حكم القباب على القبور، وشبهة القبة الخضراء - الصفحة 4 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

حكم القباب على القبور، وشبهة القبة الخضراء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-02-01, 00:19   رقم المشاركة : 46
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

فمن فضل الله عز وجل أن الحق هو الظاهر والمنتصر وما أن تظهر رؤوس أهل الباطل وتظن أنها سترتفع إلا تعلوها سيوف أهل الحق فتستأصلها من حيث نبتت قال صلى الله عليه وسلم (( لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لاَ يَضُرُّهُم مَنْ خَذَلَهُم وَلاَ مَنْ خَالَفَهُم حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى )) .

ولما قَامَ جندُ اللهِ من أهل السنة والجماعة لنصرةِ هذا الدين بإزالة هذا المنكر العظيم ولتصفوا عقيدة المسلمين ؛ بعثَ الشيطانُ حزبَهُ من الآفاكين المنتسبين للعلمِ والدينِ ليلبسواْ على عوام المسلمين بقولهم هذا ليس من الدين .
ونعقوا بأعلى أصواتهم وجلبوا بخيلهم ورَجْلهم وإذاعاتهم المرئية والمسموعة وخاضوا في هذه المسألة - إزالة معالم الشرك - حال قيام أهل الحق -أهل السنة والجماعة- بها، فحاولوا تشويه "عقيدتهم وأفعالهم" بكل ما يملكون ولكن الحق يعلو ولا يُعلى عليه .

قال الله تبارك وتعالى { بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ }

وقال الشاعر :

وَالْحَـقُّ مَنْصُـورٌ وَمُمْتَحَـنٌ *** فَـلاَ تَعْجَب فَهَذِي سُنَّـةُ الَّرحْمَـنِ

قال صلى الله عليه وسلم (( بَدَأَ الإِسْلاَمُ غَرِيباً وَسَيَعُودُ غَرِيباً كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاء ))
فيا لها من غربة يعيشها أهل السنة في بلادنا يدعون أهليهم إلى الجنة وأولئك يتهافتون في النار لأجل عصبيات جاهلية أو مصالح ومآرب مادية تدرها عليهم تلك الأضرحة والقباب .

وقد لمس أهل السنة في بلادنا صدق ما ذكره ابن القيم -رحمه الله- حين قال: (( أهل الإسلام في الناس غرباء، والمؤمنون في أهل الإسلام غرباء، وأهل العلم في المؤمنين غرباء، وأهل السنة الذين يميزونها من الأهواء والبدع هم غرباء، والداعون إليها الصابرون على أذى المخالفين هم أشد هؤلاء غربة ولكن هؤلاء هم أهل الله حقاً. فلا غربة عليهم وإنما غربتهم بين الأكثرين الذين قال الله عز وجل { وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله } فأولئك هم الغرباء من الله ورسوله وغربتهم هي الغربة الموحشة. ))
وأضع بين يديك - يا طالبَ الحقِّ؛ هذه الأوراق التي كتبتها لك فيها ما يبين الحق ويدحض الباطل ويكشف لك الأمر -بإذن الله-

وهي بعنـــــــــــــــــــوان :
ا
لعمل في هذا البحث على ما يلي ،،،

1-ذكر الأحاديث الواردة فيما يتعلق بالقبور .
2-ما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم .
3-أقوال الأئمة من المذاهب الأربعة في ذلك .
والتي بلغت ما يقارب ( 30 ) حديثا وأثرا عن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه وأتباعه في مسألة حكم البناء وعدم جوازه والأمر بالهدم ( 56 ) نقلا عن أئمة المذاهب الأربعة.

[تنبيـه]: نقلنا بعض الأقوال عن بعض أئمة المذاهب من باب قول الله { وشهد شاهدٌ من أهلها }

لتحميل هذا البحث نرجو منكم التفضل بالضغط على الرابط التالي









 


رد مع اقتباس
قديم 2013-02-01, 00:20   رقم المشاركة : 47
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أولا: عفى الله عنا وعنكم شكرا علي أدبكم وماتفضلت علينا إن كنت صغيرة فعلي إبن أبي طالب رضي الله عنه عرف الحق واتبعه وهواصغر مني كوني جعلتني بمثابة إبنتك أفلا يحق لي؟أن أذكركم مما أمر الله به ورسوله من واجب النصيحة للعامة والخاصة, قال تعالى " وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه".قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في بعض مسائله على باب "من تبرك بحجر أو شجرة ونحوهما" من كتاب التوحيد, : أن ما ذم الله به اليهود والنصارى في القرآن أنه لنا.
ومن السنة المتواترة في هذا الباب ما أخرجه مسلم عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة, قالوا : لمن قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم".
قال مقيده: وسأعرض عليك جملة من تلك العبارات متبعا كل واحدة منها :
أولا: ببيان مخالفتها ونكارتها.
ثانيا: بالدليل من الكتاب والسنة والمأثور عن الأئمة.قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :" وهكذا الفقه إنما وقع فيه الاختلاف لما خفي عليهم بيان صاحب الشرع ولكن هذا إنما يقع النزاع في الدقيق منه وأما الجليل فلا يتنازعون فيه . والصحابة أنفسهم تنازعوا في بعض ذلك ولم يتنازعوا في العقائد ولا في الطريق إلى الله التي يصير بها الرجل من أولياء الله الأبرار المقربين" [ مجموع الفتاوى (19/274(وقال ابن القيم رحمه الله :" أهل الإيمان قد يتنازعون في بعض الأحكام ولا يخرجون بذلك عن الإيمان وقد تنازع الصحابة في كثير من مسائل الأحكام وهم سادات المؤمنين وأكمل الأمة إيمانا ولكن بحمد الله لم يتنازعوا في مسألة واحدة من مسائل الأسماء والصفات والأفعال بل كلهم على إثبات ما نطق به الكاتب والسنة كلمة واحدة من أولهم إلى آخرهم لم يسوموها تأويلا ولم يحرفوها عن مواضعها تبديلا ولم يبدوا لشيء منها إبطالا ولا ضربوا لها أمثالا ولم يدفعوا في صدورها وأعجازها ولم يقل أحد منهم يجب صرفها عن حقائقها وحملها على مجازها بل تلقوها بالقبول والتسليم وقابلوها بالإيمان والتعظيم وجعلوا الأمر فيها كلها أمرا واحدا وأجروها على سنن واحد ولم يفعلوا كما فعل أهل الأهواء والبدع حيث جعلوها عضين وأقروا ببعضها وأنكروا بعضها من غير فرقان مبين مع أن اللازم لهم فيها أنكروه كاللازم فيما أقروا به وأثبتوه " [إعلام الموقعين 1/49]
وقال شيخنا الشيخ حماد الأنصاري رحمه الله : " الصحابة لم يختلفوا في العقيدة أبدا, إنما الخلاف وقع بعدهم" [المجموع في ترجمة العلامة المحدث حماد الأنصاري (2/493) مسألة رقم :124].أليست هذه الأقوال كلها متفقة على أن الصحابة رضي الله عنهم مجمعون على أمر العقيدة وما أظن ذا علم صاحب سنة إلا يدرك ذلك .
أولا: أن الرجل لقي الله فاسقا وليس له من الحسنات سوى التوحيد, ويزيده وضوحا قوله : بلى إن لك عندنا حسنة, ولم يقل حسنات .
وثانيا: أنه لو كان له حسنات لذكرت. فبان بهذا التقرير أنه لم يدخل الجنة إلا بتحقيق التوحيد, لأن جميع ما في تلك السجلات كله من السيئات.
الوجه الثاني: ما قرره أئمة أهل السنة أن من لقي الله بكل ذنب خلا الشرك والكفر كان تحت المشيئة إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه, وإن عذبه لم يخلده في النار. مستدلين على ذلك بالكتاب والسنة :
فمن الكتاب قوله تعالى ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء).
ومن السنة المتواترة في هذا الباب ما أخرجه البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة وقلت أخرى:"من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار» وقلت أنا: من مات وهو لا يدعو لله ندا دخل الجنة".
وما أخرجه مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله : «من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به دخل النار» فهل يجوز بعد هذه النصوص وما في معناها أن يفهم عاقل أن من لم يعنى بجانب الآداب والسلوك .
الشرك ضارب اطنابه في الجزائر وأنت تهون فيه.فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم.؟لي عودة إن شاء الله
فأقول وبالله التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل










رد مع اقتباس
قديم 2013-02-01, 18:11   رقم المشاركة : 48
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abh3 مشاهدة المشاركة
بناء حجر إسماعيل هو مدفن النبي (إسماعيل) ومدفن أمه هاجر. وهذه قبور الأنبياء ـ إبراهيم وموسى وغيرهما ـ في أطراف بيت المقدس، كان يعلوها البناء في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وإلى زماننا هذا، ولم ينه عنها لا الرسول صلى الله عليه وآله ولا أحد من خلفائه. ولو كانت محرمة أو كانت شركا لكان الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر بهدمها، وينهى عنها، وحيث لم يفعل ذلك نعلم يقينا بأن مثل ذلك جائز.
فإن المسلم البصير في دينه إنما يعبد الله عز وجل على علم وهدى ، بعيداً عن الأهواء والتعصب ، والعواطف الهيّاجة ، لأن صاحب الهوى يسير حسب مصلحته ، أو يميل إلى الكثرة خوفاً من مصادمتها ومواجهة المضايقات والمتاعب من جرّاء الوقوف أمامها
ثم لا يهتم بدراسة المسألة ومعرفة أصولها , لكن المسلم الواعي لا تؤثر به العواطف ولا ينجرّ خلف الأهواء والعصبيات والعادات والتقاليد , بل دائماً يبحث عن الحق بدليله من الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة ، فإذا قام الدليل على أمر ما ؛ أصبح عقيدة عنده لا تتغيّر ولا تتبدّل .
فإذا علم ما سبق عرفنا حكم أي مسألة تواجهنا ، خاصة المسائل التي يخوض فيها الناس كثيراً بحيث يصبح الشخص حيراناً لا يدري الحق مع من ؟! . وهذه الحيرة حصلت بسبب تزيين الباطل بغشاء الحق , لكن المسألة إذا جُليت بالحق الصافي فلا يمكن أن تسبب للشخص حيرة أبداً .
ونحن في هذا البحث سنتكلم عن المسجد الإبراهيمي من حيث تاريخه ومراحل تطوره إلى أن أصبح مسجداً ، ومن حيث وجود القبور فيه ، وهل تصح الصلاة فيه مع وجود القبور، وموقف العلماء من ذلك ، والشبهات التي يتمسّك بها من يجعله مسجدا تصح الصلاة فيه إلى آخر ذلك ، فهذه مسألة مهمة تمسّ عقيدة المسلمين وتمس واقعهم ، وكيف أنهم بجهلهم وبعدهم عن دينهم – إلاّ من رحم الله – يقعون في المحظور معتمدين على القصص والحكايات ، وعلى العواطف والسياسات , فضلا عن الروايات المكذوبة والأحاديث الضعيفة , لكن حجة الله باقية إلى يوم القيامة يتلقفها المسلم الواعي بصدرٍ منشرح.
ويتكون هذا البحث من ثلاثة فصول وخاتمة :

