هل تعلم أيها الصوفي؟!
1- أنك تنسب إلى لبس الصوف، وليس إلى أهل الصفة، ولا الصف الأول ، ولا الصفاء، لأن اللغة لا تجيز ذلك أبدًا ؟فهلا تسميت بالاسم الذي سماك به ربك؟﴿هُوَ سَمَّاكُمُ الْـمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ﴾.(الحج:78)
2- هل تعلم أنك تدين الله بشيء حادث في الدين؟إذ الصوفية من الأمور المحدثة، حيث لم تظهر إلا في نهاية القرن الثاني أو بداية القرن الثالث الهجري ، وقد حذر رسولك صلى الله عليه وسلم من البدع المحدثات.
3- هل تعلم أن من حق الله ﻷ عليك أن تعبده ولا تشرك معه غيره ، ومن حقك عليه إن عبدته ولم تشرك معه غيره أن يدخلك الجنة؟
وهل علمت أن الدعاء والاستغاثة بذوات الأحياء أوالأموات ، وطلبك للحاجات التي لا يقدر عليها إلا الله، نحو طلب الولد، والمغفرة، ونحوهما، من باب الشرك الأكبر الذي يخلد صاحبه في النار، والمبطل لجميع الأعمال، المانع من شفاعة سيد الأبرارصلى الله عليه وسلم؟([1]).
4- هل تعلم أن التوسل المشروع له ثلاث وسائل، وما سواها توسل ممنوع ؟
والوسائل المشروعة هي:أ- التوسل إلى الله ﻷبأي اسم من أسمائه الحسنى، وبأي صفة من صفاته العلا، نحو: يا رب، يا حي، يا قيوم.
ب- التوسل بالأعمال الصالحة، كتوسل الثلاثة الذين دخلوا الغار فانسد عليهم، فتوسل كل منهم بصالح عمله، ففرَّج الله عنهم كما أخبر الصادق المصدوقص.
جـ- طلب الدعاء من الحي الحاضر، نحو توسل الأعمى بدعاء رسول الله ص، كما جاء في حديث عثمان بن أبي حنيف، حيث طلب الرسول صلى الله عليه وسلم من الأعمى أن يتوضأ ويصلي ركعتين، ويسأل الله أن يقبل شفاعة رسوله ص فيه، فدعا له فرد الله بصره.
وكاستسقاء عمر بدعاء العباس م، ولا يظنن خاطئ أن عمر استسقى بذات العباس، إذ لو كان الاستسقاء بذاته لاستسقى عمر بذات النبي صلى الله عليه وسلم وهو أفضل من العباس ومن جميع الخلق، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم .
5- هل تعلم أن رسولك صلى الله عليه وسلم قال: « لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُهُ فَقُولُوا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ»؟(رواه البخاري). والإطراء هو المبالغة في المدح والكذب فيه، ومن ذلك اعتقاد معظم الصوفية:
أ- أن الرسول صلى الله عليه وسلم خُلق من نور، وجميع الأنبياء من لدن آدم خلقوا من نوره، وهذا منافٍ لما أخبر به الله ﻷ أنه من بني آدم، وقد خلق الله آدم ÷من طين.
ب- أن الرسول صلى الله عليه وسلم حي في قبره كحياته قبل موته ، يستقبل الزائرين ويصافحهم ونحو ذلك، وقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ﴾، وقال: ﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ﴾.
مع يقيننا الصادق أن روحه صفي أعلى الجنان، وأن الله حرَّم على الأرض أجساد الأنبياء ، وأن الحياة البرزخية تختلف عن الحياة الدنيا وعن الحياة الآخرة.
جـ- اعتقاد كثير من الصوفية أن الرسول صلى الله عليه وسلم يُرى يقظة بعد أن انتقل إلى الرفيق الأعلى، بل من الصوفية من يزعم أنه يكلم الله من غير واسطة، وأن بعض الطرق خرج مرسوم إنشائها بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأنهم أخذوا عنه بعض الصلوات والأذكار، وأنه يحضر الموالد ، والبعض إذا جلسوا لذكر الجمعة فرشوا ملاءة، وزعموا أن الرسول صلى الله عليه وسلم يجلس في وسطها، وخلفاؤه الراشدون في أركانه.
هذا الاعتقاد ـ مع ما فيه من المخالفة ـ مخالفٌ لما كان عليه السلف الصالح من لدن الصحابة ومن بعدهم، حيث لم يزعم أحد منهم أنه اجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم مع حاجتهم الماسة لذلك، ومنزلتهم العالية عنده.
