اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحضني28
المشكلة عندنا ياسيدي أننا اختلفنا حتى في الحق وإحقاق الحق ...البعض منا يدعي أن الحق المطلق معه فما عليك إلا اتباعه .
|
السلام عليكم
ليست تلك المشكلة أخي, فالحق بيّن جدًا, وإنما المشكلة في دواخل نفس ذلك المتعصب, فكما نعلم أن الحلال بيّن والحرام بيّن وكذا ما بينهما بيّن, فالمتعصب أعمى البصر والبصيرة بإرادته وعلمه, ولو أنه فَكَرَ وقَدَرَ لما وقع فيما وقع فيه من جُنوح على صواب ربما قد أدركه في نفسه, وأنظر عندما قُلت في ردي السابق "أن صاحب الحق لا يخشى في قوله وفعله إلا الله", فمن خشية الله أن يكون مُوازِنًا في بيان الحق الذي يبتغيه هو في نفسه أولاً ويبغيه لغيره ثانيا, وأنظر إلى قول الشافعي "ما كلَّمت أحداً قطُّ إلا أحببت أن يوفَّق ويسدد ويعان, ويكون عليه رعاية من الله وحفظ, وما كلمت أحداً قطُّ إلا ولم أبال بيَّن الله الحقَّ على لساني أو لسانِه", وهذا يعني أن صاحب الحق يُحاجج بما يعلمه من الحق, فإن وُفِقَ في بيانه, فهو توفيق من الله له, وإن لم يُوفق فلا سُلطان له علي صاحبه, ولا يهدي سواء السبيل إلا الله, وإن أدرك أنه هو المخطئ فلا يَفْجُرْ ولا يتعصب ولا يُغالي لِدَاخِلَةٍ في نفسه, وليكن مُنصفا مع نفسه ومع غيره, فالإنصاف هنا هو الحق المُتبع بينهما ... وهكذا يكون تعامله مع الجميع مهما كانوا ومهما بلغوا, فإنما هي كلمة الحق ألزمته نفسها, فإن إلتزمها بالإنصاف, والصدح بها فهو خير له, لأنه قد بَلَغَ ما يَعلمه من الله, وإن لم يلتزمها فحسابه على الله, وهذا من فعل الصحابة رضوان الله تعالى عنهم أجمعين, فقد كانوا وقافين عند كتاب الله, وأقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثم إن الحق ظاهر جلي وسيُظهره الله برجال و رجال, فلا يَتَقَوَّلْ رِجَالٌ عن رِجَالٍ بالحق المطلق لهم على غيرهم ... ثم عندما يدرك هذا صاحبهم بالحق فيهم, يبادرهم بالقبول لأنه كان منصفًا من نفسه لهم ومنصفا لهم على نفسه ... وهكذا يكون تحري الحق والإعتصام بالحق وقول الحق وإتباع الحق ...