي عبد الله حسونة حفظه الباري)








بسم الله الرحمن الرحيم

بعد حمد لله تعالى والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله ..

وبعد ..
نظرت آسفاً كسيفاً كما نظر مثلي إلى حال بعض المسلمين، فوجدت منهم الساهين السادرين، ومنهم الغافلين الغارقين، ومنهم الخاطئين الخاطلين.
وقلّبت طرفي إلى جانب آخر، فهالني وكاد يصم آذاني : صرخات حيارى شبه سكارى عن السبيل، أين السبيل؟!
رفعوا عقيرتهم قائلين: محال أن يكون هذا الدين؟!!! :
جهل وتناقض!!
قـذف وتكفـير!!
تقتيل وتدمير !!
وفي الناحية الأخرى، رأيت ناشطين، عن ساعد الجد مشمرين، غير أنهم – وآسفاه- عزين !!!
بين السبل ساعين وبعضهم لجهلهم راكضين، وحول شرعها طائفين، ونهجها قاصدين، عنه يصدرون، وعن شياطينها يتلقون ويتلقفون .

ونظرت : فبصرت عاطلين عن الإدراك، معطلين للصفات ذات الكمالات المعطلة بدركها
يستجدون الناس تصديق أقوالهم! يتوسلون رضا قبولها!
والناس عنهم ما بين معرض ومشفق، وناصح ورافض، بل وزاجر
وهم والحالة هذه ما بين صارخ وناطح .
مساكين حيارى !!
بين عز الطاعة خزايا !
وعن الحق عمايا !!
وفي شرف العبودية عرايا !
ولم .. تسكن رحمتي، وتهدأ رياح رأفتي، وينقطع عنهم ديم لطفي؛
إذ .. هالني، وزلزل جوانب جوارحي ما رأيت – ويا سوأة ما رأيت –
رأيت مخابيل المتعلمين، مخانيث المتعالمين، عبدة عقولهم،
عنها يصدرون، ومنها دون غيرها يقبلون
لوساوسها معظمين، ولشرعتها خاضعين! ولطرائقها الحائرة الجائرة سالكين مؤمنين، بل حامدين .
رأيتهم ساجدين لها من دون الله تعالى!!! قانتين لرجسها، مقدسين لنجسها، مسلمين لخبلها، موقنين بخبرها لا بل بخطلها .
لو رأيتهم .. وهي تهيم بهم في ظلمات الظلم والتيه، بين أودية الردى والهوى، وهم خلفها يلهثون ويزبدون، لرحمتهم .
ولو سمعتهم .. وهم ينعقون بأعجميتها، ويطنتنون برطانتها، وينتصرون لهمجيتها ، لبغضتهم لجرأتهم .
وحمدت الله تعالى على الصيانة، والتمتع بسلوك سبيل المؤمنين الذي فيه سلامة العقول ، واستقامة الديانة .
وهم والحالة هذه معرضين عن الهدى والنور معارضين، وعن الحق الأبلج الأنور مجانبين .
مخمورين في ظلمات معاقل هواهم، مترنحين، منكبين في معشوق عقولهم
يتردون تارة، ويترددون تارة أخرى .
فكم زرفت المقل عليهم رحمة، واضطربت الأفئدة عليهم رأفة .
فانقلبت عائداً بخاطري، متأبطاً ثقتي بالوعد الكريم الصادق عن الصادق بالنصرة والتمكين لهذا الدين فتفتحت له جنبات قلبي، وارتقى إليه مدارج فكري
فرفعت طرفي إلى خالقي مناجيا، مستمطراً ديم الهداية مستجلبا، ورحت في ذلة وإنكسار إلى خالقي أدعو .. وأدعو .









قديم 2013-02-11, 10:04   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
ibnsina1
محظور
 
إحصائية العضو










Flower2

بسم الله الرحمان الرحيم

اللهم اني انا العبد المخطيء المتخبط في ظلمات فكري السقيم معتقدا نجاتي في اتباع نهجك القويم وسراطك المستقيم
المنقول الينا عن طريق سيد المرسلين وحبيب رب العالمين صلى الله عليه وسلم بروايات من كنا نظنهم السلف الصالح
فتمسكنا بقدر المستطاع وتشبثناو تعلقنا بها طوعا وحبا و آثرناها على النفس والنفيس طمعا في نيل مرضاتك
و مصاحبة نبيك في اعلى مقامات الجنان ولذة النظر الى وجهك الكريم
ايتها الاخت الكريمة سانقل لك ما اعتقده عقيدة سلفنا الصالح وساخاصمك امام الله ان توضحي لي بطلان هذه الادلة
بمناقشة كل دليل على حدا