الفصل الأول : تاريخ المسجد الإبراهيمي ، وفيه أربعة مباحث :
المبحث الأول : التعريف بالمقبرة الإبراهيمية .
المبحث الثاني : من الذي بنا هذا البناء أو السور حول المقبرة ؟
المبحث الثالث : هل كان هذا المكان معروفاً زمن النبي .
المبحث الرابع : متى تحولت المقبرة الإبراهيمية إلى مسجد يصلى فيه ؟
الفصل الثاني : ذكر المخالفات الشرعية الموجودة في هذا المكان .
وفيه أربعة مباحث :
المبحث الأول : المقامات الموجودة داخله , وحكمها .
المبحث الثاني : إطلاق القول عليه بأنه حرم .
المبحث الثالث : شد الرّحال إليه , وحكمه .
المبحث الرابع : بدع أخرى موجودة إلى اليوم .
الفصل الثالث : الموقف الصحيح من المسجد الإبراهيمي ، وفيه ثلاثة مباحث :

المبحث الأول : حكم بناء المساجد على القبور والصلاة فيها.
المبحث الثاني : أقوال العلماء في هذا المكان وغيره .
المبحث الثالث : الشبهات التي يتمسّك بها من يجيز الصلاة في هذا المكان ، وفيه ثلاثة مطالب :
المطلب الأول : الشبهات الشرعية .
المطلب الثاني : شبهات تعتمد على العادات والتقاليد والتراث .
المطلب الثالث : شبهات تعتمد على الأوضاع السياسية .
وأسأل الله أن يبصرنا في ديننا ، ويجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ، وأن يجمع شمل المسلمين ، ويوحد صفهم على الحق ، إنه جواد كريم .
الفصل الأول : تاريخ المسجد الإبراهيمي
المبحث الأول : التعريف بالمقبرة الإبراهيمية
المقبرة هي موضع القبور ، والقبر : هو مدفن الإنسان ، من قَبَرَهُ يُقْبِرُهُ ويَقْبِرُهُ قَبْرَاً ومَقْبَرَاً : أي دفنه . وأَقْبَرَهُ: جعله قَبْرَاً .
والمقبرة الإبراهيمية : نسبة إلى إبراهيم الخليل عليه السلام حيث دُفن هو وعائلته فيها . وهذا المكان يقع في مدينة الخليل في الجهة الجنوبية الشرقية في المدينة . وهذه المقبرة يحيطها سور كبير أحجاره ضخمة جدا ، وكان هذا السور مغلقا وليس له سقف ، وكان يحيط بالمغارة التي دفن فيها إبراهيم عليه السلام .
ومسألة دفن إبراهيم عليه السلام في هذا المكان لا يوجد عليه دليل من الكتاب أو السنة , لأن هذا أمر غيبي لابد من دليل لمعرفته ، لكن كتب التاريخ أجمعت على أن إبراهيم عليه السلام مدفون في هذا المكان من غير أن يحدّدوا موضع القبر بعينه كما هو بالنسبة إلى قبر النبي .
قال ابن كثير رحمه الله : " فقبره [ أي إبراهيم عليه السلام ] وقبر ولده إسحاق وقبر ولد ولده يعقوب في المربعة التي بناها سليمان بن داود عليه السلام ببلد حبرون ، وهو البلد المعروف بالخليل اليوم ، وهذا متلقى بالتواتر أمة بعد أمة وجيلاً بعد جيل من زمن بني إسرائيل وإلى زماننا هذا , أن قبره بالمربعة تحقيقاً ، فأمّا تعيينه منها فليس فيه خبر صحيح عن المعصوم " . انتهى
المبحث الثاني : من الذي بنى هذا البناء أو السور الذي حول المقبرة ؟ وأما بناء السور فلم يثبت أن سليمان عليه السلام قد بناه ، ويقول العامة أن الذي بناه هم الجن وهذا من الخرافات ، وإنما قالوا ذلك لأن هذا القبور من أن تهان أو تتأثر بالعوامل الخارجية , وكذلك – والله أعلم – ليُعرف أن هذا المكان فيه قبور كيلا يبنى عليه أي بناء، بدليل أن سقفه كان مفتوحا ولا يوجد له باب لدخوله .
ثم جاء العهد الروماني فسقفوا سقفه وبنو فوق السور بناء آخر بحيث جعلوه كنيسة يتعبّدون
فيها , وفي نفس الوقت حصنا يتحصّنون فيه عند غزو الأعداء . ( فالناظر إليه اليوم يجده بشكله يشبه الحصن أكثر مما يشبه غيره ) ، وكان ذلك عام ( 37 ) قبل الميلاد . ثم جُدّد مرة أخرى إلى كنيسة عام ( 1172 م ) تحت حكم الإفرنج .
المبحث الثالث : هل كان هذا المكان معروفا زمن النبي :

