لقد وضعت إصبعك على الجرح أخي الكريم فالصراع الثقافي في الجزائر بين فصيلين أولهما هو الذي وصفته أنت بأنه تركته فرنسا بعيدا عن التحضر و بالتالي نجى من براثن الحضارة و الجزء الأهم أو الأكبر الذي قلت أنه لا يملك هوية و لا ثقافة و إصطبغ بصبغة المستعمر ... هو صحيح طرحك في إنقسام المجتمع الجزائري بين فصيلين (ثقافيا) لكن السبب ليست فرنسا كما تعتقد أو الإستعمار االفرنسي بل هذا الإنقسام متجذر في المجتمع الجزائري و المجتمعات المغاربية عموما قبل مجيئ فرنسا و قبل ظهور الإسلام حتى فلطالما كانت المجتمعات المغاربية والمجتمع الجزائري منقسما بين أهل الحضر والمضر كما وصفهم إبن خلدون و لطاما حارب أهل البداوة و المضر كل الحضارات المتعاقبة على الجزائر وبلاد المغرب عموما معتقدين أن الأصالة والتقاليد هي البداوة نفسها و أن أي تقارب مع الحضارة هو إنسلاخ عن التقاليد و لذلك بقيت بعض المناطق في شمال إفريقية محافظة على طابعها البدوي مستغرقة في بداوتها رافضة للحضارة و التحضر منذ الأزل و في كل مرة يصبغون خوفهم من الحضارة و تمسكهم بالبداوة بصبغة جديدة ففي زماننا هذا هم يصبغونها بصبغة الخوف من الحضارة الغربية و قبلها كانت حجتهم معاداتهم للأتراك وقبلها حاربوا ساكنة المدن و أهل الأندلس بحجة بعدهم عن الإسلام الصحيح و إستغراقهم في الملذات ... لكن الحقيقة أن هناك ميولا بدوية و نزعة للتوحش في بعض الناس تجعلهم يكرهون و يخافون و يحاربون كل حضارة و هته النزعة هي العدو الحقيقي لكل حضارة سواء إسلامية أو غير إسلامية بل هي سبب إندثار الحضارة الإسلامية .
فلا نتعجب اليوم في أن نرى بدويا مفتخرا ببداوته يقزم الشعب الجزائري واصفا إياه بالشعيب المنوم ويريد أن يلقي عليه دروسا في الحضارة والهوية ... أنت بحاجة لدروس في الحضارة و الهوية يا من تدعوا الناس أن يبحثوا عن هويتهم ... و لدروس في الأدب يا من يتطاول على شعب بأكمله .