واليك ما اعتقد انه الحق وغيره باطل

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكر النقول من الـمذاهب الأربعة وغيرها على أن أهل السُـنَّة يقولون : الله موجودٌ بلا مكان ولا جهة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد الأمين وبعد ،
قال سيِّدنا أبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه : " العَجْزُ عن دَرَكِ الإِدْرَاكِ إِدْرَاكُ والبَحْثُ عن ذَاتِهِ كُفْرٌ وإِشْرَاكُ "
(1)- قال العلاَّمةُ مُـحمَّدُ ميّارة الـمالكيُّ (1072 هـ) في كتاب الدُّرِّ الثمين والـمورد الـمَعين شرح الـمرشد الـمُعين على الضروريِّ من علومِ الدِّين للشيخِ عبدِ الواحدِ بن عاشر الأنصاريِّ الأشعريِّ الـمالكيِّ رحمهما الله تَعالى ما نصّه [الدرّ الثمين (ص/ 30) ] : "أَجمعَ أَهْلُ الحَقِّ قَاطِبَةً على أنَّ الله تَعالى لاجِهَةَ له ، فلا فوقَ له ولا تحتَ ولايمينَ ولا شمالَ ولا أمامَ ولا خَلْفَ " .
(2)- وقال الإمام الـمجتهد مـحمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه إمام الـمذهب الشافعي (204 هـ) ما نصه [إتحاف السادة الـمتقين (2/24) ] : " إنه تعالى كان ولا مكان فخلق الـمكان وهو على صفة الأزلية كما كان قبل خلقه الـمكان لا يجوز عليه التغيِير فى ذاته ولا في صفاته " .
(3) - و قال الإمام الحافظ الفقيه أبو جعفر أحمد بن سلامة الطحاوي الحنفي (321هـ) [الطحاوي هو من علـماء السلف ، قال في أول رسالته : " هذا ذكرُ بيانِ عقيدةِ أهل السُنَّةِ والجماعة " أي أن هذه هي عقيدة السلف من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين في تنـزيه الله عن الـمكان والجهة والجسمية ، وكلام الطحاوي في غاية الأهمية فهو من علـماء الحديث ومن علـماء الفقه وهو حنفيٌّ أيضاً . وهذه العقيدة تدرس في أنحاء الأرض في الـمعاهد والجامعات الإسلامية .] رضي الله عنه في رسالته (العقيدة الطحاوية) ما نصه : " وتعالى -أي الله- عن الحدودِ والغاياتِ والأركانِ والأعضاءِ والأدواتِ ، لا تحويه الجهات السِّتُّ كسائر الـمبتدعات " .
(4) - و قال إمام أهل السنة أبو الحسن الأشعري (324هـ) رضي الله عنه ما نصه [تبيين كذب الـمفتري ( ص/ 150 ) ] : " كان الله ولا مكان فخلق العرش والكرسي ولـم يحتج إلى مكان ، وهو بعد خلق الـمكان كما كان قبل خلقه " أي بلا مكان ومن غير احتياج إلى العرش والكرسي . نقل ذلك عنه الحافظ ابن عساكر نقلاً عن القاضي أبي الـمعالي الجويني " .
(5)- و قال الشيخ سليم البِشْري الـمصري (1335 هـ) شيخ الجامع الأزهر ما نصه [فرقان القرءان (مطبوع مع كتاب الأسماء والصفات للبيهقي) (ص / 74 )] : " اعلـم أيدك الله بتوفيقه وسلك بنا وبك سواء طريقه ، أن مذهب الفرقة الناجية وما عليه أجمع السُّنِّيُّـون أن الله تعالى مُنَـزَّهٌ عن مشابـهة الحوادث مخالف لها في جميع سمات الحدوث، ومن ذلك تَنَـزُّهُهُ عن الجهة والـمكان كما دلت على ذلك البراهين القطعية " .
(6) - و قال الـمحدِّث الشيخ مـحمد عربي التبان الـمالكي الـمدرس بمدرسة الفلاح وبالـمسجد الـمكي (1390هـ) ما نصه [براءة الأشعريين (1/ 79) ] : " اتفق العقلاء من أهل السنة الشافعية والحنفية والـمالكية وفضلاء الحنابلة وغيرهم على أن الله تبارك وتعالىَ مُنَـزَّهٌ عن الجهة والجسمية والحد والـمكان ومشابَهة مخلوقاته " .
(7) - و قال الشيخ مـحمد الطاهر بن عاشور الـمالكي (1393هـ) [هو رئيس الـمفتين الـمالكيين بتونس وشيخ جامع الزيتونة] ما نصه [أنظر تفسيره التحرير والتنوير (29/ 33) ] : " قوله تعالى : { مَن فِي السَّمَاءِ } [سورة الـملك / 17] في الـموضعين من قبيل الـمتشابه الذي يعطي ظاهره معنى الحلول في مكان ، وذلك لا يليق بالله " .
(8) - قال الصحابي الجليل والخليفة الراشد سيّدنا عليٌّ رضي الله عنه (40 هـ) مانصه [الفرق بين الفرَق لأبي منصور البغدادي (ص / 333)] : " كان الله ولا مكان ، وهو الآن على ما عليه كان " . أي بلا مكان .
(9)- وقال أيضا [الفرق بين الفرَق لأبي منصور البغدادي (ص / 333) ] : " إنّ الله تعالى خلق العرش إظهاراً لقدرته لا مكاناً لذاته " .
(10)- وقال أيضا [حلية الأولياء : ترجمة علي بن أبي طالب (1/ 73) ] : " من زعم أن إِلَهَنَا مـحدود فقد جهل الخالق الـمعبود " . الـمحدود : هو ماكان له حجم صغيراً أو كبيراً .
(11)- وقال التابعي الجليل الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم (94 هـ) مانصه [إتحاف السادة الـمتقين (4/380) ] : " أنت الله الَّذي لا يَحويك مكان " .
(12)- وقال أيضا [إتحاف السادة الـمتقين (4/380)] : " أنت اللهُ الذي لاَ تُحَدُّ فَتـكُونَ مـحدوداً " .
(13)– وقال الإمام جعفر الصادق [كان من سادت أهل البيت فقهًا وعلما وفضلاً (أنظر الثقات لابن حبان (6/131) ] بن مـحمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين رضوان الله عليهم (148هـ) ما نصه [ذكره القشيري في رسالته الـمعروفة بالرسالة القشيرية (ص/6) ] : " من زعم أن الله في شىء ، أومن شىء أو على شىء فقد أشرك . إذ لو كان على شىء لكان محمولا ، ولو كان في شىء لكان محصوراً ، ولو كان من شىء لكان محدثًا ( أي مخلوقاً ) " .
(14)- قال الإمام الـمجتهد أبو حنيفة النعمان بن ثابت رضي الله عنه (150 هـ) أحد مشاهير علـماء السلف إمام الـمذهب الحنفي ما نصه [ذكره في الفقه الأكبر ، أنظر شرح الفقه الأكبر لملاّ علي القاري (ص/136-137) ] : " والله تعالى يُرى في الآخرة ، ويراه الـمؤمنون وهم في الجنة بأعين رُؤُوسهم بلا تشبيه ولا كميّة ، ولا يكون بينه وبين خلقه مسافة " .
(15)- وقال أيضا في كتابه الوصية [الوصية : (ص/4) ، ونقله ملاّ علي القاري في شرح الفقه الأكبر (ص/138) ] : " ولقاء الله تعالى لأهل الجنة بلا كيف ولا تشبيه ولا جهةٍ حقٌّ " .
(16)- وقال أيضا [الفقه الأبسط ضمن مجموعة رسائل أبي حنيفة بتحقيق الكوثري (ص/20) . ونقل ذلك أيضاً الـمحدّث الفقيه الشيخ عبد الله الهرري الـمعروف بالحبشي في كتابه الدليل القويم (ص/54) ] : " قلتُ : أرأيتَ لو قيل أين الله تعالى ؟ فقال – أي أبو حنيفة - : يقال له كان الله تعالى ولا مكان قبل أن يخلق الخلق ، وكان الله تعالى ولـم يكن أين ولاخَلْق ولاشىء ، وهو خالق كل شىء " .
(17)- وقال أيضا [كتاب الوصية ، ضمن مجموعة رسائل أبي حنيفة بتحقيق الكوثري ( ص/2) ، وذكره الشيخ الهرري في كتابه الدليل (ص/54) ، وملاّ علي القاري في شرح الفقه الأكبر (ص/70) عند شرح قول الإمام : " ولكن يده صفته بلا كيف " ] : " ونقر بأن الله سبحانه وتعالى على العرش استوى من غير أن يكون له حاجة إليه واستقرار عليه ، وهو حافظ العرش وغير العرش من غير احتياج ، فلو كان محتاجاً لـما قدر على إيجاد العالـم وتدبيره " .
(18)- وقال رضي الله عنه أيضاً (150 هـ) فى كتابه " الفقه الأبسط " ما نصه [الفقه الأبسط ، ضمن مجموعة رسائل أبي حنيفة بتحقيق الكوثري (ص/12)] : " من قال لا أعرف ربي في السماء أو في الأرض فقد كفر " . ومراد الإمام أنَّ من نسب إلى الله التحيّز والـمكان ثمَّ قال لا أعرف هل مكانه السماء أم الأرض فهو كافرٌ .
وقال الشيخ الإمام العزّ بن عبد السلام الشافعي في كتابه " حلّ الرموز " في بيان مراد أبي حنيفة ما نصه [نقله ملاّ علي القاري في شرح الفقه الأكبر بعد أن انتهى من شرح رسالة الفقه الأكبر (ص/198) ] : " لأن هذا القول يُوهِم أن للحق مكاناً ، ومن توهم أن للحق مكاناً فهو مشبّه " . وأيّد مُلاَّ علي القاري كلام ابن عبد السلام بقوله [الـمصدر السابق ] : " ولا شك أنَّ ابن عبد السلام من أجلّ العلـماء وأوثقهم، فيجب الاعتماد على نقله " .
(19)- وأما الإمام الـمجتهد الجليل أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (241 هـ) رضي الله عنه إمام الـمذهب الحنبلي وأحد الأئمة الأربعة ، فقد ذكر ابن حجر الهيتمي الشافعي أنه كان من الـمنـزهين لله تعالى عن الجهة والجسمية ، ثم قال ابن حجر ما نصه [الفتاوى الحديثية (ص/ 144)] : " وما اشتهر بين جهلة الـمنسوبين إلى هذا الإمام الأعظم الـمجتهد من أنه قائل بشىء من الجهة أو نحوها فكذبٌ وبـهتانٌ وافتراء عليه " .
(20)- وكذا كان على هذا الـمعتقد الإمام شيخ الـمحدِّثين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح (256 هـ) فقد فهِم شُرَّاح صحيحه أن البخاري كان يُنَـزِّه الله عن الـمكان والجهة .
قال الشيخ علي بن خلف الـمالكي الـمشهور بابن بطال أحد شرَّاح صحيح البخاري (449 هـ) ما نصه [فتح الباري (13/416)] : " غرض البخاري في هذا الباب الرد على الجهمية الـمجسمة في تعلقها بِهذه الظواهر ، وقد تقرر أن الله ليس بجسم فلا يحتاج إلى مكان يستقر فيه ، فقد كان ولا مكان " .
(21)- وقال الإمام الحافظ الـمجتهد أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (310 هـ) عند تفسير قول الله تعالى : { هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ } [سورة الحديد/3] ما نصه [جامع البيان (مجلد 13/ جزء 27/215) ] : " لا شىء أقرب إلى شىء منه كما قال : { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ } [سورة ق/16] " . أي أن القُرب الـمسافي منفيٌّ عن الله ، فالذي في رأس الجبل والذي في أسفل الوادي هما بالنسبة إلى الله تعالى من حيث الـمسافة على حدٍّ سواء لأن الله تعالى منـزه عن القرب الحسّي أي القرب بالـمسافة ، أما القرب الـمعنوي فلا ينفيه هذا الإمام ولا غيره من علـماء الـمسلـمين . فهذا دليل ءاخر أن السلف كانوا يُنَـزِّهُونَ الله عن الجهة .
(22)- وقال اللغوي إبراهيم بن السّري الزّجاج أحد مشاهير اللغويين (311 هـ) ما نصه [تفسير أسماء الله الحسنى ( ص/ 48 ) ] : " العلي : هو فَعِيل في معنى فاعل ، فالله تعالى عالٍ على خلقه وهو عليٌّ عليهم بقدرته ، ولا يجب أن يُذهب بالعلو ارتفاع مكانٍ ، إذ قد بيَّـنَّا أن ذلك لا يجوز في صفاته تقدست ، ولا يجوز أن يكون على أن يُتصور بذهن ، تعالى الله عن ذلك عُلوّاً كبيراً " .
(23)- وقال أيضاً [الـمصدر السابق (ص/60) ] : " والله تعالى عالٍ على كل شَىء ، وليس الـمراد بالعلو ارتفاع الـمحلِّ ، لأن الله تعالى يجلُّ عن الـمحلِّ والـمكان ، وإنَّما العُلو علوُّ الشأن وارتفاعُ السلطان " .
(24)- وقال إمام أهل السُنَّةِ أبو منصور الماتُريدي (333 هـ) رضي الله عنه ما نصه [كتاب التوحيد (ص/ 69)] : " إن الله سبحانه كان ولا مكان ، وجائز ارتفاع الأمكنة وبقاؤه على ما كان ، فهو على ما كان ، وكان على ما عليه الآن ، جلَّ عن التغـيُّر والزوال والاستحالة " . يعني بالاستحالة التحوّل والتطور والتغير من حال إلى حال وهذا منفيٌّ عن الله ومستحيل عليه سبحانه وتعالى ". و الإمام محمد بن محمد الشهير بأبي منصور الـماتريدي إمام جليلٌ من أئمة السلف الصالح مُدَافِعٌ عن الدين موضِّحٌ لعقيدة أهل السنة التي كان عليها الصحابة ومن تبعهم بإيراد أدلةٍ نقليةٍ من القرءان والحديث وأدلةٍ عقليةٍ مع ردّ شبه الـمعتزلة وذوي البدع في مناظراتِهم وخصَمهم في مُحاوراتِهم حتى أسكتهم ، ومجاهدٌ في نصرة السنة وإحياء الشريعة حتى لقب بإمام أهل السنة .
(25)- وقال في كتابه " التوحيد " في إثبات رؤية الـمؤمنين لله في الآخرة ما نصه [كتاب التوحيد (ص / 85) ] : "فإن قيل كيف يُرى ؟ قيل : بلا كيف ، إذ الكيفية تكون لذي صورة ، بل يُرى بلا وصف قيامٍ وقعودٍ واتكاءٍ وتعلقٍ ، واتصالٍ وانفصالٍ ، ومقابلةٍ ومدابرةٍ ، وقصيٍر وطويلٍ ، ونورٍ وظلـمةٍ ، وساكنٍ ومتحركٍ ، ومماسٍ ومباينٍ ، وخارجٍ وداخلٍ ، ولا معنى يأخذه الوهم أو يُقدِّره العقل لتعاليه عن ذلك " .
فالـماتريدي يصرح بنفي الجهة عن الله تعالى ، وهذا فيه ردٌّ أيضاً على الـمجسمة والـمشبهة الذين يزعمون أن السلف يقولون بإثبات الجهة ، فتمسك بِما قاله الـماتريدي تكن على هدى .
(26)- وقال الحافظ محمد بن حبان (354هـ) صاحب الصحيح الـمشهور بصحيح ابن حبان ما نصه [الثقات (1/ 1)] : " الحمد لله الذي ليس له حدٌّ محدودٌ فيُحتوى ، ولا له أجلٌ معدودٌ فيَفنى ، ولا يحيط به جوامع الـمكان ، ولا يشتمل عليه تواتر الزمان " .
(27)- وقال أيضاً ما نصه [صحيح ابن حبان ، أنظر الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ( 8/ 4) ] : " كان -الله- ولا زمان ولا مكان " .
(28)- وقال أيضاً [الـمصدر السابق ( 2/ 136 ) ] : " كذلك ينـزل - يعني الله - بلا ءالةٍ ولا تحركٍ ولا انتقالٍ من مكانٍ إلى مكانٍ " .
(29)- و قال القاضي أبو بكر محمد الباقلاني الـمالكي الأشعري (403 هـ) ما نصه [الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل بـه ( ص/65 ) ] : " ولانقول إن العرش له – أي لله- قرارٌ ولامكانٌ ، لأن الله تعالى كان ولا مكان ، فلـما خلق الـمكان لـم يتغيّر عما كان " .
(31)- وقال أيضاً ما نصه [الـمرجع السابق (ص/64)] : " ويجب أن يُعلـم أن كل ما يدل على الحدوث أو على سمة النقص فالرَّبُّ تعالى يتقدّس عنه ، فمن ذلك : أنه تعالى متقدّسٌ عن الاختصاص بالجهات ، والاتصاف بصفات الـمحدثات ، وكذلك لا يوصف بالتحول والانتقال ، ولا القيام ولا القعود ، لقوله تعالى : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ } [سورة الشورى/ 11] ، وقوله : { وَلـم يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } [سورة الإخلاص/ 4] ، ولأن هذه الصفات تدل على الحدوث والله تعالى يتقدّس عن ذلك " .
(32)- و قال أبو بكر محمد بن الحسن الـمعروف بابن فُورك الأشعري (406 هـ) ما نصه [مشكل الحديث (ص/ 57 ) ] : " لا يجوز على الله تعالى الحلول في الأماكن لاستحالة كونه محدودًا ومتناهياً وذلك لاستحالة كونه مُحدَثاً " .
(33)- وقال أيضا ما نصه [مشكل الحديث ( ص/ 64 )] : " واعلـم أَنَّا إذا قلنا إن الله عزّ وجل فوق ما خلق لـم يُرْجَعْ به إلى فوقية المكان والارتفاع على الأمكنة بالـمسافة والإشراف عليها بالـمماسة لشىء منها " .
(34)- وقال الشيخ الإمام أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي الإسفراييني (429 هـ) ما نصه [الفرق بين الفرق (ص/333) ] : " وأجمعوا – أي أهل السنة – على أنه –أي الله- لا يحويه مكانٌ ولا يجري عليه زمانٌ " .
(35)- وقال الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (458 هـ) ما نصه [الأسماء والصفات (ص/400) ] : " واستدل بعض أصحابنا في نفي الـمكان عنه بقول النبيِّ صل الله عليه و سلم : (( أنت الظاهر فليس فوقك شىء ، وأنت الباطن فليس دونك شىء ))، وإذا لـم يكن فوقه شىء ولا دونه شىء لـم يكن في مكان " .
(36)- وقال الفقيه الـمتكلـم أبوالـمظفر الإسفرايِـيني الأشعري (471 هـ) مانصه [التبصير في الدين (ص/161) ] : " الباب الخامس عشر في بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة : وأن تَعلـم أن كل ما دل على حدوث شىءٍ من الحد ، والنهاية ، والـمكان ، والجهة ، والسكون ، والحركة ، فهو مستحيل عليه سبحانه وتعالى ، لأن ما لا يكون محدَثاً لا يجوز عليه ما هو دليل على الحدوث " .
(37)- وقال الفقيه الإمام الشيخ أبو إسحاق الشيرازي الشافعي الأشعري (476 هـ) في عقيدته ما نصه [أنظر عقيدة الشيرازي في مقدمة كتابه شرح اللـمع (1/101) ] : " وإن استواءه ليس باستقرارٍ ولا ملاصقةٍ لأن الاستقرار والـملاصقة صفة الأجسام الـمخلوقة ، والرب عز وجل قديمٌ أزليٌّ ، فدل على أنه كان ولا مكان ثم خلق الـمكان وهو على ما عليه كان " .
(38)- وقال إمام الحرمين أبو الـمعالي عبد الـملك بن عبد الله الجويني الأشعري (478 هـ) ما نصه [الإرشاد إلى قواطع الأدلة (ص/53)] : " البارىء سبحانه وتعالى قائمٌ بنفسه [- اعلـم أن معنى قيامه بنفسه هو استغناؤه عن كل ما سواه ، فلا يحتاج إلى مخصص له بالوجود ، لأنَّ الاحتياج الى الغير ينافي قدمه ، وقد ثبت وجوب قِدَمه وبقائه ] ، متعال عن الافتقار إلى محلٍّ يحله أو مكانٍ يُقله " .
(39)- وقال أيضا ما نصه [الإرشاد (ص/58)] : " مذهب أهل الحق قاطبةً أن الله سبحانه وتعالى يتعالى عن التحيّز والتخصص بالجهات " .
(40)- وقال الشيخ أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الأشعري (505هـ) ما نصه [إحياء علوم الدين : كتاب قواعد العقائد ، الفصل الأول (1/108) ] : " تعالى - أي الله – عن أن يحويه مكان ، كما تقدس عن أن يحده زمان ، بل كان قبل أن خلق الزمان والـمكان وهو الآن على ما عليه كان " .
(41)- وقال أيضاً في كتابه " إحياء علوم الدين " ما نصه [إحياء علوم الدين : كتاب قواعد العقائد ، الفصل الثالث ، الأصل السابع (1/ 128) ] : " الأصل السابع : العلـم بأنَّ الله تعالى منـزه الذات عن الاختصاص بالجهات ، فإنَّ الجهة إما فوق وإما أسفل وإما يمين وإما شمال أو قدَّام أو خلف ، وهذه الجهات هو الذي خلقها " .
(42)- وقال لسان الـمتكلـمين الشيخ أبو الـمعين ميمون بن محمد النسفي (508هـ) ما نصه[تبصرة الأدلة (1/171 و182 ) ] : " القول بالـمكان – أي في حق الله – منافيٌ للتوحيد " .
(43)- وقال أبو الوفاء علي بن عقيل البغدادي شيخ الحنابلة في زمانه (513 هـ ) ما نصه [الباز الأشهب : الحديث الحادي عشر (ص/ 86) ] : " تعالى الله أن يكون له صفة تشغل الأمكنة ، لأنّ هذا عين التجسيم ، وليس الحق بذي أجزاء وأبعاض يعَالج بِها " .
(44)- وقال القاضي الشيخ أبو الوليد محمد بن أحمد قاضي الجماعة بقُرطُبَة الـمعروف بابن رُشْد الجَدّ الـمالكي (520 هـ) ما نصه : " ليس – الله – في مكان ، فقد كان قبل أن يَخْلُقَ الـمكان " . ذكره ابن الحاج الـمالكي في كتابه الـمدخل " [الـمدخل : فصل في الاشتغال بالعلـم يوم الجمعة ( 2/ 149) ].
(45)- وقال ابن رُشْد أيضا [الـمدخل : نصائح الـمريد ( 3/ 181 ) ] : " فلا يقال أين ولا كيف ولا متى لأنه خالق الزمان والـمكان " .
(46)- وقال أيضاً ما نصه [الـمدخل : فصل في الاشتغال بالعلـم يوم الجمعة ( 2/ 149) ] : "وإضافته – أي العرش – إلى الله تعالى إنَّما هو بمعنى التشريف له كما يقال : بيتُ الله وحرمه ، لا أنه محلٌّ له وموضع لاستقراره " .
وذكر ذلك أيضا الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه "فتح الباري" [فتح الباري ( 7/124 ) ] موافقًا له ومقرًّا لكلامه .
(47)- وقال الـمحدّث أبو حفص نجم الدين عمر بن محمد النسفي الحنفي (537هـ) صاحب العقيدة الـمشهورة بـ" العقيدة النسفية " ما نصه [العقيدة النسفية ( ضمن مجموع مهمات الـمتون ) ( ص/28) ] : "والـمحْدِثُ للعالـم هو الله تعالى ، لا يوصف بالـماهيَّة ولا بالكيفية ولا يَتمكَّن في مكان " .
(48)- وقال أيضا ما نصه [الـمصدر السابق (ص/29) ] : " وقد ورد الدَّلِيلُ السمعيُّ بإيجاب رؤية الـمؤمنين اللهَ تعالى في دار الآخرة ، فَيُرَى لا في مكان ، ولا على جهة من مقابلة أو اتصال شُعاعٍ أو ثبوتِ مَسافةٍ بين الرائي وبين الله تعالى " .
(49)- وقال الشيخ إمام الصوفية العارف بالله السيد أحمد الرفاعي الأشعري (578 هـ) ما نصه [البرهان الـمؤيد (ص/17 و18) ] : " وطهِّروا عقائدكم من تفسير معنى الاستواء في حقه تعالى بالاستقرار ، كاستواء الأجسام على الأجسام الـمستلزم للحلول ، تعالى الله عن ذلك . وإياكم والقول بالفوقية والسُّفْلية والـمكان واليد والعين بالجارحة ، والنـزول بالإتيان والانتقال ، فإن كل ما جاء في الكتاب والسنة مِمَّا يدل ظاهره على ما ذُكر فقد جاء في الكتاب والسنة مثله مما يؤيد الـمقصود " .
(50)ـ وقال أيضاً ما نصه [أنظر كتاب حكم الشيخ أحمد الرفاعي الكبير (ص/35 – 36) ] : " غاية الـمعرفةِ بالله الإيقانُ بوجوده تعالى بلا كيفٍ ولامكانٍ " .
(51)ـ وقال أيضاً ما نصه [إجابة الداعي إلى بيان اعتقاد الإمام الرفاعي (ص/44) ] : " وأنه ـ أي الله ـ لا يَحلّ في شىء ولا يَحلّ فيه شىء ، تعالى عن أن يحويه مكان ، كما تقدَّس عن أن يَحُدَّه زمان ، بل كان قبلَ خلق الزمان والـمكان ، وهو الآن على ما عليه كان " .
(52)ـ وقال أيضاً ما نصه [الـمرجع السابق ( ص/43 ) ] : " لا يَحُدُّه ـ تعالى ـ الـمقدار، ولا تحويه الأقطار ، ولا تحيط به الجهات ، ولا تكتنفه السموات ، وأنه مستوٍ على العرش على الوجه الذي قاله وبالـمعنى الذي أراده ، استواءً منـزَّهاً عن الـمماسة والاستقرار والتمكن والتحول والانتقال ، لا يحمله العرش ، بل العرش وحملَتُهُ محمولون بلطف قدرته ، ومقهورون في قبضته ، وهو فوق العرش ، وفوق كل شىء إلى تـخوم الثرى ، فوقية لا تزيده قرباً إلى العرش والسماء بل هو رفيع الدرجات عن العرش كما أنه رفيع الدرجات عن الثرى " .
(53)ـ وكذا كان على هذا الـمعتقد السلطان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله (589هـ)، وقد كان له اعتناء خاص بنشر عقيدة الإمام الأشعري رحمه الله فقد قال السيوطي ما نصه [الوسائل إلى مسامرة الأوائل (ص/15 ) ] : "فلـما وَليَ صلاح الدين بن أيوب أمر الـمؤذنين في وقت التسبيح أن يعلنوا بذكر العقيدة الأشعرية ، فوظف الـمؤذنين على ذكرها كل ليلة إلى وقتنا هذا " أي إلى وقت السيوطي الـمتوفى سنة (911هـ) .
ولـما كان للسلطان صلاح الدين الأيوبي هذا الاهتمام بعقيدة الأشعري ألف الشيخ الفقيه النحوي محمد بن هبة الله رسالة في العقيدة وأسماها " حدائق الفصول وجواهر الأصول " وأهداها للسلطان فأقبل عليها وأمر بتعليمها حتى للصبيان في الـمكاتب ، وصارت تسمى فيما بعد " بالعقيدة الصلاحية " . ومما جاء في هذه الرسالة [أنظر حدائق الفصول ( ص/10)] :
وَ صَانِـعُ العَالـم لاَ يَحْوِيـهِ
قُطْـرٌ تَعَالَى الله عَـن تَشْبِيهِ
قَدْ كَانَ مَوْجُوداً وَلاَمَكَاناَ
وَحُكْمُـهُ الآنَ عَلَى مَا كَانَـا
سُبْحَانَهُ جَلَّ عَن الـمكَـانِ
وَعَـزَّ عَن تَغَيُّـرِ الزَّمَــانِ
فَقَدْ غَلا وَزَادَ في الغُلُـوِّ
مَـنْ خَصَّـهُ بِجَهَـةِ العُلُـوِّ
وَحَصَرَ الصَّانِعَ في السَّمَاءِ
مُبْدِعَهَا وَالعَرْشُ فَـوْقَ المـاءِ
وَأَثْبَتُوا لِذَاتِهِ التَّحَيُّــزَا
قَد ضَلَّ ذُو التَّشْبِيهِ فِيمَا جَوَّزا
(54)- قال الإمام الحافظ الـمفسّر عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي الحنبلي (597 هـ) ما نصه [دفع شبه التشبيه ( ص/58) ] : " الواجب علينا أن نعتقد أن ذات الله تعالى لا يحويه مكان ولا يوصف بالتغـيّر والانتقال " .
(55) _ وقال أيضاً [-صيد الخاطر ( ص/ 476 )] : " فترى أقواماً يسمعون أخبار الصفات فيحملونَها على ما يقتضيه الحس ، كقول قائلهم : ينـزل بذاته إلى السماء ويتنقل ، وهذا فهم ردىء ، لأن الـمتنقـل يكون من مكان إلى مكان ، ويوجب ذلك كون الـمكان أكبر منه ، ويلزم منه الحركة ، وكل ذلك محال على الحق عزَّ وجلَّ " .
و ابن الجوزي من أساطين الحنابلة وصاحب كتاب " دفع شبه التشبيه " الذي رد فيه على الـمجسمة الذين ينسبون أنفسهم إلى مذهب الإمام أحمد والإمام أحمد بريء مما يعتقدون . وقد بيَّنَ ابن الجوزي في هذا الكتاب أن عقيدة السلف وعقيدة الإمام أحمد تنـزيه الله عن الجهة والـمكان والحد والجسمية والقيام والجلوس والاستقرار وغيرها من صفات الحوادث والأجسام . واعلـم أنه لـم يصحَّ عن عالـم من علـماء السلف نسبة القول بالجلوس ، بل عقيدة السلف كما قال الإمام الحافظ الفقيه أبو جعفر الطحاوي (توفي سنة 321 هـ) وهو أحد أئمة السلف : " ومن وصف الله بمعنىً من معاني البشر فقد كفر، فمن أبصر هذا اعتبر ، وعن مثل قول الكفار انزجر، وعلـم أنه بصفاته ليس كالبشر " .
فتمسك أخي الـمسلـم بعقيدة أهل السنة ولا تلتفت إلى ما يقوله أهل البدع .
(56) _ ومما قاله في هذا الكتاب [الباز الأشهب ( ص/57 ) ] : " كل من هو في جهة يكون مقدَّراً محدوداً وهو يتعالى عن ذلك ، وإنما الجهات للجواهر والأجسام لأنَّها أجرامٌ تحتاج إلى جهةٍ ، وإذا ثبت بطلان الجهة ثبت بطلان الـمكان " .
(57)_ وقال أيضاً ما نصه [الـمصدر السابق ( ص/59 ) ] : " فإن قيل : نفي الجهات يحيل وجوده، قلنا : إن كان الـموجود يقبل الاتصال والانفصال فقد صدقتَ ، فأما إذا لـم يقبلهما فليس خُلوه من طرق النقيض بمحال " .
(58) _ وقال الـمبارك بن محمد الـمعروف بابن الأثير (606هـ) ما نصه [النهاية في غريب الحديث ( مادة ق رب ، 4/32 ) ] : "الـمرادُ بقرب العبد من الله تعالى القُربُ بالذِّكْر والعملِ الصالح ، لا قربَ الذات والـمكان لأن ذلك من صفات الأجسام ، والله يتعالى عن ذلك ويتقدس " .
(59) _ وقال المفسّر فخر الدين الرازي (606 هـ) ما نصه [تفسير الرازي الـمسمى بالتفسير الكبير ( سورة الـملك / ءاية 16-30/69 )] : " واعلـم أن المشبِّهة احتجوا على إثبات الـمكان لله تعالى بقوله { ءأَمِنتُم مَّن فيِ السَّمَاءِ } سورة الـملك/ 16 [، أي أن اعتقاد أن الله في مكان فوق العرش أو غير ذلك من الأماكن هو اعتقاد الـمشبِّهة الذين قاسوا الخالق على الـمخلوق وهو قياسٌ فاسدٌ منشؤه الجهل واتباع الوهم " .
(60) _ وقال أيضًا [الـمصدر السابق ( سورة الشورى / ءاية 4- 27/144)] : " قوله تعالى { وَهُوَ العَلِيُّ العَظِيمُ } لا يجوز أن يكون الـمراد بكونه عليًّا العلو في الجهة والـمكان لـما ثبتت الدلالة على فساده ، ولا يجوز أن يكون الـمراد من العظيم العظمةَ بالجثةَ وكبرَ الجسم ، لأن ذلك يقتضي كونه مؤلَّفًا من الأجزاء والأبعاض ، وذلك ضد قوله : { قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } ]سورة الإخلاص/ 1 [، فوجب أن يكون الـمراد من العَلي الـمتعالي عن مشابَهة الـممكنات ومناسبة الـمحدَثات ، ومن العظيم العظمة بالقدرة والقهر بالاستعلاء وكمال الإلـهية " .
(61) _ وقال الشيخ أبو منصور فخر الدين عبد الرحمن بن محمد المعروف بابن عساكر (620 هـ) عن الله تعالى ما نصه [طبقات الشافعية ( 8/186 ) ] : " موجودٌ قبل الخَلْق ، ليس له قَبْلٌ ولا بَعْدٌ ، ولافوقٌ ولا تحتٌ ، ولا يمينٌ ولا شمالٌ ، ولا أمامٌ ولا خَلْفٌ ، ولا كُلّ ولا بعضٌ ، ولا يقال متى كان ، ولا أين كان ولا كيف ، كان ولا مكان ، كوَّن الأكوان ، ودبَّر الزمان ، ولا يتقيد بالزمان ، ولا يتخصص بالـمكان " .
(62) _ وقال الشيخ عبد العزيز بن عبد السلام الأشعري الـملقب بسلطان العلـماء (660 هـ) ما نصه [طبقات الشافعية الكبرى : ترجمة عبد العزيز بن عبد السلام (8/219) ] : " ليس _ أي الله _ بجسم مصوَّر ، ولا جوهرٍ محدودٍ مقدَّرٍ ، ولا يُشبه شيئاً، ولا يُشبهه شىءٌ ، ولا تحيط به الجهات ، ولا تكتنفه الأرضون ولا السموات ، كان قبل أن كوَّن الـمكان ودبَّر الزمان ، وهو الآن على ما عليه كان " .
(63) _ وقال الـمفسّر محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي الـمالكي (671هـ) ما نصه [الجامع لأحكام القرءان سورة البقرة ، ءاية / 255 (3/278) ] : " و( العليّ ) يُراد به علو القدر والـمنـزلة لا علو الـمكان ، لأنَّ الله منـزه عن التحيز " .
(64) _ وقال أيضًا [الـمصدر السابق سورة الأنعام ، ءاية / 18 (6/399)] : " ومعنى { فَوقَ عِباَدِهِ } [سورة الأنعام / 18] فوقية الاستعلاء بالقهر والغلبة عليهم ، أي هم تحت تسخيره لا فوقية مكان " .
(65)- وقال أيضًا [الـمصدر السابق سورة الأنعام ، ءاية / 3 (6/ 390) ] : " والقاعدة تنـزيهه – سبحانه وتعالى – عن الحركة والانتقال وشغل الأمكنة " .
(66) _ وقال أيضًا [الـمصدر السابق سورة الفجر ، ءاية / 22 (20/55) ] في تفسيره ءاية { وَجَاءَ رَبُّكَ وَالـملَكُ صَفًّا صفًّا } [سورة الأنعام / 22] ما نصه : " والله جل ثناؤه لا يوصف بالتحول من مكانٍ إلى مكانٍ ، وأنَّى له التحول والانتقال ولا مكان له ولا أوان ، ولا يجري عليه وقتٌ ولا زمان ، لأن في جريان الوقت على الشىء فوت الأوقات ، ومن فاته شىء فهو عاجز " .
(67) _ وقال أيضًا عند تفسيرقوله تعالى : { ءَأَمِنتم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَّخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ } [سورة الـملك / 16] ما نصه [الـمصدر السابق سورة الـملك ، ءاية / 16 (18/216)] : " والـمراد بِها توقيره [مراده : تعظيمه ] وتنـزيهه عن السفل والتحت ، ووصفه بالعلوِّ والعظمة لا بالأماكن والجهات والحدود لأنَّها صفات الأجسام . وإنَّما ترفع الأيدي بالدعاء إلى السماء لأنَّ السَّماء مهبط الوحي ومنـزل القطر ومحل القُدس (أي الطهر) ومعدن الـمطهَّرين من الـملائكة ، وإليها ترفع أعمال العباد ، وفوقها عرشه وجنته ، كما جعل الله الكعبة قِبلةً للدعاء والصلاة ، ولأنه خلق الأمكنة وهو غير محتاج إليها ، وكان في أزله قبل خلق الـمكان والزمان ولامكان له ولازمان ، وهو الآن على ما عليه كان " .
(68) _ قال الشيخ عبد الغنيّ النابلسيّ رحمه الله (1143 هـ) ما نصه : " من اعتقد أنّ اللهَ ملأ السمواتِ والأرضَ أو أنّه جسمٌ قاعدٌ فوقَ العرشِ فهو كافرٌ وإن زعم أنّه مسلم " .
(69) _ وقال الحافظ أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي الأشعري (676 هـ) ما نصه [شرح صحيح مسلـم (3/19) ] : " إن الله تعالى ليس كمثله شىء ، وإنه منـزه عن التجسيم والانتقال والتحيز في جهة وعن سائر صفات الـمخلوق " .
(70) _ وقال العلاَّمة الأصولي الشيخ أحمد بن إدريس القَرَافي الـمالكي الـمصري أحد فقهاء الـمالكية (684 هـ) مانصه [الأجوبة الفاخرة (ص/93)] : " وهو – أي الله - ليس في جهةٍ ، ونراه نحن وهو ليس في جهة " .
(71) _ وقال المفسّر عبد الله بن أحمد النسفي (710 هـ ، وقيل 701هـ) ما نصه [تفسير النسفي سورة طه /ءاية 5 (مجلد2،2/48) ] : " إنه تعالى كان ولا مكان فهو على ماكان قبل خلق الـمكان ، لـم يتغير عما كان " .
(72) _ وقال القاضي الشيخ بدر الدين محمد بن إبراهيم الـمعروف بابن جَماعة الشافعي الأشعري (733هـ) ما نصه [إيضاح الدليل (ص/103-104) ] : " كان الله ولا زمان ولا مكان ، وهو الآن على ما عليه كان " .
(73)- وقال الـمفسّر علي بن محمد الـمعروف بالخازن (741هـ) [تفسير الخازن (2/238)] إن الشيخ فخر الدين الرازي ذكر الدلائل العقلية والسمعية على أنه لا يمكن حمل قوله تعالى : { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ } على الجلوس والاستقرار وشغل الـمكان والحيّز .
(74) _ وقال الـمفسِّر الـمقرىء النحوي محمد بن يوسف الـمعروف بأبي حيان الأندلسي (745هـ) عند تفسير قوله تعالى : { وَلَهُ مَن فِي السَّمَـوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ } ما نصه [ البحر الـمحيط سورة الأنبياء / ءاية 19 (6/302)] : "وعند هنا لا يراد بِها ظرف الـمكان لأنه تعالى منـزه عن الـمكان ، بل الـمعنى شرف الـمكانة وعلو الـمنـزلة " .
(75) _ وقال أيضا [البحر الـمحيط : (سورة الـملك/ءاية 16 –8/ 302] : " قام البرهان العـقلي على أنه تعالى ليس بمتحـيز في جهـة " .
(76)- وقال أيضا ما نصه [البحر الـمحيط : ( سورة فاطر / ءاية 10 – جزء 7/ ص 303)] : " إنـه تعـالى ليـس فـي جـهـة " .
(77) _ وكان العلاَّمة الحافظ الفقيه الـمجتهد الأصولي الشيخ تقي الدين علي ابن عبد الكافي السبكي الشافعي الأشعري (756هـ) ينـزه الله عن الـمكان وردَّ على الـمجسمة الذين ينسبون الـمكان والجهة لله تعالى .
ذكر ذلك في رسالته " السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل : قال السبكي ما نصه [السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل : (ص/ 105) ] : " ونحن نقطع أيضاً بإجماعهم – أي رسل الله وأنبيائه – (على التنـزيه) ، أما يَستحي من ينقل (كذباً) إجماع الرسل على إثبات الجهة والفوقية الحسية لله تعالى ، وعلـماء الشريعة ينكرونَها . أما تخاف منهم أن يقولوا له إنك كذبتَ على الرسل " .
(78) _ و قال الشيخ محمد بن يوسف الـمعروف بالكرماني البغدادي (786هـ) وهو أحد شرَّاح صحيح البخاري ما نصه : " قوله "في السماء" ظاهره غير مراد، إذ الله منـزه عن الحلول في الـمكان " ، نقله عنه الحافظ ابن حجر [فتح الباري (13/412)].
(79) _ وقد ذكر الفقيه الشيخ تقي الدين الحصني الدمشقي (829 هـ) أن الله منـزه عن الجهة والـمكان في أكثر من موضع في كتابه دفع شُبَه من شَبَّه وتمرد ونسب ذلك إلى السيد الجليل الإمام أحمد ، ورد على القائلين بذلك .
(80) _ وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني الأشعري (852 هـ) ما نصه [فتح الباري (6/136) ] : " ولا يلزم من كون جهتي العلو والسفل مُحالاً على الله أن لا يوصف بالعلو ، لأن وصفه بالعلو من جهة الـمعنى ، والـمستحيل كون ذلك من جهة الحس، ولذلك ورد في صفته العالي والعلي والـمتعالي ، ولـم يرد ضد ذلك وإن كان قد أحاط بكل شىءٍ علـماً " .
(81) _ وقال أيضًا [فتح الباري (7/124) ] : " فمعتقد سلف الأئمة وعلـماء السنة من الخلف أن الله منـزه عن الحركة والتحول والحلول ، ليس كمثله شىء " .
(82) _ وقال أيضًا ما نصه [عُمدة القاري ( مجلد 12/25/117) ] : " تَقرَّر أن الله ليس بجسم ، فلا يحتاج إلى مكان يستقر فيه ، فقد كان ولا مكان " .
(83) _ وقال الشيخ أبو عبد الله محمد بن يوسف السنوسي عند ذكر ما يستحيل في حقه تعالى (895 هـ) ما نصه [أم البراهين في العقائد ( متن السنوسية ) ، الـمطبوع ضمن مجموع مهمات الـمتون (ص/4 ) .] : " والـمماثلة للحوادث بأن يكونَ جِرمًا أي يأخُذُ ذاتُه العلي قدرًا من الفراغ ، أو أن يكون عَرَضًا يقوم بالجِرم ، أو يكونَ في جهةٍ للجِرم ، أو له هو جهةٌ ، أو يتقيد بـمكانٍ أو زمان " .
(84) _ قال الشيخ محمد بن منصور الهدهدي الـمصري شارحًا لكلام السنوسي ما نصه [شرح الهدهدي على أم البراهين (ص/88)] : " وكذا يستحيل عليه ما يستلزم مماثلته للحوادث بأن يكون في جهة للجِرم بأن يكون فوق الجِرم أو تحت الجِرم أو يمين الجِرم أو شمال الجِرم أو أمامه أو خلفه ، لأنه لو كان في جهات الجِرم لَزِمَ أن يكون متحيزًا ، وكذا يستحيل عليه أن يكون له جهةٌ لأن الجهة من لوازم الجِرم " .
(85) _ وقال الحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي (902هـ) ما نصه [الـمقاصد الحسنة ( رقم 886 ، ص/342)] : " قال شيخنا – يعني الحافظ ابن حجر _ : إنَّ علـم الله يشمل جميع الأقطار ، والله سبحانه وتعالى منـزه عن الحلول في الأماكن ، فإنه سبحانه وتعالى كان قبل أن تحدث الأماكن " .
(86) _ وقال الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الشافعي الأشعري (911هـ) عند شرح حديث : (( أقرب ما يكون العبد من ربِّه وهو ساجد )) ما نصه [شرح السيوطي لسنن النسائي ( 1 /576 ) ] : " قال القرطبي : هذا أقرب بالرتبة والكرامة لا بالـمسافة ، لأنه منـزه عن الـمكان والـمساحة والزمان . وقال البدر بن الصاحب في تذكرته : في الحديث إشارةٌ إلى نفي الجهة عن الله تعالى " .
(87) _ وقال الشيخ أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد القسطلاَّني الـمصري (923 هـ) في شرحه على صحيح البخاري ما نصه [إرشاد الساري (15 /451 ) ] : " ذات الله منـزَّهٌ عن الـمكان والجهة " .
(88) _ وقال أيضًا ما نصه [إرشاد الساري (15 /462 ) ] : " قول الله تعال { وُجُوهٌ } هي وجوه المؤمنين { يَومَئذٍ } يوم القيامة { نَاضِرَةٌ } حسنة ناعمة { إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } بلا كيفية ولا جهة ولا ثبوت مسافة " .
(89) _ وقال الشيخ القاضي زكريا الأنصاري الشافعي الأشعري (926 هـ) في شرحه على " الرسالة القشيرية " ما نصه [حاشية الرسالة القشيرية (ص/2 ) ] : " إنَّ الله ليس بجسمٍ ولا عَرَضٍ ولا في مكانٍ ولا زمان " .
(90) _ وقال أيضا عن الله ما نصه [حاشية الرسالة القشيرية ( ص/ 5 ) ] : " لا مكان له كما لا زمان له لأنه الخالق لكل مكان وزمان " .
(91) _ وقال الشيخ مُلاَّ علي القاري الحنفي (1014هـ) ما نصه [- شرح الفقه الأكبر : بعد أن انتهى من شرح رسائل الإمام أبي حنيفة (ص / 196 – 197 ) ] : "وأما علوّه تعالى على خلقه الـمُستفاد من نحو قوله تعالى { وهُوَ القاهرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } [سورة الأنعام / 18] فعلوّ مكانة ومَرتبةٍ لا علوّ مكانٍ كما هو مُقرَّرٌ عند أهل السنة والجماعة " .
(92) _ وقال الشيخ محمد بن عبد الباقي الزُّرقاني الـمالكي (1122هـ) في شرحه على موطإ الإمام مالك ما نصه [شرح الزرقاني على موطإ الإمام مالك (2/36) ] : " وقال البيضاوي : لـما ثبت بالقواطع أنه سبحانه منـزه عن الجسمية والتحيز امتنع عليه النـزول على معنى الانتقال من موضعٍ إلى موضعٍ أخفض منه " .
(93) _ قال الصوفي الزاهد العارف بالله الشيخ عبد الغني النابلسي الدمشقي الحنفي (1143هـ) ما نصه [رائحة الجنة شرح إضاءة الدُّجنة (ص/48-49)] : "فيتنـزه سبحانه وتعالى عن جميع الأمكنة العلوية والسفلية وما بينهما " .
(94) _ وقال الشيخ العلامة أبو البركات أحمد بن محمد الدردير الـمالكي الـمصري (1201هـ) عن الله تعالى ما نصه [الخريدة البهية (ضمن مجموع مهمات الـمتون ) (رقم البيت 31/ص25)] : " مُنَـزَّهٌ عن الحلول والجهة والاتصال والانفصال والسَّفه ".
(95) _ وقال الحافظ اللغوي الفقيه السيد محمد مرتضى الزبيدي الحنفي (1205هـ) ما نصه [إتحاف السادة الـمتقين (2/24)] : " إنَّهُ سُبْحَانَهُ لاَ مَكَانَ له ولا جهة " .
(96) _ وقال أيضا ما نصّه [ الـمصدر السابق (2/25)] : " إنه تعالى مقدَّس مُنَـزَّهٌ عن التغـيّر من حالٍ إلى حالٍ والانتقال من مكانٍ إلى مكانٍ ، وكذا الاتصال والانفصال فإن كلاًّ من ذلك من صفات الـمخلوقين " .
(97) _ وقال أيضا [ الـمصدر السابق (2/25)] : "تقدس- أي الله – عن أن يَحويه مكان فيشار إليه أو تضمه جهة".
(98) _ وقال أيضا ما نصه [الـمصدر السابق (2/103) ] : " ذات الله ليس في جهة من الجهات الست ولا في مكانٍ من الأمكنة " .
(99)- وقال الشيخ العلامة الـمحدث الفقيه أبو الـمحاسن محمد القاوقجي الطرابلسي الحنفي (1305هـ) ما نصه [أنظر كتابه الاعتماد في الاعتقاد (ص/ 2)] : " فهذه عقيدةٌ في التوحيد خالصةٌ من الحشْوِِ والتعقيد ، يحتاج إليها كل مريد ، نفع الله بِها جميع العباد ، ءامين " .
(100) _ ثم قال [الـمصدر السابق (ص/5) ] : " فإذا قال لك : أين الله ؟ فقل : مع كل أحد بعلـمه – لا بذاته - وفوق كل أحدٍ بقدرته ، وظَاهِرٌ بكل شىءٍ بآثار صفاته ، وباطنٌ بحقيقة ذاته – أي لا يمكن تصويره في النفس- ، منـزه عن الجهة والجسمية . فلا يقال : له يمينٌ ولا شمالٌ ولا خلفٌ ولا أمامٌ ، ولا فوقَ العرش ولا تحته ، ولا عن يمينه ولا عن شماله ، ولا داخلٌ في العالـم ولا خارجٌ عنه ، ولا يقال : لا يَعْلَـمُ مكانه إلا هو . ومن قال : لا أعرف الله في السماء هو أم في الأرض كفر – لأنه جعل أحدهما له مكاناً-. فإذا قال لك : ما دليلك على ذلك ؟ فقل : لأنه لو كان له جهةٌ أو هو في جهةٍ لكان متحيزًا ، وكل متحيز حادثٌ ، والحدوث عليه محال " .
(101) _ وقال في كتابه سفينة النجاة ما نصه [سفينة النجاة في معرفة الله وأحكام الصلاة (ص/7) ] : " ويستحيل عليه الـمماثلة للحوادث بأن يكون ذاته كالذوات يأخذ مقداراً من الفراغ ، أو يتصف بالأعراض كالبياض ، أو يكون في جهةٍ كالفوق والتحت واليمين والشمال والخلف والأمام ، أو يكون جهةً كالأعلى والأسفل ، أو يحلّ بمكانٍ أو يُقيّد بزمان " .
(102) _ وقال مفتي ولاية بيروت الشيخ عبد الباسط الفاخوري (1323هـ) عن الله ما نصه [الكفاية لذوي العناية ( ص/ 13 ) ] : " ليس بـجِرْمٍ يأخذ قدراً من الفراغ ، فلا مكان له ، وليس بعَرَضٍ يقوم بالجِرم ، وليس في جهةٍ من الجهات ، ولا يُوصف بالكِبَر ولا بالصِغَر ، وكل ما قام ببالك فالله بخلاف ذلك " .
(103) _ وقال الشيخ محمد حسنين مخلوف مفتي الديار الـمصرية (1355هـ ) ما نصه [مختصر شرح عقيدة أهل الإسلام ( ص/12 – 13 ) ] : " إن الله منـزهٌ عن جميع النقائص ، وسمات الحدوث ، ومنها الزمان والـمكان ، فلا يُقارنه زمانٌ ولا يحويه مكانٌ إذ هو الخالق لهما فكيف يحتاج إليهما " .
(104) _ وقال أيضاً [الـمصدر السابق (ص/27 ) ] : " فَيُرَى سبحانه لا في مكانٍ ولا جهةٍ ولا باتصال شعاعٍ ولا ثبوت مسافةٍ بين الرائيين وبينه تعالى بل على الوجه الذي يليق بقدسيته وجلاله سبحانه " .
(105) _ وقال الشيخ يوسف الدَّجوي الـمصري (1365هـ) في مجلة الأزهر التي تصدرها مشيخة الأزهر بمصر في تفسير قول الله تبارك وتعالى : { سبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى } [سورة الأعلى / 1] ما نصه [مجلة الأزهر (تصدرها مشيخة الأزهر بمصر) ، الـمجلد التاسع ، الجزء الأول – الـمحرم سنة 1357 (ص/ 16 ) .] : " والأعلى صفة الرب ، والـمراد بالعلو العلو بالقهر والاقتدار ، لا بالـمكان والجهة ، لتنـزهه عن ذلك " .
(106) _ وقال أيضاً : " واعلـم أن السَّلَفَ قائلون باستحالة العلو الـمكاني عليه تعالى ، خلافاً لبعض الجهلة الذين يخبطون خبط عشواء في هذا الـمقام ، فإن السلف والخلف متفقان على التنـزيه " [الـمصدر السابق (ص/17) ]. فلا تغتر بعد ذلك بالذين يسمون أنفسهم السلفية ليوهموا الناس أنَّهم على عقيدة السلف ، والسلف بريء من عقيدة الـمشبِّهة الذين يقولون بالجلوس والاستقرار والـمكان والحركة والحد في حق الله ، والعياذ بالله من الكفر .
(107) _ وقال وكيل الـمشيخة الإسلامية في دار الخلافة العثمانية الشيخ محمد زاهد الكوثري الحنفي (1371هـ) ما نصه [مقالات الكوثري : مقال الإسراء والـمعراج (ص/ 452) ] : " وتنـزيه الله سبحانه عن الـمكان والـمكانيات والزمان والزمانيات هو عقيدة أهل الحق رغم اغتياظ الـمجسمة الصرحاء " .
(108) _ وقال أيضاً ما نصه [تكملة الرد على نونية ابن القيم (ص/ 102 ) ] : " قوله سبحانه { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ } [سورة الشورى / 11] نصٌّ في نفي الجهة عنه تعالى ، إذ لو لـم تنف عنه الجهة لكانت له أمثال لا تحصى ، تعالى الله عن ذلك .
(109) _ قال محدث الديار الـمغربية الشيخ عبد الله بن محمد الصديق الغماري (1413 هـ) ما نصه [قصص الأنبياء : ءادم عليه السلام : (ص/ 11)] : " كان الله ولـم يكن شىءٌ غيره فلـم يكن زمانٌ ولا مكان ولا قُطْرٌ ولا أوانٌ ، ولا عرشٌ ولا ملكٌ ، ولا كوكبٌ ولا فلكٌ ، ثم أوجد العالـم من غير احتياجٍ إليه ، ولو شاء ما أوجده . فهذا العالـم كله بما فيه من جواهر وأعراض حادثٌ عن عدم ، ليس فيه شائبة من قِدم ، حسبما اقتضته قضايا العقول ، وأيدته دلائل النقول ، أجمع عليه الـملِّيُّون قاطبةً إلاّ شُذاذاً من الفلاسفة قالوا بقدم العالـم ، وهم كفار بلا نزاع " .
(110) _ وقال أيضاً ما نصه [عقيدة أهل الإسلام (ص / 29 ) ] : " قال النيسابوري في تفسيره : أما قوله : { وَرَافِعُكَ إِلَىَّ } [سورة ءال عمران / 55] فالـمشبهة تمسكوا بمثله في إثبات الـمكان لله وأنه في السّماء ، لكن الدلائل القاطعة دلَّت على أنه متعالٍ عن الحيز والجهة ، فوجب حمل هذا الظاهر على التأويل بأن الـمراد : إلى محلِّ كرامتي " .
(111) _ وقال الشيخ حسين عبد الرحيم مكي الـمصري أحد مشايخ الأزهر في كتابه " توضيح العقيدة " ، وهو مقرر السنة الرابعة الإعدادية بالـمعاهد الأزهرية بمصر، ما نصه [توضيح العقيدة الـمفيد في علـم التوحيد لشرح الخريدة لسيدي أحمد الدردير (2/39 ) ، الطبعة الخامسة 1384 هـ - 1964 .] : " فنراه تعالى منـزَّهاً عن الجهة والـمقابلة وسائر التكيّفات ، كما أنَّا نؤمن ونعتقد أنه تعالى ليس في جهة ولا مقابلاً وليس جسماً " .
(112) _ وفي كتاب "العقيدة الإسلامية " الذي يدرّس في دولة الإمارات العربية ما نصه [العقيدة الإسلامية : التوحيد في الكتاب والسنة (1/167) ] : " وأنه تعالى لا يحل في شىء ولا يحل فيه شىء ، تقدس عن أن يحويه مكانٌ ، كما تنـزّه عن أن يحده زمانٌ ، بل كان قبل أن يخلق الزمان والـمكان وهو الآن على ما عليه كان " .
(113) _ وفيه أيضاً ما نصه [العقيدة الإسلامية : التوحيد في الكتاب والسنة (1/151) ] : " وإن عقيدة النجاة الـمنقِذة من أوحال الشرك وضلالات الفرق الزائفة هي اعتقاد رؤيته تعالى في الآخرة للـمؤمنين بِلا كيفٍ ولا تحديدٍ ولا جهةٍ ولا انحصار " .
(114) _ وجاء في مجلة دعوة الحق تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالـمملكة الـمغربية ما نصه [مجلة دعوة الحق : العددان 305 –306 ( ص/ 65 سنة 1415 هـ - 1994ر)] : " يتفق الجميع من علـماء سلف أهل السنة وخلفهم- وكذا العقلانيون من الـمتكلـمين – على أن ظاهر الاستواء على العرش بمعنى الجلوس على كرسي والتمكن عليه والتحيز فيه مستحيلٌ ، لأن الأدلة القطعية تُنَـزِّهُ الله تعالى عن أن يُشبهَ خلقه أو أن يحتاج إلى شىءٍ مخلوق ، سواء أكان مكاناً يحل فيه أو غيره ، وكذلك لأنه سبحانه نفى عن نفسه الـمماثلة لخلقه في أي شىء فأثبت لذاته الغِنى الـمطلق فقال تعالى : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ } " .
(115) _ وجاء في مجلة الأزهر وهي مجلة دينية علـمية خلقية تاريخية حكمية تصدرها مشيخة الأزهر بمصر، انتدب الأزهر الشريف بمصرلهؤلاء الـمنحرفين عن منهج أهل السنة وتصدر للرد على تلك الشرذِمة التي تسمي نفسها " الوهابية " الـمتسترين تحت اسم " السلفية " تارة ، " وجماعة أنصار السنة " تارة أخرى ، فنشر أكثر من مقال [مجلة نور الإسلام = مجلة الأزهر : ( مجلد 2/ جزء4/ ص282 ربيع الثاني سنة 1350 هـ ) ، (ومجلد 2/ جزء 9/ ص/63 رمضان سنة 1350هـ) . ( مجلد 9/ جزء 1/ ص/16 ) الـمحرم سنة 1357هـ ) ] لإبطال مزاعمهم تحت عنوان " تنـزيه الله عن الـمكان والجهة " .
ومما جاء فيها : " والأعلى" صفة الرب ، والـمراد بالعلو العلو بالقهر والاقتدار لا بالـمكان والجهة ، لتنـزهه عن ذلك " .
وهذا الـمقال صدر عن مشيخة الأزهر منذ أكثر من ستين سنة مما يدل على حِرصه في التصدي والرد على شبهات الزائغين الـمنحرفين ولا سيما عند الخوف من تَزَلْزُلِ العقيدة حِفظاً من التشبيه ، فمن عابنا على عقيدة تنـزيه الله عن الجهة والـمكان والجسمية فهو عائب على الأزهر وعلى علـماء الأمة .
(116) _ وقاله الشيخ العلامة الفقيه الـمحدّث الشيخ عبد الله الهرري الـمعروف بالحبشي ما نصه : " وإثبات الـمكان لله يقتضي الجهة التي نفاها علـماء الإسلام عن الله تعالى سلفهم وخلفهم كما قال أبو جعفر الطحاوي في كتابه الـمسمى " العقيدة الطحاوية " والذي ذكر فيه أنه بيان عقيدة أهل السُنَّة والجماعة : " لا تحويه الجهاتُ الست كسائرالـمبتدعات " . فتبين أنّ نفي تحيّز الله في جهة هو عقيدة السلف ، لأنَّ الطحاوي من السلف وقد بيَّن أن هذا معتقد أبي حنيفة وصاحبيه الذين ماتوا في القرن الثاني خاصة ومعتقد أهل السُنَّة عامة " .
(117) _ وثبت عن الإمام مالك رضي الله عنه ما رواه البيهقي بإسناد جيد من طريق عبد الله بن وهب قال : كنا عند مالك فدخل رجل فقال : يا أبا عبد الله ، الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى كيف استوى ؟ فأطرق مالك فأخذته الرحضاء (أي كثرة العرق) ثمّ رفع رأسه فقال : الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى كما وصف نفسه ولا يقال كيف وكيف عنه مرفوع وما أراك إلاّ صاحب بدعة ، أخرجوه . فقول مالك : وكيف عنه مرفوع أي ليس استواؤه على عرشه كيفاً أي هيئةً كاستواء الـمخلوقين من جلوس ونحوه .
(118) _ وروى البيهقي من طريق يـحيى بن يـحيى أحد تلاميذ مالك رواية أخرى وهي قوله : " الاِسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُـول ( أَيْ مَعْلُومٌ وُرودهُ فِي القُرْءَانِ ) ، وَالكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُول ( أَيْ الكَيفُ مَرفُوع يعنى مستحيلٌ عليه ، أي أنّ الاستواء بمعنى الكيف أي الهيئة كالجلوس لا يعقل أي لا يقبله العقل لكونه من صفات الخلق لأنّ الجلوس لا يصحّ إلاّ من ذي أعضاء أي ألية وركبة وتعالى الله عن ذلك .) والسُؤالُ عَنهُ بِدعةٌ ، ومَا أَرَاكَ إِلاَّ مُبتَدِعًا . وَأمَرَ بِهِ أَنْ يُخرَجَ .
وأمّا رواية "والكيف مجهول" فهي غير صحيحة لـم تصح عن أحد من السلف ولـم تثبت عن مالك ولا غيره من الأئمة ، فالإمام مالك لـم يَقُل "والكَيفُ مَجهُول " .
(119) _ وثبت عن مالك التأويل في حديث النـزول أنّه قال : "نـزول رحمة لا نـزول نُقلة" ، وروي عنه كذلك في تأويل هذا الحديث : (( ينـزل ربّنا كلّ ليلة إلى السماء الدنيا فيقول هل من داعٍ فأستجيب له )) أي حديث النـزول ، أنّه على سبيل الاستعارة ومعناه الإقبال على الداعي بالإجابة واللطف الرحمة ، ليس على معنى الانتقال من مكان إلى ءاخر .
(120) _ وثبت أنّ مالكاً أوّل الأحاديث الـمتشابـهة التي يوهم ظاهرها التجسيم والحركة والانتقال والسكون ، ففي تأويل مالك لـهذه الأحاديث نقل البيهقي بإسناده عن الأوزاعي ومالك وسفيان والليث بن سعد أنّهم سئلوا عن هذه الأحاديث فقالوا : " أمرُّوها كما جاءت بلا كيفية " ذكره في كتابه الأسماء والصفات .


