مرة أخرى ينطلق عسكر إفريقيا من ثكناتهم إلى الانقضاض على السلطة بقوة الحديد والنار ، مرة أخرى تعود اسطوانة البيان رقم واحد التي لم تعد تتواجد إلا في قاموس العسكر الأفارقة وتجاوزها الزمن ، مرة أخرى يدوس العساكر الأفارقة بأحذيته الغليظة ومجنزرات دباباتهم وفوهات بنادقهم على نهج التداول السلمي على السلطة.
أمادو أيا سونغو نقيب مغمور قاد مجموعة من صغار الضباط للانقلاب على الرئيس المالي أمادو تومانو توري ليتم نقله إلى مكان قيل أنه آمن؟ بحجة أن الرجل أبدى تراخ في محاربة تمرد الأزواد في الشمال وأهمل المناطق الشمالية من التنمية وجعلها فريسة لمتمردي الطوارق ولم يمد الجيش المالي المتواجد على الجبهة بالسلاح الكاف لاستعادتها من أيدي المتمردين
هل هذه المبررات تسوغ القيام بانقلاب عسكري والسيطرة على مقر التلفزيون وحل المؤسسات الدستورية واعتقال الوزراء وجعل البلاد عرضة للنهب والسلب؟
كم سيتطلب من الوقت لإعادة الحياة السياسية إلى مجراها إلى هذا البلد الذي يصنف كيانا لم يرق بعد إلى مرتبة دولة؟ ،
يشير السيد أحمد عظيمي الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي أن عدد القوات العسكرية لهذه الدولة لا يتعدى عشرين ألفا، كما أنها لا تملك من الإمكانيات التي تمكنها من مواجهة التمرد المسلح. وأدرج ما يحدث في مالي، في خانة السباق من أجل النفوذ، بين فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، في منطقة الساحل، وقال: "هناك إرادة لإعادة تقسيم الدول العربية والإفريقية، كما حدث في عشرينيات القرن الماضي، من خلال ما عرف باتفاقية سايكس بيكو"، وتابع: "لقد سبق وأن قلت بأن منطقة الساحل مقبلة على كوارث".
يعتقد المتحدث أن الدول العظمى تعمل على إيجاد موطئ قدم لها في منطقة الساحل، الغنية بالثروات الطبيعية (النفط واليورانيوم)، ومن شأن تنامي رغبة التوارق في إقامة دولة خاصة بهم في المنطقة وضعف دول المنطقة (مالي، النيجر، موريتانيا، تشاد)، أن يغذي هذه الأطماع، ويؤكد في هذا الصدد أن الولايات المتحدة الأمريكية تخطط لجلب عشرين بالمائة من حاجياتها من النفط من منطقة الساحل، وهذا يتطلب منفذا إلى المنطقة، التي تشهد غزوا غير مسبوق للنفوذ الصيني.