ومن قال لك يا سندوسة أننا نريد الكمال؟ أصلا نحن لا نستطيع أن نتصور درجة الكمال فنحن بشر ومقاييسنا لا تعدو أن تكون مقاييس دنيوية بشرية. إن مشكلتنا هي خوفنا غير المبرر من الغيب. منطقيا لاشيء مضمون. مثلا التاجر عندما يشتري بضاعة يظن نفسه ذكي وانه اشتراها بثمن منخفض وسوف سبيعها ويربح فيها. ماذا لو انقلبت الشاحنة؟ ماذا لو هبط سعرها في السوق؟ ماذا لو حجزت البضاعة؟ لو طلع عليه قطاع الطرق؟ اي أنه لاشي مضمون. الزواج أيضا ليس مضمونا رغم كل الحسابات. نأخذ مثالا من الواقع. قديما كان الرجل يتزوج بمن تختارها أمه ولا يهمه شكلها ولا والدها وهي كذلك ويعيشان معا على الحلوة والمرة وفي أغلب الحالات ينجح الزواج. منذ عقود أصبح الرجل يتعرف عليها وربما يرفضها أهله وهي تتعفر عليه ويرفضه أهلها فتصر عليه وتقنعهم وبعد أيام زواج وربما شر تطلق وربما يذيقها شتى ألوان العذاب.
إن الخوف من الزواج يشبه إلى حد بعيد كلام المنجمين عندما يقول لك إن هناك من يتبعك وعندك " التابعة" في قرارة نفسك يصيبك الوسواس وتصبح تعتقد أنه يوجد شيء بهذا الإسم وأنه سبب كل مصائبك وفي الحقيقة لا يوجد شيء من هذا القبيل بل كلها افتراءات. لهذا نحن خائفون من الزواج ولا نرى الحالات بل نرى فقط للحالات الفشلة واللمدمرة وهو ما يزيد من قلقنا ونفورنا في حين اننا نرى اتزواجا قمة في السعادة والتفاهم حتى اننا نحسدهم على ذلك وما أكثرهم.
نحن بحاجة إلأى أن نثق بالله لا بذكائنا وعليمنا ودراستنا الاجتماعية ونظريات الفلسفة وعلم الهف وترويع الناس وتنفيرهم من حقوقهم في الحياة.