قال الله تعالى : { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ } . وقال رسول الله : (( طَلَبُ العِلْمِ فَرِيضَةٌ على كُلِّ مُسْلِمٍ )) .










قديم 2013-02-11, 14:23   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
السلفية الجزااائرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية السلفية الجزااائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

عقيدتنـــا

عقيدتنا: الإِيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
فنؤمن بربوبية الله تعالى، أي بأنّه الرب الخالق الملك المدبِّر لجميع الأمور.
ونؤمن بأُلوهية الله تعالى، أي بأنّه الإِله الحق وكل معبود سواه باطل.
ونؤمن بأسمائه وصفاته، أي بأنه له الأسماء الحسنى والصفات الكاملة العليا.
ونؤمن بوحدانيته في ذلك، أي بأنه لا شريك له في ربوبيته ولا في ألوهيته ولا في أسمائه وصفاته، قال الله تعالى: {رَّبُّ السَّمَـوَتِ وَالاَْرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً } [مريم: 65].
ونؤمن بأنه {اللَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَـوَاتِ وَمَا فِي الاَْرْضِ مَن ذَا الَّذِى يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَـوَاتِ وَالاَْرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِىُّ الْعَظِيمُ } [البقرة: 255].
ونؤمن بأنّه {هُوَ اللَّهُ الَّذِى لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَـادَةِ هُوَ الرَّحْمَـنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِى لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَـنَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَـالِقُ الْبَارِىءُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الاَْسْمَآءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِى السَّمَـوَتِ وَالاَْرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [الحشر: 22ـ24].
ونؤمن بأنّ له ملك السموات والأرض {يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَـثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَـثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ } [الشورى: 49، 50].
ونؤمن بأنه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ * لَهُ مقاليد السَّمَـوَتِ وَالاَْرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ } [الشورى: 11، 12].
ونؤمن بأنه {وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الاَْرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِى كِتَابٍ مُّبِينٍ } [هود: 6].
ونؤمن بأنه {عِنـدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَآ إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِى ظُلُمَـتِ الاَْرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِى كِتَـبٍ مُّبِينٍ } [الأنعام: 59].
ونؤمن بأن الله {عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِى الاَْرْحَامِ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلَيمٌ خَبِيرٌ } [لقمان: 34].
ونؤمن بأن الله يتكلم بما شاء متى شاء كيف شاء {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً } [النساء: 164] {وَلَمَّا جَآءَ مُوسَى لِمِيقَـتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} [الأعراف: 143] {وَنَـدَيْنَـهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الاَْيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً } [مريم: 52].
ونؤمن بأنّه {لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَـاتِ رَبِّى لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَـتُ رَبِّى} [الكهف: 109] {وَلَوْ أَنَّمَا فِى الاَْرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَـاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [لقمان: 27].
ونؤمن بأن كلماته أتم الكلمات صدقاً في الأخبار وعدلاً في الأحكام، وحسناً في الحديث، قال الله تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً} [الأنعام: 115]. وقال: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً } [النساء: 87].
ونؤمن بأن القرآن الكريم كلام الله تعالى تكلَّم به حقًّا وألقاه إلى جبريل، فنزل به جبريل على قلب النبي صلى الله عليه وسلّم {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ} [النحل: 102] {وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَـلَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاَْمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِىٍّ مُّبِينٍ } [الشعراء: 192 ـ 195].
ونؤمن بأن الله عز وجل عليّ على خلقه بذاته وصفاته لقوله تعالى: {وَهُوَ الْعَلِىُّ الْعَظِيمُ } [البقرة: 255] وقوله: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ } [الأنعام: 18].
ونؤمن بأنه {خَلَقَ السَّمَـوَتِ وَالاَْرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الاَْمْرَ} [يونس: 3]. واستواؤه على العرش: علوه عليه بذاته علوًّا خاصاً يليق بجلاله وعظمته لايعلم كيفيته إلا هو.
ونؤمن بأنه تعالى مع خلقه وهو على عرشه، يعلم أحوالهم، ويسمع أقوالهم، ويرى أفعالهم، ويدبِّر أمورهم، يرزق الفقير ويجبر الكسير، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير. ومن كان هذا شأنه كان مع خلقه حقيقة، وإن كان فوقهم على عرشه حقيقة {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الشورى: 11].
ولا نقول كما تقول الحلولية من الجهمية وغيرهم: إنه مع خلقه في الأرض، ونرى أن من قال ذلك فهو كافر أو ضال؛ لأنه وصف الله بما لا يليق به من النقائص.
ونؤمن بما أخبر به عنه رسوله صلى الله عليه وسلّم أنه ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: «من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟».(1)
ونؤمن بأنه سبحانه وتعالى يأتي يوم المعاد للفصل بين العباد لقوله تعالى: {كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الاَْرْضُ دَكّاً دَكّاً * وَجَآءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً * وَجِىءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَـنُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى } [الفجر: 21 ـ 23].
ونؤمن بأنه تعالى {فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ } [هود: 107].
ونؤمن بأن إرادته - تعالى- نوعان:
كونية يقع بها مراده ولا يلزم أن يكون محبوباً له، وهي التي بمعنى المشيئة كقوله تعالى: {وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } [البقرة: 253] {إِن كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ} [هود: 34].
وشرعية: لا يلزم بها وقوع المراد ولا يكون المراد فيها إلا محبوباً له كقوله تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 27].
ونؤمن بأن مراده الكوني والشرعي تابع لحكمته؛ فكل ما قضاه كوناً أو تعبد به خلقه شرعاً فإنه لحكمة وعلى وفق الحكمة، سواء علمنا منها ما نعلم أو تقاصرت عقولنا عن ذلك {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَـكِمِينَ } [التين: 8] {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [المائدة: 50].
ونؤمن بأن الله تعالى يحب أولياءه وهم يحبونه {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31] {فَسَوْفَ يَأْتِى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّـبِرِينَ } [آل عمران: 146] {وَأَقْسِطُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } [الحجرات: 9] {وَأَحْسِنُواْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [البقرة: 195].
ونؤمن بأن الله تعالى يرضى ما شرعه من الأعمال والأقوال ويكره ما نهى عنه منها {إِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِىٌّ عَنكُمْ وَلاَ يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُواْ يَرْضَهُ لَكُمْ} [الزمر: 7]. {وَلَـكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَـعِدِينَ } [التوبة: 46].
ونؤمن بأن الله تعالى يرضى عن الذين آمنوا وعملوا الصالحات {رِّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِىَ رَبَّهُ } [البينة: 8].
ونؤمن بأن الله تعالى يغضب على من يستحق الغضب من الكافرين وغيرهم {الظَّآنِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [الفتح: 6] {وَلَـكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [النحل: 106].
ونؤمن بأن لله تعالى وجهاً موصوفاً بالجلال والإكرام {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلْالِ وَالإِكْرَامِ } [الرحمن:27].
ونؤمن بأن لله تعالى يدين كريمتين عظيمتين {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَآءُ} [المائدة: 64] {وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالاَْرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ الْقِيَـمَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّـاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَـنَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } [الزمر: 67].
ونؤمن بأن لله تعالى عينين اثنتين حقيقيتين لقوله تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا} [هود: 37] وقال النبي صلى الله عليه وسلّم: «حجابه النور لو كشفه لأحرقت سَبَحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه».(2)
وأجمع أهل السنة على أن العينين اثنتان، ويؤيده قول النبي صلى الله عليه وسلّم في الدجال: «إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور».(3)
ونؤمن بأن الله تعالى {لاَّ تُدْرِكُهُ الاَْبْصَـارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الاَْبْصَـارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } [الأنعام: 103].
ونؤمن بأن المؤمنين يرون ربَّهم يوم القيامة {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } [القيامة: 22، 23].
ونؤمن بأن الله تعالى لا مثل له لكمال صفاته {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } [الشورى: 11].
ونؤمن بأنه {لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ} [البقرة: 255] لكمال حياته وقيوميته.
ونؤمن بأنه لا يظلم أحداً لكمال عدله، وبأنه ليس بغافل عن أعمال عباده لكمال رقابته وإحاطته.
ونؤمن بأنه لا يعجزه شيء في السموات ولا في الأرض لكمال علمه وقدرته {إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } [يس: 82].
وبأنه لا يلحقه تعب ولا إعياء لكمال قوته {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَـاوَاتِ وَالاَْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ } [ق: 38] أي من تعب ولا إعياء.
ونؤمن بثبوت كل ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلّم من الأسماء والصفات لكننا نتبرأ من محذورين عظيمين هما:
التمثيل: أن يقول بقلبه أو لسانه: صفات الله تعالى كصفات المخلوقين.
والتكييف: أن يقول بقلبه أو لسانه: كيفية صفات الله تعالى كذا وكذا.
ونؤمن بانتفاء كل ما نفاه الله عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلّم، وأن ذلك النفي يتضمن إثباتاً لكمال ضده، ونسكت عما سكت الله عنه ورسوله.
ونرى أن السير على هذا الطريق فرض لابد منه، وذلك لأن ما أثبته الله لنفسه أو نفاه عنها سبحانه فهو خبرٌ أخبر الله به عن نفسه، وهو سبحانه أعلم بنفسه وأصدق قيلاً وأحسن حديثاً، والعباد لايحيطون به علماً.
وما أثبته له رسوله أو نفاه عنه فهو خبرٌ أخبر به عنه، وهو أعلم الناس بربِّه وأنصح الخلق وأصدقهم وأفصحهم.
ففي كلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلّم كمال العلم والصدق والبيان؛ فلا عذر في ردِّه أو التردد في قبوله.
* * *
فصـــل
وكل ما ذكرناه من صفات الله تعالى تفصيلاً أو إجمالاً، إثباتاً أو نفياً؛ فإننا في ذلك على كتاب ربِّنا وسُنَّةِ نبينا معتمدون، وعلى ما سار عليه سلف الأُمَّة وأئمة الهدى من بعدهم سائرون.
ونرى وجوب إجراء نصوص الكتاب والسُنّة في ذلك على ظاهرها، وحملها على حقيقتها اللائقة بالله عزّ وجل.
ونتبرَّأ من طريق المحرّفين لها الذين صرفوها إلى غير ما أراد الله بها ورسوله.
ومن طريق المعطّلين لها الذين عطَّلوها عن مدلولها الذي أراده الله ورسوله.
ومن طريق الغالين فيها الذين حملوها على التمثيل أو تكلفوا لمدلولها التكييف.
ونعلم علم اليقين أنّ ما جاء في كتاب الله تعالى أو سُنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلّم فهو حق لا يناقض بعضه بعضاً لقوله تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلَـفاً كَثِيراً } [النساء: 82]، ولأن التناقض في الأخبار يستلزم تكذيب بعضها بعضاً، وهذا محال في خبر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلّم.
ومن ادّعى أن في كتاب الله تعالى أو في سُنّة رسوله صلى الله عليه وسلّم أو بينهما تناقضاً فذلك لسوء قصده وزيغ قلبه؛ فليتب إلى الله تعالى ولينزع عن غيّه.
ومن توهم التناقض في كتاب الله تعالى أو في سُنّة رسوله صلى الله عليه وسلّم أو بينهما، فذلك إمّا لقلّة علمه أو قصور فهمه أو تقصيره في التدبر، فليبحث عن العلم وليجتهد في التدبر حتى يتبين له الحق، فإن لم يتبين له فليكل الأمر إلى عالمه، وليكفَّ عن توهمه، وليقل كما يقول الراسخون في العلم {ءَامَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا} [آل عمران: 7] وليعلم أن الكتاب والسُنَّة لا تناقض فيهما ولا بينهما ولا اختلاف.
* * *
فصــــل
ونؤمن بملائكة الله تعالى وأنهم {عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } [الأنبياء: 26، 27].
خلقهم الله تعالى من نور فقاموا بعبادته وانقادوا لطاعته {لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلاَ يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ الْلَّيْلَ وَالنَّهَارَ لاَ يَفْتُرُونَ } [الأنبياء: 19، 20]. حجبهم الله عنا فلا نراهم، وربما كشفهم لبعض عباده، فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلّم جبريل على صورته له ستمائة جناح قد سدّ الأفق (4) ، وتمثل جبريل لمريم بشراً سوياً فخاطبته وخاطبها، وأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلّم وعنده الصحابة بصورة رجل لا يُعرف ولا يُرى عليه أثر السفر، شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، فجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلّم فأسند ركبتيه إلى ركبتي النبي صلى الله عليه وسلّم، ووضع كفيه على فخذيه، وخاطب النبي صلى الله عليه وسلّم، وخاطبه النبي صلى الله عليه وسلّم، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلّم أصحابه أنّه جبريل.(5)
ونؤمن بأنّ للملائكة أعمالاً كلفوا بها، فمنهم جبريل الموكل بالوحي، ينزل به من عند الله على من يشاء من أنبيائه ورسله.
ومنهم ميكائيل: الموكل بالمطر والنبات.
ومنهم إسرافيل: الموكل بالنفخ في الصور حين الصعق والنشور.
ومنهم ملك الموت: الموكل بقبض الأرواح عند الموت.
ومنهم ملك الجبال: الموكل بها.
ومنهم مالك: خازن النار.
ومنهم ملائكة موكلون بالأجنّة في الأرحام، وآخرون موكلون بحفظ بني آدم، وآخرون موكلون بكتابة أعمالهم، لكل شخص ملكان {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ق: 17، 18]. وآخرون موكلون بسؤال الميت بعد الانتهاء من تسليمه إلى مثواه، يأتيه ملكان يسألانه عن ربه ودينه ونبيه فـ {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَفِى الاَْخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّـلِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَآءُ } [إبراهيم: 27].
ومنهم الملائكة الموكلون بأهل الجنة {يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ } [الرعد: 23، 24].
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلّم أن البيت المعمور في السماء يدخله ـ وفي رواية يصلي فيه ـ كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه آخر ما عليهم.(6)
* * *
فصـــــل
ونؤمن بأن الله تعالى أنزل على رسله كتباً حجّة على العالمين ومحجة للعاملين يعلِّمونهم بها الحكمةَ ويزكُّونهم.
ونؤمن بأن الله تعالى أنزل مع كل رسول كتاباً لقوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25].
ونعلم من هذه الكتب :
أ ـ التوراة: التي أنزلها الله تعالى على موسى صلى الله عليه وسلّم، وهي أعظم كتب بني إسرائيل {فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالاَْحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَـابِ اللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَآءَ} [المائدة: 44].
ب ـ الإِنجيل: الذي أنزله الله تعالى على عيسى صلى الله عليه وسلّم، وهو مصدق للتوراة ومتمم لها {وَءَاتَيْنَـهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ } [المائدة: 46] {وَلاُِحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} [آل عمران: 50].
جـ ـ الزبور: الذي آتاه الله تعالى داود صلى الله عليه وسلّم.
د ـ صحف إبراهيم وموسى عليهما الصلاة والسلام.
هـ ـ القرآن العظيم: الذي أنزله الله على نبيه محمد خاتم النبيين {هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185] فكان {مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ} [المائدة: 48] فنسخ الله به جميع الكتب السابقة وتكفّل بحفظه عن عبث العابثين وزيغ المحرفين {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَـفِظُونَ } [الحجر: 9] لأنه سيبقى حجّة على الناس أجمعين إلى يوم القيامة.
أما الكتب السابقة فإنها مؤقتة بأمد ينتهي بنزول ما ينسخها ويبيِّن ما حصل فيها من تحريف وتغيير؛ ولهذا لم تكن معصومة منه، فقد وقع فيها التحريف والزيادة والنقص.
{مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ} [النساء: 46].
{فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَـذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ } [البقرة: 79].
{قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَـابَ الَّذِى جَآءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراَطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً} [الأنعام: 91].
{وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَـابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيهُ اللَّهُ الْكِتَـابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّى مِن دُونِ اللَّهِ} [آل عمران: 78، 79].
{يَـأَهْلَ الْكِتَـابِ قَدْ جَآءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَـابِ} إلى قوله: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} [المائدة: 15، 17].
* * *
فصـــل
ونؤمن بأن الله تعالى بعث إلى الناس رسلاً {مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } [النساء: 165].
ونؤمن بأن أولهم نوح وآخرهم محمد، صلى الله عليهم وسلم أجمعين {إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ} [النساء: 163] {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٍ مّن رِّجَالِكُمْ وَلَـكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40].
وأن أفضلهم محمد ثم إبراهيم ثم موسى ثم نوح وعيسى ابن مريم، وهم المخصوصون في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّيْنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقًا غَلِيظاً } [الأحزاب: 7].
ونعتقد أن شريعة محمد صلى الله عليه وسلّم حاوية لفضائل شرائع هؤلاء الرسل المخصوصين بالفضل لقوله تعالى: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الِدِينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِى أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُواْ الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ} [الشورى: 13].
ونؤمن بأن جميع الرسل بشر مخلوقون، ليس لهم من خصائص الربوبية شيء، قال الله تعالى عن نوح وهو أولهم: {وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ عِندِى خَزَآئِنُ اللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ إِنِّى مَلَكٌ} [هود: 31] وأمر الله تعالى محمداً وهو آخرهم أن يقول: {لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِى خَزَآئِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّى مَلَكٌ} [الأنعام: 50] وأن يقول: {لاَ أَمْلِكُ لِنَفْسِى نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَآءَ اللَّهُ} [الأعراف: 188] وأن يقول: {إِنِّى لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ رَشَداً * قُلْ إِنِّى لَن يُجِيرَنِى مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } [الجن: 21، 22].
ونؤمن بأنهم عبيد من عباد الله أكرمهم الله تعالى بالرسالة، ووصفهم بالعبودية في أعلى مقاماتهم وفي سياق الثناء عليهم، فقال في أولهم نوح: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا } [الإِسراء: 3] وقال في آخرهم محمد صلى الله عليه وسلّم: {تَبَارَكَ الَّذِى نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَـلَمِينَ نَذِيراً } [الفرقان: 1]، وقال في رسل آخرين: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَآ إِبْرَهِيمَ وَإِسْحَـقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِى الاَْيْدِى وَالاَْبْصَـرِ } [ص: 45] {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الاَْيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ } [ص: 17] {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَـنَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ } [ص: 30]، وقال في عيسى ابن مريم: {إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَـهُ مَثَلاً لِّبَنِى إِسْرَءِيلَ } [الزخرف: 59].
ونؤمن بأن الله تعالى ختم الرسالات برسالة محمد صلى الله عليه وسلّم وأرسله إلى جميع الناس لقوله تعالى: {قُلْ يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِى لَهُ مُلْكُ السَّمَـوَتِ وَالاَْرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْىِ وَيُمِيتُ فَـَامِنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِىِّ الأُمِّىِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَـتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } [الأعراف: 158].
ونؤمن بأن شريعته صلى الله عليه وسلّم هي دين الإِسلام الذي ارتضاه الله تعالى لعباده، وأن الله تعالى لا يقبل من أحد ديناً سواه لقوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإسلام} [آل عمران: 19]، وقوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نعمتي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً} [المائدة: 3] وقوله: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ في الآخرة مِنَ الخاسرين } [آل عمران: 85].
ونرى أن من زعم اليوم ديناً قائماً مقبولاً عند الله سوى دين الإِسلام، من دين اليهودية أو النصرانية أو غيرهما، فهو كافر، ثم إن كان أصله مسلماً يستتاب، فإن تاب وإلا قتل مرتداً لأنه مكذب للقرآن.
ونرى أن من كفر برسالة محمد صلى الله عليه وسلّم إلى الناس جميعاً فقد كفر بجميع الرسل، حتى برسوله الذي يزعم أنه مؤمن به متبع له، لقوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ } [الشعراء: 105] فجعلهم مكذبين لجميع الرسل مع أنه لم يسبق نوحاً رسول. وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً * أُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَـفِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَـفِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً } [النساء: 150، 151].
ونؤمن بأنه لا نبي بعد محمد رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ومن ادّعى النبوة بعده أو صدَّق من ادّعاها فهو كافر؛ لأنّه مكذب للكتاب والسنة وإجماع المسلمين.
ونؤمن بأن للنبي صلى الله عليه وسلّم خلفاء راشدين خلفوه في أمته علماً ودعوة وولاية على المؤمنين، وبأن أفضلهم وأحقهم بالخلافة أبوبكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.
وهكذا كانوا في الخلافة قدراً كما كانوا في الفضيلة شرعاً، وما كان الله تعالى ـ وله الحكمة البالغة ـ ليولي على خير القرون رجلاً، وفيهم من هو خير منه وأجدر بالخلافة.
ونؤمن بأن المفضول من هؤلاء قد يتميز بخصيصة يفوق فيها من هو أفضل منه، لكنه لا يستحق بها الفضل المطلق على مَنْ فَضَلَه، لأن موجبات الفضل كثيرة متنوعة.
ونؤمن بأن هذه الأمة خير الأمم وأكرمها على الله عز وجل، لقوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران: 110].
ونؤمن بأن خير هذه الأمة الصحابة ثم التابعون ثم تابعوهم، وبأنّه لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرين، لا يضرّهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمرُ الله عز وجل.
ونعتقد أن ما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم من الفتن، فقد صدر عن تأويل اجتهدوا فيه، فمن كان منهم مصيباً كان له أجران، ومن كان منهم مخطئاً فله أجر واحد وخطؤه مغفور له.
ونرى أنّه يجب أن نكف عن مساوئهم، فلا نذكرهم إلا بما يستحقونه من الثناء الجميل، وأن نطهّر قلوبنا من الغل والحقد على أحد منهم، لقوله تعالى فيهم: {لاَ يَسْتَوِى مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَـاتَلَ أُوْلَـئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَـاتَلُواْ وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [الحديد: 10]، وقول الله تعالى فينا: {وَالَّذِينَ جَآءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَنِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بالإيمان وَلاَ تَجْعَلْ في قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } [الحشر: 10].
* * *
فصـــــل
ونؤمن باليوم الآخر وهو يوم القيامة الذي لا يوم بعده، حين يبعث الناس أحياء للبقاء إمّا في دار النعيم وإمّا في دار العذاب الأليم.
فنؤمن بالبعث وهو إحياء الله تعالى الموتى حين ينفخ إسرافيل في الصور النفخة الثانية {وَنُفِخَ في الصُّورِ فَصَعِقَ مَن في السَّمَـوَتِ وَمَن في الاَْرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } [الزمر: 68].
فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين، حفاة بلا نعال، عراة بلا ثياب، غرلاً بلا ختان {كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَآ إِنَّا كُنَّا فَـعِلِينَ } [الأنبياء: 104].
ونؤمن بصحائف الأعمال تعطى باليمين أو من وراء الظهور بالشمال {فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَـابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً * وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً * وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَـابَهُ وَرَآءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً * وَيَصْلَى سَعِيراً } [الانشقاق: 7 ـ 12] {وَكُلَّ إِنْسَـانٍ أَلْزَمْنَـاهُ طَـائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَـامَةِ كِتَابًا يَلْقَـاهُ مَنْشُوراً * اقْرَأْ كَتَـابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } [الإِسراء: 13، 14].
ونؤمن بالموازين تُوضع يوم القيامة فلا تُظلم نفسٌ شيئاً {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } [الزلزلة: 7، 8]. {فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فأولئك هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فأولئك الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ في جَهَنَّمَ خَـلِدُونَ * تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ } [المؤمنون: 102 ـ 104] {مَن جَآءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَآءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } [الأنعام: 160].
ونؤمن بالشفاعة العظمى لرسول الله صلى الله عليه وسلّم خاصة، يشفع عند الله تعالى بإذنه ليقضي بين عباده، حين يصيبهم من الهمِّ والكرب ما لا يُطيقون فيذهبون إلى آدم ثم نوح ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى حتى تنتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم.(7)
ونؤمن بالشفاعة فيمن دخل النار من المؤمنين أن يخرجوا منها، وهي للنبي صلى الله عليه وسلّم وغيره من النبيين والمؤمنين والملائكة، وبأن الله تعالى يُخرج من النار أقواماً من المؤمنين بغير شفاعة، بل بفضله ورحمته.(8)
ونؤمن بحوض رسول الله صلى الله عليه وسلّم، ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وأطيب من رائحة المسك، طوله شهر وعرضه شهر، وآنيته كنجوم السماء حسناً وكثرةً، يرده المؤمنون من أُمّته، من شرب منه لم يظمأ بعد ذلك.(9)
ونؤمن بالصراط المنصوب على جهنم، يمرُّ الناس عليه على قدر أعمالهم، فيمر أولهم كالبرق ثم كمرِّ الريح ثم كمرِّ الطير وأشد الرجال، والنبي صلى الله عليه وسلّم قائم على الصراط يقول: يا رب سلّم سلّم. حتى تعجز أعمال العباد، فيأتي من يزحف، وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة، تأخذ من أُمِرَتْ بِهِ؛ فمخدوش ناجٍ ومكردس في النار.(10)
ونؤمن بكل ما جاء في الكتاب والسنة من أخبار ذلك اليوم وأهواله ـ أعاننا الله عليها ويسرها علينا بمنه وكرمه.
ونؤمن بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلّم لأهل الجنة أن يدخلوها. وهي للنبي صلى الله عليه وسلّم خاصة.
ونؤمن بالجنّة والنار، فالجنّة: دار النعيم التي أعدها الله تعالى للمؤمنين المتقين، فيها من النعيم ما لا عين رأت ولا أُذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر {فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِي لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [السجدة: 17].
والنار: دار العذاب التي أعدَّها الله تعالى للكافرين الظالمين، فيها من العذاب والنكال ما لا يخطر على البال {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِى الْوجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَآءَتْ مُرْتَفَقًا } [الكهف: 29].
وهما موجودتان الآن ولن تفنيا أبد الآبدين {وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَـلِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّـتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَـرُ خَـلِدِينَ فِيهَآ أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً } [الطلاق: 11].
{إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَـفِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً * خَـلِدِينَ فِيهَآ أَبَداً لاَّ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً * يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يلَيْتَنَآ أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولاَ } [الأحزاب: 64 ـ 66].
ونشهد بالجنّة لكل من شهد له الكتاب والسنة بالعين أو بالوصف.
فمن الشهادة بالعين: الشهادة لأبي بكر وعمر وعثمان وعليّ، ونحوهم ممن عيّنهم النبي صلى الله عليه وسلّم.
ومن الشهادة بالوصف: الشهادة لكل مؤمن أو تقي.
ونشهد بالنار لكل من شهد له الكتاب والسنة بالعين أو بالوصف.
فمن الشهادة بالعين: الشهادة لأبي لهب وعمرو بن لحي الخزاعي ونحوهما.
ومن الشهادة بالوصف: الشهادة لكل كافرٍ أو مشركٍ شركاً أكبر أو منافق.
ونؤمن بفتنة القبر: وهي سؤال الميت في قبره عن ربِّه ودينه ونبيه فـ {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِى الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَفِى الاَْخِرَةِ} [إبراهيم: 27] فيقول المؤمن: ربي الله، وديني الإِسلام، ونبيِّي محمد، وأمّا الكافر والمنافق فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته.
ونؤمن بنعيم القبر للمؤمنين {الَّذِينَ تَتَوَفَّـاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } [النحل: 32].
ونؤمن بعذاب القبر للظالمين الكافرين {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّـلِمُونَ فِى غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُواْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ ءَايَـتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } [الأنعام: 93].
والأحاديث في هذا كثيرة معلومة، فعلى المؤمن أن يؤمن بكل ما جاء به الكتاب والسُّنَّة من هذه الأمور الغيبيَّة، وألا يعارضها بما يشاهد في الدنيا، فإن أمور الآخرة لا تُقاس بأمور الدنيا لظهور الفرق الكبير بينهما، والله المستعان.
* * *
فصـــــل
ونؤمن بالقدر: خيره وشرّه، وهو تقدير الله تعالى للكائنات حسبما سبق به علمه واقتضته حكمته.
وللقدر أربع مراتب:
المرتبة الأولى: العلم، فنؤمن بأن الله تعالى بكل شيء عليم، علم ما كان وما يكون وكيف يكون بعلمه الأزلي الأبدي، فلا يتجدد له علم بعد جهل، ولا يلحقه نسيان بعد علم.
المرتبة الثانية: الكتابة، فنؤمن بأن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ ما هو كائن إلى يوم القيامة: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَآءِ والأرض إِنَّ ذلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } [الحج: 70].
المرتبة الثالثة: المشيئة، فنؤمن بأن الله تعالى قد شاء كل ما في السموات والأرض، لا يكون شيء إلا بمشيئته، ما شاء الله كان وما لم يشأْ لم يكن.
المرتبة الرابعة: الخلق، فتؤمن بأن الله تعالى {خَـالِقُ كُـلِّ شيء وَهُوَ عَلَى كُل شيء وَكِيلٌ لَّهُ مَقَالِيدُ السَّمَـوَتِ وَالاَْرْضِ} [الزمر: 62، 63].
وهذه المراتب الأربع شاملة لما يكون من الله تعالى نفسه ولما يكون من العباد، فكل ما يقوم به العباد من أقوال أو أفعال أو تروك فهي معلومة لله تعالى مكتوبة عنده، والله تعالى قد شاءها وخلقها {لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَآءُونَ إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَـلَمِينَ } [التكوير: 28، 29] {وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَـكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } [البقرة: 253] {وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } [الأنعام: 137] {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ } [الصافات: 96].
ولكننا مع ذلك نؤمن بأن الله تعالى جعل للعبد اختياراً وقدرة بهما يكون الفعل.
والدليل على أن فعل العبد باختياره وقدرته أمور:
الأول: قوله تعالى: {فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: 223] وقوله: {وَلَوْ أَرَادُواْ الْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً} [التوبة: 46] فأثبت للعبد إتياناً بمشيئته وإعداداً بإرادته.
الثاني: توجيه الأمر والنهي إلى العبد، ولو لم يكن له اختيار وقدرة لكان توجيه ذلك إليه من التكليف بما لا يطاق، وهو أمر تأباه حكمة الله تعالى ورحمته وخبره الصادق في قوله: {لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [البقرة: 286].
الثالث: مدح المحسن على إحسانه وذم المسيء على إساءته، وإثابة كل منهما بما يستحق، ولولا أن الفعل يقع بإرادة العبد واختياره لكان مدح المحسن عبثاً، وعقوبة المسيء ظلماً، والله تعالى منزّه عن العبث والظلم.
الرابع: أن الله تعالى أرسل الرسل {مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165]، ولولا أن فعل العبد يقع بإرادته واختياره، ما بطلت حجّته بإرسال الرسل.
الخامس: أن كل فاعل يحسُّ أنّه يفعل الشيء أو يتركه بدون أي شعور بإكراه، فهو يقوم ويقعد، ويدخل ويخرج، ويسافر ويقيم بمحض إرادته، ولا يشعر بأن أحداً يكرهه على ذلك، بل يفرّق تفريقاً واقعياً بين أن يفعل الشيء باختياره وبين أن يكرهه عليه مكرِه. وكذلك فرّق الشرع بينهما تفريقاً حكمياً، فلم يؤاخذ الفاعل بما فعله مكرهاً عليه فيما يتعلق بحق الله تعالى.
ونرى أنه لا حجة للعاصي على معصيته بقدر الله تعالى، لأن العاصي يقدم على المعصية باختياره، من غير أن يعلم أن الله تعالى قدّرها عليه، إذ لا يعلم أحد قدر الله تعالى إلا بعد وقوع مقدوره {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً} [لقمان: 34] فكيف يصح الاحتجاج بحجة لا يعلمها المحتجّ بها حين إقدامه على ما اعتذر بها عنه، وقد أبطل الله تعالى هذه الحجة بقوله: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ اللَّهُ مَآ أَشْرَكْنَا وَلاَ أبَآؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شيء كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَآ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ } [الأنعام: 148].
ونقول للعاصي المحتج بالقدر: لماذا لم تقدم على الطاعة مقدراً أنّ الله تعالى قد كتبها لك، فإنه لا فرق بينها وبين المعصية في الجهل بالمقدور قبل صدور الفعل منك؟ ولهذا لمّا أخبر النبي صلى الله عليه وسلّم الصحابة بأن كل واحد قد كُتِبَ مقعده من الجنة ومقعده من النار قالوا: أفلا نتكل وندع العمل؟ قال: «لا، اعملوا فكلٌّ ميسّر لما خُلِقَ له».(11)
ونقول للعاصي المحتج بالقدر: لو كنت تريد السفر لمكة وكان لها طريقان، أخبرك الصادق أن أحدهما مخوف صعب والثاني آمن سهل، فإنك ستسلك الثاني ولا يمكن أن تسلك الأول وتقول: إنه مقدر عليَّ؛ ولو فعلت لعدّك الناس في قسم المجانين.
ونقول له أيضاً: لو عرض عليك وظيفتان إحداهما ذات مرتب أكثر، فإنك سوف تعمل فيها دون الناقصة، فكيف تختار لنفسك في عمل الآخرة ما هو الأدنى ثم تحتجّ بالقدر؟
ونقول له أيضاً: نراك إذا أصبت بمرض جسمي طرقت باب كل طبيب لعلاجك، وصبرت على ما ينالك من ألم عملية الجراحة وعلى مرارة الدواء. فلماذا لا تفعل مثل ذلك في مرض قلبك بالمعاصي؟
ونؤمن بأنّ الشر لا ينسب إلى الله تعالى لكمال رحمته وحكمته، قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «والشر ليس إليك» رواه مسلم (12). فنفس قضاء الله تعالى ليس فيه شر أبداً، لأنّه صادر عن رحمة وحكمة، وإنّما يكون الشرُّ في مقضياته، لقول النبي صلى الله عليه وسلّم في دعاء القنوت الذي علّمه الحسن: «وقني شر ما قضيت» (13). فأضاف الشر إلى ما قضاه، ومع هذا فإنّ الشر في المقضيات ليس شراً خالصاً محضاً، بل هو شر في محله من وجه، خير من وجه، أو شر في محله، خير في محل آخر.
فالفساد في الأرض من: الجدب والمرض والفقر والخوف شر، لكنه خير في محل آخر. قال الله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } [الروم: 41].
وقطع يد السارق ورجم الزاني شر بالنسبة للسارق والزاني في قطع اليد وإزهاق النفس، لكنه خير لهما من وجه آخر، حيث يكون كفارة لهما فلا يجمع لهما بين عقوبتي الدنيا والآخرة، وهو أيضاً خير في محل آخر، حيث إن فيه حماية الأموال والأعراض والأنساب.
* * *
فصـــــل
هذه العقيدة السامية المتضمنة لهذه الأصول العظيمة تثمر لمعتقدها ثمرات جليلة كثيرة.
فالإِيمان بالله تعالى وأسمائه وصفاته يثمر للعبد محبة الله وتعظيمه الموجبين للقيام بأمره واجتناب نهيه، والقيام بأمر الله تعالى واجتناب نهيه يحصل بهما كمال السعادة في الدنيا والآخرة للفرد والمجتمع {مَنْ عَمِلَ صَـالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [النحل: 97].
ومن ثمرات الإِيمان بالملائكة:
أولاً: العلم بعظمة خالقهم تبارك وتعالى وقوته وسلطانه.
ثانياً: شكره تعالى على عنايته بعباده، حيث وكلّ بهم من هؤلاء الملائكة من يقوم بحفظهم وكتابة أعمالهم وغير ذلك من مصالحهم.
ثالثاً: محبة الملائكة على ما قاموا به من عبادة الله تعالى على الوجه الأكمل واستغفارهم للمؤمنين.
ومن ثمرات الإِيمان بالكتب:
أولاً: العلم برحمة الله تعالى وعنايته بخلقه، حيث أنزل لكل قوم كتاباً يهديهم به.
ثانياً: ظهور حكمة الله تعالى، حيث شرع في هذه الكتب لكل أمة ما يناسبها. وكان خاتم هذه الكتب القرآن العظيم، مناسباً لجميع الخلق في كل عصر ومكان إلى يوم القيامة.
ثالثاً: شكر نعمة الله تعالى على ذلك.
ومن ثمرات الإِيمان بالرسل:
أولاً: العلم برحمة الله تعالى وعنايته بخلقه، حيث أرسل إليهم أولئك الرسل الكرام للهداية والإِرشاد.
ثانياً: شكره تعالى على هذه النعمة الكبرى.
ثالثاً: محبة الرسل وتوقيرهم والثناء عليهم بما يليق بهم، لأنهم رسل الله تعالى وخلاصة عبيده، قاموا بعبادته وتبليغ رسالته والنصح لعباده والصبر على أذاهم.
ومن ثمرات الإِيمان باليوم الآخر:
أولاً: الحرص على طاعة الله تعالى رغبة في ثواب ذلك اليوم، والبعد عن معصيته خوفاً من عقاب ذلك اليوم.
ثانياً: تسلية المؤمن عما يفوته من نعيم الدنيا ومتاعها بما يرجوه من نعيم الآخرة وثوابها.
ومن ثمرات الإِيمان بالقدر:
أولاً: الاعتماد على الله تعالى عند فعل الأسباب، لأن السبب والمسبب كلاهما بقضاء الله وقدره.
ثانياً: راحة النفس وطمأنينة القلب، لأنه متى علم أن ذلك بقضاء الله تعالى، وأن المكروه كائن لا محالة، ارتاحت النفس واطمأن القلب ورضي بقضاء الرب، فلا أحد أطيب عيشاً وأريح نفساً وأقوى طمأنينة ممن آمن بالقدر.
ثالثاً: طرد الإِعجاب بالنفس عند حصول المراد، لأن حصول ذلك نعمة من الله بما قدّره من أسباب الخير والنجاح، فيشكر الله تعالى على ذلك ويدع الإِعجاب.
رابعاً: طرد القلق والضجر عند فوات المراد أو حصول المكروه، لأن ذلك بقضاء الله تعالى الذي له ملك السموات والأرض وهو كائن لا محالة، فيصبر على ذلك ويحتسب الأجر، وإلى هذا يشير الله تعالى بقوله: {مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ في الأرض وَلاَ في أَنفُسِكُمْ إِلاَّ في كِتَـابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَآ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } [الحديد: 22، 23].
فنسأل الله تعالى أن يثبِّتنا على هذه العقيدة، وأن يحقق لنا ثمراتها ويزيدنا من فضله، وألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا؛ وأن يهب لنا منه رحمة، إنه هو الوهاب. والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان.
تمت بقلم مؤلفها
محمد الصالح العثيمين
في 30 شوال سنة 1404هـ