جاءت بعض الروايات في كتب التاريخ عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي أقطعه الأرض التي بها بلد إبراهيم الخليل عليه السلام وما حولها ، فجاء في الروايات ذكر ( بيت إبراهيم ) و ( مسجد إبراهيم ) و ( آثار إبراهيم ) . وهذه الروايات لم تثبت عن النبي ، بحيث ذُكرت بأسانيد واهية ومنقطعة .
وأما ما رُوي عن النبي أنه قال : لما أسري بي إلى بيت المقدس مرّ بي جبريل عليه السلام على قبر إبراهيم عليه السلام فقال لي انزل فصلّ ركعتين ها هنا فإن ها هنا قبر أبيك إبراهيم عليه السلام.
ورُوي أيضا أنه قال : من لم يمكنه زيارتي فليزر قبر أبي إبراهيم الخليل عليه السلام .
فهذه الأحاديث وغيرها لم تصح عن النبي ، بل هي مكذوبة موضوعة على النبي ، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره . المبحث الرابع : متى تحوّلت المقبرة الإبراهيمية إلى مسجد يصلّى فيه ؟
اعلم – رحمك الله – أنه لا يجوز أن تحوّل المقبرة إلى مسجد للعبادة ، وذلك سدّا للذريعة وخوفا من أن يؤدي هذا الأمر إلى عبادة أصحاب هذه القبور – والعياذ بالله – كما حصل مع قوم نوح عليه السلام ، وما يحصل اليوم عند قبر علي والحسن والحسين ، وعند مشهد السيدة زينب في مصر ، إلى غير ذلك من مظاهر الشرك المنتشرة في بلاد الإسلام .
وهذا المكان ( أي المقبرة الإبراهيمية ) معروف منذ مئات السنين على أنه مقبرة ولم يكن مسجداً ولا معبداً , لكن لما كان من دين اليهود والنصارى بناء المساجد أو المعابد فوق قبور الصالحين كما جاء في الصحيحين من حديث أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير فذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : " إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك التصاوير , فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة "
فقاموا إلى هذا المكان ونقبوه وفتحوا له باباً وبنو عليه كنيسة وجعلوه مركزاً دينياً لهم , له مكانته المقدسة عندهم .
ثم جاء بعد ذلك الفتح الإسلامي , وقلَّد بعض الناس من المسلمين اليهود والنصارى في تعظيم الصالحين , فقالوا نحن أحق بالأنبياء منهم , وحوّلوا هذا المكان من كنيسة إلى مسجد ـ ولا حول ولا قوة إلا بالله ـ وصدق فيهم قول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري أنه قال :" لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضبٍ لدخلتموه , قالوا يا رسول الله : اليهود والنصارى ؟ قال : فمن ؟! " .
ويمكن أن يقال : إن الذين حوّلوا هذا المكان إلى مسجدٍ يصلى فيه هم الفاطميون في زمن الدولة الفاطمية على أيدي الخلفاء الفاطميين .
يقول أحد الكتّاب : " ومن التقاليد التي استحدثها الفاطميون ورسخت في عهد المماليك تشييد القباب فوق القبور وإنشاء المساجد فوق قبور الأولياء والبارزين من الرجال " .(1)
والفاطميّون هم من الشيعة الغلاة الذين ابتدعوا في الدين ما لم يأذن به الله عز وجل , مثل بدعة " حي على خير العمل " في الآذان , ولعن أبي بكر وعمر في الخطب وعلى أبواب المساجد , وبدع تعظيم القبور والبناء عليها , وبدع يوم عاشوراء من اللطم و الشق , وبدع الاحتفال بالمولد النبوي ...الخ .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : " وقد كان الفاطميون أغنى الخلفاء وأكثرهم مالاً , وكانوا من أغنى الخلفاء وأجبرهم وأظلمهم وأنجس الملوك سيرة وسريرة , ظهرت في دولتهم البدع والمنكرات وكثر أهل الفساد وقل عندهم الصالحون من العلماء والعباد , وكثر بأرض الشام النصرانية و الدرزية و الحشيشية , وتغلب الفرنج على سواحل الشام [ أي بسببهم ] حتى أخذوا القدس و نابلس ... الخ .(2)
فإذا عُلم ما سبق فلا يجوز لنا أن نقول على فعلهم هذا أنه جائز وأنه من التراث الإسلامي والمقدسات الإسلامية , لأن عملهم هذا مخالف للكتاب والسنة وهدي سلف الأمة .
وقد جاء في بعض الكتب التصريح بأن هذا المكان حُوِّل إلى مسجد , فقالوا " وقد صار [ أي السور المحيط بالمقبرة ] مسجداً "(3), وأيضاً " وقد جُعل الحير [ أي السور ] مسجداً , وبني حوله دور للزوار "(4) .
وقالوا :" ما من بناءٍ يقع عليه نظرك إلا ألهمك الغرض الذي أنشأ لأجله من أول وهلة وبأقل عناء , فأنت بمجرد نظرة ترسلها على أي بناء تصادفه تعرف إن كان معبداً , أو حصناً , أو قصراً , أو مدرسة أو ملعباً , كأنما تكلمك حجارته بلسان مبين .
غير أن الأمر على الضد من ذلك فيما يتعلق بالحرم الإبراهيمي . فلو أنا جردناه من البنايات الطارئة عليه في عصورٍ مختلفة كالمآذن , والقباب , والشرفات , وتصورناه سوراً ضخماً لا باب له , ضُرب على رقعة صغيرة من الأرض لأشكل علينا شأنه ولو درنا حوله وتأملناه من أسفله أومن أعلاه ...الخ(5).
الفصل الثاني : ذكر المخالفات الشرعية الموجودة في هذا المكان :
المبحث الأول : المقامات الموجودة فيه , وحكمها :
إن بناء المقامات والمشاهد على القبور لهو من عمل اليهود والنصارى ابتداءً ثم قلدهم عليه المسلمون لجهلهم انتهاءً , وكانت الدولة الفاطمية هي التي قامت بهذا الفعل , وتتابع الناس على هذا الأمر حتى ظنوا أنه من الإسلام ومن احترام أصحاب القبور .
وحكم بناء أي شيء على القبور من مقامات أو مشاهد أو قباب أو حتى بناء القبور من الأحجار وليس من التراب أو الكتابة عليها , كل هذا حرام لا يجوز في شريعة الإسلام , لما روى مسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال :" نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يبنى عليه وأن يقعد عليه " . وفي رواية صحيحة لأبي داود " وأن يكتب عليه " .
وهذه المقامات قيل عنها أنها عبارة عن إشارات ومعالم لقبور الأنبياء الموجودة تحت المغارة , ولكن مع ذلك فالإسلام يحكم بالظاهر , والناظر في هذه المقامات يجد أنها تحتوي على القبور , فالحكم هوهو لا يتغير.
وقد قام كثير من الناس بتعظيم هذه المقامات والأضرحة وكسوتها بالأقمشة الفاخرة ووضع البخور والقناديل , وفرشها بالبساط الفاخر , وكل هذا من البدع المنكرة والعياذ بالله .
المبحث الثاني : إطلاق القول عليه بأنه حرم .
لا يصح أن يطلق على أي مكان أنه حرم إلا بنص من الكتاب أو السنة , والحرم من التحريم : أي تحريم القيام بأعمال معينة , فهو يترتب عليه أحكام شرعية كعدم جواز الصيد في هذا المكان , وعدم قلع الأشجار وأخذ اللقطة إلى غير ذلك من الأحكام , فقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن إبراهيم حرّم مكة , وإني أحرم المدينة ما بين لابتيها " , فأين الدليل على أن هذا المكان قد حُرِّم من الله ورسوله .
بل لا يجوز أن يطلق على المسجد الأقصى أنه حرم , لأنه لم يثبت دليل على ذلك من الكتاب و السنة , قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " و الأقصى : اسم للمسجد كله , ولا يسمى هو ولا غيره حرماً وإنما الحرم بمكة و المدينة خاصة " .(6)
المبحث الثالث : شد الرحال إليه , وحكمه .شد الرحال في الشرع : أي قصد مكان من الأمكنة والسفر إليه لإقامة الشعائر الدينية عنده , من الدعاء والصلاة والبركة , اعتقاداً منهم أن المكان له ميزة وفضل يميزه عن سائر الأمكنة , وهذا العمل لا يجوز إلا إلى الثلاثة مساجد , ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد , المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجدي هذا " , فقصد هذه الأماكن والسفر إليها للعبادة والدعاء والذكر و الاعتكاف ...الخ جائز شرعا بل حض الشارع الحكيم على الذهاب إلى هذه الأماكن .
وما سوى هذه المساجد أو الأماكن لا يشرع السفر إليه باتفاق أهل العلم .(7)
فلا يجوز تخصيص مسجد من المساجد والسفر إليه إلا إلى الثلاثة مساجد , فكيف إذا كان المكان ليس مسجداً , وإنما هو مقابر أو مقامات أو مشاهد أو غير ذلك , فلا شك أن التحريم أشد وأغلظ .
فعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :" لا تتخذوا قبري عيداً " (8)
فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن نتخذ قبره عيداً , والعيد إذا جُعل اسما للمكان : فهو المكان الذي يقصد الاجتماع فيه وإتيانه للعبادة أو لغير العبادة , فان العيد من المعاودة : أي الاجتماع في الأمكنة واعتياد قصدها .
فهذا قبر النبي صلى الله عليه وسلم ـ وهو أفضل القبور ـ نهينا أن نتخذه عيدا ومزارا ومجمعا للقاء , إلا إذا زار المسلمون مسجده سُنّ لهم أن يذهبوا إلى قبره ويسلموا عليه فقط دون الدعاء أو غيره .
فإذا كان هذا هو حال قبر النبي صلى الله عليه وسلم , فقبور غيره من الأنبياء فضلا عن الأولياء والصالحين من باب أولى أن لا يشد الرحال إليها , أو الاجتماع عندها لان هذا من الأعمال المنكرة والمردودة .
المبحث الرابع : بدع أخرى موجودة في هذا المكان : مما ذكرنا سابقاً عدم جواز قصد هذا المكان للعبادة , ومن المؤسف أن هذا المكان يُعد مزاراً مقدساً يأتيه الناس من كل فج عميق فيقصدونه للعبادة و الدعاء عند قبوره والتبرك بآثاره , وانتظار البركات والفيوضات الروحية , وهذا العمل ورثه الناس من أسلافهم دون أن يكون لهم أدنى دليل على ذلك .وقد وصفت بعض الكتب هذا المكان على أنه محطة أنظار الزوّار بحيث يأتونه ويتبركون به ويدعون عنده , وقد بنيت لهم دور بجانب القبور بقصد الاعتكاف عندها وانتظار المدد والبركات .● قال صاحب معجم البلدان : " وهناك [ أي في قبر إبراهيم عليه السلام ] مشهد زوّار وقوّام في الموضع وضيافة للزوّار " . (9)
● قال صاحب كتاب آثار البلاد وأخبار العباد : " وفي الموضع ضيافة للزوار , وهو موضع طيب نزه آثار البركة ظاهرة عليه ." (10)
● قال صاحب المراصد ـ صفي الدين بن عبد الحق ـ سنة 700ه : " الخليل بلدة بها حصن وعمارة وسوق , بينها و بين القدس يوم , فيها قبر الخليل واسحاق ويعقوب ويوسف في المغارة تحت الأرض وعلى المغارة الآن بناء عليه سور دائر متسع , به قوّام وضيافة لمن يقصدونه للزيارة ". (11)
● قال الراهب فلكس فابري 1480 م :" وشاهدنا في الخليل نزلها الكبير , الكثير الغرف ورأينا المطبخ والفرن وكانوا يعدّون طعاماً كثيراً للحجاج المسلمين الذين يأتون جماعات كبيرة لزيارة قبور الأنبياء " . (12)
● قال التلمساني لما وقف عند قبر الخليل عليه السلام :
خليل الله قد جئناك نرجو شفاعتك التي ليست ترد
أنلنا دعوة واشفع تشفع إلى من لا يخيب لديه قصد
وقل يا رب أضياف ووفد لهم بمحمد صلة وعهد
أتوا يستغفرونك من ذنوب عظام لا تعد ولا تحد (13)
● قال النابلسي : وطائفة الدّارية للآن من أعيان البلاد الخليلية , ولهم هناك المشيخة القادرية , يجعلون الذكر كل يوم جمعة بمسجد الخليل ".
(14)
● قال صاحب " مسالك الأمصار في ممالك الأمصار " : وكان قدومنا هذه المرة على الخليل يوم الاثنين لأربع وعشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة خمس وأربعين وسبعمائة :" فبتنا ليلتنا نتبرك بما حوت تلك القبور من العظام , و نعفِّر الوجوه في تلك البقعة المشرفة في مواضع أقدام أولئك الأقوام " . (15)
● قال ناصر خسرو الذي زار المكان عام 438 ه : " حين يخرج السائر من المقصورة إلى وسط ساحة المشهد , يجد مشهدين أمام القبلة : الأيمن به قبر إبراهيم الخليل , وهو مشهد كبير , و من داخله مشهد آخر لا يستطاع الطواف حوله ,ولكن له أربع نوافذ يرى منها.
فيراه الزائرون وهم يطوفون حول المشهد الكبير[هذا الشرك بعينه] وقد كسيت أرضه و جدرانه ببسط من الديباج والقبر من الحجر وارتفاعه ثلاثة أذرع . وعلق به كثير من القناديل والمسارج والمصابيح الفضية[ وهي موجودة إلى الآن ]...الخ.(16)
● قال محمد اسحق النحوي : " خرجت مع القاضي أبي عمرو وعثمان بن جعفر بن سادات إلى قبر إبراهيم عليه السلام , فأقمنا ثلاثة أيام (17) [ أي عند القبر ].
إن انتشار التصوف في تلك الأزمان ساعد على وجود هذه البدع التي يفعلها كثير من الناس وإلى اليوم , وقد كانت مدينة الخليل تعج بالمتصوفة والزوايا الصوفية , يقول أحد الكتاب ولعل وجود وسائل الإقامة في المدينة [ أي الخليل ] كالرباط والسماط , كانت ذات أثر في استقطاب العلماء الزهاد والمتصوفة المسلمين للإقامة بجوار الحضرة الخليلية الشريفة عبر السنين . (18)
ومن البدع أيضا وجود الزخارف في ذلك المكان, و قد جاء في هذا نهي عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: " إذا زخرفتم مساجدكم ,وحليتم مصاحفكم فالدمار عليكم " (19). وهذا العمل يكلف الأموال الباهظة ويدخل في الإسراف المنهي عنه,وفيه تشبه باليهود والنصارى , فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" ما أمرت بتشييد المساجد " ثم قال ابن عباس:" لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى". (20)
ومن البدع الموجودة اليوم ما يفعله المؤذنون من التهليل والذكر قبيل صلاة الجمعة , وأيضا الأذان الجماعي فكل هذا من البدع المحدثة التي لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الصحابة رضي الله عنهم. ومن هذه التهليلات ما يكون فيها مخالفات شرعية, أذكر منها قولهم : " لولاه [ أي النبي صلى الله عليه وسلم ] ما كانت الأكوان , ولا خلق إنس قبله ولا جان " . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:" لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم,ولكن أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله " مق . وقولهم هذا: مبناه على الأحاديث المكذوبة على النبي منها " لولاك ما خلقت الأكوان " , " ولولاك ما خلقت الجنة والنار" (21), إلى غير ذلك من الأحاديث الواهية .
الفصل الثالث : الموقف الصحيح من المسجد الإبراهيمي :
المبحث الأول : حكم بناء المساجد على القبور , والصلاة فيها :

