عندما تولَّى "عمر" الخلافة نَظَرَ في بيت مال المسلمين، ثم نظر إلى ما في يده، ثم نظر إلى ما في يد أمراء بني أُميَّة، فماذا فعل يا تُرى؟
بدأ بنفسه، فدعا زوجه فاطمة ابنةَ الخليفة عبدالملك بن مروان، وزوجةَ الخليفة عمر بن عبد العزيز، وأختَ الخلفاء الأربعة: الوليد، وسليمان، ويَزِيد، وهشام، هم خلفاء بحكم الوراثة، فسألها عمر سؤالاً، قال لها: اختاري يا فاطمة، قالت: أيَّ شيءٍ اختار يا أمير المؤمنين؟
قال لها: إما أن تختاري الذهب والجواهر والزُّمُرُّد ومتاع الدنيا، وإما أن تختاري عمر بن عبدالعزيز، نَعَمْ، خَيَّرَها عمر بين نفسه وبين ما تملك من زينة زُفَّتْ بها؛ لأنها بنت الخليفة.
فماذا قالت فاطمة؟ هذه السيدة المسلمة التي تربَّت في مدارس الإسلام، ونهلت من مناهل القرآن، قالت بلسان اليقين، ومنطق الحق المبين: والله لا أختار عليك أحدًا يا أمير المؤمنين، هذا ذهبي، وتلك ثياب زفافي المرصَّعة بالماس والزُّمُرُّد، ثم قالت: إلى أين تريد الذهاب بها يا عمر؟ قال: سأذهب بها إلى بيت مال المسلمين؛ لتكون للفقراء والمساكين!
الله أكبر، هذا هو العدل كله، وهذه هي النزاهة كلُّها، وهذا هو الزُّهد كلُّه، والإخلاص كلُّه.