ـــــــــــــــــــــــــ
(1)- رواه البخاري كتاب التهجد (1145) ومسلم كتاب صلاة المسافرين (758)
(2)-رواه مسلم كتاب الإيمان (179)
(3)- رواه البخاري كتاب الفتن (7131) ومسلم كتاب الفتن (2933)
(4)-صحيح البخاري كتاب بدء الخلق (3232) ومسلم كتاب الإيمان (174)
(5)- صحيح البخاري كتاب الإيمان (50) ومسلم كتاب الإيمان (8)
(6)- رواه البخاري كتاب بدء الخلق(3207) ومسلم كتاب الإيمان (164)
(7)- رواه البخاري من حديث أبي هريرة كتاب أحاديث الأنبياء (3361) ومسلم كتاب الإيمان (194)
(8)-رواه البخاري من حديث أبي سعيد الخدري كتاب التوحيد (7439) ومسلم كتاب الإيمان(183)
(9)-رواه البخاري من حديث عبد الله بن عمرو كتاب الرقاق ( 6579، 6580) ومسلم كتاب الفضائل (2300) ، (2301)
(10)-رواه البخاري كتاب التوحيد (7439) وكتاب الرقاق (7573) ومسلم كتاب الإيمان (183،195)
(11)-رواه البخاري كتاب الجنائز (1362) ومسلم كتاب القدر(2647)
(12)-رواه مسلم كتاب صلاة المسافرين (771)
(13)-رواه أبو داوود كتاب الوتر (1425) والترمذي أبواب الوتر (464) والنسائي كتاب قيام الليل (1745) وابن ماجه كتاب إقامة الصلاة (1178)









قديم 2013-02-11, 14:26   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
السلفية الجزااائرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية السلفية الجزااائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هذه محاضرمهمة جـــــدا للشيخ محمد سعيد رسلان :


استواء الله تعالى على عرشه:




https://www.safeshare.tv/w/uQcwKEIQKs










قديم 2013-02-11, 14:31   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ibnsina1 مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمان الرحيم


نعم صحيح انتم علماء ونحن فقط من اصاغر طلاب العلم ونؤمن بالقرآن كما جاء كله لا بعضه
وحتما سلفنا الصالح وخصوصا منهم علماء القرون الثلاثة الاولى
و انتم ما شاء الله عليكم اكثر الناس تمسكا بسيرتهم فقط لانكم تعلمون يقينا بانهم المتمسكون بما جاء
به رسو لالله صلى الله عليه وسلم ومن خالفهم او نازعهم او انكر عليهم فقد عارض الحق وبارز الله بالمحاربة
فالرجاء الرد على ما ساذكره من كلامهم وبينوا لنا الاشكال ولكم جزيل الشكر
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++ ++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
1- قال مصباح التوحيد ومصباح التفريد الصحابي الجليل والخليفة الراشد سيدنا علي رضي الله عنه (40 هـ) ما نصه : (كان- الله- ولا مكان، وهو الان على ما- عليه- كان اهـ. أي بلا مكان. (( الفرق بين الفرق لأبي منصور البغدادي [ ص / 333 ] )) .
=================================================
2- وقال أيضا : "إن الله تعالى خلق العرش إظهارًا لقدرته لا مكانا لذاته" أ هـ. (( الفرق بين الفرق لأبي منصور البغدادي [ ص / 333 ] )) .

================================================== =
3- وقال أيضا : (من زعم أن إلهنا محدود فقد جهل الخالق المعبود" اهـ. (المحدود: ما له حجم صغيرا كان أو كبيرا) . [حلية الأولياء: ترجمة علي بن أبي طالب (73/1) ].
================================================== ============
4- وقال التابعي الجليل الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم (94 هـ) ما نصه (4): (أنت الله الذي لا يحويك مكان" أ هـ. [إتحاف السادة المتقين (4/ 380) ] .

5- وقال أيضا : ( أنت الله الذي لا تحد فتكون محدودا ) اهـ. [إتحاف السادة المتقين (4/ 380) ]

6- وقال الإمام جعفر الصادق بن محمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين رضوان الله عليهم (148 هـ) ما نصه : "من زعم أن الله في شىء، أو من شىء، أو على شىء فقد أشرك. إذ لو كان على شىء لكان محمولا، ولو كان في شىء لكان محصورا، ولو كان من شىء لكان محدثا- أي مخلوقا" أ هـ. [ ذكره القشيري في رسالته المعروفة بالرسالة القشيرية (ص/ 6) ].

7- قال الإمام المجتهد أبو حنيفة النعمان بن ثابت رضي الله عنه (150 هـ) أحد مشاهير علماء السلف إمام المذهب الحنفي ما نصه : " والله تعالى يُرى في الآخرة، ويراه المؤمنون وهم في الجنة بأعين رؤوسهم بلا تشبيه ولا كميّة، ولا يكون بينه وبين خلقه مسافة " اهـ. [ ذكره في الفقه الاكبر، انظر شرح الفقه الاكبر لملا علي القاري (ص/ 136- 137) ].

8- وقال أيضا في كتابه الوصية : " ولقاء الله تعالى لأهل الجنة بلا كيف ولا تشبيه ولا جهة حق " اهـ. [ الوصية: (ص/ 4)، ونقله ملا علي القاري في شرح الفقه الاكبر (ص/138)] .

9- وقال أيضًا : " قلت: أرأيت لو قيل أين الله تعالى؟ فقال- أي أبو حنيفة-: يقال له كان الله تعالى ولا مكان قبل أن يخلق الخلق، وكان الله تعالى ولم يكن أين ولا خلق ولا شىء، وهو خالق كل شىء" اهـ. [ الفقه الأبسط ضمن مجموعة رسانل أبي حنيفة بتحقيق الكوثري (ص/ 25). ].

10- وقال أيضا : "ونقر بأن الله سبحانه وتعالى على العرش استوى من غير أن يكون له حاجة إليه واستقرار عليه، وهو حافظ العرش وغير العرش من غير احتياج، فلو كان محتاجا لما قدر على إيجاد العالم وتدبيره كالمخلوقين، ولو كان محتاجا إلى الجلوس والقرار فقبل خلق العرش أين كان الله، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا" اهـ.
[ كتاب الوصية، ضمن مجموعة رسائل أبي حنيفة بتحقيق الكوثري (ص/ 2) ، وملا علي القاري في شرح الفقه الاكبر (ص/ 75) عند شرح قول الامام: ولكن يده صفته بلا كيف"] .

وهذا رد صريح على المشبهة المجسمة أدعياء السلفية الذين يسمون أنفسهم الوهابية ويزعمون أن السلف لم يصرحوا بنفي الجهة عن الله تعالى. فإن أبا حنيفة رأس من رؤوس السلف الذين تلقوا العلم عن التابعين، والتابعون تلقوا العلم عن الصحابة رضي الله عنهم، فاحفظ هذا أخي المسلم فإنه مهم في رد افتراءات الوهابية على علماء السلف.

ونلفت النظر إلى أن أتباع أبي حنيفة أي الذين هم على مذهبه سواء في لبنان وسوريا وتركيا وأندنوسيا والهند وغيرها من البلدان على هذا المعتقد أي ينزهون الله تعالى عن التحيز في جهة فوق العرش ويقولون الله موجود بلا كيف ولا جهة ولا مكان، إلا من لحق منهم بأهل التجسيم الذين فتنوا بالوهابية وغرتهم الحياة الدنيا أو فتنوا بابن تيمية رافع لواء المجسمة في القرن السابع الهجري كابن أبي العز الحنفي الذي فتن به أي ابن تيمية فشرح العقيدة الطحاوية على خلاف منهج أهل الحق عامة وأهل مذهبه خاصة، فقد حشا شرحه وملاه بضلالات ابن تيمية، فإنه كالظّل له، ومما ذكره [ ذكر ذلك عند الكلام على قول الطحاوي (والجنة والنار مخلوقتان لا تفنيان أبدا ولا تبيدان" : (ص/ 427 سطر 16 و. 2)، ط 9، عام 08 14 هـ. ] في هذا الشرح من عقيدة ابن تيمية أن أهل السنة على زعمه يقولون بفناء النار أي عنده وعند ابن تيمية وعند الوهابية عذاب الكفار والمشركين والوثنيين الذين حاربوا الله وأنبياءه في نار جهنم ينتهي وينقطع مكذبين قول الله تعالى: (وَلَا يُخَفَّفُ عَنهُم مِن عَذَابِهَا) (سورة فاطر/36). ومما ذكره [ ذكر ذلك عند الكلام على قول الطحاري: "ليس بعد خلق الخلق استفاد اسم الخالق): (ص/32 1 سطر 5- 6)، ط 9، عام 1988 ر. ] أيضا من عقيدة ابن تيمية قوله بأزلية نوع العالم التي أخذها ابن تيمية عن الفلاسفة أي على زعمهم أن الله لم يخلق نوع العالم إنما خلق الأفراد فقط والعياذ بالله.

وقد اتفق علماء الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها منذ زمن الصحابة إلى يومنا هذا على أن هاتين العقيدتين هما عقيدتان كفريتان لما في ذلك من تكذيب الله ورسوله، ومما علم من الدين بالضرورة أن النار باقية إلى ما لا نهاية له لأن الله شاء لها البقاء، وأن العالم كله مخلوق لله نوعه وأفراده، وهذا توارثه المسلمون خلفًا عن سلف لا يناقضه ولا يعارضه إلا من استحوذ الشيطان على قلبه وأضله الله وطمس على بصيرته.

ومن العجب مع ما في هذا الشرح لابن أبي العز الحنفي من ضلالات كثيرة أن الوهابية استحسنته وصاروا ينشرون هذه العقيدة الفاسدة بين المسلمين ويتدارسونه فيما بينهم، حتى قرروا تدريس هذا الشرح في المعاهد والكليات بالرياض (14) [ صحيفة 9 من الشرح. ] وادعوا [ صحيفة 5 من الشرح ] أن هذا الشرح يمثل عقيدة السلف أحسن تمثيل.

ونقول نحن: والذي أرواحنا بيده لقد كذبوا في ادعائهم وافترائهم على السلف كما هو دأبهم، وستكتب شهادتهم ويُسألون.

وأما تكفير الإمام أبي حنيفة لمن يقول: "لا أعرف ربي فى السماء أو في الأرض "، وكذا من قال: "إنه على العرش، ولا أدري العرش أفي السماء أو في الأرض " فلأن قائل هاتين العبارتين جعل الله تعالى مختص بحيز وجهة ومكان، وكل ما هو مختص بالجهة والحيز فإنه محتاج محدث بالضرورة. وليس مراده كما زعم المشبهة إثبات أن السماء والعرش مكان لله تعالى، بدليل كلامه السابق الصريح في نفي الجهة والمكان عن الله.
================================================
وقال الشيخ الإمام العز بن عبد السلام الشافعي في كتابه "حل الرموز" في بيان مراد أبي حنيفة ما نصه (1): "لأن هذا القول يوهم أن للحق مكانا، ومن توهم أن للحق مكانا فهومشبه " اهـ، وأيد ملا علي القاري كلام ابن عبد السلام بقوله (2): "ولا شك أن ابن عبد السلام من أجل العلماء وأوثقهم، فيجب الاعتماد على نقله " اهـ. [(1) نقله ملا علي القاري في شرح الفقه الأكبر بعد أن انتهى من شرح رسالة الفقه الأكبر (ص/ 198).][ (2) المصدر السابق.]

11- وقال الإمام المجتهد محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه إمام المذهب الشافعي (204 ص) ما نصه : " إنه تعالى كان ولا مكان فخلق المكان وهو على صفة الأزلية كما كان قبل خلقه المكان لا يجوز عليه التغيير في ذاته ولا التبديل في صفاته " اهـ. [إتحاف السادة المتقين (2/ 24 ]

12- وأما الإمام المجتهد الجليل أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (241 هـ) رضي الله عنه إمام المذهب الحنبلي وأحد الأئمة الأربعة، فقد ذكر الشيخ ابن حجر الهيتمي أنه كان من المنزهين لله تعالى عن الجهة والجسمية، ثم قال ابن حجر ما نصه : " وما اشتهر بين جهلة المنسوبين إلى هذا الإمام الأعظم المجتهد من أنه قائل بشىء من الجهة أو نحوها فكذب وبهتان وافتراء عليه " اهـ. [ الفتاوي الحديثية / 144).]

