المدخل لدراسة حقوق الانسان - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > الحوار الأكاديمي والطلابي > قسم أرشيف منتديات الجامعة

قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها .....

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

المدخل لدراسة حقوق الانسان

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2008-11-07, 10:29   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
المثابر120
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية المثابر120
 

 

 
إحصائية العضو










B18

المدخل لدراسة حقوق الإنسان...(7)


وعلى هذا الأساس صدرت الدساتير والقوانين التي حمت هذه الحقوق ففي الولايات المتحدة الأمريكية صدرت تشريعات عادية تضمنت بعض الحقوق التي اشرنا إليها بعد الأزمة الاقتصادية التي حدثت سنة 1935 والتي أطلق عليها اسم (السياسة الجديدة)، أما في انكلترا فقد قررت بعض الحقوق ذات المضامين الاقتصادية والاجتماعية بموجب قوانين صدرت عن البرلمان الانكليزي ابتداءاً من نهاية الحرب العالمية الأولى، ولم تكن فرنسا بعيدة عن هذه التطورات إذ تضمن دستور 1946 في مقدمته تحديداً شاملاً لهذه الحقوق ومنها تضمين القوانين لفكرة المساواة بين الرجل والمرأة في المجالات كافة، وضمان حقوق العمال، بالتأكيد على حق العمل، وعدم جواز ان يضار إنسان من عمله بسبب الجنس أو الرأي أو العقيدة، والحق في ان ينضم أي إنسان إلى النقابة التي يمكن ان تدافع عن مصالحه، وأقر الحق في الاضراب ضمن حدود القانون الذي ينظمه، فضلاً عن ضمان التأمين الصحي والراحة، والحق في التمتع بأوقات الفراغ وتوفير الوسائل الضرورية لاستمرار حياة العاجزين عن العمل نتيجة الشيخوخة أو المرض(81).

وفي الدستور الفرنسي النافذ والصادر عام 1958 فقد نص على الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي تضمنتها المبادئ السابقة ولكن بطريقة غير مباشرة إذ أُشير إلى تمسك الشعب الفرنسي بإعلان سنة 1789 ومقدمة دستور 1946.

وهنا يمكن الإشارة إلى حقيقة تتمثل في ان الديمقراطيات الغربية لم تعطِ الحقوق الاقتصادية والاجتماعية نفس القدر من الأهمية التي تعطيها للحقوق والحريات الفردية فمجموعة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في دساتير الدول الرأسمالية هي مجرد أهداف عامة يجب على الحكومات ان تحاول تحقيقها في حين ان الحريات التقليدية تتمتع بحماية تشريعية وقضائية تمنع الاعتداء عليها أو الحد من فعاليتها(82).
ومن المهم القول بان الدستور العراقي لعام 2005 قد اكد في المادة (22) منه على ان العمل حق لكل العراقيين بما يضمن لهم حياة كريمة ، كما نص على الحقوق الاخرى التي تساهم في كفالة هذا الحق من قبيل تأسيس النقابات والاتحادات المهنية وحرية الانضمام اليها .
وفي المادة (30) منه اورد ( تكفل الدولة الضمان الاجتماعي والصحي للعراقيين في حال الشيخوخة او المرض او العجز عن العمل او التشرد او اليتيم او البطالة ، وتعمل على وقايتهم من الجهل والخوف والفاقه ,وتوفر لهم ,السكن والمناهج الخاصه لتاهيلهم والعنايه بهم , وينظم ذالك بقانون ) .

ومن جانبه اكد الدستور الاردني النافذ لعام 1952 في الماده (23) منه على حق العمل لجميع الاردنيين , كما اشار الى واجب الدوله في توفيره لهم باجور تتناسب مع كمية العمل وكيفيته , كما قرر تعويض خاص للعمال المعيلين , وفي احوال التسريح و المرض والعجز واصابات العمل .