لقد تواترت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن اتخاذ القبور مساجد والتغليظ فيه , وقد صرّح عامة علماء الطوائف بالنهي عنه متابعة للأحاديث , ولا ريب في القطع بتحريمه , لما روى مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول " ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فاني أنهاكم عن ذلك " .
وعن عائشة رضي الله عنها , وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما قالا : لما نزل برسول الله طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم كشفها , فقال وهو كذلك : لعنة الله على اليهود و النصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " يحذر ما صنعوا , أخرجه البخاري ومسلم . وأخرجا عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال : " قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : لما كان مرض النبي صلى الله عليه وسلم تذاكر بعض نسائه كنيسة بأرض الحبشة يقال لها : مارية , وقد كانت أم حبيبة وأم سلمة قد أتتا أرض الحبشة فذكرتا من حسنها و تصاويرها , قالت : فرفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه فقال : أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً ثم صوروا تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة " متفق عليه .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اللهم لا تجعل قبري وثناً , لعن الله قوماً اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن من شرار الناس من تدركه الساعة وهم أحياء , ومن يتخذ القبور مساجد " . (22)
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور , والمتخذين عليها المساجد والسرج " . (23)
فتبين مما سبق أن بناء المساجد على القبور من الكبائر العظام المتوعد أصحابها باللعنة والوعيد والغضب , لأن في هذا العمل تعظيم للأموات , ووسيلة من وسائل الشرك الأكبر ـ والعياذ بالله ـ .
ومعنى اتخاذ القبور مساجد : أي بناء المساجد على القبور وقصد الصلاة فيها .
وقد جاء النهي عن بناء المساجد على القبور خشية الصلاة فيها , فإذا كان البناء منهي عنه , فالصلاة فيها منهي عنه من باب أولى , فالنهي عن الوسيلة يستلزم النهي عن الغاية بالأولى والأحرى . وقد اتفقت المذاهب الأربعة على تحريم بناء المساجد على القبور . وسيأتي التفصيل في المبحث الثاني .
المبحث الثاني : أقوال العلماء في هذا المكان وغيره :
أفضل من تكلم في هذا الباب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله , فله كلام رائع جميل يبين فيه تاريخ المقبرة الإبراهيمية , ويبين الحكم والموقف الصحيح اتجاهه , وموقف الصحابة والعلماء منه .
قال رحمه الله تعالى : " ولما كان اتخاذ القبور مساجد و بناء المساجد عليها محرما و لم يكن شيء من ذلك على عهد الصحابة و التابعين لهم بإحسان و لم يكن يعرف قط مسجد على قبر , و كان الخليل عليه السلام في المغارة التي دفن فيها و هي مسدودة لا أحد يدخل إليها و لا تشد الصحابة الرحال لا إليه و لا إلى غيره من المقابر لأن في الصحيحين من حديث أبى هريرة و أبى سعيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال :" لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام و المسجد الأقصى و مسجدي هذا " , فكان يأتي من يأتي منهم إلى المسجد الأقصى يصلون فيه ثم يرجعون لا يأتون مغارة الخليل و لا غيرها . و كانت مغارة الخليل مسدودة حتى استولى النصارى على الشام في أواخر المائة الرابعة ففتحوا الباب و جعلوا ذلك المكان كنيسة ثم لما فتح المسلمون البلاد اتخذه بعض الناس مسجدا. و أهل العلم ينكرون ذلك والذي يرويه بعضهم في حديث الإسراء " أنه قيل للنبي صلى الله عليه و سلم هذه طيبة إنزل فصل فنزل فصلى , هذا مكان أبيك إنزل فصل " , كذب موضوع , لم يصلِّ النبي صلى الله عليه و سلم تلك الليلة إلا في المسجد الأقصى خاصة كما ثبت ذلك في الصحيح , و لا نزل إلا فيه .و لهذا لما قدم الشام من الصحابة من لا يحصى عددهم إلا الله , و قدمها عمر بن الخطاب لما فتح بيت المقدس و بعد فتح الشام لما صالح النصارى على الجزية و شرط عليهم الشروط المعروفة و قدمها مرة ثالثة حتى و صل إلى سرغ و معه أكابر السابقين الأولين من المهاجرين و الأنصار فلم يذهب أحد منهم إلى مغارة الخليل و لا غيرها من آثار الأنبياء التي بالشام لا ببيت المقدس و لا بدمشق و لا غير ذلك ...الخ(24) .
وقال رحمه الله : " فقد علم بالنقل المتواتر بل علم بالاضطرار من دين الإسلام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرع لأمته عمارة المساجد بالصلوات والاجتماع للصلوات الخمس ولصلاة الجمعة والعيدين وغير ذلك , وأنه لم يشرع لأمته أن يبنوا على قبر نبي ولا رجل صالح لا من أهل البيت ولا غيرهم لا مسجدا ولا مشهدا ولم يكن على عهده صلى الله عليه وسلم في الإسلام مشهد مبني على قبر وكذلك على عهد خلفائه الراشدين وأصحابه الثلاثة وعلي بن أبي طالب ومعاوية لم يكن على عهدهم مشهد مبني لا على قبر نبي ولا غيره لا على قبر إبراهيم الخليل ولا على غيره .
بل لما قدم المسلمون إلى الشام غير مرة ومعهم عمر بن الخطاب وعثمان ابن عفان وعلي بن أبي طالب وغيرهم ثم لما قدم عمر لفتح بيت المقدس ثم لما قدم لوضع الجزية على أهل الذمة ومشارطتهم, ثم لما قدم إلى سرغ , ففي جميع هذه المرات لم يكن أحدهم يقصد السفر إلى قبر الخليل ولا كان هناك مشهد بل كان هناك البناء المبني على المغارة وكان مسدودا بلا باب له مثل حجرة النبي صلى الله عليه وسلم .
ثم لم يزل الأمر هكذا في خلافة بني أمية وبني العباس إلى أن ملك النصارى تلك البلاد في أواخر المائة الخامسة فبنوا ذلك البناء واتخذوه كنيسة ونقبوا باب البناء فلهذا تجد الباب منقوبا لا مبنيا ثم لما استنقذ المسلمون منهم تلك الأرض اتخذها من اتخذها مسجدا .
بل كان الصحابة إذ رأوا أحدا بني مسجدا على قبر نهوه عن ذلك ولما ظهر قبر دانيال بتستر كتب فيه
أبو موسى الأشعري رضي الله عنه إلى عمر رضي الله عنه , فكتب إليه عمر أن تحفر بالنهار ثلاثة عشر قبرا وتدفنه بالليل في واحد منها لئلا يفتتن الناس به .
وكان عمر بن الخطاب إذا رآهم يتناوبون مكانا يصلون فيه لكونه موضع نبي , ينهاهم عن ذلك ويقول إنما هلك من كان قبلكم باتخاذ آثار أنبيائهم مساجد من أدركته الصلاة فيه فليصل وإلا فليذهب .
فهذا وأمثاله مما كانوا يحققون به التوحيد الذي أرسل الله به الرسول إليهم ويتبعون في ذلك سنته صلى الله عليه وسلم . والإسلام مبني على أصلين أن لا نعبد إلا الله وأن نعبده بما شرع لا نعبده بالبدع . (25)
وقال أيضاً : " ومعلوم أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من السابقين الأولين والتابعين لهم بإحسان قد فتحوا البلاد بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وسكنوا بالشام والعراق ومصر وغير هذه الأمصار , وهم كانوا أعلم بالدين وأتبع له ممن بعدهم وليس لأحد أن يخالفهم فيما كانوا عليه ,
فما كان من هذه البقاع لم يعظموه أو لم يقصدوا تخصيصه بصلاة أو دعاء أو نحو ذلك لم يكن لنا أن نخالفهم في ذلك وإن كان بعض من جاء بعدهم من أهل الفضل والدين فعل ذلك ,لأن اتباع سبيلهم أولى من اتباع سبيل من خالف سبيلهم (*) وما من أحد نقل عنه ما يخالف سبيلهم إلا وقد نقل عن غيره ممن هو أعلم منه وأفضل أنه خالف سبيل هذا المخالف وهذه جملة جامعة لا يتسع هذا الموضع لتفصيلها... إلى أن قال :
" بل قبر إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام لم يكن في الصحابة ولا التابعين لهم بإحسان من يأتيه للصلاة عنده ولا الدعاء , ولا كانوا يقصدونه للزيارة أصلا . وقد قدم المسلمون إلى الشام غير مرة مع عمر بن الخطاب واستوطن الشام خلائق من الصحابة وليس فيهم من فعل شيئا من هذا ولم يبن المسلمون عليه مسجدا أصلا , لكن لما استولى النصارى على هذه الأمكنة في أواخر المائة الرابعة لما أخذوا البيت المقدس بسبب استيلاء الرافضة على الشام , و لما كانوا ملوك مصر والرافضة أمة مخذولة ليس لها عقل صحيح ولا نقل صريح ولا دين مقبول ولا دنيا منصورة , قويت النصارى وأخذت السواحل وغيرها من الرافضة وحينئذ نقبت النصارى حجرة الخليل صلوات الله عليه وجعلت لها بابا وأثر النقب ظاهر في الباب فكان اتخاذ ذلك معبدا مما أحدثته النصارى ليس من عمل سلف الأمة وخيارها . " (26)
قال ابن حجر الهيتمي الشافعي : " ... قال أصحابنا : تحرم الصلاة إلى قبور الأنبياء والأولياء تبركا وإعظاما ومثلها الصلاة عليه للتبرك والإعظام وكون هذا الفعل كبيرة ظاهرة من الأحاديث المذكورة لما علمت فقال بعض الحنابلة قصد الرجل الصلاة عند القبر متبركا به عين المحادة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وابتداع دين لم يأذن به الله للنهي عنها ثم إجماعا فإن أعظم المحرمات وأسباب الشرك الصلاة عندها واتخاذها مساجد أو بناؤها عليها والقول بالكراهة محمول على غير ذلك إذ لا يظن بالعلماء تجويز فعل تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم لعن فاعله ويجب المبادرة لهدمها وهدم القباب التي على القبور إذ هي أضر من مسجد الضرار لأنها أسست على معصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه نهى عن ذلك وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدم القبور المشرفة وتجب إزالة كل قنديل أو سراج على قبر ولا يصح وقفه ونذره . انتهى (27
ا)
قال القرطبي المالكي : " قال علماؤنا : وهذا يحرم على المسلمين أن يتخذوا قبور الأنبياء والعلماء مساجد " .
وقال الإمام محمد من الحنفية : " لا نرى أن يزاد على ما خرج من القبر , ونكره أن يجصص أو يطين أو يجعل عنده مسجداً " . والكراهة عند الحنفية إذا أطلقت فهي للتحريم كما هو معروف لديهم .(28)