13- وقال الصوفي الزاهد ذو النون المصري (245 ص) ما نصه :
"ربي تعالى فلا شىء يحيط به *** وهو المحيط بنا في كل مرتصد
لا الأين والحيث والتكييف يدركه *** ولا يـحـد بـمـقـدار ولا امـد
وكـيـف يـدركـه حـد ولـم تـره *** عين وليس له في المثل من أحد
أم كـيف يبلغه وهـم بلا شبه *** وقد تعالى عن الأشباه والولد" اهـ
[ حلية الاولياء ترجمة ذي النون المصري (9/388) ]
================================================== ============================================
هذا ولدينا المزيد من من اقوال السلف الصاح اهل السنة والجماعة ام ستحذفون الموضوع كما فعلتم
وهذه نقولات حبشية ومن المعلوم كذب و بتر و تحريف الكلام عند الاحباش.

https://www.djelfa.info/vb/showthread...2954783&page=5









قديم 2013-02-11, 14:42   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
ibnsina1
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

بسم الله الرحمان الرحيم

اللهم اني انا العبد المخطيء المتخبط في ظلمات فكري السقيم معتقدا نجاتي في اتباع نهجك القويم وسراطك المستقيم
المنقول الينا عن طريق سيد المرسلين وحبيب رب العالمين صلى الله عليه وسلم بروايات من كنا نظنهم السلف الصالح
فتمسكنا بقدر المستطاع وتشبثناو تعلقنا بها طوعا وحبا و آثرناها على النفس والنفيس طمعا في نيل مرضاتك
و مصاحبة نبيك في اعلى مقامات الجنان ولذة النظر الى وجهك الكريم
ايتها الاخت الكريمة سانقل لك ما اعتقده عقيدة سلفنا الصالح وساخاصمك امام الله ان توضحي لي بطلان هذه الادلة
بمناقشة كل دليل على حدا

