يرتل القرآن ترتيلاً، - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات إنشغالات الأسرة التربوية > منتدى الانشغالات الادارية والنصوص التشريعية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

يرتل القرآن ترتيلاً،

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-05-08, 23:36   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
moussaoui khaled
عضو محترف
 
إحصائية العضو










افتراضي حفظ القرآن الكريم أهميته ومعواقاته

حفظ القرآن الكريم أهميته ومعواقاته



عامر بن عيسى اللهو


لا شك ولا ريب أن أول الأمور في طلب العلم بل هو أعظمها وأجلّها ( حفظ القرآن الكريم ) والناظر إلى سير علمائنا السابقين واللاحقين يجد أنهم أول ما يهتمون بحفظ القرآن الكريم فيحفظونه منذ نعومة أظفارهم قبل البلوغ ذلك لأنه أساس العلوم وقوامها ومنه أولاً تستمد الأحكام والأدلة ، ثم بعد ذلك يتدرجون في سلم العلوم الشرعية .

قال الميموني : سألت أبا عبدالله ( يعني الإمام أحمد ) أيهما أحب إليك أبدأ ابني بالقرآن أو بالحديث ؟ قال : لا بالقرآن ،قلت : أعلمه كله ؟ قال : إلا أن يعسر ، فتعلمه منه . ( الآداب الشرعية لابن مفلح ( 2/ 33 )

وقال الخطيب البغدادي : ينبغي للطالب أن يبدأ بحفظ كتاب الله عز وجل إذ كان أجل العلوم وأولاها بالسبق والتقديم . ( الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 1/106 ).

وقال الحافظ النووي رحمه الله : وأول ما يبتدئ به حفظ القرآن العزيز فهو أهم العلوم ، وكان السلف لا يُعلِّمون الحديث والفقه إلا لمن حفظ القرآن . ( مقدمة المجموع شرح المهذب )

وقال شيخ الإسلام : وأما طلب حفظ القرآن فهو مقدم على كثير مما تسميه الناس علما وهو إما باطل أو قليل النفع ، وهو أيضا مقدم في التعلم في حق من يريد أن يتعلم علم الدين من الأصول والفروع ، فإن المشروع في حق مثل هذا في هذه الأوقات أن يبدأ بحفظ القرآن فإنه أصل علوم الدين .( الفتاوى الكبرى 2/235)

والذي يشاهد واقع الشباب اليوم يجد أن بعضهم يُغفل جانب حفظ القرآن بل بعضهم يبدأ بالحفظ قليلاً ثم لا يلبث أن ينقطع مع أنه ربما يكون مجتهداً في حضور الدروس العلمية الشرعية .
وبما أن الله منّ عليّ بتدريس وتعليم القرآن سنوات عديدة - أسأل الله أن لا يحرمني أجرها – فقد جمعت بعض الأسباب من خلال الواقع التي يعتذر بها بعض الشباب عن مواصلة الحفظ ثم أردفت كل سبب بالحلول المناسبة له من وجهة نظري .

وقبل البدء لابد من معرفة حقيقة عظيمة هي أن هذا القرآن سهل الحفظ لسهولة ألفاظه وسلاسة أسلوبه قال الله تعالى : (( ولقد يسَّرنا القرآن للذِّكر فهل من مّدَّكر )) قال العلامة الشيخ عبدالرحمن السعدي في تفسيره : ولقد يسرنا وسهلنا هذا القرآن الكريم ألفاظه للحفظ والأداء ، ومعانيه للفهم والعلم لأنه أحسن الكلام لفظاً وأصدقه معنى وأبينه تفسيراً ، فكل من أقبل عليه يسّر الله عليه مطلوبه غاية التيسير وسهّله عليه .. ثم يقول : ولهذا كان علم القرآن حفظاً وتفسيراً أسهل العلوم وأجلّها على الإطلاق وهو العلم النافع الذي إذا طلبه العبد أعين عليه ، وقال بعض السلف عند هذه الآية : هل من طالب علم فيُعان عليه ؟ ولهذا يدعو الله عباده إلى الإقبال عليه والتذكر بقوله : (( فهل من مدّكر )) انتهى كلامه رحمه الله .

إذاً فالأصل في القرآن أنه سهل الحفظ ميسوره لكن الخلل منا نحن الذين تشاغلنا عن الإقبال عليه حفظاً وتفهماً بأعذارٍ بعضها يوجد لها حل وكثير منها من تلبيس إبليس على الشباب .

وقد رأيت أن هذه الأسباب تجتمع في ثلاثة أسباب رئيسية هـي :
1) الاعتذار بكثرة المشاغل سواء كانت مشاغل الوظيفة أو الأهل أو نحو ذلك ، ولا شك أن الناس جميعاً في انشغالات لا تنتهي بل حتى أهل القبور دخلوا قبورهم ولمّا تنقضي مشاغلهم!! لكن شتان بين من ينشغل في الدنيا وطلب الرزق ويجعل هذا همه الأكبر وبين من ينشغل بالإقبال على القرآن والعلم وما يفيده في آخرته .
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم القدوة فهو القائد والإمام ورب الأسرة والمربي والعابد الزاهد ولم يمنعه كل ذلك صلى الله عليه وسلم من إعطاء كل ذي حق حقه . فالحل لمثل هذا الأمر يكمن في تنسيق وتنظيم الوقت فلا يطغى جانب على جانب قال سلمان الفارسي رضي الله عنه : إن لربك عليك حقاً ولنفسك عليك حقاً ولأهلك وضيفك عليك حقاً فأعط كل ذي حق حقه . فقال صلى الله عليه وسلم ( صدق سلمان ) رواه ابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما . ثم لو علم الإنسان عظمة كلام الله عز وجل حق العلم لاستحى أن يُعطيه فاضل وقته .

2) الاعتذار بطلب العلم ، وهذا لا شك أمر مردود لأن كتاب الله جل وتعالى أول ما ينبغي على طالب العلم الإقبال عليه فهو أهم المهمات كما تقدم . قال الخطيب البغدادي رحمه الله : والعلم كالبحار المتعذّر كيلها والمعادن التي لا ينقطع نيلها فاشتغل بالمهم منه فإنه من شغل نفسه بغير المهم أضـرّ بالمهم . انتهى

وإذا طلبت العلم فاعلم أنه *** حِمل فأبصر أيّ شيءٍ تحمـل
وإذا علمتَ بأنه متفاضـل *** فاشغل فؤادك بالذي هو أفضل

فاحرص يا أخي على البدء بكتاب الله حفظاً وتفهماً ، ولا بأس مع تنظيم الوقت المذكور آنفاً أن تأخذ من العلوم بعد ذلك ما أردت .

3) الاعتذار بتفلّت القرآن ونسيانه ، وهذا مدخل شيطاني خطير والدليل على ذلك أنه يعالج الداء بداء آخر فيعالج النسيان بترك الحفظ والمراجعة ، وهذا خطأ بلا شك . سألت أحد الشباب
ممن ابتدأ في حفظ القرآن ثم انقطع عن سبب انقطاعه فقال : لأنني نسيت ما حفظت فقلت له : وهل انقطاعك يذكرك ما نسيت أو يزيد في حفظك ؟!
والنبي صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا بهذه الحقيقة أي أن القرآن شديد التفلّت لكنه أرشدنا إلى الحل الأمثل في ذلك بل أنه قدم الحل قبل بيان المشكلة كما في الحديث المتفق عليه ( تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها ) فأمرنا بتعاهده والتعاهد هو كثرة المراجعة ولا شك أن المتعاهد للقرآن سينشط بعد ذلك في مواصلة الحفظ .

هــذا وإن هناك أسباباً حقيقية تصـد الشـاب عن حفظ القـرآن والإقبال عليه أذكر منها :
1) الوحدة : وذلك بأن يريد الشاب أن يحفظ القرآن لوحده بجهده الخاص ولا ريب أن هذا الفعل فيه عدة سلبيات منها أنه قد يعتريه الفتور سريعاً فيقعد عن مواصلة الحفظ ، وكذلك فإنه قد لا يكتشف أخطاءه إذا كان يقرأ لوحده ، وعلى كل حال فقد قال عليه الصلاة والسلام ( إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ) رواه الحاكم . فعليك يا أخي أن تتواصى مع غيرك من إخوانك في حفظ القرآن الكريم أو الالتحاق بحِلق تحفيظ القرآن المنتشرة ولله الحمد وذلك لتحفظ على الوجه الصحيح ويتبيّن لك مدى إتقانك لما تحفظ .

2) استطالة طريق الحفظ : فقد يبدأ الشاب في الحفظ ويريد أن يختم القرآن في أسبوع أو أسبوعين أو شهر أو شهرين ثم ما يلبث أن يستطيل المدة فيفتر والسبب في ذلك الحماس غير المنضبط . فعليك أن تعلم يا أخي أن حفظ القرآن لا بد له من وقت طويل يُقدر بثلاث سنوات تقريباً في الغالب وكلٌ على حسب طاقته وجهده وتفرغه فلا تُحمِّل نفسك فوق طاقتها ولا تستعجل في أمرٍ لك فيه أناة قال صلى الله عليه وسلم ( أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل ) متفق عليه .

3) المعاصي : وهذا بلا شك سبب رئيس في الحرمان من كل خير فلا يُحرَم العبد خيراً إلا بسبب ما كسبته نفسه من المعاصي والآثام قال صلى الله عليه وسلم ( إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ) رواه الإمام أحمد ، ولا شك أن حفظ القرآن الكريم من أعظم وأجل النعم على العبد ، فاجتهد يا أخي في تحرير نفسك من ذلّ المعصية وشؤمها لينفتح لك باب المعونة من الله عز وجلّ .

أسأل الله تعالى بمنّه وكرمه أن يجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته ، وأن يجعلنا من الذين يقيمون حروف القرآن كما يُقيمون حدوده وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .









 


رد مع اقتباس
قديم 2010-05-08, 23:42   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
moussaoui khaled
عضو محترف
 
إحصائية العضو










افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم








لم يكن عبثاً أن تأتي الجملة في لغة العرب على أشكال مختلفة، وضروب متنوعة، فهناك الجملة الاسمية، والجملة الخبرية، والجملة الطلبية، والجملة الاستئنافية...ولكل جملة من هذه الجمل هدف وغاية، ما يعني توسعاً في الأساليب، ودقة في الأداء والتعبير .

ومن أنواع الجُمل في اللغة العربية (الجملة الاعتراضية)، وهي التي تتوسط بين أجزاء الجملة؛ لتقرير معنى يتعلق بها، أو بأحد أجزائها، وسميت كذلك؛ لأن المتكلم لا يكمل جملته حتى يأتي بها، وتكون معترضة نطقه. فأنت إذا خاطبت ولدك فقلت: ادرس بجد - وفقك الله - تنجح، فقولك: وفقك الله، جملة اعترضَتْ ما طلبت من ولدك القيام به من دراسة وجِدٍّ؛ كي ينال النجاح. والمتكلم عادة يأتي بهذه الجملة لغرض سوف يتبين لاحقاً .

قال أهل العربية: "إن من سنن العرب أن يعترض بين الكلام وتمامه، كلام لا يكون إلا مفيداً"، وهـذا الكلام المعترض هو ما اصطلح على تسميته بـ (الجملة المعترضة)، وفائدة هذه الجملة، أنها يُؤتى بها تأكيداً وتسديداً للكلام الذي اعترضت بين أجزائه .

ثم إنك إذا أجلت النظر في كتاب الله العزيز، وجدت أن هذا النوع من الجمل ذو حضور واضح في أثناء جمله وآياته. وقد نبه على هذا الأسلوب كثير من المفسرين، وخاصة من كان له اهتمام في جانب اللغة، كـ الزمخشري في "الكشاف"، و أبي حيان في "البحر المحيط"، و الآلوسي في "روح المعاني"، و الشوكاني في "فتح القدير"، و ابن عاشور في "التحرير والتنوير" .

وإذا كان المفسرون الذين عولوا على هذا الأسلوب، قد اعتمدوا عليه في تفسير كثير من الآيات، فإن ابن عاشور قد تحدث عنه في مقدمة تفسيره، وبيَّن فائدته، فقال: "تكثر في القرآن الجمل المعترضة لأسباب اقتضت نزولها أو بدون ذلك؛ فإن كل جملة تشتمل على حكمة، وإرشاد، أو تقويم معوج"، وأتى ببعض الأمثلة على ذلك .

كما أن الزركشي في "البرهان" تحدث عن الجملة المعترضة، تعريفاً، وتمثيلاً، واعتباراً، وغرضاً، ونقل عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام ، أن "الجملة المعترضة تارة تكون مؤكِّدة، وتارة تكون مشدِّدة؛ لأنها إما ألا تدل على معنى زائد على ما دل عليه الكلام، بل دلت عليه فقط، فهي مؤكِّدة، وإما أن تدل عليه وعلى معنى زائد فهي مشدِّدة" .

وقد ذكر الزمخشري أمراً لا ينبغي أن يُغفل عنه في هذا السياق، حاصله أن "الجمل الاعتراضية لا بد لها من اتصال بما وقعت معترضة فيه"، وهذا يعني: أن الجملة المعترضة لا تكون مقطوعة الصلة عن السياق الذي وردت فيه، بل لا بد لها أن تكون على صلة به من جهة اللفظ أو من جهة المعنى. والأمثلة تزيد الأمر وضوحاً .

فقوله تعالى: { والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم } (محمد:2)، تضمن جملة معترضة، هي قوله سبحانه: { وهو الحق من ربهم }؛ والغرض من هذه الجملة تأكيد أن القرآن من عند الله سبحانه. قال ابن كثير : "قوله: { وهو الحق من ربهم } جملة معترضة حسنة". وقال الآلوسي : "وهو جملة معترضة بين المبتدأ والخبر، مفيدة لحصر الحقية فيه". وقال ابن عاشور : "وزيد في جانب المؤمنين التنويه بشأن القرآن بالجملة المعترضة قوله: { وهو الحق من ربهم } .

وقوله تعالى: { إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون * وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون } (النمل:34-35)، تضمن جملة معترضة، هي قوله سبحانه: { وكذلك يفعلون }؛ وقد جيء بها - على ما ذكره صاحب الكشاف - لتقرير ما يفعله الملوك عادة من إفساد البلاد، وإذلال العباد .

وقوله سبحانه: { وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } (البقرة:111)، تضمن جملة معترضة، هي قوله تعالى: { تلك أمانيهم }، الغرض منها تبين أن ما يدعونه إنما هو مجرد أمانٍ، لا يصدقها الواقع، ولا يقوم عليها برهان .

وإذ تبين المراد من الجملة المعترضة، تعريفاً وموقفاً وتمثيلاً، ننتقل بعدُ لبيان أغراض هذه الجملة؛ إذ كما ألمحنا بداية، لا بد أن تكون الجملة المعترضة قد سيقت لغرض ما، ولا يمكن أن تكون قد سيقت عبثاً. ونحن نبين تالياً أهم الأغراض التي تُقصد من وراء الإتيان بالجملة المعترضة، معتمدين بشكل أساس على ما ذكره الزركشي بهذا الخصوص، فنقول:

يُؤتى بالجملة الاعتراضية بقصد تقرير الكلام، ومثال ذلك قوله سبحانه: { قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين } (يوسف:37)، فجملة: { لقد علمتم }، اعتراضية؛ القصد منها إثبات البراءة من تهمة السرقة؛ إذ إن إخوة يوسف بعد أن أصبحوا في موضع التهمة والدفاع عن أنفسهم، كان من المناسب الإتيان بهذه الجملة، لتقرير براءتهم، والدفاع عن أنفسهم، فكأنهم قالوا: أنتم تعلمون أن القصد من مجيئنا ليس السرقة، وإنما التزود بالطعام، وبالتالي فلا معنى لاتهامنا بالسرقة .

ونحو هذا قوله سبحانه: { وأتوا به متشابها } (البقرة:25) قال الزمخشري : "فإن قلت: كيف موقع قوله: { وأتوا به متشابها } من نظم الكلام؟ قلت: هو كقولك: فلان - أحسن بفلان - ونعم ما فعل"، فالجملة المعترضة في الآية غرضها تقرير حسن حال المؤمنين في الجنة، وأنهم ينعمون بأطيب الرزق وأرغده .

ويُؤتى بالجملة الاعتراضية بقصد التنـزيه، كقوله تعالى: { ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون } (النحل:57)، فجملة { سبحانه } اعتراضيه؛ الغرض منها تنزيه الله سبحانه وتقديسه عن مضمون قولهم ذلك؛ وفيها أيضاً معنى الشناعة على من جعل لله ولداً .

ويُؤتى بها بقصد التأكيد، ومنه قوله تعالى: { لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين } (الفتح:27)، فجملة { إن شاء الله } جيء بها - كما قال ابن كثير - لتحقيق الخبر وتوكيده، وليس هذا من الاستثناء في شيء .

ونحو هذا قوله تعالى: { وإنه لقسم لو تعلمون عظيم } (الواقعة:76)، فجملة { لو تعلمون } معترضة بين الصفة (القَسَم) والموصوف (عظيم)؛ والغرض منها تعظيم شأن ما أقسم به من مواقع النجوم، وتأكيد إجلاله بالنفوس. قال الآلوسي : وهو تأكيد لذلك التعظيم .

ويُؤتى بها بقصد التوبيخ والرد على الخصم، كقوله سبحانه: { وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون } (النحل:101)، فجملة { والله أعلم بما ينزل }، جملة معترضة بين الشرط وجوابه؛ للمسارعة إلى توبيخ المشركين، وتجهيلهم. قال الآلوسي : "والجملة إما معترضة لتوبيخ الكفرة والتنبيه على فساد رأيهم... وإما حالية". والمقصود منها تعليم المسلمين الرد على المشركين؛ لأنهم لو علموا أن الله هو المنزل للقرآن لارتفع البهتان .

