س: يحضّر النصارى لاحتفالات آخر السنة والمتعلقة بعيد المسيح، وما يثير القلق هو مشاركة بعض المسلمين لهؤلاء النصارى واحتفالهم بتلك الأعياد، فماذا يقال لهم وهم يمشون على أرض طيبة وبلاد مسلمة؟
ج:قال تعالى:" إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ"آل عمران:19، وقال أيضا:" وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ"سورة آل عمران:85.
وقال صلى الله عليه وسلم:"لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا حرم الله عليه الجنّة".
فالدين الذي ارتضاه الله تعالى لعباده،ولا يقبل منهم دينا سواه هو الإسلام الذي أتم الله بيانه ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والرسل،بعثه الله بشريعة نسخت جميع الشرائع،ذلك أنه لا تعامل بين المسلمين وغير المسلمين إلا في الإطار الذي حدده الكتاب والسنة وفق منهج علمي دقيق.
وإنه لمن المحزن حقا أن ترى أناسا أنعم الله عليهم بنعمة الهداية إلى الإسلام فلم يشكروها،بل وراحوا يفعلون ما يخالف تعاليم الإسلام وأحكامه وعقيدته من ذلك:التشبه بأعداء الدين وأعداء الله من اليهود والنصارى،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه قالوا:يارسول الله،اليهود والنصارى ؟قال :فمن؟"(1)،وعن ابن عمر رضي الله عنه:قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من تشبه بقوم فهو منهم" (2).
روى أبو داود عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال:نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلا ببوانه:فقال:إني نذرت أن أنحر إبلا ببوانة،فقال النبي صلى الله عليه وسلم:هل كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟قالوا:لا:قال :هل كان فيها عيد من أعيادهم؟قالوا:لا،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أوف بنذرك،فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم"(3).
و بوانة: اسم علم لمكان،فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن لذاك الرجل بالوفاء بنذره حتى تأكد من أن ذلك المكان لم يكن فيه عيد من أعياد المشركين.
وقال عمر رضي الله عنه:"لا تدخلوا على النصارى يوم عيدهم، فإن السخط والغضب ينزل عليهم".وقال ابن القيم:"إن الاحتفال بأعياد الكفار إن لم يكن كفرا فهو حرام".
وقد نقل علماء المالكية قول الإمام مالك-رحمه الله –في هذه المسألة، وهو تحريم مشاركة النصارى في عيدهم، وانظر في هذا" المدخل"لابن الحاج المالكي...ولا عيد للمسلمين إلا عيد الفطر وعيد الأضحى، ومن ادعى وجود عيد آخر زيادة عليهما فقد افترى على الله وعلى رسوله الكذب، إلا ما خلا من ربطه بالدين والعبادة.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:"كان لأهل الجاهلية يومان في كل سنة يلعبون فيها،فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال:"كان لكم يومان في كل سنة تلعبون فيهما وقد أبدلكم الله بهما خيرا منهما:يوم الفطر ويوم الأضحى"(4).
ولا شك في أن تهنئة النصارى في يوم عيدهم و إظهار شيء من شعائرهم أو مظهر احتفالهم كصنع حلوى خاصة أو بيعها أو شرائها يعتبر من الولاء لأعداء الله،والله تعالى يقول:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"سورة المائدة:51.وقال:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ"سورة الممتحنة:01.
وعلى كل مؤمن علم الحكم في هذه القضية الخطيرة،أن يتوب إلى الله تعالى،وأن يمتثل إلى قوله سبحانه وتعالى:" وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُّبِينًا"سورة الأحزاب:36.وقوله عزوجل:" وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ"سورة البقرة:285.
(1):أخرجه البخاري(3456) ومسلم(2669).
(2):أخرجه أحمد(2/50و29)،وغيره وهو حديث صحيح،كما في "الإرواء"(1269).
(3):أخرجه أبو داود(3/33) وهو حديث صحيح أنظر"المشكاة"(3437).
(4):أخرجه النسائي(1/231) وأحمد(3/103) وهو صحيح أنظر"الصحيحة(2021).