سياسة زَبرْ وسراب نجاح

[فارس الجزائري]

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

السياسة التي ينتهجها بعض المدراء والأساتذة هذه الأيام والتي تعتمد على سياسة الغربلة للمستويات فلا ينجح ولا يدمج في المؤسسة إلا ذو المعدل المرتفع، أما الأستاذ فإذا لم يشفع للتلميذ معدله فقد يشفع له هدوئه وعدم تقلاقه انصح التعبير .
قد يكون للمدير الحق من وجهة نظر إدارية محاسبية فهو مطالب بتحقيق أحسن النتائج حتى ينال رضا من هو أعلى منه مرتبة وفق قانون النسب، فالمؤسسة التي تحقق أعلى النسب هي المؤسسة الشطورة الرائعة التي طاقمها مجتهد ويبذل الجهد، ولذلك نجد المدير يحرس على تحقيق النتائج ولن يتأتى ذلك إلا بغربلة للتلاميذ فلاحظ للمتوسط أو الضعيف بالارتقاء.
قد يقول البعض هذا منطقي فلكل مجتهد نصيب. أقول نعم ولكن عندما يكون الأستاذ مجتهدا بحق لا أن يلقي الدرس وهو لا يدري هل التلميذ فهم - أقول التلميذ وليس التلاميذ لأنه في كل الأحيان سيطرح سؤال هل فهمتم؟ والتلميذ الذي لا يفهم تغلبه الأغلبية بنعم وبتالي لا يتجرأ أن يقول لم أفهم يا أستاذ، هذا إن لم ينهل عليه الأستاذ بوابل من جمل الاستهزاء أو التمسخير على التلميذ- ثم في الأخير يبرز الأستاذ عضلاته في موضوع الامتحان والذي في بعض الأحيان لا يستطيع الإجابة عنه إن فاجئه به أحدهم، ناهيك عن التزيار في العلامات وفق قاعدة حقك حقك، دون مراعاة لظروف التلاميذ الاجتماعية والصحية وغيرها، فكم من نابغة نجد في الشارع وكم من موهبة ضاعت إلى غير رجعة وكم وكم .... الخ.
إن النجاح الذي يتشدق به بعض المدراء والأساتذة عند ظهور النتائج ليس من صنعهم فهو من صنع تلاميذ نجباء أصلا لم يبذلوا معهم الجهد بل بجهدهم كانوا.
إن الجهد الحقيقي للمربي الحقيقي هو ذلك الذي يأتي من شبه عدم مع تلاميذ مستواهم ضعيف ومتوسط يأخذ بيدهم واحدا واحدا يكلم هذا ويحاور ذاك يشتد مع هذا وباللين يأخذ ذاك يقرب الفكرة حتى يصنع التلميذ فكرته يمزجها بذكائه وفطنته التي يستخرجها الأستاذ من التلميذ بحنكة المربي المبدع الفطن.
أخيرا أقول لكل من زَبَرَ أوغربلة تلميذا، فعلا قد نجحت في تخريج لا قدر الله بنات هوا وقطاع طرق في كل واد يهيمون ليس بالشعر بل بمشاعر قد حطمت ومستقبل قد هدم وقبس نور قد انطفأ على يدك أيها المربي، لتصنع لنفسك سرابُ نجاح.