فإذا عُلم ما سبق تبين إجماع العلماء على تحريم البناء على القبور , و إن كانت قبور الأنبياء .
المبحث الثالث :الشبهات التي يتمسك بها من يجيز الصلاة في هذا المكان :
المطلب الأول :الشبهات الشرعية :
اعلم ـ رحمك الله ـ أن الشبهات والشهوات من عوائق التوحيد , وقد ذم الله تعالى إتباع الشبهات حيث قال " فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله " , وقال عليه الصلاة والسلام : " ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام " . ومن هذه الشبهات التي استدلوا بها :
● أن المقبرة إذا مضى عليها أكثر من أربعين سنة فإنها لا تكون مقبرة , ويذهب عنها حكم المقابر .
وهذا الكلام لا دليل عليه في الكتاب والسنة , ولم يثبت في ذلك حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم . ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لم قال" اتخذوا قبور أنبيائهم " يفهم منه أن قبور الأنبياء مرّ عليها مدة من الزمن ثم بنو على قبورهم المساجد .
● ويعتمدون على الأحاديث المكذوبة التي تدعو إلى الصلاة في هذا المكان منها حديث " أنه لما أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس مرّ على قبر إبراهيم عليه السلام فقال له جبريل عليه السلام : هذا قبر إبراهيم انزل فصلّ ركعتين " وحديث " من لم يمكنه زيارتي فليزر قبر أبي إبراهيم عليه السلام " .
● ويستدلون أيضاً بقوله تعالى " قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً " .
ولا يصح الاستدلال بهذه الآية , لأنها حكاية عن القرون الغابرة وليس إقراراً , قال العلامة الألوسي في روح المعاني عند تفسيره لهذه الآية : " واستُدل بالآية على جواز البناء على قبور الصلحاء واتخاذ مسجد عليها وجواز الصلاة في ذلك وممن ذكر ذلك الشهاب الخفاجي في حواشيه على البيضاوي: وهو قول باطل عاطل فاسد كاسد فقد روى أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس قال : قال رسول الله لعن الله تعالى زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج, ومسلم " ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد فإني أنهاكم عن ذلك " ...الخ .
● ومن شبههم استدلالهم بالمسجد النبوي حيث أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم موجود داخل المسجد و المسلمون يصلون فيه بدون نكير .
وهذا الاستدلال لا يصح : لأن مسجد النبي صلى الله عليه لم يبن على قبره وإنما بُني في حياته , ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم دُفن في بيت عائشة رضي الله عنها خارج المسجد , واستمر هذا الحال إلى خلافة الوليد بن عبد الملك حيث قام بتوسيع المسجد , وأزال حجرات النبي صلى الله عليه وسلم وأدخلها في المسجد , فأصبح قبره داخل المسجد ولم يكن ذلك بمحضر أحدٍ من الصحابة , وقد أنكر بعض التابعين هذا العمل منهم سعيد بن المسيب , لكن الخليفة لم يستجب لذلك وحصل ما حصل , ثم جاء جهلة الناس من الصوفية وبنوا على قبره قبة , ولا حول ولا قوة إلا بالله .
, ● وبعضهم يدعي أنه لا يوجد قبور في هذه المقامات وإنما القبور في أسفل الأرض داخل المغارة
لا يُعلم مكان القبور فيها .
قلنا وما يدرينا بصحة هذا الكلام , ثم إن وجود القبور داخل المسجد كافٍ في المخالفة , لأن أحكام الشريعة المطهرة إنما تبنى على الظاهر لا الباطن كما هو معروف .
وأيضاً فيه مخالفة لما في كتب التاريخ , فإذا نفيتم وجود القبور , فاعملوا بما جاء في صحيح مسلم عن أبي الهيّاج الأسدي قال : قال لي علي بن أبي طالب : ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته , ولا قبراً مشرفاً إلا سويته " , ثم أزيلوا هذه المقامات وأعلنوا براءة المكان من وجود قبور الأنبياء فيه , فيكون الأمر كما أردتم أنه مسجد إسلامي .
● ويستدلون بقوله تعالى " ولا يطؤون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدوٍ نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين " .
فهذه الآية نزلت في الجهاد , و الحض على فتح بلاد الكفار , ولا دليل في الآية على ما ينشدونه .
المطلب الثاني : شبهات تعتمد على العادات والتقاليد والتراث :
إن العادات تتبع الشرع , و لا يتبع الشرع العادات , فأي شيءٍ من العادات أو التقاليد أو التراث خالفت الشرع فلا يجوز الأخذ بها , وإلا ضاهينا المشركين فيما حكاه الله عنهم " إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون " .
ومن هذه الشبهات :
● اعتمادهم على التاريخ , حيث أن كتب التاريخ أو بعضها وخاصة المعاصرة منها ذكرت هذا المكان على أنه مسجد تقام فيه الصلوات منذ مئات السنين , وقد رحل إليه كثيرٌ من العلماء وأقاموا فيه دون أن يذكروا حرمة الصلاة فيه لوجود القبور ...الخ .
أقول : العبرة بالكتاب والسنة وعمل سلف الأمة , وأي شيءٍ يعارض هذه الأصول فلا عبرة به , فأغلب كتب التاريخ ناقلة ومجمعة وليست ناقحة ومحققة , و من الأمثلة على ذلك ما جاء في كتاب " الأنس الجليل في أخبار القدس والخليل " لمجد الدين الحنبلي , فكما ذكر المؤلف فان كتابه عبارة عن أخبار فيه الصحيح و السقيم , وقد تكلم عن المقبرة الإبراهيمية مستدلاً بالأحاديث الضعيفة .
ومما ينتقد عليه ما نقله عن كعب الأحبار بدون مصدر ولا إسناد , حيث رُوي عن كعب أنه قال :
" أكثروا من الزيارة إلى قبر رسول الله قبل أن تمنعوا ذلك ... فمن منع ذلك فليجعل رحلته وإتيانه إلى قبر إبراهيم الخليل عليه السلام ... وليكثر من الدعاء عنده , فإن الدعاء عند قبر سيدنا إبراهيم الخليل مستجاب , ولم يتوسل به أحد إلى الله في شيء إلا أجابه , ولم يبرح من مكانه حتى يرى الإجابة في ذلك عاجلاً أو آجلاً . "
قلت [ المؤلف ] : وهذا مما لا شك فيه , فإني جربته في أمر وقع لي من أمور الدنيا فكنت أتوقع الهلاك منه فتوجهت من بيت المقدس إلى بلد سيدنا الخليل عليه السلام في ضرورة اقتضت سفري , فلما أن دخلت مسجده ودخلت إلى الضريح المشهور بأنه قبر إبراهيم الخليل , تعلقت بأستاره ودعوت الله تعالى فيما كنت أرجوه , فما كان بأسرع من أن فرّج الله عني كربتي ولطف بي وأزال عني كلما أزعجني.(29)
أقول : إن هذا الكلام يدل على مدى التأثر بالصوفية والمحدثات الدخيلة , ويدل على عدم معرفة الصحيح والضعيف من الأحاديث , فقد اعتمد في كلامه على رواية مكذوبة عن كعب الأحبار وبنا على ذلك عقيدة فطبقها خير تطبيق . فإذا كان الدعاء مستجاب عند قبر إبراهيم عليه السلام , فيكون
الدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم من باب أولى وأحرى , وهل فعل ذلك الصحابة ؟! ولماذا لم يذهبوا إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم لما أجدبوا زمن خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه , ـ سبحانك هذا بهتان عظيم ـ . فلا يجوز الذهاب إلى قبور الأنبياء للدعاء عندها ,حتى وإن كان لا يدعو الأنبياء بل يدعو الله , إلا أن ذلك لا يجوز , لأنه اتخذ صاحب هذا القبر واسطة بينه وبين الله عز وجل . وأما أنه جرّب ذلك فتحقق له مراده : فالله أعلم بصدقه , ولعلها تكون فتنة له ولغيره واستدراج من الله كما جاء في أمر الدجّال وما يكون معه من الخوارق , ليعلم الله المؤمن من المنافق .
و مما قاله أيضاً ـ وفيه تلبيس على الناس ـ :
وقد رُوي عن ابن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه قال : إن آدم عليه السلام رأسه عند الصخرة الشريفة , ورجلاه عند مسجد إبراهيم عليه السلام " قال المؤلف : فسماه مسجداً [ وهذه الرواية ضعيفة ] .
ثم قال [ و بئس ما قال ] : وإذا كان مسجداً جاز الدخول إليه , وسماه السبكي بالحرم(30), وعمل الناس اليوم على دخوله , وزيارتهم للقبور الشريفة والوقوف عند الإشارات التي عليها , وصلاة الجماعة و
الجماعات هناك , فإنه بني به محراب شريف ووضع إلى جانبه منبر , وقد مضى على ذلك أزمنه
متطاولة والعلماء وأئمة الإسلام مطلعون على ذلك [ فيه مبالغة ]. وقد أقر الخلفاء وملوك الإسلام ولم ينكره منكر فصار كالإجماع .
وإذا تقرر هذا ثبتت له أحكام المساجد من جواز الاعتكاف فيه وتحريم المكث على الحائض والجنب فيه وفعل التحية , ولا يقال أنه مقبرة , فإن الأنبياء الذين فيه صلوات الله تعالى وسلامه عليهم أحياء في قبورهم ,وأما النساء فعلى خلاف فيه. انتهى (31)
أقول سبحانك هذا بهتان عظيم: و هل دخول الناس في هذا المكان والصلاة فيه يحلل الحرام, وهل بناء المحراب ووجود المنبر أباح ما حُرّم, ومَن مِن العلماء وأْْْئمة الإسلام بحق الذين اطلعوا على ذلك فاقروه ؟ أهم علماء الصوفية والمبتدعة؟! فلا حجة بهم . أم علماء أهل السنة و الجماعة ؟ فهم أبعد الناس عن ذلك كما ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله , حيث قال: " وكان أهل الفضل من شيوخنا لا يصلّون في مجموع تلك البنية [ أي التي على قبر إبراهيم الخليل عليه السلام ] وينهون أصحابهم عن الصلاة فيه إتباعا لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم واتقاء لمعصيته " . (32)
فكيف يزعم أنه لم ينكره منكر فصار كالإجماع , وكيف يكون اجماعاً مع وجود النهي الواضح الصريح .
وأما قوله أن الأنبياء أحياء في قبورهم : نعم هم أحياء في قبورهم حياة برزخية , فهم ميتون وينطبق عليهم أحكام الموتى , لا خصوصية لهم عن غيرهم , وإلا ماذا يقول في قبور نساء الأنبياء الموجودة مع قبور الأنبياء ؟ لكنه تحيّّّّّّّر ولم يجد جواباً .
● ومن الشبهات أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع الصحابي تميماً الداري رضي الله عنه منطقة حبرون ومسجد إبراهيم وآثار إبراهيم . وقد تم مناقشة ذلك بأن هذا لا يثبت ولا يصح .
● ويستدلون أيضاً بأن المنبر الموجود في المسجد الإبراهيمي من وضع صلاح الدين الأيوبي رحمه الله
