الضوابط الشرعية لموقف المسلم من الفتن (التحذير من خوض العوام في النوازل) العلامة بقية السلف صالح الفوزان حفظــه الله

[عَبِيرُ الإسلام]

بسم الله الرّحمن الرّحيم


يقول المثل :

الصّديق في الشدّة والضيق.

والصّديق الحقيقي من أمرك بمعروفٍ ونهاك عن منكر وإلاّ فمافائدة الصّداقة ، والمسلم ينشد الصّحبة الصّالحة التي تدلّه على كلّ خير يقرّبه إلى الله ، ويحذّره عن كلّ شرّ يُبعده عن الله .

والصّديقان يتحاجّان عند الله يوم يقوم النّاس لربّ النّاس يوم لاينفع مال ولابنون إلاّ مَن أتى الله بقلبٍ سليم.

والنازلة كما أسلفنا في قراءة لمقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله ليست في متناول أيّ شخص يخوض في التّحليل وتصوّر الحلول لها ، وإنّما تعود إلى فقهاء الأمّة وعلمائها الذين جاهدوا في الله حقّ جهاد لتعريف النّاس بدينهم ، والخوف عليهم من الضّلال والإنحراف عن الجادة.

وأخطر ما يكون في المسلمين حين تنزل الشّدّة بهم وينصحهم من هو على دراية بالنّوازل يسفّهونه ويطلقون العنان لألسنة تفوح بالبغض والحقد على ورثة الأنبياء وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدّين .

فقول الشيخ حفظه الله:

وإذا وصل الأمر إلى أنّهم يتنقصون العلماء ويحتقرونهم فهذه مصيبة على الأمة ، لأن العلماء هم القدوة وهم ورثة الأنبياء ،

نعم لهي المصيبة الحقيقية ، إذ انتقاص العلماء الذين هم ورثة الأنبياء بالدّليل والمقارعة بالحجة والبرهان ، هو الحالقة للدّين والقاضية على إرث الأنبياء والمرسلين ، الذي ليس لنا غيره من خير نتمسّك به زادًا لنا ليوم المعاد .

والنّازلة ، في أوّل حدوثها لايعرفها سوى هؤلاء الفطنة من العلماء ...والخبراء الحقيقيّين ، فإذا أكلت وحصدت نيرانها الغثّ والسّمين ، والطّيّب والمشين ، حينها يتدارك الغفلة أنّهم كانوا يومئد في سُباتٍ عميق ، وفي غيّهم يعمهون .

وما حدث بالجزائر في أيّام الإرهاب لهو الدّليل الكبير على أنّ الفتنة إذا ظهرت أوّل مرّة لايعرفها إلاّ أفقه العلماء المتنبّهين ، وإذا أدبرت عرفها حتّى أغبى المسلمين .

فأنا أناشد كلّ واحد من المسلمين يحبّ الله ورسوله بحبّ الصّدق والإخلاص لله ربّ العالمين ،والمتابعة لرسوله الأمين صلى الله عليه وسلّم أن يكفّ لسانه عن الخوض فيما لايقدر على إيجاد الحلول له والخوض فيه سوى العلماء الربّانيّون ، ورجال السّياسة النّبهاء المتفطّنون ، الذين ليس لهم مصلحة سوى تحقيق الأمن والسلام والأخوّة بين المسلمين ، وصدّ كلّ ما يخرج بالمفسدة الكبرى على المسلمين .


أسأل الله أن يحقن دماء المسلمين في كلّ مكان وأن يردّ المخطئين إلى طريقه المستقيم وأن يرينا الحقّ حقّا ويرزقنا اتّباعه وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.

وصّلّ اللّهمّ وسلّم على نبيّك محمّد وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهديه إلى يوم الدّين ، والحمدلله ربّ العالمين .

وسبحانك اللّهمّ وبحمدك أشهد أن لاإله إلاّ أنتَ أستغفرك وأتوب إليك .