ومن أمام المكتبة، ركب " علاء " الحافلةَ ..
وبينما هو جالسٌ راح ثم جال بفكرهِ إلى بعيدٍ..
وما ذلك الشعور الذي بدأ يسرى بين جوارحه؟
أهو حقدٌ على غريمته؟ أم هو أعجابٌ؟ أم هناكَ شيءٌ آخر؟
ينتشي منه احساس غريب.
ولماذا هو يفكّر بها؟
وماذا تخبئه الأيام؟..
ترى إن صادفها مرّةً أخرى، فهل يقول لها أكثر مما تكلّم معها؟
فرأى ما يرى المتأمل الغارق في الأحلام.. أنه يخاطبُ جميلةً..
فإذا به يقول في حديثه وحواره الداخلي :
أنتِ .. يا جميلة الروح
أتعلمين أنكِ كّلما ابتعدتِ عنِّي كنتُ اقتربُ منكِ أكثر؟.. وها نحن قد التقينا بغير ميعادٍ .
أتراني سوف أصبح فريسة متيّم يومًا؟ مَن يتلذّذ بعذاب الشوق، الذي يُلهب الحب، ويضرم فيه نار الحنين.
ها أنا يا حب الحب، أنني كلما أودّعكِ، ألقاكِ وأعود إليك.. وكل هذا سوف تذكرين .
وأنا الذي ناديتُكِ لأول مرة بـ"جميلتي"، لأنني بعينيكِ أبصرتُ جمال الحياة..
فهل اسمح لنفسي وأقول:
ماذا لو تكونين لي؟ فهل تدركين؟
أيها القمر..
إني قد شدني النظر إليك.. فمتى تصبحين قمري؟
أيتها النجمة التي تُضيء كوني، فكل نبضة حبٍّ هي إليكِ وحدكِ دون سواكِ..
يا غادة الفتنة والبهاء.. فهل تقودني الأقدار الجميلة إلى قلبكِ؟..
فهل يأتي اليوم الذي أقول لكِ فيه:
لا يرتوي عطشي إلا من ماء عينيكِ، فتسكنني وحشة إذا امتدّ غيابكِ، وتحرقني لوعة حين يشدّني الشوق إليكِ..
وإن اِفتقدتكِ يمتلئ فؤادي غيضًا، ثم أشتاق إليكِ بكل أحاسيسي التي تناجيكِ في حضوركِ، وفي غيابك، يا أحلى جمالٍ في حياتي، ويا أجمل حلم .
....................
وهو في تأملاته .. فإذا بسائق الحافلة يناديه :
ألا تنزل؟.. فهذا آخر موقفٍ للنزول ..
فعرف أنه كان يهذي..
ونزل من الحافلة.. ثم عاد أدراجه وقد فاته الموقف الذي اعتاد النزول فيه .
فَلامَ نفسه على سهوه.