الأخذ بالأخف
لغة: الأخذ خلاف العطاء ، وهو أيضًا التناول ، أخذت الشئ آخُذُه أخذًا: تناولته.(لسان العرب)(1).
والأخف خلاف الأثقل.(لسان العرب)(2).
واصطلاحا: يقصد به الأخذ باًخف الأقوال حتى يدل الدليل على الأخذ بالأثقل(3).
ويعتبرالأخذ بالأخف تعبيرا واصطلاحا قريبا من قولهم الأخذ بأقل ما قيل ، وإن لم يكن هو عينه فإن بينهما خلافا؛ وذلك لأن الأخذ بأقل ما قيل يشترط فيه أن يكون المختلفون فى المسألة متفقين على الأقل حتى يقال به ، وهذا لا يشترط فيه هذا.(4).
والقول بالأخذ بأخف القولين من جملة طرق الاستدلال ، وقد ذهب البعض إلى أنه واجب على المكلف أن ياًخذ بالأخف ، كما عبروا هناك بقولهم: يجب الأخذ بأقل ما قيل (5): لقوله تعالى {يريد الله بكم اليسر}البقرة:85 وقوله تعالى {وما جعل عليكم فى الدين من حرج}الحج 78 , واعلم أن الأخذ بالأخف قد يكون بين المذاهب ، وقد يكون بين الاحتمالات المتعارضة أماراتها(6) ، وقد يكون بين أقوال الرواة (7).
والأخذ بالأخف ليس متفقأ على القول به ، فقد ذهب البعض إلى القول بوجوب الأخذ بالأشق (8) وهذا الدليل يرجع حاصله إلى أن الأصل فى الملاذ الإذن ، وفى المضار المنع ، والأخف فيهما هو ذلك (9).
وكما استدل من قال بوجوب الأخذ بالأخف بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الدالة على اليسر والتخفيف ، وأن هذه الشريعة مبنية على رفع الحرج عن العباد ، فقد استدل من قال بوجوب الأخذ بالأشق والأثقل من القولين ، بأنه أكثر ثوابا ، فكان المصير إليه واجبا لقوله تعالى(10) {فاستبقوا الخيرات}البقرة:148.
وهناك فريق ثالت لم يوجب الأخذ بشىء منهما ، وحجته مبنية على أنهما قولان متعارضان فيسقطان ، وانه لا معنى لهذا الخلاف فى مثل هذا؛ لأن الدين كله يسر ، والشريعة جميعها سمحة سهلة ، والذى يجب الأخذ به ويتعين العمل عليه هو ما صح دليله ، فإن تعارضت الأدلة لم يصلح أن يكون الأخف مما دلت عليه أو الأشق مرجحا ، بل يجب المصير إلى المرجحات المعتبرة عند الأصوليين وعلماء الخلاف (11).
أ.د/على جمعة محمد