بحيث بنسبونه إليه , والذي يرجع إلى المصادر المعتبرة لا يجد لهذا الكلام أصلاً , إلا في بعض
الكتب الغير معتبرة , وقد جاء في بعضها بصيغة الاحتمال .
وإن ثبت ذلك عنه فلا حجة لفعله مع نهي النبي صلى الله عليه وسلم , فلا طاعة لمخلوق في معصية
الخالق . واعلم أن السنة في عمل المنبر ألا يزاد فيه على ثلاثة درجات , بخلاف منابر هذا العصر فأكثرها مخالف للسنة . وفي هذا المنبر ـ أي منبر صلاح الدين الأيوبي ـ( * ) بدع أخرى كالزخارف وكتابة الآيات القرآنية عليه ـ والله المستعان ـ .
● وينسب بعضهم إلى الخلفاء الأمويين والعباسيين اعتناءهم بالمقبرة الإبراهيمية و جعلها مسجداً يصلى فيه , وكل هذا لا يصح عنهم.
المطلب الثالث: شبهات تعتمد على الأوضاع السياسية:
قد يقول البعض أننا نقر أن هذا المكان أصله مقبرة , ولا يجوز أن يتخذ مسجداً, لكن الناظر إلى ما يحصل لهذا المكان من الهجمات العدوانية من اليهود وغيرهم , ومحاولة الاستيلاء عليه وتحويله إلى كنيس يهودي إلى غير ذلك من الأخطار , فإن من الحكمة أن نتخذه مسجداً و نصلي فيه خوفاً من الاستيلاء عليه , فالذي ينظر إلى وضع المسجد الإبراهيمي يوجب الذهاب إليه والصلاة فيه , وعدم الذهاب إليه و الصلاة فيه ذريعة ووسيلة سانحة لليهود ليأخذوا المكان ويحولوه إلى مصلى لهم ... الخ.
ونحن نسأل سؤالا : لماذا اليهود يريدون تحويل هذا المكان بالذات إلى معبد لهم ,مع أنه يوجد حول المقبرة الإبراهيمية مساجد كثيرة, تحت حكم اليهود , كمسجد أهل السنة ـ السنيّة ـ ( * ) ومسجد قيطون و القزازين وغيرهم كثير ؟
والجواب: لأن المسجد الإبراهيمي مبني على قبور الأنبياء دون غيرهم من المساجد , و من دينهم أنهم يبنون الأبنية على قبور الأنبياء ويصلون فيها , كما أخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ", فتمسكهم به نابعه العقيدة وليس القهر والسياسة .
الخاتمة:
يتضح مما سبق أن هذا المكان عبارة عن مقبرة إسلامية , وحكمها حكم باقي المقابر , تصان ولا تهان يقول ابن كثير رحمه الله : " فينبغي أن تراعى تلك المحلة ـ أي المقبرة الإبراهيمية ـ [ ولم يسمها مسجداً , فتنبه ] وأن تحترم احترام مثلها وأن تبجل وأن تجل وأن لا يداس في أرجائها خشية أن يكون قبر الخليل أو أحد أولاده الأنبياء عليهم السلام تحتها " .(33)
و هذا هو القول الحق في هذا المكان , ولا يفهم من كلام الإمام ابن كثير تعظيم القبور وإسراجها والدعاء عندها أو شدِّ الرحال إليها , فهو ينهى عن دخول هذا المكان كيلا يداس في أرجائه , لأن الإسلام نهانا نمشي على القبور أو أن نجلس عليها فضلا عن جعلها مسجدا ومصلى , يقول صلى الله عليه وسلم " صلوا في بيوتكم ولا تجعلوا بيوتكم مقابر " ومفهومه أن المقبرة لا يصلى فيها , ويقول أيضا " الأرض كلها مسجد إلا المقبرة و الحمام " .(34)
فإذا عرفت كلام النبي صلى الله عليه وسلم وفقهت معناه فلا يجوز لك أن تقدم هواك أو عواطفك أو فتاوى مشايخك على أقوال النبي صلى الله عليه وسلم , وإن زخرفوا لك الأمور وحشدوا لك الشبهات المردودة , فالحق أحق أن يتبع .
أسأل الله أن يفقهنا في الدين , وأن يجعلنا ممن يعبده على علم وبصيرة , وأن يزيل عنا العصبية وحب الأهواء , وأن يحسن خاتمتنا إنه جواد كريم , وبه نستعين .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
الفهرست:
1-القاموس المحيط
2- خليل الرحمن العربية مدينة لها تاريخ ، يونس عمرو صفحة 43 ، ط1 ، دار القلم .
3- قصص الأنبياء , ص 180 ط. دار الفكر .
4- الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل ( 1 / 60 ) ط. دار النهضة
5- خليل الرحمن / يونس عمرو صفحة 43 ، 46 .
6- بلادنا فلسطين / الدبّاغ ( 5 / 57 ) .
7- اقتضاء الصراط المستقيم / ابن تيمية صفحة 401 / ط. الوزارة .
8-بلادنا فلسطين / الدباغ (5/80) .ط. دار الهدى
9- البداية والنهاية / ابن كثير ( 12/267) و (11/267) .ط.مكتبة المعارف-بيروت .
10- الأنس الجليل (1/60) .
11-مدائن فلسطين / الآغا . ص85 .
12- بلادنا فلسطين / الدباغ . (5/336) .
13- اقتضاء الصراط المستقيم (2/346) ط. الوزارة
14- المصدر السابق (2/340)
15- انظر تحذير الساجد للإمام الألباني .
16- معجم البلدان / ياقوت الحموي , ط. دار الفكر (2/387) .
17- بلادنا فلسطين (5/80) .
18 المصدر السابق .
19- المصدر السابق . (5/ 89) .
20- المصدر السابق . (5 / 108ـ111 )
21- بلادنا فلسطين . (5/ 111)
22- المصدر السابق . (5 / 322 )
23- المصدر السابق . (5 / 331)
24- المصدر السابق . (5 / 342 )
25- خليل الرحمن العربية / يونس عمرو , ص 51
26- صحيح الجامع ( 585 )
27- صحيح أبي داود ( 1 / 90 )
28- السلسلة الضعيفة ( 282 )
29- رواه الإمام أحمد بسند صحيح .
30- مشكاة المصابيح (640 ) بسند حسن .
31- مجموع الفتاوى (17 / 464 ) .
32- منهاج السنة (1/479ـ481) ط.مؤسسة قرطبة و دقائق التفسير (2/151) ط.علوم القرآن
33- اقتضاء الصراط المستقيم .(1/438ـ439) .
34- انظر تحذير الساجد . للشيخ الألباني ص47 ط.المعارف
* وهذا فيه رد على من يقول أن العلماء دخلوا المقبرة الإبراهمية ولو لم يكن مسجداً لما دخلوه , بل الهدى في اتباع منهج السلف الصالح.
35- انظر تحذير الساجد .
36- الأنس الجليل ( 1 / 56 )
37-لا عبرة بقول أحد مع قول النبي صلى الله عليه وسلم , والسبكي يجيز شد الرحال إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم , وانظر الصارم المنكي في الرد على السبكي لابن عبد الهادي . وقد ذكر المؤلف أيضاً دخول السبكي وبرهان الدين الجعبري وغيرهم في المقبرة والتدريس فيها. وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم . وانظر ما نقلناه عن شيخ الإسلام ابن تيمية ص10
38- الأنس الجليل (1/57)
39- إقتضاء الصراط المستقيم (1/331) ط.السنة المحمدية
(*)وصلاح الدين رحمه الله ـ وإن أخذ شيئاً من العلم على مثل أبي طاهر السلفي الصوفي! على نهج عصره: أشعري المعتقد شافعي المذهب إن لم يكن صوفي الطريقة ـ إنَّما كان عسكريًّا أكثر منه عالماً أو داعياً إلى الله على بصيرة، وقد نفع الله به في استعادة بيت المقدس من الصّليبين ولكن لم تظهر له همَّة أو محاولة لإعادة المسّلمين إلى الدّين الحقّ في البلاد التي حكمها حكماً مطلقاً بعد موت آخر ولاة الفاطميين: العاضد الذي منحه الوزارة وعيّنه قائداً لجيشه ولقَّبه (الملك الناصر)، وقد وفى له صلاح الدين فلم يَصْرف عنه الدعاء في خطبة الجمعة (رمز الولاية) إلى أحد بقايا العبّاسيين إلا في آخر مرض موته بعد أن فقد الإحاطة بما أحدثه صلاح الدّين رحمه الله، ولم يُظْهر صلاح الدين إنكاراً أو تغييراً لشيء من موبقات الفاطميّين وأشنعها وثنيّة المقامات والمشاهد والمزارات (وأشهرها وثن الحسين في القاهرة)، وقد بناه الفاطميّون قبل ربع قرن من دخول صلاح الدين في ولايتهم ثم وراثة ملكهم.ولم يُظْهر صلاح الدين تجاوز الله عنَّا وعنه إنكاراً أو تغييراً لشيء من منكرات الفاطميّين بعد استقلاله بالولاية، إلا ما يفعله أيُّ صوفي أو قبوري أو مبتدع ممن ينتمي إلى السّنة: تغيير مذهب الدراسة في الأزهر إلى مذهب الشافعي رحمه الله في أحكام العبادات والمعاملات (ولا يزال اليوم كما تركه) وإسقاط جملة: (حي على خير العمل) من ألفاظ الأذان.
بل ذكر السيوطي رحمه الله في تاريخ الخلفاء، أن صلاح الدّين هو الذي بنى تربة [قبة وثن] الشافعي في مصر، ويُذْكر عنه أنه هو الذي بنى ضريح [وثن] الرّاعي في فلسطين، ويَعْتَذِر له من يُحْسن الظنَّ به بأنه بناه مخبأ للسلاح أثناء قتال الصليبيين، ولكن هل يجوز أن يقاتل النصارى ممن دونهم بوسيلةٍ وثنيّة؟
ويُذكر عنه أنه تجاوز الله عنّا وعنه أحدث بدعتي إضافة جملة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إلى ألفاظ الأذان، وإضافة الابتهال قبل أذان الفجر ليلتي الاثنين والجمعة، ولم يُتَحْ لي التثبت من ذلك، ولكن إبقاءه وثن الحسين وغيره، وبناءه وثن الشافعي أشر منه. [ نقلاً من كلام الشيخ سعد الحصين في أحد مقالاته على موقعه في الإنترنت ]
(*) وسبب بناءه : حديث " لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " [ أي كانوا يرون حرمة الصلاة في المسجد الإبراهيمي ] . انظر كتاب : المسجد الإبراهيمي / قسم إحياء التراث الإسلامي ـ في بيت المقدس . ص 104 , النشرة الرابعة 1985م .
ومع ذلك فنحن مع عدم جواز ترك المكان لليهود , ولا ندع لهم أية فرصة ليأخذوا المكان , فيجب أن يبقى للمسلمين و أن تبقى مقبرة إسلامية موقوفة .ولكن البحث هنا في حكم الصلاة في هذا المكان , ولا يفهم مما قلناه أن نترك المكان لليهود ليأخذوه فهذا لا يجوز, ويجب أن يبقى في يد المسلمين ما استطاعوا . وهنا سؤال : هل لا يوجد وسيلة لحماية هذا المكان أو هذه المقبرة إلا بالصلاة فيها , بل هناك وسائل أخرى يستطيع الإنسان أن يحمي هذا المكان كما يحمي مزرعته وأرضه ومصنعه ,إلى غير ذلك . ولنفترض أن مقبرة من المقابر التي ترجع للمسلمين أراد اليهود أخذها , فهل ندعو الناس إلى الصلاة في هذه المقبرة, وإذا لم نفعل ذلك أصبحنا مفرّطين مخذِّلين مسلِّمين المقبرة لليهود ؟ لا يقول هذا الكلام عاقل , فإذا تم لليهود ما يريدون , فلنعلم أن هذا أولاً ابتلاء من الله تعالى يجب الصبر عليه , وثانيا : أن ما يصيب المسلمين من بلاء لا يكون إلا بسبب الذنوب و المعاصي , فالواجب على المسلمين أن يرجعوا إلى الله تعالى , ولا يفرطوا في أوامر الله و رسوله , ولا يقدموا عواطفهم على حكم الله تعالى , قال تعالى : " ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب "
40- قصص الأنبياء (180) ط. دار
41- صحيح الجامع (2767)
بقلم
سعد بن فتحي الزعتري
بتاريخ : 2 صفر 1428ه










