عشق الصورة يبدا باعجاب و اذا صادف قلبا خاليا لاهيا طغى عليه و تحول الى عشق ضار كما قيل :
أتاني هواها قبل أن اعرف الهوى ... فصادف قلبا خاليا فتمكنا
و من المعلوم انه ليس في عشق الصور مصلحة دينية و لا دنيوية . بل مفسدته الدينية و الدنيوية اضعاف ما يقدر فيه من المصلحة و هذا من أوجه مختلفة ..
الاولى .. الاشتغال بحب المخلوق و ذكره عن حب الخالق تعالى و ذكره . فلا يجتمع في القلب حب المخلوق و حب الخالق الا و يقهر احدهما الآخر . و يكون السلكان و الغلبة له .
و الثاني .. عذاب قلبه بمعشوقه . فان من أحب شيئا عذب به كما قيل :
وما في الأرضِ أشْقَىْ من مُحِبٍّ ... وإِن وجدَ الهوى حلوَ المذاَقِ
تراهُ باكياً في كلِّ وقتٍ ... مخافةَ فرقةٍ أو لاشتياقِ
فيبكي إِن نَأوا شوقاً إِليهم ... ويبكي لإِن دَنَوا خوفَ الفراقِ
فتسخُنُ عينهُهُ عندَ التنائيْ ... وتسخنُ عينُه عند التلاقي
و العشق و ان استعذبه صاحبه فهو من أعظم عذاب القلب
ثالثا .. أن العاشق قلبه اسير في قبضة غيره يسومه الهوان . و لكنه لسكره العشق لا يشعر بمصابه ..
كعصفورة في كف طفل يسومها .. حياض الردى و الطفل يلهو و يلعب
ملكت فؤادي بالقطيعة و الجفا .. و أنت خلي البال تلهو و تلعب
فعيش العاشق عيش الأسير الموثق ... و عيش الخلي عيش المسيب المطلق
رابعا .. انه يشتغل به عن مصالح دينه و دنياه فليس شئ اضيع لمصالح الدين و الدنيا مثل عشق الصور ...و مصالح الدنيا تابعة في الاساس لمصالح الدين فمن انفرطت عليه مصالح دينه فمصالح دنياه اضيع و اضيع .
خامسا ..أن آفات الدنيا و الآخرة أسرع الى العشاق من النار في الحطب لأنه كلما قرب القلب من العشق و تعلق به بعد من الله و اذا بعدت القلوب من الله طرقته الآفات و الفتن و تولاه الشيطان من كل ناحية و تولاه عدوه . لم يدع اذى يمكنه ان يوصله اليه الا و اوصله ...
سادسا .. اذا تمكن العشق من القلب و استحكم افسد الذهن و أحدث الوسواس
قيل : جننت بمن تهوى فقلت لهم. .... العشق اعظم مما بالمجانين
العشق لا يستفيق الدهر صاحبه ... و انما يصرع المجنون في الحين
السابع : انه ربما يفسد بعض الحواس . فسادا معنويا أو صوريا .. فالمعنوي فهو تابع لفساد القلب .. فاذا فسد القلب فسدت العين و الاذن و اللسان فيرى القبيح حسنا منه ويصم أذنه عن الاصغاء الى العذل فيه و الرغبات تستر العيوب . فشدة الرغبة غشاوة على العين تمنع من رؤيته على ما هو عليه .. اما فساد الحواس ظاهرا فانه يمرض البدن و ينهكه.....
و العشق مبادئه سهلة حلوة و أوسطه هم و شغل قلب و سقم و آخره عطب و قتل ان لم تتداركه عناية من الله ...
و عش خاليا فالحب أوله عنى ... و أوسطه سقم و آخره قتل