واليك ما اعتقد انه الحق وغيره باطل

بسم الله الرحمن الرحيم

ذكر النقول من الـمذاهب الأربعة وغيرها على أن أهل السُـنَّة يقولون : الله موجودٌ بلا مكان ولا جهة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد الأمين وبعد ،
قال سيِّدنا أبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه : " العَجْزُ عن دَرَكِ الإِدْرَاكِ إِدْرَاكُ والبَحْثُ عن ذَاتِهِ كُفْرٌ وإِشْرَاكُ "
(1)- قال العلاَّمةُ مُـحمَّدُ ميّارة الـمالكيُّ (1072 هـ) في كتاب الدُّرِّ الثمين والـمورد الـمَعين شرح الـمرشد الـمُعين على الضروريِّ من علومِ الدِّين للشيخِ عبدِ الواحدِ بن عاشر الأنصاريِّ الأشعريِّ الـمالكيِّ رحمهما الله تَعالى ما نصّه [الدرّ الثمين (ص/ 30) ] : "أَجمعَ أَهْلُ الحَقِّ قَاطِبَةً على أنَّ الله تَعالى لاجِهَةَ له ، فلا فوقَ له ولا تحتَ ولايمينَ ولا شمالَ ولا أمامَ ولا خَلْفَ " .
(2)- وقال الإمام الـمجتهد مـحمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه إمام الـمذهب الشافعي (204 هـ) ما نصه [إتحاف السادة الـمتقين (2/24) ] : " إنه تعالى كان ولا مكان فخلق الـمكان وهو على صفة الأزلية كما كان قبل خلقه الـمكان لا يجوز عليه التغيِير فى ذاته ولا في صفاته " .
(3) - و قال الإمام الحافظ الفقيه أبو جعفر أحمد بن سلامة الطحاوي الحنفي (321هـ) [الطحاوي هو من علـماء السلف ، قال في أول رسالته : " هذا ذكرُ بيانِ عقيدةِ أهل السُنَّةِ والجماعة " أي أن هذه هي عقيدة السلف من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين في تنـزيه الله عن الـمكان والجهة والجسمية ، وكلام الطحاوي في غاية الأهمية فهو من علـماء الحديث ومن علـماء الفقه وهو حنفيٌّ أيضاً . وهذه العقيدة تدرس في أنحاء الأرض في الـمعاهد والجامعات الإسلامية .] رضي الله عنه في رسالته (العقيدة الطحاوية) ما نصه : " وتعالى -أي الله- عن الحدودِ والغاياتِ والأركانِ والأعضاءِ والأدواتِ ، لا تحويه الجهات السِّتُّ كسائر الـمبتدعات " .
(4) - و قال إمام أهل السنة أبو الحسن الأشعري (324هـ) رضي الله عنه ما نصه [تبيين كذب الـمفتري ( ص/ 150 ) ] : " كان الله ولا مكان فخلق العرش والكرسي ولـم يحتج إلى مكان ، وهو بعد خلق الـمكان كما كان قبل خلقه " أي بلا مكان ومن غير احتياج إلى العرش والكرسي . نقل ذلك عنه الحافظ ابن عساكر نقلاً عن القاضي أبي الـمعالي الجويني " .
(5)- و قال الشيخ سليم البِشْري الـمصري (1335 هـ) شيخ الجامع الأزهر ما نصه [فرقان القرءان (مطبوع مع كتاب الأسماء والصفات للبيهقي) (ص / 74 )] : " اعلـم أيدك الله بتوفيقه وسلك بنا وبك سواء طريقه ، أن مذهب الفرقة الناجية وما عليه أجمع السُّنِّيُّـون أن الله تعالى مُنَـزَّهٌ عن مشابـهة الحوادث مخالف لها في جميع سمات الحدوث، ومن ذلك تَنَـزُّهُهُ عن الجهة والـمكان كما دلت على ذلك البراهين القطعية " .
(6) - و قال الـمحدِّث الشيخ مـحمد عربي التبان الـمالكي الـمدرس بمدرسة الفلاح وبالـمسجد الـمكي (1390هـ) ما نصه [براءة الأشعريين (1/ 79) ] : " اتفق العقلاء من أهل السنة الشافعية والحنفية والـمالكية وفضلاء الحنابلة وغيرهم على أن الله تبارك وتعالىَ مُنَـزَّهٌ عن الجهة والجسمية والحد والـمكان ومشابَهة مخلوقاته " .
(7) - و قال الشيخ مـحمد الطاهر بن عاشور الـمالكي (1393هـ) [هو رئيس الـمفتين الـمالكيين بتونس وشيخ جامع الزيتونة] ما نصه [أنظر تفسيره التحرير والتنوير (29/ 33) ] : " قوله تعالى : { مَن فِي السَّمَاءِ } [سورة الـملك / 17] في الـموضعين من قبيل الـمتشابه الذي يعطي ظاهره معنى الحلول في مكان ، وذلك لا يليق بالله " .
(8) - قال الصحابي الجليل والخليفة الراشد سيّدنا عليٌّ رضي الله عنه (40 هـ) مانصه [الفرق بين الفرَق لأبي منصور البغدادي (ص / 333)] : " كان الله ولا مكان ، وهو الآن على ما عليه كان " . أي بلا مكان .
(9)- وقال أيضا [الفرق بين الفرَق لأبي منصور البغدادي (ص / 333) ] : " إنّ الله تعالى خلق العرش إظهاراً لقدرته لا مكاناً لذاته " .
(10)- وقال أيضا [حلية الأولياء : ترجمة علي بن أبي طالب (1/ 73) ] : " من زعم أن إِلَهَنَا مـحدود فقد جهل الخالق الـمعبود " . الـمحدود : هو ماكان له حجم صغيراً أو كبيراً .
(11)- وقال التابعي الجليل الإمام زين العابدين علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم (94 هـ) مانصه [إتحاف السادة الـمتقين (4/380) ] : " أنت الله الَّذي لا يَحويك مكان " .
(12)- وقال أيضا [إتحاف السادة الـمتقين (4/380)] : " أنت اللهُ الذي لاَ تُحَدُّ فَتـكُونَ مـحدوداً " .
(13)– وقال الإمام جعفر الصادق [كان من سادت أهل البيت فقهًا وعلما وفضلاً (أنظر الثقات لابن حبان (6/131) ] بن مـحمد الباقر بن زين العابدين علي بن الحسين رضوان الله عليهم (148هـ) ما نصه [ذكره القشيري في رسالته الـمعروفة بالرسالة القشيرية (ص/6) ] : " من زعم أن الله في شىء ، أومن شىء أو على شىء فقد أشرك . إذ لو كان على شىء لكان محمولا ، ولو كان في شىء لكان محصوراً ، ولو كان من شىء لكان محدثًا ( أي مخلوقاً ) " .
(14)- قال الإمام الـمجتهد أبو حنيفة النعمان بن ثابت رضي الله عنه (150 هـ) أحد مشاهير علـماء السلف إمام الـمذهب الحنفي ما نصه [ذكره في الفقه الأكبر ، أنظر شرح الفقه الأكبر لملاّ علي القاري (ص/136-137) ] : " والله تعالى يُرى في الآخرة ، ويراه الـمؤمنون وهم في الجنة بأعين رُؤُوسهم بلا تشبيه ولا كميّة ، ولا يكون بينه وبين خلقه مسافة " .
(15)- وقال أيضا في كتابه الوصية [الوصية : (ص/4) ، ونقله ملاّ علي القاري في شرح الفقه الأكبر (ص/138) ] : " ولقاء الله تعالى لأهل الجنة بلا كيف ولا تشبيه ولا جهةٍ حقٌّ " .
(16)- وقال أيضا [الفقه الأبسط ضمن مجموعة رسائل أبي حنيفة بتحقيق الكوثري (ص/20) . ونقل ذلك أيضاً الـمحدّث الفقيه الشيخ عبد الله الهرري الـمعروف بالحبشي في كتابه الدليل القويم (ص/54) ] : " قلتُ : أرأيتَ لو قيل أين الله تعالى ؟ فقال – أي أبو حنيفة - : يقال له كان الله تعالى ولا مكان قبل أن يخلق الخلق ، وكان الله تعالى ولـم يكن أين ولاخَلْق ولاشىء ، وهو خالق كل شىء " .
(17)- وقال أيضا [كتاب الوصية ، ضمن مجموعة رسائل أبي حنيفة بتحقيق الكوثري ( ص/2) ، وذكره الشيخ الهرري في كتابه الدليل (ص/54) ، وملاّ علي القاري في شرح الفقه الأكبر (ص/70) عند شرح قول الإمام : " ولكن يده صفته بلا كيف " ] : " ونقر بأن الله سبحانه وتعالى على العرش استوى من غير أن يكون له حاجة إليه واستقرار عليه ، وهو حافظ العرش وغير العرش من غير احتياج ، فلو كان محتاجاً لـما قدر على إيجاد العالـم وتدبيره " .
(18)- وقال رضي الله عنه أيضاً (150 هـ) فى كتابه " الفقه الأبسط " ما نصه [الفقه الأبسط ، ضمن مجموعة رسائل أبي حنيفة بتحقيق الكوثري (ص/12)] : " من قال لا أعرف ربي في السماء أو في الأرض فقد كفر " . ومراد الإمام أنَّ من نسب إلى الله التحيّز والـمكان ثمَّ قال لا أعرف هل مكانه السماء أم الأرض فهو كافرٌ .
وقال الشيخ الإمام العزّ بن عبد السلام الشافعي في كتابه " حلّ الرموز " في بيان مراد أبي حنيفة ما نصه [نقله ملاّ علي القاري في شرح الفقه الأكبر بعد أن انتهى من شرح رسالة الفقه الأكبر (ص/198) ] : " لأن هذا القول يُوهِم أن للحق مكاناً ، ومن توهم أن للحق مكاناً فهو مشبّه " . وأيّد مُلاَّ علي القاري كلام ابن عبد السلام بقوله [الـمصدر السابق ] : " ولا شك أنَّ ابن عبد السلام من أجلّ العلـماء وأوثقهم، فيجب الاعتماد على نقله " .
(19)- وأما الإمام الـمجتهد الجليل أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني (241 هـ) رضي الله عنه إمام الـمذهب الحنبلي وأحد الأئمة الأربعة ، فقد ذكر ابن حجر الهيتمي الشافعي أنه كان من الـمنـزهين لله تعالى عن الجهة والجسمية ، ثم قال ابن حجر ما نصه [الفتاوى الحديثية (ص/ 144)] : " وما اشتهر بين جهلة الـمنسوبين إلى هذا الإمام الأعظم الـمجتهد من أنه قائل بشىء من الجهة أو نحوها فكذبٌ وبـهتانٌ وافتراء عليه " .
(20)- وكذا كان على هذا الـمعتقد الإمام شيخ الـمحدِّثين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري صاحب الصحيح (256 هـ) فقد فهِم شُرَّاح صحيحه أن البخاري كان يُنَـزِّه الله عن الـمكان والجهة .
قال الشيخ علي بن خلف الـمالكي الـمشهور بابن بطال أحد شرَّاح صحيح البخاري (449 هـ) ما نصه [فتح الباري (13/416)] : " غرض البخاري في هذا الباب الرد على الجهمية الـمجسمة في تعلقها بِهذه الظواهر ، وقد تقرر أن الله ليس بجسم فلا يحتاج إلى مكان يستقر فيه ، فقد كان ولا مكان " .
(21)- وقال الإمام الحافظ الـمجتهد أبو جعفر محمد بن جرير الطبري (310 هـ) عند تفسير قول الله تعالى : { هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ } [سورة الحديد/3] ما نصه [جامع البيان (مجلد 13/ جزء 27/215) ] : " لا شىء أقرب إلى شىء منه كما قال : { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الوَرِيدِ } [سورة ق/16] " . أي أن القُرب الـمسافي منفيٌّ عن الله ، فالذي في رأس الجبل والذي في أسفل الوادي هما بالنسبة إلى الله تعالى من حيث الـمسافة على حدٍّ سواء لأن الله تعالى منـزه عن القرب الحسّي أي القرب بالـمسافة ، أما القرب الـمعنوي فلا ينفيه هذا الإمام ولا غيره من علـماء الـمسلـمين . فهذا دليل ءاخر أن السلف كانوا يُنَـزِّهُونَ الله عن الجهة .
(22)- وقال اللغوي إبراهيم بن السّري الزّجاج أحد مشاهير اللغويين (311 هـ) ما نصه [تفسير أسماء الله الحسنى ( ص/ 48 ) ] : " العلي : هو فَعِيل في معنى فاعل ، فالله تعالى عالٍ على خلقه وهو عليٌّ عليهم بقدرته ، ولا يجب أن يُذهب بالعلو ارتفاع مكانٍ ، إذ قد بيَّـنَّا أن ذلك لا يجوز في صفاته تقدست ، ولا يجوز أن يكون على أن يُتصور بذهن ، تعالى الله عن ذلك عُلوّاً كبيراً " .
(23)- وقال أيضاً [الـمصدر السابق (ص/60) ] : " والله تعالى عالٍ على كل شَىء ، وليس الـمراد بالعلو ارتفاع الـمحلِّ ، لأن الله تعالى يجلُّ عن الـمحلِّ والـمكان ، وإنَّما العُلو علوُّ الشأن وارتفاعُ السلطان " .
(24)- وقال إمام أهل السُنَّةِ أبو منصور الماتُريدي (333 هـ) رضي الله عنه ما نصه [كتاب التوحيد (ص/ 69)] : " إن الله سبحانه كان ولا مكان ، وجائز ارتفاع الأمكنة وبقاؤه على ما كان ، فهو على ما كان ، وكان على ما عليه الآن ، جلَّ عن التغـيُّر والزوال والاستحالة " . يعني بالاستحالة التحوّل والتطور والتغير من حال إلى حال وهذا منفيٌّ عن الله ومستحيل عليه سبحانه وتعالى ". و الإمام محمد بن محمد الشهير بأبي منصور الـماتريدي إمام جليلٌ من أئمة السلف الصالح مُدَافِعٌ عن الدين موضِّحٌ لعقيدة أهل السنة التي كان عليها الصحابة ومن تبعهم بإيراد أدلةٍ نقليةٍ من القرءان والحديث وأدلةٍ عقليةٍ مع ردّ شبه الـمعتزلة وذوي البدع في مناظراتِهم وخصَمهم في مُحاوراتِهم حتى أسكتهم ، ومجاهدٌ في نصرة السنة وإحياء الشريعة حتى لقب بإمام أهل السنة .
(25)- وقال في كتابه " التوحيد " في إثبات رؤية الـمؤمنين لله في الآخرة ما نصه [كتاب التوحيد (ص / 85) ] : "فإن قيل كيف يُرى ؟ قيل : بلا كيف ، إذ الكيفية تكون لذي صورة ، بل يُرى بلا وصف قيامٍ وقعودٍ واتكاءٍ وتعلقٍ ، واتصالٍ وانفصالٍ ، ومقابلةٍ ومدابرةٍ ، وقصيٍر وطويلٍ ، ونورٍ وظلـمةٍ ، وساكنٍ ومتحركٍ ، ومماسٍ ومباينٍ ، وخارجٍ وداخلٍ ، ولا معنى يأخذه الوهم أو يُقدِّره العقل لتعاليه عن ذلك " .
فالـماتريدي يصرح بنفي الجهة عن الله تعالى ، وهذا فيه ردٌّ أيضاً على الـمجسمة والـمشبهة الذين يزعمون أن السلف يقولون بإثبات الجهة ، فتمسك بِما قاله الـماتريدي تكن على هدى .
(26)- وقال الحافظ محمد بن حبان (354هـ) صاحب الصحيح الـمشهور بصحيح ابن حبان ما نصه [الثقات (1/ 1)] : " الحمد لله الذي ليس له حدٌّ محدودٌ فيُحتوى ، ولا له أجلٌ معدودٌ فيَفنى ، ولا يحيط به جوامع الـمكان ، ولا يشتمل عليه تواتر الزمان " .
(27)- وقال أيضاً ما نصه [صحيح ابن حبان ، أنظر الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ( 8/ 4) ] : " كان -الله- ولا زمان ولا مكان " .
(28)- وقال أيضاً [الـمصدر السابق ( 2/ 136 ) ] : " كذلك ينـزل - يعني الله - بلا ءالةٍ ولا تحركٍ ولا انتقالٍ من مكانٍ إلى مكانٍ " .
(29)- و قال القاضي أبو بكر محمد الباقلاني الـمالكي الأشعري (403 هـ) ما نصه [الإنصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل بـه ( ص/65 ) ] : " ولانقول إن العرش له – أي لله- قرارٌ ولامكانٌ ، لأن الله تعالى كان ولا مكان ، فلـما خلق الـمكان لـم يتغيّر عما كان " .
(31)- وقال أيضاً ما نصه [الـمرجع السابق (ص/64)] : " ويجب أن يُعلـم أن كل ما يدل على الحدوث أو على سمة النقص فالرَّبُّ تعالى يتقدّس عنه ، فمن ذلك : أنه تعالى متقدّسٌ عن الاختصاص بالجهات ، والاتصاف بصفات الـمحدثات ، وكذلك لا يوصف بالتحول والانتقال ، ولا القيام ولا القعود ، لقوله تعالى : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ } [سورة الشورى/ 11] ، وقوله : { وَلـم يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } [سورة الإخلاص/ 4] ، ولأن هذه الصفات تدل على الحدوث والله تعالى يتقدّس عن ذلك " .
(32)- و قال أبو بكر محمد بن الحسن الـمعروف بابن فُورك الأشعري (406 هـ) ما نصه [مشكل الحديث (ص/ 57 ) ] : " لا يجوز على الله تعالى الحلول في الأماكن لاستحالة كونه محدودًا ومتناهياً وذلك لاستحالة كونه مُحدَثاً " .
(33)- وقال أيضا ما نصه [مشكل الحديث ( ص/ 64 )] : " واعلـم أَنَّا إذا قلنا إن الله عزّ وجل فوق ما خلق لـم يُرْجَعْ به إلى فوقية المكان والارتفاع على الأمكنة بالـمسافة والإشراف عليها بالـمماسة لشىء منها " .
(34)- وقال الشيخ الإمام أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التميمي البغدادي الإسفراييني (429 هـ) ما نصه [الفرق بين الفرق (ص/333) ] : " وأجمعوا – أي أهل السنة – على أنه –أي الله- لا يحويه مكانٌ ولا يجري عليه زمانٌ " .
(35)- وقال الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي (458 هـ) ما نصه [الأسماء والصفات (ص/400) ] : " واستدل بعض أصحابنا في نفي الـمكان عنه بقول النبيِّ صل الله عليه و سلم : (( أنت الظاهر فليس فوقك شىء ، وأنت الباطن فليس دونك شىء ))، وإذا لـم يكن فوقه شىء ولا دونه شىء لـم يكن في مكان " .
(36)- وقال الفقيه الـمتكلـم أبوالـمظفر الإسفرايِـيني الأشعري (471 هـ) مانصه [التبصير في الدين (ص/161) ] : " الباب الخامس عشر في بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة : وأن تَعلـم أن كل ما دل على حدوث شىءٍ من الحد ، والنهاية ، والـمكان ، والجهة ، والسكون ، والحركة ، فهو مستحيل عليه سبحانه وتعالى ، لأن ما لا يكون محدَثاً لا يجوز عليه ما هو دليل على الحدوث " .
(37)- وقال الفقيه الإمام الشيخ أبو إسحاق الشيرازي الشافعي الأشعري (476 هـ) في عقيدته ما نصه [أنظر عقيدة الشيرازي في مقدمة كتابه شرح اللـمع (1/101) ] : " وإن استواءه ليس باستقرارٍ ولا ملاصقةٍ لأن الاستقرار والـملاصقة صفة الأجسام الـمخلوقة ، والرب عز وجل قديمٌ أزليٌّ ، فدل على أنه كان ولا مكان ثم خلق الـمكان وهو على ما عليه كان " .
(38)- وقال إمام الحرمين أبو الـمعالي عبد الـملك بن عبد الله الجويني الأشعري (478 هـ) ما نصه [الإرشاد إلى قواطع الأدلة (ص/53)] : " البارىء سبحانه وتعالى قائمٌ بنفسه [- اعلـم أن معنى قيامه بنفسه هو استغناؤه عن كل ما سواه ، فلا يحتاج إلى مخصص له بالوجود ، لأنَّ الاحتياج الى الغير ينافي قدمه ، وقد ثبت وجوب قِدَمه وبقائه ] ، متعال عن الافتقار إلى محلٍّ يحله أو مكانٍ يُقله " .
(39)- وقال أيضا ما نصه [الإرشاد (ص/58)] : " مذهب أهل الحق قاطبةً أن الله سبحانه وتعالى يتعالى عن التحيّز والتخصص بالجهات " .
(40)- وقال الشيخ أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الأشعري (505هـ) ما نصه [إحياء علوم الدين : كتاب قواعد العقائد ، الفصل الأول (1/108) ] : " تعالى - أي الله – عن أن يحويه مكان ، كما تقدس عن أن يحده زمان ، بل كان قبل أن خلق الزمان والـمكان وهو الآن على ما عليه كان " .
(41)- وقال أيضاً في كتابه " إحياء علوم الدين " ما نصه [إحياء علوم الدين : كتاب قواعد العقائد ، الفصل الثالث ، الأصل السابع (1/ 128) ] : " الأصل السابع : العلـم بأنَّ الله تعالى منـزه الذات عن الاختصاص بالجهات ، فإنَّ الجهة إما فوق وإما أسفل وإما يمين وإما شمال أو قدَّام أو خلف ، وهذه الجهات هو الذي خلقها " .
(42)- وقال لسان الـمتكلـمين الشيخ أبو الـمعين ميمون بن محمد النسفي (508هـ) ما نصه[تبصرة الأدلة (1/171 و182 ) ] : " القول بالـمكان – أي في حق الله – منافيٌ للتوحيد " .
(43)- وقال أبو الوفاء علي بن عقيل البغدادي شيخ الحنابلة في زمانه (513 هـ ) ما نصه [الباز الأشهب : الحديث الحادي عشر (ص/ 86) ] : " تعالى الله أن يكون له صفة تشغل الأمكنة ، لأنّ هذا عين التجسيم ، وليس الحق بذي أجزاء وأبعاض يعَالج بِها " .
(44)- وقال القاضي الشيخ أبو الوليد محمد بن أحمد قاضي الجماعة بقُرطُبَة الـمعروف بابن رُشْد الجَدّ الـمالكي (520 هـ) ما نصه : " ليس – الله – في مكان ، فقد كان قبل أن يَخْلُقَ الـمكان " . ذكره ابن الحاج الـمالكي في كتابه الـمدخل " [الـمدخل : فصل في الاشتغال بالعلـم يوم الجمعة ( 2/ 149) ].
(45)- وقال ابن رُشْد أيضا [الـمدخل : نصائح الـمريد ( 3/ 181 ) ] : " فلا يقال أين ولا كيف ولا متى لأنه خالق الزمان والـمكان " .
(46)- وقال أيضاً ما نصه [الـمدخل : فصل في الاشتغال بالعلـم يوم الجمعة ( 2/ 149) ] : "وإضافته – أي العرش – إلى الله تعالى إنَّما هو بمعنى التشريف له كما يقال : بيتُ الله وحرمه ، لا أنه محلٌّ له وموضع لاستقراره " .
وذكر ذلك أيضا الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه "فتح الباري" [فتح الباري ( 7/124 ) ] موافقًا له ومقرًّا لكلامه .
(47)- وقال الـمحدّث أبو حفص نجم الدين عمر بن محمد النسفي الحنفي (537هـ) صاحب العقيدة الـمشهورة بـ" العقيدة النسفية " ما نصه [العقيدة النسفية ( ضمن مجموع مهمات الـمتون ) ( ص/28) ] : "والـمحْدِثُ للعالـم هو الله تعالى ، لا يوصف بالـماهيَّة ولا بالكيفية ولا يَتمكَّن في مكان " .
(48)- وقال أيضا ما نصه [الـمصدر السابق (ص/29) ] : " وقد ورد الدَّلِيلُ السمعيُّ بإيجاب رؤية الـمؤمنين اللهَ تعالى في دار الآخرة ، فَيُرَى لا في مكان ، ولا على جهة من مقابلة أو اتصال شُعاعٍ أو ثبوتِ مَسافةٍ بين الرائي وبين الله تعالى " .
(49)- وقال الشيخ إمام الصوفية العارف بالله السيد أحمد الرفاعي الأشعري (578 هـ) ما نصه [البرهان الـمؤيد (ص/17 و18) ] : " وطهِّروا عقائدكم من تفسير معنى الاستواء في حقه تعالى بالاستقرار ، كاستواء الأجسام على الأجسام الـمستلزم للحلول ، تعالى الله عن ذلك . وإياكم والقول بالفوقية والسُّفْلية والـمكان واليد والعين بالجارحة ، والنـزول بالإتيان والانتقال ، فإن كل ما جاء في الكتاب والسنة مِمَّا يدل ظاهره على ما ذُكر فقد جاء في الكتاب والسنة مثله مما يؤيد الـمقصود " .
(50)ـ وقال أيضاً ما نصه [أنظر كتاب حكم الشيخ أحمد الرفاعي الكبير (ص/35 – 36) ] : " غاية الـمعرفةِ بالله الإيقانُ بوجوده تعالى بلا كيفٍ ولامكانٍ " .
(51)ـ وقال أيضاً ما نصه [إجابة الداعي إلى بيان اعتقاد الإمام الرفاعي (ص/44) ] : " وأنه ـ أي الله ـ لا يَحلّ في شىء ولا يَحلّ فيه شىء ، تعالى عن أن يحويه مكان ، كما تقدَّس عن أن يَحُدَّه زمان ، بل كان قبلَ خلق الزمان والـمكان ، وهو الآن على ما عليه كان " .
(52)ـ وقال أيضاً ما نصه [الـمرجع السابق ( ص/43 ) ] : " لا يَحُدُّه ـ تعالى ـ الـمقدار، ولا تحويه الأقطار ، ولا تحيط به الجهات ، ولا تكتنفه السموات ، وأنه مستوٍ على العرش على الوجه الذي قاله وبالـمعنى الذي أراده ، استواءً منـزَّهاً عن الـمماسة والاستقرار والتمكن والتحول والانتقال ، لا يحمله العرش ، بل العرش وحملَتُهُ محمولون بلطف قدرته ، ومقهورون في قبضته ، وهو فوق العرش ، وفوق كل شىء إلى تـخوم الثرى ، فوقية لا تزيده قرباً إلى العرش والسماء بل هو رفيع الدرجات عن العرش كما أنه رفيع الدرجات عن الثرى " .
(53)ـ وكذا كان على هذا الـمعتقد السلطان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله (589هـ)، وقد كان له اعتناء خاص بنشر عقيدة الإمام الأشعري رحمه الله فقد قال السيوطي ما نصه [الوسائل إلى مسامرة الأوائل (ص/15 ) ] : "فلـما وَليَ صلاح الدين بن أيوب أمر الـمؤذنين في وقت التسبيح أن يعلنوا بذكر العقيدة الأشعرية ، فوظف الـمؤذنين على ذكرها كل ليلة إلى وقتنا هذا " أي إلى وقت السيوطي الـمتوفى سنة (911هـ) .
ولـما كان للسلطان صلاح الدين الأيوبي هذا الاهتمام بعقيدة الأشعري ألف الشيخ الفقيه النحوي محمد بن هبة الله رسالة في العقيدة وأسماها " حدائق الفصول وجواهر الأصول " وأهداها للسلطان فأقبل عليها وأمر بتعليمها حتى للصبيان في الـمكاتب ، وصارت تسمى فيما بعد " بالعقيدة الصلاحية " . ومما جاء في هذه الرسالة [أنظر حدائق الفصول ( ص/10)] :
وَ صَانِـعُ العَالـم لاَ يَحْوِيـهِ
قُطْـرٌ تَعَالَى الله عَـن تَشْبِيهِ
قَدْ كَانَ مَوْجُوداً وَلاَمَكَاناَ
وَحُكْمُـهُ الآنَ عَلَى مَا كَانَـا
سُبْحَانَهُ جَلَّ عَن الـمكَـانِ
وَعَـزَّ عَن تَغَيُّـرِ الزَّمَــانِ
فَقَدْ غَلا وَزَادَ في الغُلُـوِّ
مَـنْ خَصَّـهُ بِجَهَـةِ العُلُـوِّ
وَحَصَرَ الصَّانِعَ في السَّمَاءِ
مُبْدِعَهَا وَالعَرْشُ فَـوْقَ المـاءِ
وَأَثْبَتُوا لِذَاتِهِ التَّحَيُّــزَا
قَد ضَلَّ ذُو التَّشْبِيهِ فِيمَا جَوَّزا
(54)- قال الإمام الحافظ الـمفسّر عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي الحنبلي (597 هـ) ما نصه [دفع شبه التشبيه ( ص/58) ] : " الواجب علينا أن نعتقد أن ذات الله تعالى لا يحويه مكان ولا يوصف بالتغـيّر والانتقال " .
(55) _ وقال أيضاً [-صيد الخاطر ( ص/ 476 )] : " فترى أقواماً يسمعون أخبار الصفات فيحملونَها على ما يقتضيه الحس ، كقول قائلهم : ينـزل بذاته إلى السماء ويتنقل ، وهذا فهم ردىء ، لأن الـمتنقـل يكون من مكان إلى مكان ، ويوجب ذلك كون الـمكان أكبر منه ، ويلزم منه الحركة ، وكل ذلك محال على الحق عزَّ وجلَّ " .
و ابن الجوزي من أساطين الحنابلة وصاحب كتاب " دفع شبه التشبيه " الذي رد فيه على الـمجسمة الذين ينسبون أنفسهم إلى مذهب الإمام أحمد والإمام أحمد بريء مما يعتقدون . وقد بيَّنَ ابن الجوزي في هذا الكتاب أن عقيدة السلف وعقيدة الإمام أحمد تنـزيه الله عن الجهة والـمكان والحد والجسمية والقيام والجلوس والاستقرار وغيرها من صفات الحوادث والأجسام . واعلـم أنه لـم يصحَّ عن عالـم من علـماء السلف نسبة القول بالجلوس ، بل عقيدة السلف كما قال الإمام الحافظ الفقيه أبو جعفر الطحاوي (توفي سنة 321 هـ) وهو أحد أئمة السلف : " ومن وصف الله بمعنىً من معاني البشر فقد كفر، فمن أبصر هذا اعتبر ، وعن مثل قول الكفار انزجر، وعلـم أنه بصفاته ليس كالبشر " .
فتمسك أخي الـمسلـم بعقيدة أهل السنة ولا تلتفت إلى ما يقوله أهل البدع .
(56) _ ومما قاله في هذا الكتاب [الباز الأشهب ( ص/57 ) ] : " كل من هو في جهة يكون مقدَّراً محدوداً وهو يتعالى عن ذلك ، وإنما الجهات للجواهر والأجسام لأنَّها أجرامٌ تحتاج إلى جهةٍ ، وإذا ثبت بطلان الجهة ثبت بطلان الـمكان " .
(57)_ وقال أيضاً ما نصه [الـمصدر السابق ( ص/59 ) ] : " فإن قيل : نفي الجهات يحيل وجوده، قلنا : إن كان الـموجود يقبل الاتصال والانفصال فقد صدقتَ ، فأما إذا لـم يقبلهما فليس خُلوه من طرق النقيض بمحال " .
(58) _ وقال الـمبارك بن محمد الـمعروف بابن الأثير (606هـ) ما نصه [النهاية في غريب الحديث ( مادة ق رب ، 4/32 ) ] : "الـمرادُ بقرب العبد من الله تعالى القُربُ بالذِّكْر والعملِ الصالح ، لا قربَ الذات والـمكان لأن ذلك من صفات الأجسام ، والله يتعالى عن ذلك ويتقدس " .
