هذا و قد ترك المعترض الكثير من أجوبتنا على هذيانه وصار يكررها ! رغم أننا رددنا عليها و حاصل جوابه عندما لا يستطيع الجواب : أنتم لا تفهمون ! بكل بساطة ! و معلوم ان هذه المناهضة إنما هي دفع بالصدر دونما دليل بيّن واضح , و هذا غاية في الوهن و الضعف من المعترض
و قد قال المعترض : (لا يحفظ عن السلف الصالح صحابة وتابعين قولهم بالعلو الحسي!!وإنما هو قول ابتدعتموه وأول من قال ذلك لعله يكون مقاتل وابن أبي مريم وغيرهم في السلف الأول ولعله مقصودكم فلا يحفظ عن كبار الأئمة قولهم بالعلو الحسي )
فانظر كيف تهرب المعترض و تناسى النصوص الكثيرة المحفوظة عن السلف و اتهمنا بإتباع مقاتل و أبي مريم و هؤلاء ليسوا عمدتنا في العقيدة يعرف ذلك من يقرأ مصنفات سلفنا الصالح و لكن من يتهم شيخ الإمام البخاري بالتجسيم يهون عليه رمي مخالفه بما هو أشنّع من ذلك و من يعدّل الجهمية كالثلجي و أشياعه و يعتبرهم من أئمة الدين : فلا غرو في أن يشيع على خصمه ما هو باطل بالضرورة
و لو أردنا الإطالة في هذا المقام بأن نذكر طعونات هذا الرجل و شيوخه من الجهمية كالسقاف و الكوثري في أئمة السنة لطال المقام جداً جداً , و لكن نكتفي بالإحالة على مشاركاته في هذا المنتدى حيث أكثر من الطعن عليهم و تصحيح عقائد الجهمية و أئمتها كالثلجي و أتباعه و لا غرو فقد صحح الكوثري عقيدة بشرالمريسي و رمي الإمام الدارمي تلميذ الأئمة : أحمد بن حنبل و يجيي بن معين و البويطي : رماه بالتجسيم و الحشو فإنا لله و إنا إليه راجعون
و كتب الكوثري قرأنا أكثرها و خصوصا مقالاته و تلعيقاته على السيف الصقيل و غير ذلك و في النية جمع طعوناته على أئمة السلف من كتبه كلها إن شاءالله و إن كفانا الإمام العلم المحدث الناقد المعلمي رحمه الله أكثر ذلك في كتابه الحافل العجيب : " التنكيل بما في تأنيب الكوثري من أباطيل " فرحمة الله على الإمام الفذ المعلمي و برّد الله مضجعه
ثم يقال للمعترض : ان العلو الحسي الذي تصطلح عليه و تقصد به علو الذات الالهية على العرش الذي تنكره رغم انك لو تُركتَ لفطرتك لما رأيتك إلا متوجها للعلو كما قال الإمام الكبير حافظ المغرب ابن عبدالبر المالكي رحمه الله فيما نقلناه عنه سابقا
و هذا العلو عليه أئمة السلف قاطبة و الدليل انهم لا يريدون به العلو المعنوي فقط :
ان الجهمية كانوا ينصون على ان الله في كل مكان و يقصدون انه بذاته
فعاكسهم السلف بذكر ان الله تعالى في السماء و لو كان مقصدهم ان مكانته عالية لما كان لذلك أي معنى , لأن الجهمية يتفقون على ذلك و يرون انه في كل مكان بذاته تعظيما له كما يزعمون , فلما وضّح لهم السلف ان الله تعالى فوق عرشه كانوا يقصدون علو الذات لا علو المكانة فقط
سُئل شيخ الإسلام عبدالله بن المبارك رضي الله عنه :
كيف ينبغي لنا أن نعرف ربنا عزوجل قال على السماء السابعة على عرشه ولا نقول كما تقول الجهمية إنه هاهنا في الأرض )اهـ
فانظر اليه كيف قال انه على السماء على عرشه , و هذا دليل إثبات علو الذات الإلهية على العرش لا علو المكانة فقط
أما الإمام الطبري فقد نقلنا كلامه غير مرة و هو يثبت العلو الحقيقي بلا ريب خصوصا انه فرّق بين المعية بالعلم و علو الذات فقال :
(وقوله: ( يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا ) يقول تعالى ذكره: مخبرا عن صفته، وأنه لا يخفى عليه خافية من خلقه،( يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأرْضِ ) من خلقه. يعني بقوله
يَلِجَ ) : يدخل،( وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزلُ مِنَ السَّمَاءِ ) إلى الأرض من شيء قطّ.( وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا )، فيصعد إليها من الأرض.( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ ) يقول: وهو شاهد لكم أيها الناس أينما كنتم يعلمكم، ويعلم أعمالكم، ومتقلبكم ومثواكم، وهو على عرشه فوق سمواته السبع،( وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) يقول: والله بأعمالكم التي تعملونها من حسن )
و الحق أنه إمام سلفي و ما وقع بينه و بين بعض الحنابلة لا علاقة له بهذه المسألة , و يكفي أنه رد عليكم في مسألة الإستواء فيمن زعم انه معناه على غير ما تعرف العرب و ذلك مبسوط في موضعه
و من طالع كتابه الحافل الجليل : معالم تبصير الدين : علم مقداره من العلوم و السنة و قد رد على المؤولة لصفات الله تعالى كالنزول و المجيء و غير ذلك مما تسمونه حلول حوادث تعالى الله عن كلامكم علوا كبيرا
ثم قعقع المعترض كعادته بكلام لا خطام له و لا زمام فقال : نعرف ضعفك في لغة العرب ! فانظر الى هذا الخطاب الأجوف ! فأين عرفته ياهذا ؟ بالتقليد عرفته أم بالنظر ؟ سبحان الله !
ثم زاد في النغمة فقال ان اللازم مقدم على المعنى الحقيقي ! ثم مثّل على ذلك بقول العرب فلان فوق فلان , و نحن نقول له : تمثيلك لا يستقيم إلا إذا أكملت العبارة فقلت : مكانة أو حقيقة , أي انه فوقه بذاته كأن يكون ساكنا في شقة أعلى منه أو مكانة , فهنا يقال لهم : عرفنا المعنى الحقيقي من اللازم , فإن كانت الأولى فالمعنى الحقيقي هو فوقه بذاته و ان كانت الأخرى فالمعنى الحقيقي هو المكانة
أما في مسألة الإستواء فنحن نجزم ان علو الله تعالى ليس كعلو مخلوقاته لأنه ليس كمثله شيء و هذا لا يعني نفي علوه تعالى على خلقه بذاته لأن الوارد عليك هو نفسه : فيقال لهم : ان قلت ان الله أعلى مكانة فقد شبهته بخلقه ! فنحن لا نعرف علو المكانة في المخلوقات إلا بكيت و كيت فإنت مشبّه و إن أنكرت و هكذا لا تقول شيئا إلا ألزمناك بمثله
ثم قال المعترض : (فلما لا تقولن ذلك حتى في جهة العلو لان الجهات بالنسبة له سبحانه وتعالى سواء فلا الفوق ولا التحت واليمين ولا الشمال كلها صفات عدمية اعتبارية وجودها في الأذهان؟!! فلما تثبتون شيئا لم تحققوه بعد! )
و هذا دليل على عدم فهمه لمرادنا : فنحن نقول ان الجهات الإضافية المخلوقة يتنزه الله عنها فهو فوقها فافهم و عِ !
فعلو الله تعالى على خلقه عندنا معناه : مهما تصورت مخلوقا هو أعلى المخلوقات بذاته كالعرش مثلا أو غيره – ان كنتم تقولون بشيء آخر – فالله تعالى فوق ذلك و الحمدلله
فما الإشكال عندك بالضبط ؟ فقد أكثرت من الخبط و الخلط و لم تفهم شيئا مما نقوله فحدد لنا نقطة لم تفهمها فنشرحها لك على الرحب و السعة
أما القراء فهو و لله الحمد يعلمون المحق من المبطل لأن الكلام المدعّم بالدليل النقلي و العقلي أقوى من الكلام المليء بالهذيان و الفلسلفة العقلية
ثم أنه قال ان التغير حاصل لله تعالى إذا اثبتنا الاستواء بعد خلق العرش ! رغم ان الإمام الطبري قال بذلك ! و لهذا يقال لهذا الرجل :
هل أنت أعرف بالله تعالى من رسوله صلى الله عليه و سلم ؟ هو يقول ان ربه ينزل كل ليلة الى السماء الدنيا و انتم تعارضونه و تصرخون و تقولون : هذا مستحيل ! هذا مستحيل ! هذا مستحيل !
فمن أعلم ؟ أنتم أم رسوله صلى الله عليه و سلم ؟
ثم ان الله تعالى قال : : ( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا ) قال الإمام الطبري مفسرا : يقول تعالى ذكره: وإذا جاء ربك يا محمد وأملاكه صفوفا صفا بعد صفّ. ) اهـ
فهل تقول ان الملائكة تجيء و الرب جل و علا لا يجيء ؟ ان قلتَ هذا كفرت ! لأن الكلام في مقام واحد فماالذي جعلك تتأول مجيء رب و لا تتأول مجيء الملائكة ؟
هذا جواب قاطع أشار به الإمام الطبري رحمه الله في تبصيره و قد أحسن رحمه الله لما قال (وإذا جاء ربك يا محمد وأملاكه صفوفا صفا بعد صفّ ) فانظر كيف أثبت ما تسمونه حلول الحوادث !
أما شبهة التغير فهذا هذيان لأننا لو قلنا هذا الكلام من عند أنفسنا لجاز لكم ذلك و لكن قلنا كما قاله تعالى في الكتاب فما الإشكال ؟؟
ثم قال ان من قام به الحادث فهو حادث ! و كنا قد رددنا على هذيانه هذا في موضوعه الخاص عن الشيخ تقي الدين ابن تيمية و نقلنا أقوال الأئمة الكبار كالبخاري و غيره بل و كلام الكشميري الماتريدي ليكون حجة عليه و لكن الظاهر انه لا يقرأ و ان قرأ لا يفهم و الله المستعان
و لا بأس من التذكير فنقول : ان كل مخلوق حادث و ليس كل حادث مخلوق, ألا ترى ان الانسان و هو مخلوق عندما يقوم أو يقعد هل يقال بأنه خلق هذا القيام و القعود؟ لا يقال ذلك و هذا بإتفاق العقلاء إلا ان شذ من لا عبرة بشذوذه في ذلك , و بهذا تبطل قاعدتكم هذه
يتبع ,,,,,