هناك أخطاء يقع بها مدرّسو هذه الكتب أو من يتعامل معها نلخصها في الآتي :
1 - كثير من المشايخ يدرّسون بعض هذه الكتب للعوام في المساجد , و هذا عمل غير سديد منهم , إذ وضعت هذه الكتب للمنقطعين للعلم يستعينون بها على القضاء و الإفتاء فيجب على العلماء أن يتصدروا لتعليم الجمهور ما لا يسع أحدا منهم جهله , و أن يأمروهم بالمعروف و ينهوهم عن المنكر من أقرب الطرق و أسهلها , و إنما يعرف ذلك بالتجربة و الإختبار .
2 - بعض المشايخ يدرسون هذه الكتب - و لا سيما المتأخرة منها - و يخرون على ما فيها صمّا و عميانا , و من اعترضهم من طلبة العلم مهتديا بالكتاب و صحيح السنة , أقاموا عليه النكير , و لعله لا يسلم من التبديع و التكفير , يزعمون أنهم بهذا يحافظون على الدين , و ما أضاع الدين إلا هذا !
3 - بعض طلبة العلم المبتدئين يعتقدون مسبقا أن الحق في مذهب كذا , و يتعاملون مع هذه الكتب وفق هذه القاعدة , و حق لهؤلاء أن يستبدلوا ما هم عليه من " اعتقد ثم استدل " ب " استدل ثم اعتقد " , و حينئذ يسهل الخطب , و يكاد يُدرك الحق .
4 - بعض طلبة العلم المبتدئين يبدؤن طلب العلم بالإنكباب على كتب الفقه المذهبية الخالية عن آراء المذاهب الأخرى و عن دليل و توجيهه , و لا ينبغي لهم أن يبدؤوا بذلك , لأن الغرض من هذه الكتب بيان المذهب , و لم تؤخذ من الكتاب و السنة مباشرة , و لم يلتزم مؤلّفها ذلك , فمن يريد ترك تقليد الكتب و اتباع الكتاب و السنة مباشرة , لا يحتاج إلى قراءة هذه الكتب على طولها و صعوبتها , بل الأولى و الأسهل له أن يقرأ الكتاب و السنة ابتداء و يعمل بهما , فإن كان لا يفهمهما بنفسه , و يقول : أريد أن أستعين على فهمهما بكلام العلماء , يقال له : إقرأ التفسير و كتب شرح الحديث , أو استعن بها على ذلك , فإن اختلف المفسرون و الشارحون , فاعمل بما يظهر لك أنه الحق من كلام المختلفين , و من لا يريد ترك تقليدها , فلا يسمع لك فيها قولا , و إن أقمت له عليه ألف دليل .
5 - و مما ينبغي أن يحذر منه طالب الفقه الغلط على الأئمة , فقد يشيع و ينتشر أن مذهب مالك مثلا إرسال اليدين في الصلاة أثناء القراءة و عدم القبض , و يكون منشأ ذلك غلطا وقع عليه من عبارات قالها و لم يفهم مراده منها , و هكذا في سلسلة في سلسلة يطول ذكرها .
6 - ينبغي لطالب الفقه أن يحذر من تتبع الرخص , و الأقوال الشاذة , و المسائل الغربية و الإفتراضات الخيالية المبثوثة في بطون هذه الكتب .
7 - على طالب الفقه أن يعرف قدر نفسه , فلا يتطاول على العلماء بألسنة حداد , و عدم قبول القول شيء و القدح في قائله شيء آخر , فالأول قد يصل إليه من آتاه الله حظّا من الفهم و الحفظ , و إدمان النظر في بطون المراجع و الكتب , أما الثاني فهو وقيعة في العلماء موصل إلى غضب الله عز وجل . ص 155 إلى 157
- قال الذهبي : ( من طلب العلم للعمل كسره العلم , و بكى على نفسه , و من طلب العلم للمدارس و الإتاء و الفخر و الرياء تحامق , و اختال , و ازدرى بالناس , و أهلكه العجب و مقتته الأنفس " قد أفلح من زكّاها و قد خاب من دسّاها " أي دسّسها بالفجور و المعصية ) . ص 158