العلاقات الخارجية للجزائر مع جاراتها
خلال العهد العثماني
لعبت تونس و المغرب دورا سياسيا و عسكريا في إضعاف القدرات الدفاعية للجزائر منن خلال الحروب المتبادلة بين الجارات الثلاث ( تونس ، المغرب و الجزائر) أواخر القران اتلثامن عشر و أوائل القرن التاسع عشر بعد انفصال ألإيالات عن بعضها، و تحالف المغرب مع اسبانيا لضرب مدينة الجزائر و عمل سلاطين المغرب منذ العهدين والسعدي و العلوي على مبدأ إضعاف إيالة الجزائر و إعانة العثمانيين بالمال و السلاح، ووقعت حروبا بين الجارات الثلاث، في هذهى الفترة لم ينس بايات تونس العداء التقليدي لدايات الجزائر فكان موقفهم من الجزائريين اللتاييد لألإحتلال الفرنسي الجزائري و كانت النتيجة أن الجارات الثلاث وقعت تحت سيطرة ألإحتلال الفرنسي و كان احتلال الجزائر سنة 1830 تمهيدا لإحختلال تونس و المغرب.
يقول الدكتور حنيفي هلايلي في كتابه" " أوراق الجزائر في تاريخ الجزائر في العهد العثماني" أنه لو أجرينا استقراءً للتاريخ نلاحظ أن بلدان المغرب العربي فشلت في تكوين تكتلا سياسيا موحدا يكون امتدادا لعمل الدولة الموحدية وبالرغم من محاولات شسلاطين آل عثمان في تحقيق هذا الحلم فإن العلاقات السياسية بين مختلف بلدان المغرب العربي تميزت بالتوتر و العداء فيما بينها..
ففي تونس زاد هذا التباعد السياسي عن الجزائر بعد الإنفصال تونس عن الجزائر بتكوين باشويتين مستقلتين عن بعضهما البعض، كمما لعبت الصراعات و الماحنات القائمة بين حدود الدولتين تأزما في العلاقات فقد خرق التونسيون في عهد يزوسف داي المعاهدة التي أبرمتها الجزائرمع إيالة تونس في عهد حسين باي قسنطينة عام 1614 م ، فلجأ مراد باي تونس الى استعمال القوة من خلا ل شن حملة عسكرية ضد الجزائر، انتهت بهزيمة الجيش التوةنسي في معركة السطارة قرب مدينة الكاف في لا17 ماي 1628م، و كانت هجومات باي تونس لسباب اقتصادية ارتكزت أساسا على الضرائب و التوسع في الأراضي و التعويضات ، لاسيما و أن وضع تونس كان وقتذاك حرجا جدا لتورطها في خلاف مع جمهورية البندقية ..
التنافس نفسه ساد العلاقات الجزائرية المغربية خلال المرحلة الأولى من تأسيس الإيالة، بدأت الصراعات بوضع تلمسان تحت المراقبة نظرا للعلاقة و الوشائج التاريخية القديمة التي كانت تربطهم مع الأسر، فازداد التنافس على مدينة تلمسان كمدينة حضارية لها محطة تجارية هامة، و لها استراتيجية، و كان لح الحظ من يسيطر عليها فيصبح له حق التدخل في لاعمق الجزائر و المغرب، فكانت تلمسات هدفا قجديما لحككام المغرب وهدفا لغزواتهم التوسعية منذ العهد المريني ( ملوك فاس)..
و تتضح الصورة جيدا للصراع الجزائري المغربي يقول ذات المؤلف الحملات العسكرية التي دامت ما يقارب ربع قرن من سنة 1551 الى 1576م في العهد السعدي، و للإشارة هنا أن نزول العثمانيين في المغرب العربي تصادف مع بداية حكم الأسرة السعدية للمغرب الأقصى ( 1524م)، و ساهم العثمانيون في الجزائرلا منذ مطلع القرن السابع عشر على تجزئة المغرب الى إمارات تابعة للأشراف و الزوايا و الطرق الصوفية، و يشير الدكتور هلايلي ان تجزأ المغرب ألقصى الى إمارات بعضها كان تحت ىحكم صلحاء مرابطين أصحاب زوايا كالدلائيين في الأطلس المتوسط، أو السملاليين في سوس، و بعضها بيد مجاهدين كمحمد العياشي الذي حارب البرتغاليين في البريحة ثم أفسبان في المعمورة، و بعضها كانت تمثل جمهوريات حرة كسلا و تطوان و كان اغلب سكانها من سكان الأندلس..
ثورات المرابطين و شيوخ الزوايا كانت عاملا حاسما
في زوال التواجد العثماني ( الثورة الدرقاوية) نموذجا
لقد لعبت عدة عوامل في تأزم العلاقة بين الأتراك العثمانيين و رجال الطرق الصوفية نظرا للتطور التي شهدته هذه الأخيرة ، إذ ظهر دور الشرفاء في ثورة الطريقة الدرقاوية التي تزعمها الشيخ محمد علي الإدريسي مرابط قرية عين الحوت قرب مدينة تلمسان سنة 1736م و التي استمرت الى غاية 1759م، اي حوالي 24 سنة و التي جعلت تلمسان شبه جمهورية مستقلة ، لكن رد فعل الأتراك كان عنيفا بزعامة الباي محمد الكبير لولا تدخلى السلطان العلوي مولاي يزيد في إبرام الصلح مع باي المغرب، كما ارتكز أسلوب الدايات في فرض سيطرتهم على الطرق الصوفية على "المراوغة" لما لهؤلاء من نفوذ روحي و مادي على جموع القبائل..
و لتنفيذ مشروعه السايسي اعتمد المغرب على نفوذ الطرق الصوفية التي كانت مراكزها تشكل حلقة تمتد من فاس الى تلمسان و تونس مرورا بالواحات ، في هذه الفترة بدأ مسلسل القتل مثلما حدث مع ابي حسون آخر سلاطين الدولة الوطاسية الذي قضى عليه محمد الشيخ المهدي..
و تكون الثورة الدرقاوية أكبر الثورات التي ذكرتها الكتابات التاريخية و هي تنسب الى ابن الشريف الردقاوي الذي دارت بينه و بين با وهران مصطفى العجمي معركة كبيرة في موقعة "قرطاسة" الواقعة جنوب مدينة غليزان و تعرف اليوم بوادي الأبطال و كانت هذه المعارك دافعا قويا لتعاطف محمد بن عثمان الملقب بوكابوس أو المسلوخ و التأثير فيه حسبما ذهبت اليه الوثائق الإسبانية.
والدرقاوية كما أشار اليها الدكتور هلايلي في الإشتقاق اللغوي عند جميع الدارسين تعني " الخرقة" كناية للرجال الذين اعتادوا لبس" البرانس" المرقعة، و أجرعها آخرون الى "درقة" و هي بلدة قريبة من فاس، و كانمت الدرقاوية من أقوى الطرق الصوفية في الجزائر ىو كان لها أتباع كثيرون في غرب الجزائر و كانت عاصمتها الروحية فاس بالمغرب و رغم الحملات العسكرية عليها فقد ازداد نفوذها و قوي أتباعها بعين ماضي في الصحراء أواخر العهد العثماني..
أزيد من 150 مليون وثيقة في الأرشيف العراقي
حول الجزائر في العهد العثماني
الإطلاع على الأرشيف العثماني اليوم مرهون بتعلم اللغة العثمانية ، هكذا قال باحثون ومؤرخون خلال الملتقى الدولي الأول حول الجزائر و العالم العثماني الذي انقعد بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية قسنطينة و الذين أرجعوا تأخر الدراسات حول الفترة العثمانية إلى نقص الوثائق التاريخية من جهة و إلى كون الباحثين العرب لم تشكل لهم بعد الثقافة التاريخية من جهة أخرى فضلا عن الافتقار لقوانين التعامل مع الشعوب مقارنة مع أوروبا التي اهتمت بهذا الجانب و قدمته بلغة أوروبية..
الملتقى الدولي الأول حول "الجزائر و العالم العثماني" شارك فيه باحثين و خبراء من دول عربية( العراق، ليبيا، الأردن، تونس و المغرب و غيرها )، لمناقشة مراحل الحكم العثماني طيلة ثلاثة قرون و كيف نشأت السلطة العثمانية في دول المغرب العربي و بخاصة الجزائر، و ما تأثير السياسة العثمانية على الشعوب، و كانت أول ورقت قدمت خلال اليوم الأول من انطلاق الملتقى الدولي محاضرة الدكتورة عليا هاشم المشهداني التي أشارت إلى أن دراسات العهد العثماني في العراق حظيت باهتمام كبير منذ سنوات السبعينيات و كانت موضوع رسائل الماجستير و أطاريح الدكتوراه التي تناولت تاريخ المغرب العربي في العصور الإسلامية و التي تتوقف عند المدة الانتقالية بين العصور الإسلامية و العصر العثماني الذي يصنف في العراق ضمن التاريخ الحديث ركز فيها الباحثون العراقيون عن وضع الجزائر في العهد العثماني، و يوجد حاليا بالأرشيف العراقي حسبما أكدته الدكتورة عليا هاشم المشهداني و الباحثة في تاريخ المغرب العربي أزيد من 150 مليون وثيقة للحوادث التي حصلت على الدولة العثمانية تخص الجزائر وحدها و حركات التمرد على الحكم العثماني، و أخرى تتعلق بالحكم الفرنسي للجزائر في العهد العثماني و هواجس السلطان الثاني و مكاتبات فرنسا و جواسيسها مع المبشرين للضغط على الجزائريين ، فضلا عن وثائق تخص جهود العثمانيين الدبلوماسية مع بريطاني من أجل احتلال فرنسا للجزائر، و تقول الدكتور المشهداني أن وثائق الأرشيف العراقي حول الجزائر في العهد العثماني مدونة باللغة العثمانية ، مشيرة إلى وجود ترجمة واحدة و هي نادرة جدا بالعربية تعود لفاضل بياتي ، غير أنها عبارة عن ملخص لما هو مكتوب ، و بالتالي فهذه الوثائق تحتاج إلى ترجمة.
كما توجد 10 وثائق أخرى تتعلق بمقاومة قسنطينة للاحتلال الفرنسي، و كانت هذه الوثائق موضع اهتمام الباحثين العراقيين في السنوات العشر الأخيرة و أثارت العديد من التساؤلات حول دخول ألأتراك العثمانيين إلى الجزائر و من أهم الوثائق التي عالجاه الباحثون العراقيون الوثيقة التي نشرها عبد الجليل التميمي و هي أول رسالة من أهالي مدينة الجزائر إلى السلطان سليم الأول سنة 1519م تقول المحاضرة أن هذه الوثائق في حاجة إلى الإطلاع عليها من قبل الباحثين الجزائريين و دراستها و تحليلها تحليلا معمقا لتدوين تاريخهم، و يقف إلى موقفها الدكتور العراقي جميل موسى رضا النجار الذي أكد أن التاريخ بحاجة إلى وثائق الأرشيف العثماني الذي كان محجوبا عن الباحثين العرب، ليوضح أن مثل هذه الوثائق أكثر أهمية من بقية الوثائق الأخرى لاسيما في العراق و على الباحثين الجزائريين و الدولة الجزائرية و مؤسساتها الاهتمام بموضوع وثائق العهد العثماني الموجود باسطنبول ، و أن تهيئ جيلا من الباحثين ليقفوا على هذه الوثائق السرية و ترجمتها و فك رموزها..
و يرى المحاضرون أن الفترة العثمانية تعرضت إلى التزييف و التشويه من قبل الفرنسيين، تقول الدكتورة عائشة غطاس من جامعة بوزريعة الجزائر التي قدمت حوصلة عن الرسائل الجامعية التي نوقشت بالجامعة الجزائرية و الدراسات التي ناقشها الجزائريون بالخارج ( تونس ، الشام و فرنسا..)، مؤكدة أن إعادة كتابة التاريخ أصبحت مطروحة بإلحاح من قبل الباحثين العرب و بخاصة الجزائريين..، وحسب الباحثين فإن الإنتاج التاريخي تميز بنزعة تهجمية و لم تحظ موضوعات التاريخ بالاهتمام، خاصة مع بداية الاستقلال إلى غاية التسعينيات التي ظهرت فيها توجهات متعددة، حيث استندت العديد من الدراسات التاريخية لمغرب العربي و الجزائر خاصة إلى الوثائق الفرنسية، و مع بداية التسعينيات حدث توجه جديد أهمل فيه كتابة التاريخ و تفرغ الباحثون إلى الدراسات الاجتماعية و الاقتصادية انطلاقا من الوثائق المحلية بأنواعها أي الرصيد العثماني و سجلات المحاكم الشرعية و دفاتر بيت المال..
من أجل تقريب وجهات النظر و جمع الأرشيف المبعثر: مؤتمر دولي للأرشيفيين
و المؤرخين العرب حول التواجد العثماني في البلاد العربية
و لقد حظي مشروع تنظيم مؤتمر دولي للأرشيفيين و المؤرخين حول التواجد العثماني في البلاد العربية إيجابياته و سلبياته على الشعوب العربية موافقة دكاترة جامعيين و مؤرخين في التاريخ العثماني و لقي ترحيبا كبيرا لتنظيمه لتسليط الضوء على الحقبة العثمانية و جمع الأرشيف و النصوص و الوثائق التي ما تزال مخزنة و دراستها ، و تدليل الصعاب خاصة ما تعلق بالمصطلحات، جاء اقتراح تنظيم مؤتمر دولي حول الأرشيفيين و المؤرخين العرب حسبما كشفه السيد عبد المجيد شيخي مدير مركز الأرشيف الوطني خلال المناقشة التي دارت بالمجلس الدولي للأرشيف ألشهر الماضية أين تم الاتفاق على عقد المؤتمر الدولي و هو الاقتراح الذي تقدمت به الجزائر و لاقى موافقة المجلس الدولي للأرشيف، الهدف منه حسب مدير مركز الأرشيف مد جسور التواصل و إيجاد التعاون المثمر و مناقشة الأرشيف، لاسيما و المسائل حول تواجد الدولة العثمانية في البلاد العربية ما تزال مطروحة ، و تم اختيار تنظيم المؤتمر الدولي في الفترة الممتدة بين 2011 و 2012 ..
و قد وجه مدير مركز الأرشيف الوطني في ذلك و على هامش الملتقى الدولي حول الجزائر في العالم العثماني الذي تتواصل فعالياته بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية قسنطينة عدة دعوات عديدة للأساتذة الباحثين و المؤرخين و المختصين في الأرشيف و محبيه و كذا الجامعات و معاهد التاريخ لتحضير المؤتمر، كما ستكون المشاركة على مستوى عربي أي دول المشرق العربي و دول المغرب العربي، و قال مدير مركز ألأرشيف الوطني أنه حان الوقت لتقريب وجهات النظر بين الباحثين و المؤرخين قبل أن تذهب معلوماتهم التي ينشرونها إلى الكتب المدرسية ، لأن الكثير من المسائل التاريخية ما تزال موضع نقاش و تناقض و ما يزال المؤرخين و الباحثين في التاريخ يعيشون تباينا جذريا في بعض المواقف بالنسبة للتاريخ، خاصة في مجال تحديد المصطلحات و عملية ألإسقاط في المسائل التاريخية الغير مبنية على معايير قيمية و بخاصة التاريخ الجزائري ، الذي معظم الكتابات التاريخية تقول أن الجزائر في الفترة ما قبل العثمانية كانت مقسمة، و هي أفكار مغلوط فيها لتشويه ماضي الدولة الجزائرية..
و في سياق متصل أشار عبد المجيد شيخي مدير مركز الأرشيف الوطني أن الفرنسيين استولوا على المئات من المخطوطات قبل خروجهم من الجزائر و لم يتركوا إلا القشور، مشيرا إلى الاتفاقيات التي أبرمت مع الحكومة التركية على أن تسلم للأرشيف الوطني نسخة كاملة من الأرشيف الخاص بالجزائر في العهد العثماني و اتفاقيات أخرى مع فرنسا، و لكن يضيف مدير الأرشيف الوطني أن هذه الجهود تذهب سدى لغياب الاتصال المباشر مع الباحثين لأن الكثير من الباحثين الجزائريين لا يولون اهتمامهم بالبحث التاريخي و لا يزورون حتى الأرشيف الوطني و ما يزخر به هذا الأخير من رصيد تاريخي..
و لم يستثن عبد المجيد شيخي من دعوة الجامعيين الجزائريين و حتى الباحثين العرب من الإنظمام إلى جمعية أصدقاء الأرشيف و نفض عنها غبار الركود، و إعادة تنشيطها و تحقيق عن طريقها مشاريع كبرى و القيام كذلك بعمليات تحسيسية لجمع الأرشيف الموجود في المكتبات المغلقة، و الذي استعصي على الباحثين الوصول إليه بعيدا عن دهاليز الإدارة.
علجية عيش
__________________
[/justify]
الـــــتــــــوقــــــيـــــــــــــع
لا تدس سنابل القمح لكي تقطف شقائق النعمان