تونس.. رجع صدى ثورة أكتوبر 1988 بالجزائر
يتحدث المراقبون عن احتمال تأثير الثورة التونسية في الجزائر وانتقال "العدوى" إلى الجيران، لكن المتتبع لما يحدث قد يكتشف أن ثورة الياسمين لا يمكنها ـ وفق الظروف الحالية ـ القفز إلى الجزائر لأنها في أصلها "رجع صدى" متأخر لثورة أكتوبر 1988 التي كانت فاتحة التعددية السياسية والإعلامية في الجزائر، قبل أن ينقلب النظام على هذه المكاسب ويُصادر كثيرا منها مستغلا دفاعه المشروع عن الدولة في مواجهة الإرهاب.
تشهد الجزائر احتقانا كبيرا بسبب تردي الأوضاع المعيشية وغياب فضاءات التعبير السلمي التي تمنعها الدولة بشكل أو بآخر، لكنّ هذا الاحتقان لم يتحول إلى حركة احتجاجية واعية لها أهدافها الواضحة، خاصة أن الطبقة الشعبية في الجزائر تنظر إلى السياسيين بعين الريبة، وهذا ما أدى إلى فقدان هذه الأحزاب لقواعدها المتململة التي لم تعد مقتنعة بتبرير قياداتها السياسية فيما يخص خياراتها التي تتماشى في أغلب الأحيان مع مصالح مادية ضيقة، كما تعجز الأحزاب جميعها عن استقطاب الشباب الذين ينشأون بعيدا عن أي التزام سياسي أو نضالي.
مكمن الغرابة اليوم ليس في عدم انتقال الثورة من تونس إلى الجزائر، ولكن كيف بقيت تونس صامدة أمام الحراك السياسي الذي حدث في الجزائر ولم تتأثر به لفترة تجاوزت 22 سنة؟ وقد نجد جزءا من الجواب في مشكلة الصدام الذي حصل بين الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلولة والحكومة عقب إلغاء المسار الانتخابي، حيث سمحت المواجهة العنيفة ببروز الإرهاب كظاهرة مخيفة تضع المطالبين بالتغيير بين خيارين أحلاهما مرّ: البقاء تحت الاستبداد أو تفجير البلد وجعله فريسة للإرهاب. ولهذا لم يلتقط الجزائريون أنفاسهم من هول تجربة التغيير الأولى في أكتوبر 1988 التي يبدو أنها ستلقي بظلالها على المشهد السياسي الجزائري لسنوات أخرى.
******* ***** *** ** *
نتمى أن لا يدفع اخواننا في تونس ومصر وباقي الدول العربية الثمن الذي دفعته الجزائر في العشرية التي تلت ثورة 1988 والذي لا تزال تدفعه العراق بشكل رهيب بعد سقوط صدام وإن كان صدام لم يسقط بثورة لكن شعبه ساعد في اسقاطه وفرح لذلك !!