الفرع الثاني
حق الملكية
يعد حق الملكية من الحقوق الأساسية والمهمة بالنسبة لكل فرد وربما كانت مشكلة الإنسان قد بدأت عندما وضع شخص ما قدمه على قطعة أرض وقال هذه ملكي، وكتب لوك يقول (إن السلطة العليا يجب إلا تسلب الفرد جزء من ملكه دون ان تحصل على رضاه، وذلك لأن حماية الملكية هو الغرض الذي من أجله أُنشئت الحكومة، وكون الأفراد الجماعة)، ووجد هذا الكلام صداه في إعلان عام 1789 الذي أكد على ان (الملكية حق مقدس لا يمكن المساس به ولا يجوز ان تنزع الملكية الخاصة لشخص إلا إذا كان ذلك للمصلحة العامة وطبقاً للقانون على ان يكون ذلك في مقابل دفع تعويض سابق وعادل)(84).

والنص المتقدم يعبر عن النظرة التي سادت لهذا الحق في نهاية القرن الثامن عشر والنص الأول من القرن التاسع عشر حيث كان يعد من الحقوق الطبيعية للأفراد بعد الحرية وقبل الضمان ومقاومة الطغيان، وهذا يعني ان النص الذي جاء به إعلان حقوق الإنسان والمواطن لعام 1789 قد عبر عن إيمان الثورة الفرنسية بان الملكية الخاصة تمثل القلعة الحصينة للحريات الفردية فهي التي تعبر أصدق تعبير عن حرية الإنسان، وان شخصية كل إنسان لا يمكن ان تنمو إلا إذا نشأت بحرية لا تحت رحمة الغير، لذا فان مُكنة تملك الأموال هي خصيصة جوهرية وأساسية لجميع المكنات الفردية المكونة لحريات الفرد، وعبرت النظرية التقليدية لحقوق الأفراد العامة عن مفهوم يربط بين الملكية والحرية حيث اعتبرت ان الفرد يستوفي مقومات استقلاله عن الدولة ويستطيع ان يستغني عن مساعدتها متى ما توافرت الملكية والحرية، وعلى هذا الأساس عدت الملكية مثل الحرية حق طبيعي يمكن الاحتجاج به أمام الكافة بما فيهم الدولة ذاتها، إلا ان المفهوم المتقدم للملكية باعتبارها حق مقدس وطبيعي وغير قابل للزوال تحت ضغط التطورات الاقتصادية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وربما قبل ذلك بفترة قصيرة حيث يمكن تحديد ثلاث اتجاهات فكرية عبرت عن موقفها من حق الملكية هي:
1- اتجاه يذهب إلى تضييق الملكيات الفردية وإحلال ملكية الدولة أو الملكيات الجماعية محلها.
2- اتجاه ثانٍ يذهب إلى تغير طبيعة النظرة إلى الملكية وذلك عن طريق اعتبارها تقوم بوظيفة اجتماعية (نظرية الملكية كوظيفة اجتماعية) ويراد بها تقيد حق الملكية بإخضاعه لمجموعة من الالتزامات التي تقود إلى تحقيق الحاجات الاجتماعية فالمالك عليه عندما يقوم باستخدام ملكية ان يراعي حاجات الجماعة قبل كل شيء.
3- اتجاه ثالث جمع العناصر الجيدة في الاتجاهين السابقين إذ يفضل هذا الاتجاه نقل الملكية من الفرد إلى الدولة أو إلى الجماعة إذا كان أداء المال لوظيفته الاجتماعية لا يتحقق إلا بنقله إلى الدولة أو الجماعة وهذا ما يتحقق عن طريق التأميم، ومن الأمثلة على التأميم كجزء نجده فيما قامت به الحكومة الفرنسية من تأميم لمصانع رينو للسيارات بعد الحرب العالمية الثانية بسبب النشاط المعادي لمالك هذه المصانع لفرنسا أثناء الاحتلال الألماني، والحالة الثانية تتمثل بتغيير طبيعة الحق بحيث يحل طابع نسبي للملكية محل الطابع المطلق لها وذلك عن طريق تحديد سلطات المالك على ملكه وهذا يعني الاعتراف بالملكية الخاصة لكن مع اعطاء السلطة السياسية القائمة بتفسير المصلحة الاجتماعية التي لا تستطيع فكرة الملكية الهروب منها(85).