رد مع اقتباس
قديم 2013-02-01, 19:26   رقم المشاركة : 49
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

العناية بالتراث الإسلامي
فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه



الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين .
أما بعد :
لا شك أن التُراث الإسلامي أمره مهم والعناية به واجبة ، وعلى رأس هذا التراث كتاب الله عز وجل ، وسنة رسوله محمد عليه الصلاة والسلام ، فهما أعظم تراث وأفضل تراث وأنفع تراث ، وهما أصل دين الإسلام وأساسه ، خلفهما لنا رسولنا ونبينا وإمامنا محمد بن عبد الله عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم ، والله يقول في كتاب
ه العظيم { ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا } وعلى رأس المصطفين رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام ثم صحابته الكرام ثم أتباعهم بإحسان جعلنا الله وإياكم من أتباعهم بإحسان .

فكتاب الله فيه الهدى والنور ، وهو أعظم التراث وأفضل التراث وأصدقه، فيه الدلالة على كل خير والتحذير من كل شر، فيه الدعوة إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والتحذير من سيئ الأخلاق وسيئ الأعمال .

وفي سنة رسوله بيان ما قد يخفى ، مع بيان أحكام جاءت بها السنة لم تذكر في كتاب الله ، وأحكام فصلتها السنة لم تفصل في كتاب الله ، قال تعالى: { وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } وقال جل وعلا : { وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } ، فسيرته وأقواله وأعماله وتقريراته كلها من السنة وكلها من التراث .

وإن السنة التي جاءت عن الرسول صلى الله عليه وسلم من قوله وعمله وتقريراته وغزواته وغير ذلك- يجب على أهل الإسلام والعلماء على الوجه الأخص والحكام وطلبة العلم العناية بها تفسيراً ، ومن ذلك الكتب الإسلامية المشتملة على تفسير كتاب الله وبيان معناه، والمشتملة على أحاديث الرسول وسيرته ومغازيه وغير ذلك كالصحيحين والسنن الأربع وموطأ مالك ومسند أحمد وكتب الحديث ، فإنها أعظم التراث وأفضل التراث وأهم التراث بعد كتاب الله.
وهذا التراث العظيم - كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام - الواجب العناية بهما ، والوصية بهما والتمسك بهما قولاً وعملاً وعقيدة ، في السر والجهر ، في الشدة والرخاء ، في الصحة والمرض ، في السفر والإقامة ، من الذكور والإناث ، من العرب والعجم ، من الجن والإنس ، من الحكام والمحكومين ، من الأغنياء والفقراء ، على هؤلاء جميعاً أن يعملوا بهذا القرآن وسنة رسول الله المطهرة، وأن يحفظوا هذا التراث حفظاً يتضمن العمل والنصيحة، والدعوة إلى هذا التراث والاستقامة على معناه والحرص على تبليغه لجميع العالم وبكل الطرق وبجميع الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة . يقول سبحانه وتعالى: { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } وقال النبي - لما بعث علياً إلى خيبر وأمره أن يدعو أهلها وهم اليهود إلى الإسلام - قال عليه الصلاة و السلام:« فوالله لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم » متفق على صحته .

ومن أعظم العناية بالتراث العناية بالمخطوطات الحديثية والمخطوطات التفسيرية والمخطوطات الفقهية لأئمة الإسلام المعروفين المحتج بهم والمعمول بأقوالهم ، فالعناية بها من أهم العناية ، وهكذا كتب اللغة العربية والقواعد العربية وكتب التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية ، كلها تجب العناية بها حتى تنقل سليمة صافية ، سليمة من عبث العابثين وكذب الكذابين ، وقد عني علماء الإسلام بذلك ، وبينوا ما أدخله الكذابون في أحاديث الرسول وما وضعه الواضعون من الكتب الباطلة .
حتى الكتب الأخرى التي تنفع المسلمين فى أمور دنياهم والمتلقاة عن أهل الثقة والبصيرة فى شئونهم – يعتنى بها - لأن الناس في حاجة إلى أن يعرفوا شئون دنياهم ويستعينوا بها على طاعة الله وكل شيء ينفع المسلمين ويعينهم على حفظ دينهم وحفظ كتاب ربهم وسنة نبيهم عليه الصلاة والسلام ، ويعينهم على الإعداد للأعداء فهو مهم ، ومن التراث الذي يجب أن يحفظ ويعتنى به، والله يقول سبحانه : { وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ } فالكتب التي ألفها الأقدمون من المسلمين ، أو ألفها غير المسلمين وتنفع المسلمين وتعينهم على الإعداد للعدو ، وهم في شتى العلوم الدنيوية يعتنى بها أيضاً .

ومن أعظم ذلك العناية أيضاً بالسلف الأخيار وعلى رأسهم نبينا عليه الصلاة والسلام ، في أخلاقه وسيرته وقيامه وصلاته وغير ذلك، وسيرة أصحابه وأعمالهم الطيبة وغزواتهم وجهادهم وتعليمهم وإرشادهم وما كانوا عليه من بث العلم ونشره ، وحلقات العلم في المساجد ، وما كان عليه أهل العلم من النشاط في ذلك ، والعناية بذلك ، حتى يتأسى الآخر بالأول ، وحتى يلحق الآخر بالأول بالعمل الصالح والعلم النافع والسيرة الحميدة والبلاغ للحق وإيثاره على ما سواه ، وكل أمر سلكه الأخيار والقدامى مما ينفع المسلمين ويعينهم على تنفيذ أمر الله والوقوف عند حدوده يعتني به .

أما ما ألصقه الجهلة أو الأعداء بالإسلام فيجب التنبيه عليه ، حتى يتبين براءة الإسلام منه وحتى لا يلصق بالتراث الإسلامي ما ليس منه ، كما فعل الجهلة والمشركون من إحداث الأبنية على القبور واتخاذ المساجد على القبور ، فهذا ليس من شأن الإسلام ، والإسلام يحارب هذا . يحارب البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها لأنها من وسائل الشرك كما فعلت اليهود والنصارى وتابعهم كثير من هذه الأمة ، من الجهلة والمبتدعة حتى بنوا على القبور ، واتخذوا عليها المساجد والقباب ، وحصل الشرك بسبب ذلك ، فيجب أن ينبه على أنها ليست من الإسلام وليست من التراث الإسلامي ، ويجب إنكار ذلك والقضاء عليه ، وهكذا الصلاة عند القبور والدعاء عندها وتحري القراءة عندها من وسائل الشرك ، يجب أن ينبه على هذا ويبين أنها ليست من التراث الإسلامي ، بل هي مما أحدثه الجهلة وأنكره الإسلام، وهكذا ما أحدثه بعض الناس من الاحتفال بالموالد ويزعمون أنه من التراث ، وهذا غلط ، ليس من التراث الإسلامي ، وإن فعله كثير من المسلمين في أمصار كثيرة ، جهلاً وتقليداً ، فالاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين بعد القرون المفضلة ، وليس من التراث الإسلامي ، وهو من التراث المبتدع .

وهكذا الاحتفال بجميع الآثار التي يدعو إليها دعاة الشرك ، سواء كانت صخرة أو شجرة ، أو غير ذلك مما يعظمه الجهال أو يتبركون به، كل هذا مما ينافي الإسلام وهو ضد الإسلام ، ولما بلغ عمر1 رضي الله عنه أن أناساً يقصدون الشجرة التي بويع تحتها الرسول عليه الصلاة والسلام ويصلون عندها خاف عليهم وأمر بقطعها سداً لذرائع الشرك ، ولما بلغه أن جثة في فارس تنسب إلى دانيال نبي الله ، وأن هناك من يغلو فيها من الأعاجم ، وبلغه جيشه ذلك ، أمر بأن يحفر بالليل بضعة عشر قبراً ثم يدفن فى أحدهما ثم تسوى ليلاً ، حتى لا يعرف ، وحتى لا يغلى فيه ولا يعبد .
والمقصود أن الغلو في القبور بالبناء عليها والصلاة عندها والعكوف عليها واتخاذ المساجد عليها ليس من التراث الإسلامي ، بل هو من التراث الذي نهى عنه الإسلام وأنكره وحذر منه ، وهو من وسائل الشرك ، وهكذا فقد توجد أصنام في بعض البلدان أو بعض الدول تنسب إلى الأنبياء أو تنسب إلى الإسلام يجب أن يعلم أنها خطأ وضلال ، وأن جميع الأنبياء وجميع الرسل كلهم عليهم الصلاة والسلام دعوا إلى توحيد الله ، وإلى الإسلام ، الذي هو إخلاص العبادة لله وحده ، وكلهم يحاربون الأصنام ، وأولهم نوح عليه الصلاة والسلام حارب ما يعبد من غير الله ونهى قومه عن ذلك ، وحذر من عبادة : ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر لما وقع الشرك بهم بسبب الغلو ، فيجب التنبه لهذا الأمر ، ويجب على طلاب العلم وأهله النهي عن ذلك حتى لا يدخل في الإسلام ما ليس منه .

ويجب أن يُعرف التراث الإسلامي ، وأنه ما ثبت بكتاب الله ، أو سنة رسوله ، وبما شرعه اللهُ لعباده ، أو أجمع عليه المسلمون ، هذا هو التراث الإسلامي ، أما ما ابتدعه المبتدعون وأحدَثه المحدثون من عبادات أو أماكن تعظم ، أو أشجار وغير ذلك- فهذه لا يجوز أن تُنسب إلى الإسلام ويقال إنها تراث إسلامي ، بل يُبين أنها بدع وأنه من الواجب الحذر منها كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح : « من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد » متفق على صحته ، وقال عليه الصلاة والسلام : « من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد » أخرجه مسلم في صحيحه .

والخلاصة : أن المقصود من التراث الإسلامي هو ما بُعث به نبينا عليه الصلاة والسلام من الهدى ودين الحق ، والكتب التي ألفت في ذلك مما ينفعنا والمخطوطات الموجودة في ذلك ، وهكذا كل ما نريده ونأخذ به ونستعين به على طاعة الله وعلى الإعداد لأعداء الله .
أما ما يُخالف ديننا فهو ليس من الإسلام في شيء ، بل يجب أن يُحارب ويُبتعد عنه ويُحذر منه على حسب ما تقتضيه الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة ومن إجماع أهل العلم .

وأسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يَمنحنا وإياكم الفقه في الدين والثبات عليه ، وأن يصلح أحوالنا جميعاً ، وأن يوفق جميع المسلمين في كل مكان للفقه في الدين والثبات عليه ، وأن يُولي عليهم خيارهم ويُصلح قادتهم ، وأن يُوفق جميع ولاة الأمر من المسلمين إلى الأخذ بشريعته والتحاكم إليها وإنكار ما خالفها ، إنه جل وعلا جواد كريم . وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعهم بإحسان .
( مجموع فتاوى الشيخ ابن باز -6/206 ) بتصرف


1-انظر حول هذا الأثر كتاب ( تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد ) للعلامة الألباني ص 125 .










رد مع اقتباس
قديم 2013-02-01, 19:31   رقم المشاركة : 50
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










رد مع اقتباس
قديم 2013-02-01, 19:37   رقم المشاركة : 51
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لن ينتصر المسلمون حتى يتوحدوا ،
و لو يتوحـدوا حتـى يـؤلـف الله بين قلوبهم :
اللهـم ألـف بين قلوب المسلمين وبين ولاتهم
واجعلهم متعاونين على الخير و الهدى
و اجمع كلمتهـم على الحق يـا رب العالمين
اللهم احفظنا بالإسلام قائمين.
اللهم احفظنا بالإسلام قاعدين.
اللهم احفظنا بالإسلام راقدين.
اللهم لا تشمت بنا الأعداء ولا الحاسدين.
اللهم أعنا ولا تعن علينا.
اللهم انصرنا ولا تنصر علينا.
اللهم امكر لنا ولا تمكر بنا.
اللهم اهدنا ويسر لنا الهدى، يا رب العالمين،
يا أكرم الأكرمين، ويا أرحم الراحمين!
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها،
وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.
اللهم ألف بين قلوب المسلمين.
اللهم أصلح ذات بينهم.
اللهم اهدهم سبل السلام.
اللهم أخرجهم من الظلمات إلى النور.
اللهم انصرهم على عدوك وعدوهم،
يا رب العالمين!
اللهم اشرح صدورهم.
اللهم يسر أمورهم.
اللهم تولَّ أمورهم،
إنك على كل شي قدير.
اللهم ارحم المسلمين رحمة تغنيهم بها
عن رحمة من سواك.
اللهم أصلح أحوالهم كلها، يا رب العالمين!أتى رجل يزعم أنه يعلم الغيب ليناظر الشيخ الألباني

فقال له الامام الألباني : أريد أن أسألك سؤالًا .؟

فرد الرجل: ماهو السؤال .؟

:

فقال الألباني : كيف تدعي انك تعلم الغيب ولا تعرف السؤال ؟

انتهت المناظرةقال الشيخ الألباني -رحمه الله-:

" فاحرص أيها المسلم! على أن تعرف إسلامك من كتاب ربك، وسنة نبيك،
ولا تقل: قال فلان؛ فإن الحق لا يعرف بالرجال، بل اعرف الحق تعرف الرجال، ورحمة الله على من قال:

... العلمُ قالَ اللهُ قالَ رسولهُ ** قالَ الصحابةُ ليس بالتَّمْويهِ
ما العلمُ نَصْبَكَ للخلافِ سفاهةً ** بينَ الرسولِ وبينَ رأيِ فقيهِ
كلَّا ولا جَحْدَ الصفاتِ ونفيَها ** حَذَراً منَ التمثيلِ والتشبيهِ "










رد مع اقتباس
قديم 2013-02-01, 19:39   رقم المشاركة : 52
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شرح معنى الأولياء الصالحين:

فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله تعالى – : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد .. قال تعالى : ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون ). أخذ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من هذه الآية عبارة قال فيها من كان مؤمنا تقيا كان لله وليا فيقول الله عز وجل إن هؤلاء الأولياء ( لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) لا خوف عليهم لما يستقبل من أمرهم ولا هم يحزنون على ما مضى من أمرهم لأنهم أدركوا معنى الحياة الدنيا فعملوا عملا صالحا وآمنوا بالله واتقوه فصاروا من أوليائه ثم قال ( لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) البشرى تعني البشارة في الحياة الدنيا وفي الآخرة والبشارة في الحياة الدنيا أنواع .

فمنها الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له أحد يراها له يعني يرى في المنام ما يسره أو يرى له أحد من أهل الصلاح ما يسره مثل أن يرى أنه يبشر بالجنة أو يرى أحد من الناس أنه من أهل الجنة أو ما أشبه ذلك أو يرى على هيئة صالحة المهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرؤيا الصالحة يراها أو ترى له تلك عاجل بشرى المؤمن . ومنها إن الإنسان يسر في الطاعة، ويفرح بها وتكون قرة عينه، فإن هذا يدل على أنه من أولياء الله .

قال النبي صلى الله عليه وسلم: من سرته حسنته، وساءته سيئته فذلك المؤمن فإذا رأيت من نفسك أن صدرك ينشرح بالطاعة، وأنه يضيق بالمعصية فهذه بشرى لك، أنك من عباد الله المؤمنين ومن أوليائه المتقين، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: وجعلت قرة عيني في الصلاة .

ومن ذلك أيضاً أن أهل الخير يثنون عليه ويحبونه ويذكرونه بالخير، فإذا رأيت أن أهل الخير يحبونك ويثنون عليك بالخير، فهذه بشرى للإنسان أنه يثنى عليه من أهل الخير، ولا عبرة بثناء أهل الشر ولا قدحهم، لأنهم لا ميزان لهم ولا تقبل شهادتهم عند الله، لكن أهل الخير إذا رأيتهم يثنون عليك وأنهم يذكرونك بالخير ويقتربون منك ويتجهون إليك فاعلم أن هذه بشرى من الله لك .

ومن البشرى في الحياة الدنيا، ما يبشر به العبد عند فراق الدنيا، حيث تتنزل عليه الملائكة ( ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون نزلاً من غفور رحيم ) ومن البشارة أيضاً أن الإنسان عند موته بشارة أخرى، فيقال لنفسه: اخرجي أيتها النفس الطيبة التي كانت في الجسد الطيب، اخرجي إلى رحمة من الله ورضوان،
فتفرح وتسر .

ومن ذلك أيضاً البشارة في القبر، فإن الإنسان إذا سئل عن ربه ودينه ونبيه وأجاب بالحق، نادى مناد من السماء أن صدق عبدي ؛ فافرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة وافتحوا له باباً من الجنة .

ومنها أيضاً البشارة في الحشر، تتلقاهم الملائكة ( هذا يومكم الذي كنتم توعدون ) و ( وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون )

المهم أن أولياء الله لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة نسأل الله أن يجعلنا وإياكم منهم.










رد مع اقتباس
قديم 2013-02-01, 19:41   رقم المشاركة : 53
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

نصيحة لمن يهتم ببناء القباب والأضرحة
العلامة :عبد العزيز ابن باز -رحمه الله


النصيحة لعلماء الصوفية ولغيرهم من أهل العلم, أن يأخذوا بما دل عليه كتاب الله, وسنة رسوله- عليه الصلاة والسلام-, وأن يعلموا الناس ذلك, وأن يحذروا إتباع من قبلهم فيما يخالف ذلك, فليس الدين بتقليد المشايخ ولا غيرهم, وإنما الدين ما يؤخذ عن كتاب الله, وعن سنة رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم -, وعما أجمع عليه أهل العلم, وعن الصحابة - رضي الله عنهم -, الدين هكذا يؤخذ لا عن تقليد زيد وعمر,
وقد دلت السنة الصحيحة عن رسول الله- عليه الصلاة والسلام- على أنه لا يجوز البناء على القبور, ولا اتخاذ المساجد عليها, ولا اتخاذ القباب, ولا أي بناء كل ذلك محرم بنص الرسول- عليه الصلاة والسلام-, ففي الصحيحين عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد), قالت - رضي الله عنها - يحذر ما صنعوا ، وفي الصحيحين عن أم سلمة, وأم حبيبة - رضي الله عنهما - أنهما ذكرتا للنبي - صلى الله عليه وسلم - كنيسة رأتاها بأرض الحبشة وما فيها من الصور فقال: (أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله),
فأخبر- عليه الصلاة والسلام- أن الذين يتخذون المساجد على القبور هم شرار الخلق, وهكذا ما يتخذ عليها صور؛ لأنها دعاية للشرك اتخاذ المساجد, والصور على القبور, والقباب دعاية إلى الشرك؛ لأن العامة إذا رأوا هذا عظموا المدفونين, واستغاثوا بهم, ونذروا لهم, ودعوهم من دون الله, وطلبوا منهم المدد والعون, وهذا من الشرك الأكبر, وفي حديث جندب بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - فيما خرجه مسلم في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إن الله قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) هكذا روى مسلم في الصحيح,
فدل ذلك على فضل الصديق - رضي الله عنه -, وأنه أفضل الصحابة وخيرهم, وأنه لو ساغ للنبي أن يتخذ خليلاً لاتخذه خليلاً - رضي الله عنه -, ولكن الله- جل وعلا- منعه من ذلك حتى تتمحض محبته لربه- سبحانه وتعالى- فإنه كلف على المحبة, وفي الحديث دلالة على تحريم البناء على القبور, واتخاذ المساجد عليها, وعلى ذم من فعل ذلك من جهة ثلاث
الأولى: ذمه من فعل ذلك،
الثاني قوله: (فلا تتخذوا القبور مساجد) ،
الثالث قوله: (فإني أنهاكم عن ذلك),










رد مع اقتباس
قديم 2013-08-09, 07:00   رقم المشاركة : 54
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

للرفع................










رد مع اقتباس
قديم 2013-08-09, 07:03   رقم المشاركة : 55
معلومات العضو
زهــورالمحـبـ♥ـہ
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية زهــورالمحـبـ♥ـہ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2013-08-09, 07:23   رقم المشاركة : 56
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وفيك بارك الله اختاه










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-10, 10:32   رقم المشاركة : 57
معلومات العضو
قطــــوف الجنــــة
عضو متألق
 
الصورة الرمزية قطــــوف الجنــــة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

للرفع ....................................










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-11, 22:50   رقم المشاركة : 58
معلومات العضو
نهى اسطاوالي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك اختي وجزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2014-10-09, 01:25   رقم المشاركة : 59
معلومات العضو
SevoreK
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرااا جزاك الله كل خير










رد مع اقتباس
قديم 2014-10-14, 22:51   رقم المشاركة : 60
معلومات العضو
aboubilal
عضو مبـدع
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قطــــوف الجنــــة مشاهدة المشاركة
حكم بناء القباب على القبور، وشبهة القبة التي على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم
الشيخ رحمه الله عبد العزيز ابن الباز


https://www.binbaz.org.sa/mat/10230


https://www.binbaz.org.sa/mat/1756

هل هي حملة لإعداد الناس على قبول هدم القبة الخضراء مستقبلا









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الخضراء, القباب, القبة, القبور،, وشبهة

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:32

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc