- (ما ليس منه، فهو رد).
- (ما ليس منه)، (ما): يحتمل أن يكون اسما وصولا، أو نكرة، والتقدير على الأول: من أحدث في أمرنا الذي ليس منه فهو رد، والتقدير على الثاني: من أحدث في أمرنا هذا شيئا ليس منه فهو رد.
وقوله: (ليس منه) أي: لم يُنص عليه في الشرع، ولا تشهد له قواعد الشرع، وهذه هي البدعة.
والبدعة في اللغة: من الإبداع، وهو الاختراع على غير مثال سابق، كما قال تعالى: (بديع السماوات والأرض) أي: خالقهما من غير مثال سابق.
وأما في الشرع؛ فقد عرفها الشمني بقوله: (هي ما أُحدث على خلاف الحق الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، قولا أو فعلا أو اعتقادا، وجُعل ذلك دينا قويما، وصراطا مستقيما) -أو قال عبارة نحو هذه-.
- مسألة: البدع في الدين كلها ضلالة، وليس فيها بدعة حسنة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كل بدعة ضلالة)، ولا يجوز الاستدراك على النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الإمام مالك رحمه الله: (من زعم أن في الإسلام بدعة حسنة، فقد زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم خان الرسالة!).
- إشكال: جاء عن عمر رضي الله عنه أنه قال في صلاة التراويح: (نعمت البدعة هذه)، فهل في هذا إثبات لبدعة حسنة؟
الجواب: لا، بل البدع كلها ضلالة، بنص كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل بدعة ضلالة).
وكلام عمر رضي الله عنه أُجيب عنه:
1- بأنه أراد به البدعة اللغوية، فلا يُخالف: (كل بدعة ضلالة)، لأن كلام النبي صلى الله عليه وسلم عن البدعة الشرعية.
وهذا الجواب فيه نظر، وذلك لأن البدعة اللغوية هي ما أُحدث على غير مثال سابق، وصلاة التراويح كان لها مثال سابق، إذْ قد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم.
2- وقيل: إن عمر رضي الله عنه أراد بها البدعة الشرعية، ومع ذلك قال: (نعمت البدعة هذه)!! وقد فهم بعضهم هذا، ثم ذهب يُنكر على عمر رضي الله عنها فقال معلقا: (البدعة: بدعة، وإن كانت من عمر!!!!!!).
حكى هذا العلامة الدكتور عبد الكريم الخضير في شرحه للأربعين.
3- وقيل -وهو الأصح-: إن هذا من باب المشاكلة، وبيان ذلك: أن عمر رضي الله عنه لما رأى الناس يصلون التراويح جماعة أعجبه هذا وسرَّه؛ لأحيائه سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فتصور أن رجلا يعترض عليه قائلا: هذه بدعة يا عمر! فقال: (نعمت البدعة هذه).
فعبر عنها بالبدعة مشاكلةً -وإن لم تكن في الشرع كذلك-، والمشاكلة أسلوب معروف عند البلاغيين.