من جانب آخر أكدت الاتفاقيات الدولية على حق الملكية وكذلك الاعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث نصت المادة 17 منه على حق كل فرد في التملك سواء بمفرده أو مع غيره وأضافت إلى ذلك عدم جواز تجريد شخص من ملكه تعسفاً، والمضمون ذاته أشارت إليه المادة (5) من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري وإعلان القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 7 تشرين الثاني 1967 وكذلك الحال مع الإعلان الخاص بحقوق المعوقين(86).

الفرع الثالث-
الحقوق الثقافية
من أهم الحقوق الثقافية الحق في التعليم والثقافة حيث تم الاعتراف في القوانين الداخلية للدول والمعاهدات الدولية المعنية بحقوق الإنسان بالحق في الثقافة والتعليم بهدف توجيه الثقافة نحو بناء وتنمية الشخصية الإنسانية والإحساس بكرامتها والاشتراك بشكل مؤثر وفعال في نشاط المجتمع الحر، وهذا ما يتم تحقيقه عبر إتاحة فرصة التعليم الابتدائي وجعله إلزامياً ومجانياً للجميع، والعمل على جعل التعليم الثانوي والفني والمهني متاحاً وميسوراً وبكل الوسائل المناسبة وعلى وجه التحديد عن طريق جعل الثقافة مجانية للجميع، فضلاً عن جعل التعليم العالي ميسوراً للجميع على أساس كفاءة كل شخص والعمل على تطوير المناهج المدرسية واحترام حق الآباء وحريتهم في اختيار ما يرونه من مدارس لتعليم أبنائهم واحترام حرية البحث العلمي والانتفاع بالتقدم العلمي وتطبيقاته، وكذلك حرية الأفراد في تأسيس المعاهد التعليمية ضمن المبادئ التي تنسجم مع الحد الأدنى للمستويات التي تقررها الدولة.

ان حق الآباء في تعليم أبناءهم قد أشير إليه منذ القرن الثامن عشر على ان يكون ذلك تحت رقابة الدولة بالشكل الذي يمكنها من اختيار المدرسين واشرافها على برامج التعليم والنظريات والأفكار التي تلقن للطلاب(87).

فعلى سبيل المثال كان التعليم في انكلترا حتى نهاية القرن الثامن عشر محتكراً تقريباً من جانب الكنيسة الرسمية ونتيجة للثورة الصناعية والاقتصادية وأفكار الثورة الفرنسية طرحت آراء من قبل جوزيف لانكستر دعا فيها إلى ايجاد تعليم حر لا يلقن التلميذ فيها ديانة معينة بينما دعا أندروبيل إلى التمسك بالنظام القديم، وفي عام 1833 بدأ البرلمان الانكليزي يهتم بالتعليم فمنح إعانات للاتجاهين السابقين وفي عام 1870 صدر قانون التعليم الأولي حيث تدخلت الدولة طبقاً لنصوصه لتنظيم التعليم العام حيث اعتمد هذا التنظيم على إتاحة الفرصة لكل طفل في ان يتلقى تعليماً أولياً واتخذت إجراءات عملية لتحقيق هذا الهدف عن طريق إنشاء هيئة تدريسية في كل مقاطعة، فضلاً عن بناء المدارس ثم صدرت بعد ذلك قوانين أخرى نظمت العملية التعليمية في هذا البلد(88).

