أولا: إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة محكمة لا يمكن لمسلم أن يجادل في فرضيته، ويكون تغيير المنكر بوسيلة اليد أو بوسيلة اللسان أو بوسيلة القلب على حسب ما أفاد الحديث الذي رواه مسلم وغيره، لكن ليس في النصوص بيان لكيفية التغيير بالوسائل المتقدمة، وهذا يبين أن أي كيفية تؤدي لتغيير المنكر بأي وسيلة من الوسائل المتقدمة من غير أن يترتب عليها أي معارضة لنصوص شرعية أو يترتب عليها منكر أشد نكرا من المنكر المراد إزالته هي كيفية مقبولة ويعتد بها شرعا، لعدم المانع من ذلك، ومن ثم فمن يمنع من هذه الكيفية التي ذكرت في الكلام المتقدم عليه القيام بأحد أمرين:
1-إما أن يبين لنا ما النصوص الشرعية التي تعارضها هذه الكيفية
2-أو يبين لنا ما المنكر الأشد الذي يترتب على هذه الكيفية
ثانيا: نعود إلى فتاوى أهل العلم الكرام التي وردت في مشاركة الأخ
والفتاوى في مجموعها تعود إلى عدة أمور:
الأمر الأول-أن المظاهرة من أسباب الفتن والظلم والتعدي على الآخرين وأن الطريق المشروع هو مناصحة ولاة الأمور دون التشهير بهم، (فالحديث إذن عن مظاهرة بأوصاف معينة كالظلم والتعدي على الغير مع إمكان مناصحة الأمير والسلطان ومكاتبته مما يمكن معه تحقيق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بدونها)
ومن ثم فإن المظاهرة إذا خليت عن تلك الأوصاف المذمومة ولا يترتب عليها ما ذكر أعلاه، فلا يجوز لأحد أن ينسب للشيوخ المنع منها بناء على كلامهم السابق، لأن هذا تقويل لهم لما لم يقولوه وهذا أمر لا يجوز.
والمظاهرة موضوع حديثي التي يشرع القيام بها هي ما عريت عن تلك الأوصاف المذمومة ولم يمكن كف الأمير والسلطان عن المنكر الواقع بل كان هو الحامي له والزائد عنه وهو في حالتنا تسليم امرأة مسلمة إلى النصارى ليفتنوها عن دينها وقد قدمت له مناشدات عبر العديد من موقع الانترنت وقدمت بلاغات للنيابة التحقيق في هذا الأمر لكنها حفظت
الأمر الثاني-عدم جدواها حيث ثبت بالتجربة أنها لم ترجع حقا ولم تغير قرارا سياسيا مع الضرر الحادث منها كالاعتقالات والإصابات والحوادث.
وما ذكر هنا ليس مرتبطا بالمظاهرة ارتباطا لا ينفك فهو ليس من لوازمها، إنما يعبر عن حالات مرتبطة بزمان ومكان وبيئة _بدليل أن كثيرا من المظاهرات في بيئات أخرى تحقق كثيرا من المأمول منها_ وما كان كذلك فلا يصلح أن يؤخذ منه حكم عام، وأقرب مثال لذلك الوقفة الاحتجاجية التي قام بها المحامون، والتظاهرات المتعددة التي قام بها كثير من المسلمين عند المساجد، فإنه لم يترتب على واحدة منهما ضرر أو أذى، كما حققت بعض ما يراد منها كإطلاع الناس على حقيقة ما يدور وبيان خطورة انبطاح الدولة أمام الكنيسة، وما يتعرض له المسلمون الجدد من محاولة فتنتهم وردهم إلى الكفر مرة أخرى، وإشعار الدولة لخطورة الضعف أمام الكنيسة وتأثيره على الأمن والاستقرار
كما أنه ليس من شرط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ألا يترتب عليه ضرر أو أذى بل قد ثبت بالقرآن والسنة حصول أشد الأذى للآمرين الناهين وهو القتل وكان هذا مدعاة لعلو منزلتهم ومكانتهم ولم يكن مانعا من الأمر أو النهي قال الله تعالى: " إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الِّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ" فاللوم والعذاب على من قتلهم وليس على الآمر الناهي، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله".
ومما نلحظه في كلا الأمرين عدم الاحتجاج بنص معين في منع المظاهرة بل الاحتجاج بقواعد عامة مما يعني أن المسألة ليست منصوصة وإنما هي من مسائل الاجتهاد، وهذا مما ينبغي الوقوف عنده فلا يعدها من قال بها أو من منع منها أنها من مسائل العقيدة أو من قواطع الأحكام.
الأمر الثالث- أن المظاهرات من باب التشبه بالكفار، والتشبه بالكفار ممنوع
وحقيقة فالتشبه بالكفار ممنوع: لكن التشبه الممنوع منه إنما هو فيما يختص بهم بحيث يكون من شعارهم، وأما ما لم يكن بهذه المثابة فلا يتوجه النهي إليه، وقد اقتبس المسلمون زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكرة الخندق من الفرس في الدفاع عن المدينة وذلك في غزوة الخندق (الأحزاب)، كما أقتبس المسلمون زمن عمر رضي الله تعالى تدوين الدواوين من الفرس أيضا، وفي زمننا هذا هناك الأسلحة الكثيرة التي تستخدم في القتال كالصاروخ والمدفع والطائرة والغواصة وغير ذلك
وكلها من اختراع الكفار وصناعتهم ولا يقول أحد إنه يمتنع استخدام المسلمين لهذه الأسلحة في الجهاد لأن في استخدامها تشبها بالكفار منقول
وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله
وانت تعرف العشرات من الأحاديث والآيات التي تطلب من المسلمين ان يأمروا بالمعروف وينهون عن المنكر ومابالك بالمنكر الشائع
حرم الداعية الإسلامي الشيخ/ عبد المجيد عزيز الزنداني- الاعتداء على المتظاهرين ، معتبراً ذلك جريمة لا تسقط بالتقادم، كما اعتبر الاعتصامات والمظاهرات والمسيرات بمثابة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" وقد تكون واجبة إذا نادت بحقوق مشروعة وتلتزم السلمية ولا يجوز للشرطة أن تضرب من يعبر عن رأيه بالوسائل السلمية وعلى الحكومة أن تضمن حق عدم التعرض للمتظاهرين".
وأعتقد أن الخروج عن الحاكم المحرم هو الخروج المسلح كما تفعل القاعدة والتكفيريين
والملاحظ أن العلماء الذين يحرمون المظاهرات لانها نوع من الخروج عن الحاكم هم في اغلبهم علماء المملكة السعودية رغم أن آل سعود هم أنفسهم خرجوا عن الخلافة العثمانية وقاتلوها بل وتحالفوا مع الانكليز