(59) _ وقال المفسّر فخر الدين الرازي (606 هـ) ما نصه [تفسير الرازي الـمسمى بالتفسير الكبير ( سورة الـملك / ءاية 16-30/69 )] : " واعلـم أن المشبِّهة احتجوا على إثبات الـمكان لله تعالى بقوله { ءأَمِنتُم مَّن فيِ السَّمَاءِ } سورة الـملك/ 16 [، أي أن اعتقاد أن الله في مكان فوق العرش أو غير ذلك من الأماكن هو اعتقاد الـمشبِّهة الذين قاسوا الخالق على الـمخلوق وهو قياسٌ فاسدٌ منشؤه الجهل واتباع الوهم " .
(60) _ وقال أيضًا [الـمصدر السابق ( سورة الشورى / ءاية 4- 27/144)] : " قوله تعالى { وَهُوَ العَلِيُّ العَظِيمُ } لا يجوز أن يكون الـمراد بكونه عليًّا العلو في الجهة والـمكان لـما ثبتت الدلالة على فساده ، ولا يجوز أن يكون الـمراد من العظيم العظمةَ بالجثةَ وكبرَ الجسم ، لأن ذلك يقتضي كونه مؤلَّفًا من الأجزاء والأبعاض ، وذلك ضد قوله : { قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } ]سورة الإخلاص/ 1 [، فوجب أن يكون الـمراد من العَلي الـمتعالي عن مشابَهة الـممكنات ومناسبة الـمحدَثات ، ومن العظيم العظمة بالقدرة والقهر بالاستعلاء وكمال الإلـهية " .
(61) _ وقال الشيخ أبو منصور فخر الدين عبد الرحمن بن محمد المعروف بابن عساكر (620 هـ) عن الله تعالى ما نصه [طبقات الشافعية ( 8/186 ) ] : " موجودٌ قبل الخَلْق ، ليس له قَبْلٌ ولا بَعْدٌ ، ولافوقٌ ولا تحتٌ ، ولا يمينٌ ولا شمالٌ ، ولا أمامٌ ولا خَلْفٌ ، ولا كُلّ ولا بعضٌ ، ولا يقال متى كان ، ولا أين كان ولا كيف ، كان ولا مكان ، كوَّن الأكوان ، ودبَّر الزمان ، ولا يتقيد بالزمان ، ولا يتخصص بالـمكان " .
(62) _ وقال الشيخ عبد العزيز بن عبد السلام الأشعري الـملقب بسلطان العلـماء (660 هـ) ما نصه [طبقات الشافعية الكبرى : ترجمة عبد العزيز بن عبد السلام (8/219) ] : " ليس _ أي الله _ بجسم مصوَّر ، ولا جوهرٍ محدودٍ مقدَّرٍ ، ولا يُشبه شيئاً، ولا يُشبهه شىءٌ ، ولا تحيط به الجهات ، ولا تكتنفه الأرضون ولا السموات ، كان قبل أن كوَّن الـمكان ودبَّر الزمان ، وهو الآن على ما عليه كان " .
(63) _ وقال الـمفسّر محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي الـمالكي (671هـ) ما نصه [الجامع لأحكام القرءان سورة البقرة ، ءاية / 255 (3/278) ] : " و( العليّ ) يُراد به علو القدر والـمنـزلة لا علو الـمكان ، لأنَّ الله منـزه عن التحيز " .
(64) _ وقال أيضًا [الـمصدر السابق سورة الأنعام ، ءاية / 18 (6/399)] : " ومعنى { فَوقَ عِباَدِهِ } [سورة الأنعام / 18] فوقية الاستعلاء بالقهر والغلبة عليهم ، أي هم تحت تسخيره لا فوقية مكان " .
(65)- وقال أيضًا [الـمصدر السابق سورة الأنعام ، ءاية / 3 (6/ 390) ] : " والقاعدة تنـزيهه – سبحانه وتعالى – عن الحركة والانتقال وشغل الأمكنة " .
(66) _ وقال أيضًا [الـمصدر السابق سورة الفجر ، ءاية / 22 (20/55) ] في تفسيره ءاية { وَجَاءَ رَبُّكَ وَالـملَكُ صَفًّا صفًّا } [سورة الأنعام / 22] ما نصه : " والله جل ثناؤه لا يوصف بالتحول من مكانٍ إلى مكانٍ ، وأنَّى له التحول والانتقال ولا مكان له ولا أوان ، ولا يجري عليه وقتٌ ولا زمان ، لأن في جريان الوقت على الشىء فوت الأوقات ، ومن فاته شىء فهو عاجز " .
(67) _ وقال أيضًا عند تفسيرقوله تعالى : { ءَأَمِنتم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَّخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ } [سورة الـملك / 16] ما نصه [الـمصدر السابق سورة الـملك ، ءاية / 16 (18/216)] : " والـمراد بِها توقيره [مراده : تعظيمه ] وتنـزيهه عن السفل والتحت ، ووصفه بالعلوِّ والعظمة لا بالأماكن والجهات والحدود لأنَّها صفات الأجسام . وإنَّما ترفع الأيدي بالدعاء إلى السماء لأنَّ السَّماء مهبط الوحي ومنـزل القطر ومحل القُدس (أي الطهر) ومعدن الـمطهَّرين من الـملائكة ، وإليها ترفع أعمال العباد ، وفوقها عرشه وجنته ، كما جعل الله الكعبة قِبلةً للدعاء والصلاة ، ولأنه خلق الأمكنة وهو غير محتاج إليها ، وكان في أزله قبل خلق الـمكان والزمان ولامكان له ولازمان ، وهو الآن على ما عليه كان " .
(68) _ قال الشيخ عبد الغنيّ النابلسيّ رحمه الله (1143 هـ) ما نصه : " من اعتقد أنّ اللهَ ملأ السمواتِ والأرضَ أو أنّه جسمٌ قاعدٌ فوقَ العرشِ فهو كافرٌ وإن زعم أنّه مسلم " .
(69) _ وقال الحافظ أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي الأشعري (676 هـ) ما نصه [شرح صحيح مسلـم (3/19) ] : " إن الله تعالى ليس كمثله شىء ، وإنه منـزه عن التجسيم والانتقال والتحيز في جهة وعن سائر صفات الـمخلوق " .
(70) _ وقال العلاَّمة الأصولي الشيخ أحمد بن إدريس القَرَافي الـمالكي الـمصري أحد فقهاء الـمالكية (684 هـ) مانصه [الأجوبة الفاخرة (ص/93)] : " وهو – أي الله - ليس في جهةٍ ، ونراه نحن وهو ليس في جهة " .
(71) _ وقال المفسّر عبد الله بن أحمد النسفي (710 هـ ، وقيل 701هـ) ما نصه [تفسير النسفي سورة طه /ءاية 5 (مجلد2،2/48) ] : " إنه تعالى كان ولا مكان فهو على ماكان قبل خلق الـمكان ، لـم يتغير عما كان " .
(72) _ وقال القاضي الشيخ بدر الدين محمد بن إبراهيم الـمعروف بابن جَماعة الشافعي الأشعري (733هـ) ما نصه [إيضاح الدليل (ص/103-104) ] : " كان الله ولا زمان ولا مكان ، وهو الآن على ما عليه كان " .
(73)- وقال الـمفسّر علي بن محمد الـمعروف بالخازن (741هـ) [تفسير الخازن (2/238)] إن الشيخ فخر الدين الرازي ذكر الدلائل العقلية والسمعية على أنه لا يمكن حمل قوله تعالى : { ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى العَرْشِ } على الجلوس والاستقرار وشغل الـمكان والحيّز .
(74) _ وقال الـمفسِّر الـمقرىء النحوي محمد بن يوسف الـمعروف بأبي حيان الأندلسي (745هـ) عند تفسير قوله تعالى : { وَلَهُ مَن فِي السَّمَـوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ } ما نصه [ البحر الـمحيط سورة الأنبياء / ءاية 19 (6/302)] : "وعند هنا لا يراد بِها ظرف الـمكان لأنه تعالى منـزه عن الـمكان ، بل الـمعنى شرف الـمكانة وعلو الـمنـزلة " .
(75) _ وقال أيضا [البحر الـمحيط : (سورة الـملك/ءاية 16 –8/ 302] : " قام البرهان العـقلي على أنه تعالى ليس بمتحـيز في جهـة " .
(76)- وقال أيضا ما نصه [البحر الـمحيط : ( سورة فاطر / ءاية 10 – جزء 7/ ص 303)] : " إنـه تعـالى ليـس فـي جـهـة " .
(77) _ وكان العلاَّمة الحافظ الفقيه الـمجتهد الأصولي الشيخ تقي الدين علي ابن عبد الكافي السبكي الشافعي الأشعري (756هـ) ينـزه الله عن الـمكان وردَّ على الـمجسمة الذين ينسبون الـمكان والجهة لله تعالى .
ذكر ذلك في رسالته " السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل : قال السبكي ما نصه [السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل : (ص/ 105) ] : " ونحن نقطع أيضاً بإجماعهم – أي رسل الله وأنبيائه – (على التنـزيه) ، أما يَستحي من ينقل (كذباً) إجماع الرسل على إثبات الجهة والفوقية الحسية لله تعالى ، وعلـماء الشريعة ينكرونَها . أما تخاف منهم أن يقولوا له إنك كذبتَ على الرسل " .
(78) _ و قال الشيخ محمد بن يوسف الـمعروف بالكرماني البغدادي (786هـ) وهو أحد شرَّاح صحيح البخاري ما نصه : " قوله "في السماء" ظاهره غير مراد، إذ الله منـزه عن الحلول في الـمكان " ، نقله عنه الحافظ ابن حجر [فتح الباري (13/412)].
(79) _ وقد ذكر الفقيه الشيخ تقي الدين الحصني الدمشقي (829 هـ) أن الله منـزه عن الجهة والـمكان في أكثر من موضع في كتابه دفع شُبَه من شَبَّه وتمرد ونسب ذلك إلى السيد الجليل الإمام أحمد ، ورد على القائلين بذلك .
(80) _ وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني الأشعري (852 هـ) ما نصه [فتح الباري (6/136) ] : " ولا يلزم من كون جهتي العلو والسفل مُحالاً على الله أن لا يوصف بالعلو ، لأن وصفه بالعلو من جهة الـمعنى ، والـمستحيل كون ذلك من جهة الحس، ولذلك ورد في صفته العالي والعلي والـمتعالي ، ولـم يرد ضد ذلك وإن كان قد أحاط بكل شىءٍ علـماً " .
(81) _ وقال أيضًا [فتح الباري (7/124) ] : " فمعتقد سلف الأئمة وعلـماء السنة من الخلف أن الله منـزه عن الحركة والتحول والحلول ، ليس كمثله شىء " .
(82) _ وقال أيضًا ما نصه [عُمدة القاري ( مجلد 12/25/117) ] : " تَقرَّر أن الله ليس بجسم ، فلا يحتاج إلى مكان يستقر فيه ، فقد كان ولا مكان " .
(83) _ وقال الشيخ أبو عبد الله محمد بن يوسف السنوسي عند ذكر ما يستحيل في حقه تعالى (895 هـ) ما نصه [أم البراهين في العقائد ( متن السنوسية ) ، الـمطبوع ضمن مجموع مهمات الـمتون (ص/4 ) .] : " والـمماثلة للحوادث بأن يكونَ جِرمًا أي يأخُذُ ذاتُه العلي قدرًا من الفراغ ، أو أن يكون عَرَضًا يقوم بالجِرم ، أو يكونَ في جهةٍ للجِرم ، أو له هو جهةٌ ، أو يتقيد بـمكانٍ أو زمان " .
(84) _ قال الشيخ محمد بن منصور الهدهدي الـمصري شارحًا لكلام السنوسي ما نصه [شرح الهدهدي على أم البراهين (ص/88)] : " وكذا يستحيل عليه ما يستلزم مماثلته للحوادث بأن يكون في جهة للجِرم بأن يكون فوق الجِرم أو تحت الجِرم أو يمين الجِرم أو شمال الجِرم أو أمامه أو خلفه ، لأنه لو كان في جهات الجِرم لَزِمَ أن يكون متحيزًا ، وكذا يستحيل عليه أن يكون له جهةٌ لأن الجهة من لوازم الجِرم " .
(85) _ وقال الحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي (902هـ) ما نصه [الـمقاصد الحسنة ( رقم 886 ، ص/342)] : " قال شيخنا – يعني الحافظ ابن حجر _ : إنَّ علـم الله يشمل جميع الأقطار ، والله سبحانه وتعالى منـزه عن الحلول في الأماكن ، فإنه سبحانه وتعالى كان قبل أن تحدث الأماكن " .
(86) _ وقال الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الشافعي الأشعري (911هـ) عند شرح حديث : (( أقرب ما يكون العبد من ربِّه وهو ساجد )) ما نصه [شرح السيوطي لسنن النسائي ( 1 /576 ) ] : " قال القرطبي : هذا أقرب بالرتبة والكرامة لا بالـمسافة ، لأنه منـزه عن الـمكان والـمساحة والزمان . وقال البدر بن الصاحب في تذكرته : في الحديث إشارةٌ إلى نفي الجهة عن الله تعالى " .
(87) _ وقال الشيخ أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد القسطلاَّني الـمصري (923 هـ) في شرحه على صحيح البخاري ما نصه [إرشاد الساري (15 /451 ) ] : " ذات الله منـزَّهٌ عن الـمكان والجهة " .
(88) _ وقال أيضًا ما نصه [إرشاد الساري (15 /462 ) ] : " قول الله تعال { وُجُوهٌ } هي وجوه المؤمنين { يَومَئذٍ } يوم القيامة { نَاضِرَةٌ } حسنة ناعمة { إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } بلا كيفية ولا جهة ولا ثبوت مسافة " .
(89) _ وقال الشيخ القاضي زكريا الأنصاري الشافعي الأشعري (926 هـ) في شرحه على " الرسالة القشيرية " ما نصه [حاشية الرسالة القشيرية (ص/2 ) ] : " إنَّ الله ليس بجسمٍ ولا عَرَضٍ ولا في مكانٍ ولا زمان " .
(90) _ وقال أيضا عن الله ما نصه [حاشية الرسالة القشيرية ( ص/ 5 ) ] : " لا مكان له كما لا زمان له لأنه الخالق لكل مكان وزمان " .
(91) _ وقال الشيخ مُلاَّ علي القاري الحنفي (1014هـ) ما نصه [- شرح الفقه الأكبر : بعد أن انتهى من شرح رسائل الإمام أبي حنيفة (ص / 196 – 197 ) ] : "وأما علوّه تعالى على خلقه الـمُستفاد من نحو قوله تعالى { وهُوَ القاهرُ فَوْقَ عِبَادِهِ } [سورة الأنعام / 18] فعلوّ مكانة ومَرتبةٍ لا علوّ مكانٍ كما هو مُقرَّرٌ عند أهل السنة والجماعة " .
(92) _ وقال الشيخ محمد بن عبد الباقي الزُّرقاني الـمالكي (1122هـ) في شرحه على موطإ الإمام مالك ما نصه [شرح الزرقاني على موطإ الإمام مالك (2/36) ] : " وقال البيضاوي : لـما ثبت بالقواطع أنه سبحانه منـزه عن الجسمية والتحيز امتنع عليه النـزول على معنى الانتقال من موضعٍ إلى موضعٍ أخفض منه " .
(93) _ قال الصوفي الزاهد العارف بالله الشيخ عبد الغني النابلسي الدمشقي الحنفي (1143هـ) ما نصه [رائحة الجنة شرح إضاءة الدُّجنة (ص/48-49)] : "فيتنـزه سبحانه وتعالى عن جميع الأمكنة العلوية والسفلية وما بينهما " .
(94) _ وقال الشيخ العلامة أبو البركات أحمد بن محمد الدردير الـمالكي الـمصري (1201هـ) عن الله تعالى ما نصه [الخريدة البهية (ضمن مجموع مهمات الـمتون ) (رقم البيت 31/ص25)] : " مُنَـزَّهٌ عن الحلول والجهة والاتصال والانفصال والسَّفه ".
(95) _ وقال الحافظ اللغوي الفقيه السيد محمد مرتضى الزبيدي الحنفي (1205هـ) ما نصه [إتحاف السادة الـمتقين (2/24)] : " إنَّهُ سُبْحَانَهُ لاَ مَكَانَ له ولا جهة " .
(96) _ وقال أيضا ما نصّه [ الـمصدر السابق (2/25)] : " إنه تعالى مقدَّس مُنَـزَّهٌ عن التغـيّر من حالٍ إلى حالٍ والانتقال من مكانٍ إلى مكانٍ ، وكذا الاتصال والانفصال فإن كلاًّ من ذلك من صفات الـمخلوقين " .
(97) _ وقال أيضا [ الـمصدر السابق (2/25)] : "تقدس- أي الله – عن أن يَحويه مكان فيشار إليه أو تضمه جهة".
(98) _ وقال أيضا ما نصه [الـمصدر السابق (2/103) ] : " ذات الله ليس في جهة من الجهات الست ولا في مكانٍ من الأمكنة " .
(99)- وقال الشيخ العلامة الـمحدث الفقيه أبو الـمحاسن محمد القاوقجي الطرابلسي الحنفي (1305هـ) ما نصه [أنظر كتابه الاعتماد في الاعتقاد (ص/ 2)] : " فهذه عقيدةٌ في التوحيد خالصةٌ من الحشْوِِ والتعقيد ، يحتاج إليها كل مريد ، نفع الله بِها جميع العباد ، ءامين " .
(100) _ ثم قال [الـمصدر السابق (ص/5) ] : " فإذا قال لك : أين الله ؟ فقل : مع كل أحد بعلـمه – لا بذاته - وفوق كل أحدٍ بقدرته ، وظَاهِرٌ بكل شىءٍ بآثار صفاته ، وباطنٌ بحقيقة ذاته – أي لا يمكن تصويره في النفس- ، منـزه عن الجهة والجسمية . فلا يقال : له يمينٌ ولا شمالٌ ولا خلفٌ ولا أمامٌ ، ولا فوقَ العرش ولا تحته ، ولا عن يمينه ولا عن شماله ، ولا داخلٌ في العالـم ولا خارجٌ عنه ، ولا يقال : لا يَعْلَـمُ مكانه إلا هو . ومن قال : لا أعرف الله في السماء هو أم في الأرض كفر – لأنه جعل أحدهما له مكاناً-. فإذا قال لك : ما دليلك على ذلك ؟ فقل : لأنه لو كان له جهةٌ أو هو في جهةٍ لكان متحيزًا ، وكل متحيز حادثٌ ، والحدوث عليه محال " .
(101) _ وقال في كتابه سفينة النجاة ما نصه [سفينة النجاة في معرفة الله وأحكام الصلاة (ص/7) ] : " ويستحيل عليه الـمماثلة للحوادث بأن يكون ذاته كالذوات يأخذ مقداراً من الفراغ ، أو يتصف بالأعراض كالبياض ، أو يكون في جهةٍ كالفوق والتحت واليمين والشمال والخلف والأمام ، أو يكون جهةً كالأعلى والأسفل ، أو يحلّ بمكانٍ أو يُقيّد بزمان " .
(102) _ وقال مفتي ولاية بيروت الشيخ عبد الباسط الفاخوري (1323هـ) عن الله ما نصه [الكفاية لذوي العناية ( ص/ 13 ) ] : " ليس بـجِرْمٍ يأخذ قدراً من الفراغ ، فلا مكان له ، وليس بعَرَضٍ يقوم بالجِرم ، وليس في جهةٍ من الجهات ، ولا يُوصف بالكِبَر ولا بالصِغَر ، وكل ما قام ببالك فالله بخلاف ذلك " .
(103) _ وقال الشيخ محمد حسنين مخلوف مفتي الديار الـمصرية (1355هـ ) ما نصه [مختصر شرح عقيدة أهل الإسلام ( ص/12 – 13 ) ] : " إن الله منـزهٌ عن جميع النقائص ، وسمات الحدوث ، ومنها الزمان والـمكان ، فلا يُقارنه زمانٌ ولا يحويه مكانٌ إذ هو الخالق لهما فكيف يحتاج إليهما " .
(104) _ وقال أيضاً [الـمصدر السابق (ص/27 ) ] : " فَيُرَى سبحانه لا في مكانٍ ولا جهةٍ ولا باتصال شعاعٍ ولا ثبوت مسافةٍ بين الرائيين وبينه تعالى بل على الوجه الذي يليق بقدسيته وجلاله سبحانه " .
(105) _ وقال الشيخ يوسف الدَّجوي الـمصري (1365هـ) في مجلة الأزهر التي تصدرها مشيخة الأزهر بمصر في تفسير قول الله تبارك وتعالى : { سبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى } [سورة الأعلى / 1] ما نصه [مجلة الأزهر (تصدرها مشيخة الأزهر بمصر) ، الـمجلد التاسع ، الجزء الأول – الـمحرم سنة 1357 (ص/ 16 ) .] : " والأعلى صفة الرب ، والـمراد بالعلو العلو بالقهر والاقتدار ، لا بالـمكان والجهة ، لتنـزهه عن ذلك " .
(106) _ وقال أيضاً : " واعلـم أن السَّلَفَ قائلون باستحالة العلو الـمكاني عليه تعالى ، خلافاً لبعض الجهلة الذين يخبطون خبط عشواء في هذا الـمقام ، فإن السلف والخلف متفقان على التنـزيه " [الـمصدر السابق (ص/17) ]. فلا تغتر بعد ذلك بالذين يسمون أنفسهم السلفية ليوهموا الناس أنَّهم على عقيدة السلف ، والسلف بريء من عقيدة الـمشبِّهة الذين يقولون بالجلوس والاستقرار والـمكان والحركة والحد في حق الله ، والعياذ بالله من الكفر .
(107) _ وقال وكيل الـمشيخة الإسلامية في دار الخلافة العثمانية الشيخ محمد زاهد الكوثري الحنفي (1371هـ) ما نصه [مقالات الكوثري : مقال الإسراء والـمعراج (ص/ 452) ] : " وتنـزيه الله سبحانه عن الـمكان والـمكانيات والزمان والزمانيات هو عقيدة أهل الحق رغم اغتياظ الـمجسمة الصرحاء " .
(108) _ وقال أيضاً ما نصه [تكملة الرد على نونية ابن القيم (ص/ 102 ) ] : " قوله سبحانه { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ } [سورة الشورى / 11] نصٌّ في نفي الجهة عنه تعالى ، إذ لو لـم تنف عنه الجهة لكانت له أمثال لا تحصى ، تعالى الله عن ذلك .
(109) _ قال محدث الديار الـمغربية الشيخ عبد الله بن محمد الصديق الغماري (1413 هـ) ما نصه [قصص الأنبياء : ءادم عليه السلام : (ص/ 11)] : " كان الله ولـم يكن شىءٌ غيره فلـم يكن زمانٌ ولا مكان ولا قُطْرٌ ولا أوانٌ ، ولا عرشٌ ولا ملكٌ ، ولا كوكبٌ ولا فلكٌ ، ثم أوجد العالـم من غير احتياجٍ إليه ، ولو شاء ما أوجده . فهذا العالـم كله بما فيه من جواهر وأعراض حادثٌ عن عدم ، ليس فيه شائبة من قِدم ، حسبما اقتضته قضايا العقول ، وأيدته دلائل النقول ، أجمع عليه الـملِّيُّون قاطبةً إلاّ شُذاذاً من الفلاسفة قالوا بقدم العالـم ، وهم كفار بلا نزاع " .
(110) _ وقال أيضاً ما نصه [عقيدة أهل الإسلام (ص / 29 ) ] : " قال النيسابوري في تفسيره : أما قوله : { وَرَافِعُكَ إِلَىَّ } [سورة ءال عمران / 55] فالـمشبهة تمسكوا بمثله في إثبات الـمكان لله وأنه في السّماء ، لكن الدلائل القاطعة دلَّت على أنه متعالٍ عن الحيز والجهة ، فوجب حمل هذا الظاهر على التأويل بأن الـمراد : إلى محلِّ كرامتي " .
(111) _ وقال الشيخ حسين عبد الرحيم مكي الـمصري أحد مشايخ الأزهر في كتابه " توضيح العقيدة " ، وهو مقرر السنة الرابعة الإعدادية بالـمعاهد الأزهرية بمصر، ما نصه [توضيح العقيدة الـمفيد في علـم التوحيد لشرح الخريدة لسيدي أحمد الدردير (2/39 ) ، الطبعة الخامسة 1384 هـ - 1964 .] : " فنراه تعالى منـزَّهاً عن الجهة والـمقابلة وسائر التكيّفات ، كما أنَّا نؤمن ونعتقد أنه تعالى ليس في جهة ولا مقابلاً وليس جسماً " .
(112) _ وفي كتاب "العقيدة الإسلامية " الذي يدرّس في دولة الإمارات العربية ما نصه [العقيدة الإسلامية : التوحيد في الكتاب والسنة (1/167) ] : " وأنه تعالى لا يحل في شىء ولا يحل فيه شىء ، تقدس عن أن يحويه مكانٌ ، كما تنـزّه عن أن يحده زمانٌ ، بل كان قبل أن يخلق الزمان والـمكان وهو الآن على ما عليه كان " .
(113) _ وفيه أيضاً ما نصه [العقيدة الإسلامية : التوحيد في الكتاب والسنة (1/151) ] : " وإن عقيدة النجاة الـمنقِذة من أوحال الشرك وضلالات الفرق الزائفة هي اعتقاد رؤيته تعالى في الآخرة للـمؤمنين بِلا كيفٍ ولا تحديدٍ ولا جهةٍ ولا انحصار " .
(114) _ وجاء في مجلة دعوة الحق تصدرها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالـمملكة الـمغربية ما نصه [مجلة دعوة الحق : العددان 305 –306 ( ص/ 65 سنة 1415 هـ - 1994ر)] : " يتفق الجميع من علـماء سلف أهل السنة وخلفهم- وكذا العقلانيون من الـمتكلـمين – على أن ظاهر الاستواء على العرش بمعنى الجلوس على كرسي والتمكن عليه والتحيز فيه مستحيلٌ ، لأن الأدلة القطعية تُنَـزِّهُ الله تعالى عن أن يُشبهَ خلقه أو أن يحتاج إلى شىءٍ مخلوق ، سواء أكان مكاناً يحل فيه أو غيره ، وكذلك لأنه سبحانه نفى عن نفسه الـمماثلة لخلقه في أي شىء فأثبت لذاته الغِنى الـمطلق فقال تعالى : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ } " .
(115) _ وجاء في مجلة الأزهر وهي مجلة دينية علـمية خلقية تاريخية حكمية تصدرها مشيخة الأزهر بمصر، انتدب الأزهر الشريف بمصرلهؤلاء الـمنحرفين عن منهج أهل السنة وتصدر للرد على تلك الشرذِمة التي تسمي نفسها " الوهابية " الـمتسترين تحت اسم " السلفية " تارة ، " وجماعة أنصار السنة " تارة أخرى ، فنشر أكثر من مقال [مجلة نور الإسلام = مجلة الأزهر : ( مجلد 2/ جزء4/ ص282 ربيع الثاني سنة 1350 هـ ) ، (ومجلد 2/ جزء 9/ ص/63 رمضان سنة 1350هـ) . ( مجلد 9/ جزء 1/ ص/16 ) الـمحرم سنة 1357هـ ) ] لإبطال مزاعمهم تحت عنوان " تنـزيه الله عن الـمكان والجهة " .
ومما جاء فيها : " والأعلى" صفة الرب ، والـمراد بالعلو العلو بالقهر والاقتدار لا بالـمكان والجهة ، لتنـزهه عن ذلك " .
وهذا الـمقال صدر عن مشيخة الأزهر منذ أكثر من ستين سنة مما يدل على حِرصه في التصدي والرد على شبهات الزائغين الـمنحرفين ولا سيما عند الخوف من تَزَلْزُلِ العقيدة حِفظاً من التشبيه ، فمن عابنا على عقيدة تنـزيه الله عن الجهة والـمكان والجسمية فهو عائب على الأزهر وعلى علـماء الأمة .
(116) _ وقاله الشيخ العلامة الفقيه الـمحدّث الشيخ عبد الله الهرري الـمعروف بالحبشي ما نصه : " وإثبات الـمكان لله يقتضي الجهة التي نفاها علـماء الإسلام عن الله تعالى سلفهم وخلفهم كما قال أبو جعفر الطحاوي في كتابه الـمسمى " العقيدة الطحاوية " والذي ذكر فيه أنه بيان عقيدة أهل السُنَّة والجماعة : " لا تحويه الجهاتُ الست كسائرالـمبتدعات " . فتبين أنّ نفي تحيّز الله في جهة هو عقيدة السلف ، لأنَّ الطحاوي من السلف وقد بيَّن أن هذا معتقد أبي حنيفة وصاحبيه الذين ماتوا في القرن الثاني خاصة ومعتقد أهل السُنَّة عامة " .
(117) _ وثبت عن الإمام مالك رضي الله عنه ما رواه البيهقي بإسناد جيد من طريق عبد الله بن وهب قال : كنا عند مالك فدخل رجل فقال : يا أبا عبد الله ، الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى كيف استوى ؟ فأطرق مالك فأخذته الرحضاء (أي كثرة العرق) ثمّ رفع رأسه فقال : الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى كما وصف نفسه ولا يقال كيف وكيف عنه مرفوع وما أراك إلاّ صاحب بدعة ، أخرجوه . فقول مالك : وكيف عنه مرفوع أي ليس استواؤه على عرشه كيفاً أي هيئةً كاستواء الـمخلوقين من جلوس ونحوه .
(118) _ وروى البيهقي من طريق يـحيى بن يـحيى أحد تلاميذ مالك رواية أخرى وهي قوله : " الاِسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُـول ( أَيْ مَعْلُومٌ وُرودهُ فِي القُرْءَانِ ) ، وَالكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُول ( أَيْ الكَيفُ مَرفُوع يعنى مستحيلٌ عليه ، أي أنّ الاستواء بمعنى الكيف أي الهيئة كالجلوس لا يعقل أي لا يقبله العقل لكونه من صفات الخلق لأنّ الجلوس لا يصحّ إلاّ من ذي أعضاء أي ألية وركبة وتعالى الله عن ذلك .) والسُؤالُ عَنهُ بِدعةٌ ، ومَا أَرَاكَ إِلاَّ مُبتَدِعًا . وَأمَرَ بِهِ أَنْ يُخرَجَ .
وأمّا رواية "والكيف مجهول" فهي غير صحيحة لـم تصح عن أحد من السلف ولـم تثبت عن مالك ولا غيره من الأئمة ، فالإمام مالك لـم يَقُل "والكَيفُ مَجهُول " .
(119) _ وثبت عن مالك التأويل في حديث النـزول أنّه قال : "نـزول رحمة لا نـزول نُقلة" ، وروي عنه كذلك في تأويل هذا الحديث : (( ينـزل ربّنا كلّ ليلة إلى السماء الدنيا فيقول هل من داعٍ فأستجيب له )) أي حديث النـزول ، أنّه على سبيل الاستعارة ومعناه الإقبال على الداعي بالإجابة واللطف الرحمة ، ليس على معنى الانتقال من مكان إلى ءاخر .
(120) _ وثبت أنّ مالكاً أوّل الأحاديث الـمتشابـهة التي يوهم ظاهرها التجسيم والحركة والانتقال والسكون ، ففي تأويل مالك لـهذه الأحاديث نقل البيهقي بإسناده عن الأوزاعي ومالك وسفيان والليث بن سعد أنّهم سئلوا عن هذه الأحاديث فقالوا : " أمرُّوها كما جاءت بلا كيفية " ذكره في كتابه الأسماء والصفات .


قال الله تعالى : { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ } . وقال رسول الله : (( طَلَبُ العِلْمِ فَرِيضَةٌ على كُلِّ مُسْلِمٍ )) .










قديم 2013-02-11, 15:01   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
السلفية الجزااائرية
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية السلفية الجزااائرية
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

النوع الثالث: توحيد الأسماء والصفات، وهو ((إفراد الله - سبحانه وتعالى- بما سمى الله به نفسه ، ووصف به نفسه في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك بإثبات ما أثبته من غير تحريف، ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل)) . فلا بد من الإيمان بما سمى الله به نفسه ووصف به نفسه على وجه الحقيقة لا المجاز، ولكن من غير تكييف، ولا تمثيل، وهذا النوع من أنواع التوحيد ضل فيه طوائف من هذه الأمة من أهل القبلة الذين ينتسبون للإسلام على أوجه شتى:
منهم من غلا في النفي والتنزيه غلواً يخرج به من الإسلام، ومنهم متوسط، ومنهم قريب من أهل السنة . ولكن طريقة السلف في هذا النوع من التوحيد هو أن يسمى الله ويوصف بما سمى ووصف به نفسه على وجه الحقيقة، لا تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل .
مثال ذلك: أن الله - سبحانه وتعالى- سمى نفسه بالحي القيوم فيجب علينا أن نؤمن بأن الحي اسم من أسماء الله تعالى ويجب علينا أن نؤمن بما تضمنه هذا الاسم من وصف وهي الحياة الكاملة التي لم تسبق بعدم ولا يلحقها فناء . وسمى الله نفسه بالسميع فعلينا أن نؤمن بالسميع اسماً من أسماء الله –سبحانه وتعالى- وبالسمع صفة من صفاته، وبأنه يسمع وهو الحكم الذي اقتضاه ذلك الاسم وتلك الصفة، فإن سميعاً بلا سمع، أو سمعاً بلا إدراك مسموع هذا شيء محال وعلى هذا فقس .
مثال آخر: قال الله تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ)(المائدة: الآية64). فهنا قال الله تعالى: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ)(المائدة: الآية64) فأثبت لنفسه يدين موصوفتين بالبسط، وهو العطاء الواسع، فيجب علينا أن نؤمن بأن لله تعالى يدين اثنتين مبسوطتين بالعطاء والنعم، ولكن يجب علينا أن لا نحاول بقلوبنا تصوراً، ولا بألسنتنا نطقاً أن نكيف تلك اليدين، ولا أن نمثلهما بأيدي المخلوقين، لأن الله –سبحانه وتعالى- يقول: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: الآية11) ويقول الله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ والإثم وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (الأعراف:33). ويقول عز وجل: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) (الإسراء:36). فمن مثل هاتين اليدين بأيدي المخلوقين فقد كذب قول الله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌُ).(الشورى: الآية11) وقد عصى الله تعالى في قوله: (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ)(النحل: الآية74) ومن كيفهما وقال هما على كيفية معينة أياً كانت هذه الكيفية، فقد قال على الله ما لا يعلم، وقفى ما ليس له به علم .
ونضرب مثالاً ثانياً في الصفات: وهو استواء الله على عرشه فإن الله تعالى أثبت لنفسه أنه استوى على العرش في سبعة مواضع من كتابه كلها بلفظ (استوى) وبلفظ (على العرش) وإذا رجعنا إلى الاستواء في اللغة العربية وجدناه إذا عدي بعلى لا يقتضي إلا الارتفاع والعلو، فيكون معنى قوله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) .(طـه:5) .وأمثالها من الآيات . أنه علا على عرشه علواً خاصاً، غير العلو العام على جميع الأكوان، وهذا العلو ثابت لله تعالى على وجه الحقيقة، فهو عالٍ على عرشه علواً يليق به –عز وجل- لا يشبه علو الإنسان على السرير، ولا علوه على الأنعام ،ولا علوه على الفلك الذي ذكره الله في قوله: (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ)(الزخرف: من الآية12) .(لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ) (الزخرف:13). (وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ) .(الزخرف:14) . فاستواء المخلوق على شيء لا يمكن أن يماثله استواء الله على عرشه؛ لأن الله ليس كمثله شيء .
وقد أخطأ خطأ عظيماً من قال إن معنى استوى على العرش استولى على العرش، لأن هذا تحريف للكلم عن مواضعه، ومخالف لما أجمع عليه الصحابة –رضوان الله عليهم- والتابعون لهم بإحسان، ومستلزم للوازم باطلة لا يمكن لمؤمن أن يتفوه بها بالنسبة لله –عز وجل- والقرآن الكريم نزل باللغة العربية بلا شك كما قال الله –سبحانه وتعالى-: (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الزخرف:3) ومقتضى صيغة ((استوى على كذا)) في اللغة العربية العلو والاستقرار، بل هو معناها المطابق للفظ . فمعنى استوى على العرش أي: علا عليه علواً خاصاً يليق بجلاله وعظمته، فإذا فسر الاستواء بالاستيلاء فقد حرف الكلم عن مواضعه، حيث نفى المعنى الذي تدل عليه لغة القرآن وهو العلو وأثبت معنى آخر باطلاً .
ثم إن السلف والتابعين لهم بإحسان مجمعون على هذا المعنى إذ لم يأت عنهم حرف واحد في تفسيره بخلاف ذلك، وإذا جاء اللفظ في القرآن والسنة ولم يرد عن السلف تفسيره بما يخالف ظاهره فالأصل أنهم أبقوه على ظاهره واعتقدوا ما يدل عليه .
فإن قال قائل: هل ورد لفظ صريح عن السلف بأنهم فسروا استوى بـ (علا)؟
قلنا: نعم ورد ذلك عن السلف، وعلى فرض أن لا يكون ورد عنهم صريحاً فإن الأصل فيما دل عليه اللفظ في القرآن الكريم والسنة النبوية أنه باقٍ على ما تقتضيه اللغة العربية من المعنى، فيكون إثبات السلف له على هذا المعنى .
أما اللوازم الباطلة التي تلزم من فسر الاستواء بالاستيلاء فهي:
أولاً: أن العرش قبل خلق السماوات والأرض ليس ملكاً لله –تعالى- لأن الله –تعالى- قال: (إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْش)(الأعراف: الآية54). وعلى هذا فلا يكون الله مستولياً على العرش قبل خلق السماوات ولا حين خلق السماوات والأرض .
ثانياً: أنه يصح التعبير بقولنا إن الله استوى على الأرض، واستوى على أي شيء من مخلوقاته، وهذا بلا شك ولا ريب معنى باطل لا يليق بالله –عز وجل- .
ثالثاً: أنه تحريف للكلم عن مواضعه .
رابعاً: أنه مخالف لإجماع السلف الصالح –رضوان الله عليهم- .
وخلاصة الكلام في هذا النوع –توحيد الأسماء والصفات- أنه يجب علينا أن نثبت لله ما أثبته لنفسه، أو أثبته له رسوله من الأسماء والصفات على وجه الحقيقة من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل .

{ابن عثيمين رحمه الله }










 

الكلمات الدلالية (Tags)
"تعريف, لفظيلة, الشيخ, العلامة, العقيدة", الفوزان, صالح

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 21:15

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc