![]() |
|
قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]() و قال حفظه الله تعالى :
في معنى قوله: "الاستواء غير مجهول" والضوابط المستفادة منه مراد الإمام مالك رحمه الله بقوله: "الاستواء غير مجهول" ظاهرٌ بيِّنٌ، حيث قصد رحمه الله أنَّ الاستواء معلوم في لغة العرب، وقد سبق أن نقلت في مبحث سابق1 جملةً من النقولات عن أئمّة السلف رحمهم الله في معنى الاستواء وأنَّ المراد به في اللغة: العلوّ والارتفاع، وهو من الصفات السمعية المعلومة بالخبر، وهو علوٌّ وارتفاعٌ مخصوصٌ وقع بمشيئة الربّ تبارك وتعالى وإرادته، فعلاَ سبحانه وتعالى فوق عرشه كيف شاء سبحانه "فالأصل أنَّ علوَّه على المخلوقات وصفٌ لازمٌ له كما أنَّ عظمته وكبرياءه وقدرته كذلك، وأما الاستواء فهو فعلٌ يفعله سبحانه وتعالى بمشيئته وقدرته، ولهذا قال فيه: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} ، ولهذا كان الاستواء من الصفات السمعية المعلومة بالخبر، وأما علوُّه على المخلوقات فهو عند أئمّة أهل الإثبات من الصفات العقلية المعلومة بالعقل مع السمع"2. والاستواء كما تقدّم له معنى معلوم من لغة العرب وهو العلوّ والارتفاع، لكن ما يضاف إلى الله منه فهو أمرٌ يليق بجلاله وكماله سبحانه لا يشبه ما يكون من المخلوقين، ولا يجوز أن يثبت لفوقيته خصائص فوقية المخلوقين وملزوماتها كقولهم: لو كان على العرش لكان محتاجاً إليه، ولو سقط العرش لخرّ مَن عليه، سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون الجاحدون علواًّ كبيراً، لأنَّ الله تبارك وتعالى أضاف الاستواء إلى نفسه الكريمة كما أضاف إليه سائر أفعاله ... ثم قال : في معنى قوله: "والكيف غير معقول" والضوابط المستفادة منه قول الإمام مالك رحمه الله في الاستواء: "والكيف غير معقول" هو نظير قول غير واحد من أئمة السلف في إثبات الصفات عموماً: "بلا كيف"، وقد سبق نقل بعض ألفاظهم في ذلك ومنها غير ما تقدّم: قول سفيان بن عيينة: "كلُّ شيء وصف الله به نفسه في القرآن فقراءته تفسيره ولا كيف ولا مثل"1. وقول وكيع: "نسلم هذه الأحاديث كما جاءت ولا نقول كيف هذا، ولِمَ جاء هذا"2. وسبق أن مرَّ معنا قول مالك نفسه رحمه الله، وغيره من أئمة السلف في الصفات: "أَمِرُّوها كما جاءت بلا كيف". قال شيخ الإسلام: "فقول ربيعة ومالك: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب" موافق لقول الباقين: "أمرُّوها كما جاءت بلا كيف" فإنَّما نفوا علم الكيفية ولم ينفوا حقيقة الصفة، ولو كان القوم قد آمنوا باللفظ المجرّد من غير فهم لمعناه على ما يليق بالله لما قالوا: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول" ، ولما قالوا: "أمرُّوها كما جاءت بلا كيف"، فإنَّ الاستواء حينئذ لا يكون معلوماً بل مجهول بمنزلة حروف المعجم وأيضاً فإنَّه لا يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا لم يفهم عن اللفظ معنى، إنّما يحتاج إلى نفي علم الكيفية إذا أثبتت الصفات، وأيضاً فإنَّ من ينفي الصفات الجزئية أو الصفات مطلقاً لا يحتاج إلى أن يقول: "بلا كيف" فمن قال: إنَّ الله ليس على العرش، لا يحتاج أن يقول: بلا كيف، فلو كان مذهب السلف نفي الصفات في نفس الأمر لما قالوا: بلا كيف. وأيضاً فقولهم: "أمرُّوها كما جاءت" يقتضي إبقاء دلالتها على ما هي عليه، فإنّها جاءت ألفاظاً دالّة على معاني، فلو كانت دلالتُها منتفية لكان الواجب أن يُقال: أمرّوا لفظها مع اعتقاد أنَّ المفهوم منها غير مراد، أو أمرّوا لفظها مع اعتقاد أنَّ الله لا يوصف بما دلّت عليه حقيقة، وحينئذ تكون قد أُمِرَّت كما جاءت، ولا يُقال حينئذ: "بلا كيف"، إذ نفي الكيف عما ليس بثابت لغوٌ من القول"1. وقول السلف رحمهم الله: "الكيف مجهول" أو "بلا كيف" يتضمّن عدّة فوائد أُجملها فيما يلي: 1- قطع طمع العقل في إدراك كيفية صفات الله، وأنَّ ذلك غير ممكن "مهما تصوّر في وهمك فالله بخلاف ذلك"2. 2- أنّهم نفوا علمنا بالكيفية، ولم ينفوا أن يكون في نفس الأمر كيفية لا يعلمها إلاَّ هو سبحانه "نفي الشيء غير نفي العلم به"3"لم يقل مالك: الكيف معدوم، وإنما قال الكيف مجهول"4. 3- عدم العلم بالكيفية لا يقدح في الإيمان بالصفات. 4- إثبات الصفة لله حقيقة، لأنَّ من ينفي الصفات ولا يثبتها لا يحتاج أن يقول: "لا كيف". 5- إنَّ العلم بكيفية الشيء تكون برؤيته أو رؤية نظيره أو الخبر الصادق عنه، والمؤمنون لن يرى أحدٌ منهم ربَّه في الدنيا، والله تبارك وتعالى لا نظير له، ولم يأت في الخبر الصادق ذكر لكيفية صفات الباري سبحانه. 6- إمكانية العلم بكيفية الصفة عند رؤية الله في الآخرة. 7- بطلان قول المعتزلة وغيرهم الذين ينفون أن يكون له ماهية وحقيقة وراء ما علموه. 8- التوقّف عند النصوص وما دلّت عليه وعدم تجاوزها فالكيف مجهول، "لأنَّه لم يرد به توقيف ولا سبيل إلى معرفته بغير توقيف"1. 9- الردّ على الممثِّلة، لأنَّ كلَّ ممثِّل مكيِّف. 10- أنَّ إثبات أهل السنة والجماعة للصفات هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وتكييف، فالمؤمن مُبصِرٌ بها من وجه، أعمى من وجه آخر. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "المشهور بين أهل السنة والجماعة أنَّه لا يُقال في صفات الله عز وجل (كيف) ولا في أفعاله (لِمَ) وقد ذكرنا في غير هذا الموضع أنَّ السلف والأئمة نفوا علمنا الآن بكيفيته، كقول مالك: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول". لم ينفوا أن يكون في نفس الأمر له حقيقة يعلمها هو، وتكلّمنا على إمكان العلم بها عند رؤيته في الآخرة أو غير ذلك، لكن كثيراً من الجهمية من المعتزلة وغيرهم ينفون أن يكون له ماهية وحقيقة وراء ما علموه"2. وقال ابن القيم رحمه الله: "ومراد السلف بقولهم: "بلا كيف" هو نفيللتأويل، فإنَّه التكييف الذي يزعمه أهل التأويل، فإنَّهم هم الذين يثبتون كيفيةً تخالف الحقيقة فيقعون في ثلاثة محاذير: نفي الحقيقة، وإثبات التكييف بالتأويل، وتعطيل الرب تعالى عن صفته التي أثبتها لنفسه، وأما أهل الإثبات فليس أحد منهم يكيِّف ما أثبته الله تعالى لنفسه، ويقول: كيفية كذا وكذا، حتى يكون قول السلف "بلا كيف" ردًّا عليه، وإنّما ردّوا على أهل التأويل الذي يتضمّن التحريف والتعطيل، تحريف اللفظ وتعطيل معناه"1. وقال أيضاً: "إنَّ العقل قد يئس من تعرّف كُنه الصفة وكيفيتها، فإنَّه لا يعلم كيف الله إلاَّ الله، وهذا معنى قول السلف "بلا كيف" أي: بلا كيف يعقله البشر، فإنَّ من لا تعلم حقيقة ذاته وماهيته، كيف تعرف كيفية نعوته وصفاته؟ ولا يقدح ذلك في الإيمان بها، ومعرفة معانيها، فالكيفية وراء ذلك، كما أنا نعرف معاني ما أخبر الله به من حقائق ما في اليوم الآخر، ولا نعرف حقيقة كيفيته، مع قرب ما بين المخلوق والمخلوق، فعَجْزُنا عن معرفة كيفية الخالق وصفاته أعظم وأعظم. فكيف يطمع العقل المخلوق المحصور المحدود في معرفة كيفية من له الكمال كلّه، والجمال كلّه، والعلم كلُّه، والقدرة كلّها، والعظمة كلّها، والكبرياء كلّها؟ من لو كُشف الحجاب عن وجهه لأحرقت سبحاته السموات والأرض وما فيهما وما بينهما، وما وراء ذلك، الذي يقبض سمواته بيده فتغيب كما تغيب الخردلة في كفِّ أحدنا، الذي نسبة علوم الخلائق كلّها إلى علمه أقلَّ من نسبة نقْرة عصفور من بحار العلم الذي لو أنَّ البحر يمدُّه من بعده سبعة أبحر مداد وأشجار الأرض من حين خلقت إلى قيام الساعة أقلام، لفَنِيَ المداد وفنيت الأقلام، ولم تنفد كلماته، الذي لو أنَّ الخلق من أول الدنيا إلى آخرها، إنسهم وجِنَّهم، وناطقهم وأعجمهم، جُعلوا صفًّا واحداً ما أحاطوا به سبحانه، الذي يضع السموات على إصبع من أصابعه، والأرض على إصبع، والجبال على إصبع، والأشجار على إصبع، ثمّ يهزّهنَّ، ثم يقول: أنا الملك. فقاتل الله الجهمية والمعطّلة! أين التشبيه ها هنا؟ وأين التمثيل؟ لقد اضمحلَّ ها هنا كلُّ موجود سواه، فضلاً عن أن يكون له ما يماثله في ذلك الكمال، ويشابهه فيه، فسبحان من حجب عقول هؤلاء عن معرفته، وولاّها ما تولّت من وقوفها مع الألفاظ التي لا حرمة لها، والمعاني التي لا حقائق لها. ولما فهمت هذه الطائفة من الصفات الإلهية ما تفهمه من صفات المخلوقين، فرَّت إلى إنكار حقائقها، وابتغاء تحريفها، وسمَّته تأويلاً، فشبّهت أوَّلاً، وعطّلت ثانياً، وأساءت الظنَّ بربِّها وبكتابه وبنبيِّه، وبأتباعه"1. ثم بيّن رحمه الله وجه إساءة هؤلاء الظنّ بربِّهم وكتابه ونبيّهم وأتباعه. وقال الجويني في رسالته (النصيحة في صفات الرب جلَّ وعلا) : "وصفاته معلومة من حيث الجملة والثبوت، غير معقولة له من حيث التكييف والتحديد، فيكون المؤمن بها مبصراً من وجه، أعمى من وجه، مبصراً من حيث الإثبات والوجود، أعمى من حيث التكييف والتحديد، وبهذا يحصل الجمع بين الإثبات لما وصف الله به نفسه، وبين نفي التحريف والتشبيه والوقوف، وذلك هو مراد الله تعالى مِنَّا في إبراز صفاته لنا لنعرفه بها، ونؤمن بحقائقها وننفي عنها التشبيه، ولا نعطلها بالتحريف والتأويل، لا فرق بين الاستواء والسمع، ولا بين النزول والبصر، لأنَّ الكلَّ ورد في النص"2. فهذا هو مراد السلف رحمهم الله بقولهم: "بلا كيف". ومع ذلك فقد قال الزمخشري المعتزلي في كشافه: "ثم تعجب من المتسمّين بالإسلام، المتسمّين بأهل السنة والجماعة كيف اتخذوا هذه العظيمة1 مذهباً، ولا يغرّنك تستّرهم بالبَلْكَفَة2، فإنَّه من منصوبات أشياخهم3، والقول ما قال بعض العدلية4 فيهم: لجماعة سمّوا هواهم سنّة ... وجماعة حمر لعمري موكفه5 قد شبّهوه بخلقه وتخوّفوا ... شنع الورى فتستّروا بالبلكفه"6. وقد أجاب بعض أهل العلم عن هذين البيتين بمثلهما فقال: عجباً لقوم ظالمين تلقّبوا ... بالعدل ما فيهم لعمري معرفة قد جاءهم من حيث لا يدرونه ... تعطيل ذات الله مع نفي الصفة7 ثم هم مع تعطيل الذات ونفي الصفة قد شبّهوا الله تبارك وتعالى بخلقه، لأنّهم إنما قالوا بالتعطيل لتوهمهم التشبيه، ففرّوا منه إلى التعطيل، فوقعوا في تشبيه آخر، وهو تشبيه الله بالممتنعات والمعدومات أو الجمادات، وذلك بحسب نوع تعطيلهم، وقد "برّأ الله أتباع رسوله وورثته القائمين بسنّته عن ذلك كلّه فلم يصفوه إلاَّ بما وصف به نفسه ووصفه به نبيُّه صلى الله عليه وسلم، ولم يجحدوا صفاته، ولم يشبّهوها بصفات خلقه، ولم يعدلوا بها عمّا أنزلت عليه لفظاً ولا معنى، بل أثبتوا له الأسماء والصفات ونفوا عنه مشابهة المخلوقات، فكان إثباتهم بريًّا من التشبيه، وتنزيههم خليًّا من التعطيل لا كمن شبّه حتى كأنَّه يعبد صنماً، أو عطّل حتى كأنَّه لا يعبد إلاَّ عدَماً"1، والحمد لله رب العالمين. اهــ نعتذر على النقل المطوّل و لكن للفائدة فقط .. |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
مجهول, رواية, والكيف |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc