يقول الله سبحانه وتعالى فى محكم آياته
" ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا "
إذا فأنت أيها الزانى لم تعص ولم تخالف فى أى شئ
فلم الخوف إذا ؟
أنت لم تعص الشيطان فى شئ
ولم تخالف هواك فى شئ
وطاوعت نفسك الأمارة بالسوء فى كل شئ
اتبعت الشيطان ولم تخالفه إلى ما دعاك إليه
مع أنه لم يفعل لك شيئا إلا أنه دعاك إلى الزنا فاستجبت أنت له
وستكون تحت لواء إبليس يوم القيامة وفى أول الصفوف التى اجتمعت عليه , يوم يقف فيكم خطيبا فى جهنم أنت ومن على شاكلتك من الزناة والعصاة ليزيدك حزنا إلى حزنك
وغبنا إلى غبنك , وحسرة إلى حسرتك
ليقول لك كما أخبرنا الله سبحانه وتعالى فى قرآنه
" وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم "
نعم , سيتبرأ منك أيها الزانى ويقول لك
ما كان لى عليك من سلطان
هل ضربتك على يدك لتزنى ؟
هل سحبتك من عنقك لتزنى ؟
هل سيرت قدماك إلى الموضع الذى ارتكبت فيه فاحشة الزنا ؟
كل ما فعلته أننى دعوتك للزنا وفقط , فما كان منك إلا أن لبّيْت طلبى واستجبت لدعوتى , وعصيت من خلقك وخلقنى
ألم يأتك رسل ربك ؟
ألم ينهك الله عن الزنا ؟
فلِمَ تلومنى أنا ؟
لا تلمنى ولُمْ نفسك
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان كان عليه كالظلة فإذا انقلع رجع إليه الإيمان " .
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
فإذا أقمت على الزنا فهل يبقى فى قلبك شئ من إيمان يوضع فى ميزانك يوم القيامة ؟
وإذا لم يبقى فى ميزانك شئ من إيمان , فما مصيرك المحتوم ؟
وهل لك أي أمل تتعلق به فى دخولك فى رحمة الله وجنته إلا بإيمانك بالله ؟
فإن ضيعته فما يبقى لك ؟
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن "
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
فإن أقمت على الزنا فقد انسلخت من الإسلام وأصبحت كافرا مشركا بالله
والله سبحانه وتعالى يقول
{ إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء }
فلا يغرنك أنك تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
فقد لا تجاوز شهادتك ترقوتك ولا يقبلها الله أبدا إن أنت أقمت على فاحشة الزنا , وحاربت الله ورسوله
واحذر أن يختم الله لك بخاتمة السوء , وأنت مقيم على فاحشة الزنا
أو أن تكون على فراش الموت , ويلقنوك لا إله إلا الله ليُختم لك بها , فيُعجزك الله عن النطق بها
وفى الحديث الشريف عن النبى صلى الله عليه وسلم قال
" يا معشر المهاجرين ! خصال خمس إذا ابتليتم بهن ، وأعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قوم قط ؛ حتى يعلنوا بها ؛ إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا "
فأبشر أيها الزانى المقيم على الزنا
فوالله إن وعد الله حق
فلسوف تتفشى فيك الأمراض الخبيثة والأوجاع التى يحتار فيها الطب والأطباء , والتى لم يكتشف العلم الحديث علاجا لها حتى يومنا هذا
ولسوف يبتليك الله بالسرطان ومرض الإيدز , وتظل حبيس الفراش , تتجرع الكيماويات فى الدنيا , فضلا عن الصديد فى الآخرة
ثم يتساقط شعرك كله , ويزول جمال وبهاء وجهك
ويضمر جسدك وتصبح أشبه بالقردة
حتى يعف أقرب المقربين عن النظر فى وجهك أو مخالطتك
أو حتى مد يد العون إليك فى مرضك
والزنا يجمع خلال الشر كلها من قلة الدين وذهاب الورع ، وفساد المروءة وقلة الغيرة ، فلا تجد زانيا معه ورع ، ولا وفاء بعهد ، ولا صدق في حديث ، ولا محافظة على صديق ، ولا غيرة تامة على أهله ، فالغدر والكذب والخيانة وقلة الحياء وعدم المراقبة وعدم الأنفة للحرام وذهاب الغيرة من القلب من شعبه وموجباته ، ومن موجباته غضب الرب بإفساد حرمه وعياله ، ولو تعرض رجل إلى ملك من الملوك بذلك لقابله أسوأ مقابلة . ومنها سواد الوجه وظلمته وما يعلوه من الكآبة والمقت الذي يبدو عليه للناظرين .
ومنها ظلمة القلب ، وطمس نوره ، وهو الذي أوجب طمس نور الوجه ، وغشيان الظلمة له ، ومنها الفقر اللازم
ومنها أنه يذهب حرمة فاعله ويسقط من عين ربه ومن أعين عباده المؤمنين . ومنها أنه يسلبه أحسن الأسماء ، وهو اسم العفة والبر والعدالة ، ويعطيه أضدادها كاسم الفاجر والفاسق والزاني والخائن .
ومنها أنه يفارقه الطيب المتصف به أهل العفاف ، ويتبدل به الخبث المتصف به الزناة في قوله تعالى : {الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات}
وقد حرم الله الجنة على كل خبيث بل جعلها مأوى الطيبين . قال تعالى : {الذين تتوفاهم الملائكة طيبين} ، {وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم}
والزناة من أخبث الخلق .
وقد جعل الله جهنم دار الخبث وأهله ؛ فإذا كان يوم القيامة ميز الخبيث من الطيب وجعل الخبيث بعضه فوق بعض ثم ألقاه وألقى أهله في جهنم ، فلا يدخل النار طيب كما لا يدخل الجنة خبيث .
وفي كتاب الزهد للإمام أحمد - رضي الله عنه - : لا يكون البطالون حكماء ، ولا تلج الزناة ملكوت السماء .
وكان سيدنا الإمام أحمد - رضي الله عنه - كثيرا ما ينشد :
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها
من الحرام ويبقى الخزي والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها
لا خير في لذة من بعدها النار
والله سبحانه وتعالى أعلم .