حتى في الكتاب المدرسي!!

[هشام منصوري]

غابت عن دوائرنا الإجتماعية كل القيم عدا واحدة طفت إلى السطح بشدة قياسا بكثافتها ..فلم نعد نسمع عن قيم أخلاقية و علمية و دينية أو ثقافية ...لأنها و بكل بساطة انتهت مدة صلاحيتها و غدت عديمة الفائدة فقفزت إلى أعرافنا قيم جديدة (قديمة) و ثقافات حديثة , فاستبدلنا كل غيارنا بمستورد فاسد فرحنا نجدد و نقلد و نعبد الدينار فصلينا صلاة الدولار فصح علينا قول شاعر عصر الضعف:
رأيت الناس قد مالو لمن عنده مال ...ومن ليس عنده مال فعنه الناس قد مالوارأيت الناس قد ذهبوا لمن عنده ذهب... ومن ليس عنده ذهب فعنه الناس قد ذهبوا
المعلم ..ذلك الصرح الشامخ و الحق الصارخ ..نور المجتمع و قبسه و روح الفكر و منبعه ( هذا رأيي و هو ليس بعيد عن كلام الكتب طبعا) أما المعلم بلغة إجتماعية هو ..........و هو ..............و هو .............. أرجو ان لا يكون الكثير ممن يدعمون هذا الطرح فيقول : " هذا هو الواقع"

عذرا و عذرا و اسمحوا لي ان أقول : تبا و سحقا لهذا الرأي الذي ولد بصفة جينية أفكارا خبيثة تدعوا بسبيل النكتة أو المزح..جده و هزله لعدم اعتبار المعلم و ازدراءه لعيب أو خلل في فرد من أفراد أسرته (أقصد التربوية).

سارعت لكتابة هذا الموضوع بعد قراءتي لنص حوار في كتاب مدرسي دار بين مدير مدرسة وولي أمر تلميذ حول مستقبل إبنه فنصحه المدير بأن يختار له شعبة في الجامعة توجهه في نهاية المطاف إلى مهنة التعليم فرد ولي الطالب(بلهجة مستهترة) أن إبنه لا يرغب في هذا العمل و انه قال بالحرف الواحد : " لن أعمل معلما حتى لو بقيت هذه المهنة آخر شيء على وجه البسيطة."

لماذا؟؟؟؟ لأن الطالب ياسادتي يريد (وفقا لرغبة أبيه و أمه) أن يدرس شيئا قيما (يعني فيه قيمة) شعبة دراسية تكفل له عملا معتبرا يدر له أموالا معتبرة و قيمة مادية - لا ثقافية أو علمية- لأنه رأى و شاهد و جرب أن أصحاب القيم (الفكرية بين قوسين) لا قيمة لهم .......لكن لكن لكن لكن تمنيت لو بقي هذا الحوار خارج أسوار المدرسة لا مثالا و حوارا مطبوعا في كتابنا المدرسي حتى و ان كان يعبر عن ديمقراطية و حرية اختيار مهنة المستقبل ..لكن لكن لكن ليس على حساب قيمة المعلم و مهنة التعليم و ما آلمني أكثر أن الطلبة في أيامنا هذه (بل السواد الأعظم في مجتمعنا) ينظرون لهذه المهنة المقدسة بتلك النظرة الدونية.