غلب على صفحات هذا المنتدى جدال يكاد يكون غير ذي جدوى بين منتقدي النقابات جراء نتائج المفاوضات الأخيرة وبين مؤيديها.
والعيب ليس في الانتقاد ولا في التأييد بقدر ما هو في غاية الانتقاد وغاية التأييد ولغة كل منهما.
فالأكيد أن انتقاد النقابات وكشف الأخطاء هو ظاهرة صحية تدل على نضج فكري ومعالجة موضوعية للأمور،لكن الانتقاد المزمن ونقي كل شيء إيجابي والنظر إلى الأمور نظرة سوداوية هو الذي يفرغ هذه العملية من إيجابياتها ويجعلها ظاهرة مرضية .
ونفس الأمر بالنسبة للجهة الأخرى ،فقد امتلأت صفحات هذا المنتدى بمؤيدين للنقابات أو لإحداها تأييدا مزمنا يجعل منها كتابا مقدسا ويجعل من قيادييها أنبياء لا يرقى إليهم السهو ولا الخطأ ولا النسيان،ومن ثم ينبرون إلى كل مخالفيهم بالرد العنيف وبالتخوين ،وهذا النوع من المناضلين لا يخدم النقابة في شيء إن لم نقل أنه يذكرنا بأزلام ليجيتيا الذي قادوها بفعل تواطئهم إلى الحال التي نعرفها.
لذا فإنه من المعيب على من كلفوا بتنوير عقول أبناء الأمور أن يسقطوا في أحد هذين النقيضين، كما أن من يرفض نتائج هذه المفاوضات لا يعني أنه ينكر إيجابيات هذه النقابات ولم يصرح أحد على هذا المنتدى بذلك،لكن النقابات والعمل النقابي هما وسيلتان وليستا غاية،فكلاهما وجد من أجل المربي ولخدمته وليس العكس ومن الطبيعي أن ينتقد المربي من تقدم لتمثيله عن طواعية،لأن المسؤولية تكليف وليست تشريفا،كما أن الإيجابيات التي تحققت ليست ملكا لأحد بل هي نتيجة لتظافر جهود العمال ووقوفهم خلف نقابتهم ، وما كان لهؤلاء القديسين أن يفعلوا شيئا بدونهم، كما أن هذه الإنجازات لا تعطيهم شيكا على بياض يسرحون من خلاله في قضايا العمال ويمرحون فيها دون حسيب ورقيب ،فما قدم كان واجبا وأي خطإ أو تهاون يتطلب وقفة حازمة لتقييم الإعوجاج ،وإلا فالنهاية لن تختلف عن نهاية ليجيتيا إلا من خلال السقوط المتسارع.