السلام عليكم وبعد
.
شكر الله لك وبارك فيك احسن إليك أخي الفاضل والمبارك
والأحاديث الشريفة التي وشحت بها الموضوع وأضفيت عليه الصبغة الشرعية..
وفيك بارك الله
فقد وددت لو يكون هناك توضيح للآتي:
متى يعذّب الميت بنياحة أهله عليه؟
الأحاديث الواردة في النهي عن البكاء على الميت جاءت أحاديث أخرى , تبينها وتبين البكاء المنهي عنه , وأنه ليس المراد به دمع العين وحزن القلب , إنما جاء النهي على رفع الصوت بالبكاء وما يصاحب ذلك من صراخ , وعويل ودعاء بالويل , والثبور ونثر للشعور , وحثي للتراب على الرؤوس , وضرب للخدود وخمشها وشق للجيوب , وإسعاد النساء بعضهن بعض في البكاء على الميت -مما هو من عمل الجاهلية الاولى - فهذا الذي جاء النهي عنه - والله تعالى أعلم -
وما ارتباط الأحاديث المدرجة بالآية الكريمة((ألا تزر وازرة وزر أخرى))؟
والميت قد غادر دار التكليف
ذكر الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في كتابه " أحكام الجنائز" أن النياحة مما يحرم على أقارب الميت، ثم أورد أدلة ذلك فذكر فقال : عن أنس بن مالك:
" أن عمر بن الخطاب لما طُعِنَ عولت عليه حفصة، فقال: يا حفصة أما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: المعول عليه يعذب؟! وعول عليه وفي أخرى: (في قبره) بما نيح عليه".
---------------------------------
أخرجه البخاري ومسلم والسياق له والبيهقي (4/ 72 - 73) وأحمد (رقم 268، 288، 290، 315، 334، 254، 386) من طرق عن عمر مطولا ومختصراً، وروى ابن حبان في " صحيحه " (741) قصة حفصة فقط.
- " إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه " وفي رواية: " الميت يعذب في قبره بما نيح عليه ".
------------------------------------
أخرجه الشيخان وأحمد من حديث ابن عمر، والرواية الأخرى لمسلم
وأحمد ورواه ابن حبان في "صحيحة" (742) من حديث عمران بن حصين نحو الرواية الأولى.
- " من ينح عليه يعذب بما نيح عليه (يوم القيامة) "
--------------------------------
أخرجه البخاري (3/ 126) ومسلم (3/ 45) والبيهقي (4/ 72) وأحمد (4/ 245، 252، 255).
ثم علق الشيخ قائلا :
في هذا الحديث بيان أن البكاء المذكور في الحديث الذي قبله، ليس المراد به مطلق البكاء، بل بكاء خاص وهو النياحة، وقد أشار إلى هذا حديث عمر المتقدم في الرواية الثانية وهو قوله: " ببعض بكاء ... ".
- ثم إن ظاهر هذا الحديث واللذين قبله مشكل، لأنه يتعارض مع بعض أصول الشريعة وقواعدها المقررة في مثل قوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}،
- وقد اختلف العلماء في الجواب عن ذلك على ثمانية أقوال، وأقربها إلى الصواب قولان:
- الأول: ما ذهب إليه الجمهور، وهو أن الحديث محمول على من أوصى بالنوح عليه، أو لم يوص بتركه مع علمه بأن الناس يفعلونه عادة.
ولهذا قال عبد الله بن المبارك: " إذا كان ينهاهم في حياته ففعلوا شيئا من ذلك بعد وفاته، لم يكن عليه شيء ".
والعذاب عندهم بمعنى العقاب.
والآخر: أن معنى" يعذب" أي: يتألم بسماعه بكاء أهله ويرق لهم ويحزن، وذلك في البرزخ، وليس يوم القيامة.
وإلى هذا ذهب محمد بن جرير الطبري وغيره، ونصره ابن تيمية وابن القيم وغيرهما.
قالوا: " ليس المراد أن الله يعاقبه ببكاء الحي عليه، والعذاب أعم من العقاب كما في قوله: " السفر قطعة من العذاب "، وليس هذا عقاباً على ذنب، وإنما هو تعذيب وتألم ".
وقد يؤيد هذا قوله في الحديث (5، 6): " في قبره ".
وكنت أميل إلى هذا المذهب برهة من الزمن، ثم بدا لي أنه ضعيف لمخالفته للحديث [السابق] الذي قيد العذاب بأنه " يوم القيامة "، ومن الواضح أن هذا لا يمكن تأويله بما ذكروا، ولذلك فالراجح عندنا مذهب الجمهور، ولا منافاة عندهم بين هذا القيد والقيد الآخر في قوله " في قبره "، بل يضم أحدهما إلى الآخر، وينتج أنه يعذب في قبره، ويوم القيامة، وهذا بين إن شاء الله تعالى.
"أحكام الجنائز" (ص40 - 42).
هذا والله تعالى أعلم .................... والسلام عليكم