ونحو هذا قوله تعالى: { فلولا إذا بلغت الحلقوم * وأنتم حينئذ تنظرون * ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون } (الواقعة:83-85)، فقد ذكر المفسرون أن قوله سبحانه: { ونحن أقرب إليه منكم } جملة معترضة، أفادت أن ثمة حضوراً أقرب من حضورهم عند المحتضر، وأكدت ما سيق له الكلام من توبيخهم على صدور ما يدل على سوء اعتقادهم بربهم .

ويُؤتى بالجملة المعترضة بقصد رفع الإبهام، من ذلك قوله سبحانه: { إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون } (المنافقون:1)، فقد ذكر بعض المفسرين أن قوله سبحانه: { والله يعلم إنك لرسوله } جملة معترضة، جيء بها - كما قال ابن عاشور - لدفع إيهام من يسمع جملة { والله يشهد إن المنافقين لكاذبون } أنه تكذيب لجملة { إنك لرسول الله }، فإن المسلمين كانوا يومئذ محفوفين بعدد من المنافقين مبثوثين بينهم، شغلهم الشاغل فتنة المسلمين، فكان المقام مقتضياً دفع الإيهام .

ويُؤتى بها بقصد التخصيص، مثاله قوله سبحانه: { ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير } (لقمان:14)، فجملة { حملته أمه وهنا على وهن } اعتراض بين قوله: { ووصينا الإنسان بوالديه }، وقوله: { أن اشكر لي ولوالديك }، وفائدة هذا الاعتراض: توجيه نظر الأبناء إلى الاهتمام بالأم أكثر من الاهتمام بالأب؛ لضعفها، فذَكَرَ ما تكابده الأم، وتعانيه من المشاق والمتاعب، في حمله وفصاله، هذه المدة المتطاولة؛ إيجاباً للتوصية بالوالدة خصوصاً، وتذكيراً بحقها العظيم مفرداً .

ويُؤتى بها بقصد التعظيم، كقوله تعالى: { ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء } (النساء:127)، فجملة { وما يتلى عليكم في الكتاب } معترضة؛ الغرض منها تعظيم حال هذه الآية التي تتلى عليهم، وأن العدل والإنصاف في حقوق اليتامى من عظائم الأمور عند الله تعالى التي يجب مراعاتها والمحافظة عليها، والمخل بها ظالم متهاون بما عظمه الله. ونحو هذه الآية قوله سبحانه: { وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم } (الزخرف:4)، فجملة { في أم الكتاب } معترضة، الغرض منها تعظيم القرآن، وبيان أنه نفسه ما جاء في اللوح المحفوظ، قال أبو حيان : "وهذا فيه تشريف للقرآن، وترفيع بكونه" .

ويُؤتى بها بقصد التنبيه، نحو قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون } (آل عمران:135)، فجملة { ومن يغفر الذنوب إلا الله } معترضة، القصد منها تنبيه القارئ على أن مغفرة الذنوب بيد الله وحده. قال أبو حيان : "هذه الجملة الاعتراضية فيها ترفيق للنفس، وداعية إلى رجاء الله وسعة عفوه، واختصاصه بغفران الذنب" .

ويُؤتى بها بقصد التحدي والتعجيز، وذلك نحو قوله تعالى: { وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين * فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين } (البقرة:23-24)، فجملة { ولن تفعلوا } معترضة بين الشرط وجوابه، فائدتها: بيان وتأكيد عجزهم عن الإتيان بمثل سورة من القرآن، وأن ذلك غير متاح لهم، ولو تظافرت هممهم عليه. قال أبو حيان : "لما قال: { فإن لم تفعلوا }، وكان معناه نفي في المستقبل مخرجاً ذلك مخرج الممكن، أخبر أن ذلك لا يقع، وهو إخبار صدق، فكان في ذلك تأكيد أنهم لا يعارضونه" .

نخلص مما تقدم، أن الجملة الاعتراضية في القرآن - كشأنها في لغة العرب عموماً - تقوم بغرض بياني مهم؛ وبالتالي فهي ليست وسيلة لتحسين الكلام فحسب، بل إنها من مقتضيات النظم القرآني، ولو أسقطت من سياقها، لسقط معها جزء أصيل من المعنى، فهي بجانب كونها جزءاً من المعنى الأصلي، إلا أنها تحمل معاني فرعية أخرى، تلتحم جميعاً في تكوين معنى كلي .










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
القرآن, ترتيلاً،, يرتل

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:55

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc