لو فكر كل واحد فينا طويلا وسال نفسه ...ماذا كان يعمل طول عمره لوجد انه كان طول حياته كالخادم الذي يتسلق سلالم عمارة لا اخر لها يحمل طلبا الى زبون مجهول في شقة مجهولة ويجري متسلقا ليتوقف عند كل شقة ويطرقها فيخرج له شخص يتفرس فيه فلا يجد فيه ضالته فينطلق مهرولا من جديد الى دون اخر ..واخر يداعبه الامل في الوصول ثم يموت كالعادة دائما قبل ان يصل الى غايته ويقع صريعا على احدى درجات السلم السحري الصاعد الى ما لا نهاية ويلفظ انفاسه
اذ ننطلق نحن الشباب كالقذيفة بفعل وقود ذري من الحماس الغامض والامل نحو اغراض مؤقتة يخيل لنا كل مرة انها غايتنا ثم ما نلبث ان نكتشف بسرعة انها لم تكن الا محطات نتوقف عندها ونطرق الباب فتخرج لنا اشباح ليست فيها ملامح الامال التي كنا نتوقعها فمشكلة الانسان ليست من السذاجة بحيث تحلها الماديات وهي لا تنتهي بهذه المسكنات الزائلة وانما تبدا فيكشف القلق عن وجهه المجرد بعد ان يرتوي وجهه الاخر المادي ...فاذا به قلق اصيل قلق في النخاع في الروح وما تلبث ان تنتقل المشكلة الى مستوى روحي فيطلب الانسان حريته بعد ان يجد وجبته ويبحث عن اله بعد ان يجد نفسه