6- هل تعلم أن كل الأوراد، والأذكار، والصلوات، والاحتفالات، والموالد، والحوليات التي لم يتعبد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام ربهم، والتي لم تكن معروفة لديهم ـ هل تعلم أنها مردودة عليك بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن العبادات توقيفية، لا يجوز الزيادة عليها ولا النقصان؟
قال ص: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (رواه البخاري ومسلم).
وقال: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد».(رواه مسلم ).
لماذا تستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ لماذا تترك الأذكار والصلوات التي خرجت من فم من لا ينطق عن الهوى، وتتمسك بأوراد وأذكار وضعها غيره من البشر؟
قال الإمام النووي /بعد أن ذكر صيغ الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم وصِفَتَها في كتابه (الأذكار1/164):« وأما ما قاله أصحابنا وابن أبي زيد المالكي من استحباب زيادة على ذلك (وارحم محمدًا وآل محمد)، فهذه بدعة لا أصل لها، وقد بالغ الإمام أبوبكر بن العربي المالكي في كتابه (شرح الترمذي) في إنكار ذلك، وتخطئة ابن أبي زيد ، وتجهيل فاعله، قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا كيفية الصلاة عليه ص، فالزيادة على ذلك استقصار لقوله، واستدراك عليه صلى الله عليه وسلم »
7- هل تعلم أيها الصوفي أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وإنما الطاعة في المعروف؟كما أخبر صاحب الشريعة، وأن ما يشيعه بعض الصوفية:«لا تعترض فتطرد »، وزعم البعض أنه لو أمره شيخه بدخول النار لدخلها، ولو أمره بالكفر لكفر، لا أساس له في شرع المصطفى ص.
8-هل تعلم أن ما لم يكن في ذاك اليوم دينًا فلن يكون اليوم دينًا؟كما قال الإمام مالك في تفسير قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾(المائدة:3)، فالدين تم وكمُل.
9- هل تعلم أن تقسيم الصوفية العلم إلى علم شريعة وحقيقة، أوعلم ظاهر وباطن، أوما يعرف بـ(العلم اللدني)، لا أساس له من الصحة؟
وأن هذا التقسيم ما أنزل الله به من سلطان، ولم يؤْثَر عن عَلَم من الأعلام، وإنما اخترعه الشيطان على أوليائه ليلبس عليهم، وليتمكن من إضلالهم؟
حيث زعموا أن العلم اللدني يلقن تلقينًا، ولا يحتاج إلى تعليم، ومعلوم من دين الله أن العلم بالتعلم، ولو كان العلم بالتلقين لناله سيد البريةصلى الله عليه وسلم ولكن علَّمه جبريل ÷ عندما قال له:« اقرأ »، قال: « ما أنا بقارئ..»، قال: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾(العلق:1)، الحديث.
عمدتهم في هذا التقسيم قصة الخضر مع موسىإ، وقوله تعالى: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ﴾ (الكهف:65)، وليس في ذلك أدنى دليل.
والقول الراجح أن الخضر نبي من الأنبياء، وأن الله أوحى إليه بأمور لم يوحها لكليمه موسى، ولهذا قال في نهاية القصة: ﴿وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي﴾(الكهف:82).
والحق كذلك أن الخضر مات، ولو كتب الله الخلود لأحد لكتبه لخاتم الأنبياء والرسل: ﴿ وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ﴾(الأنبياء:34).
10- هل تعلم أن الولاية ليست بالتوارث، وإنما هي بالإيمان والتقوى؟ قال تعالى: ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ. الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ﴾(يونس:63).فكل مؤمن تقي فهو ولي لله ﻷ، وطالما أن الناس يتفاوتون في إيمانهم وتقواهم فإنهم لا شك متفاوتون في ولايتهم.
11- هل تعلم أنه ليس كل خارق كرامة؟إذ الخوارق منها ما هو من باب الشيطان والاستدراج ، ومن السحر، ولهذا فإن ضابط الكرامة الأساسي هو الاستقامة على دين الله، ولهذا ورد عن السلف أن أكبر كرامة هي الاستقامة.
ورحم الله الإمام الشافعي /عندما قال: « إذا رأيتم الرجل يمشي على الماء أويطير في الهواء، فلا تصدقوه ولا تغتروا به حتى تعرضوه على كتاب الله، فإن الشيطان يطير من المشرق إلى المغرب».
منقول من كتاب كشف شبهات الصوفية
جمع وترتيب -شحاتة صقر-