أما في الولايات المتحدة الأمريكية فقد كان من الأمور المهمة بالنسبة للمجتمع الديمقراطي الصحيح طبقاً لتوجهات جيفرسون، ان تقوم فيه الثقافة الشعبية، فهذه هي التي تحرر عقل الإنسان وتعمل على اتساع أفقه ومداركه، وهو أمر يؤدي إلى خلق إنسان أكثر قدرة على تطوير المجتمع بنواحيه المتعددة(89).

ويلاحظ مما تقدم ان بداية تنظيم التعليم كان لأسباب دينية ولازال العامل الديني يثير بعض التحفظات على مستوى العملية التعليمية ككل، فموضوع التعليم من المواضيع المهمة بحيث يجب تطويعه لتحقيق الغايات الإنسانية النبيلة فلكل فرد حق في التعليم وحق في العمل يرتبط به ويمكن من خلال الحق في التعليم اعمال الحق في العمل حيث يستغل المتعلم ما لديه من معلومات وبدون تعليم وطني متاح للجميع تصبح المساواة في الحقوق تعبيراً بلا معنى.

المطلب الثالث
الجيل الثالث من الحقوق
تتسع مجالات حقوق الإنسان مع مرور الزمن وتتطور فأصبحت هناك مجموعة من الحقوق التي تحتاج إلى تعاون الجميع سواء على المستويين الداخلي أو الدولي لكون هذه الحقوق ذات بعد انساني عام كالحق في التنمية، والحق في السلام، والحق في التضامن، والحق في بيئة نظيفة، والحق في الثروة الموجودة في قاع البحار، والحق في الإغاثة عند الكوارث الكبرى.

الفرع الأول
الحق في التنمية
يوجد بعد انساني لمفهوم التنمية وإعطاء تعريف يشتمل على جانب واحد من هذا المصطلح ليس بالأمر الصحيح فالتنمية كمفهوم أعطيت لها تعاريف متعددة وقد تطورت هذه التعاريف بتطور الزمن حيث اقترنت بالنمو الاقتصادي ثم تطور مفهوم التنمية ليشتمل على البعد السياسي والاجتماعي والثقافي إلى جانب البعد الاقتصادي ومجموع المضامين المتقدمة يعبر عنها بالتنمية البشرية ويعرف اعلان الحق في التنمية الذي أقرته الأمم المتحدة عام 1986، عملية التنمية بأنها (عملية متكاملة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية تهدف إلى تحقيق التحسن المتواصل لرفاهية كل السكان وكل الأفراد، والتي يمكن عن طريقها اعمال حقوق الإنسان وحرياته الأساسية).

والهدف من وراء الحق في التنمية القضاء على الفقر والعمل على تدعيم كرامة الإنسان واعمال حقوقه، فضلاً عن إدارة المجتمع والدولة بصورة جيدة بتوفير فرص متساوية أمام كل الأفراد فهذه الإدارة الجيدة إذا ما تحققت يمكن تحقيق كل حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والمدنية(90).

أما تقرير التنمية البشرية فمنذ بداية صدوره عام 1990 عرفها بانها عملية توسيع لخيارات الناس بزيادة القدرات البشرية وطرق العمل وحدد هذه القدرات الأساسية الواجب توافرها لأعمال التنمية البشرية بثلاث هي:
أ- ان يعيش الناس حياة طويلة وصحية.
ب- ان يكونوا مزودين بالمعرفة.
ج- ان يكون بامكانهم الحصول على الموارد اللازمة لمستوى معيشة لائق.

وسبق ان صدر الإعلان العالمي للحق في التنمية عام 1986 حيث أكد على اعتبار التنمية حقاً من حقوق الإنسان وهو جعل الهدف من التنمية تمكين الإنسان من الحصول على حقوقه فحقوق الإنسان والتنمية سيدعم كل منهما الآخر فالتنمية البشرية بمعناها الواسع لن تتحقق إذا لم تتحقق المساواة بين الأفراد في المجتمع الواحد كما ان الجهود الرامية لتعزيز احترام حقوق الإنسان ستكون أكثر حظاً في النجاح إذا ما تم القضاء على الفقر ورفع مستوى المعيشة(91).

أما المسألة الثالثة فهي الربط بين الحق في التنمية والحق في المشاركة الشعبية والتوزيع العادل لفوائد التنمية وهذا ما يتحقق عن طريق تمكين الناس من أخذ القرار وبالشكل الذي يربط بين الديمقراطية والتنمية عن طريق ايجاد مؤسسات دستورية تعمل على تعميق مشاركة الناس في الشأن العام كما تلعب المنظمات غير الحكومية دوراً مهماً بهذا الاتجاه لأنها تملك القدرة على الاتصال والتعامل مع الفئات المهمشة وخرق مركزية الدولة(92).

الفرع الثاني
الحق في بيئة نظيفة
وضع اعلان المؤتمر الخاص بالبيئة البشرية الذي دعت إليه الأمم المتحدة عام 1972 بهدف الهام الشعوب وارشادها للمحافظة على البيئة وتعزيزها ونصت الفقرة الأولى من الديباجة على (الإنسان هو، في الوقت نفسه، مخلوق بيئته ومحدد شكلها، فهي تؤمن له عناصر وجوده المادي وتتيح له فرصة النمو الفكري والاجتماعي والروحي، وخلال التطور الطويل والقاسي للجنس البشري على هذا الكوكب، تم الوصول الآن إلى مرحلة أكتسب فيها الإنسان، عبر التقدم السريع للعلم والتكنولوجيا، القدرة على تحويل بيئته بأساليب لا تحصى وعلى نطاق لم يسبق له مثيل، وكلا الجانبين من بيئة الإنسان، الطبيعي والذي من صنع الإنسان، ضروري لرفاهيته وللتمتع بحقوق الإنسان الأساسية، وحتى بالحق في الحياة).

وقد أكد المبدأ الأول من اعلان ستوكهولم على (للانسان حق أساسي في الحرية، والمساواة وظروف عيش مناسبة، في بيئة ذات نوعية تتيح حياة الكرامة والرفاه، وهو يتحمل مسؤولية جليلة في حماية بيئته وتحسينها للجيل الحاضر وللأجيال المقبلة .)(93).

ان الاهتمام بالحق في بيئة نظيفة لا يعني الوصول إلى تحقيق بيئة مثالية لعيش الإنسان بل ان الغاية هو المحافظة على التكوين الطبيعي للمحيط الذي يعيش فيه الإنسان وحماية هذا المحيط من أي تدهور خطير وتطويره بالشكل الذي يؤدي إلى خدمة الإنسان وهناك نصوص دستورية في العديد من دساتير دول العالم نصت على حماية الحق في البيئة إذ نصت المادة 54 من الدستور الاسباني لعام 1978 على تمتع الإنسان ببيئة مناسبة تساهم في تطويره، بينما نصت المادة 123 من دستور بيرو لعام 1979 على (الحق بالعيش في بيئة سليمة وملائمة لتطوير الحياة والحفاظ على الريف والطبيعة)(94).
ولعل الدستور العراقي من الدساتير العربية القليله التي اهتمت بهذا الحق فقد اورد في المادة (33) منه (اولاً:- لكل فرد حق العيش في ظروف بيئية سليمة .
ثانياً :- تكفل الدولة حماية البيئة والتنوع الاحيائي والحفاظ عليهما .)
وإذا كانت حقوق الإنسان على وجه العموم، تمثل التزاماً على الأفراد أو الدولة في الوقت نفسه التي تعد فيها حقوقاً لمصلحة الإنسان فقد حدد المبدأ رقم 23 من الميثاق العالمي للطبيعة 1982 بوضوح مضمون المشاركة الفردية حيث نص على (يجب اتاحة الفرصة لجميع الأشخاص وفقاً لتشريعهم الوطني للاسهام منفردين أو مشاركين مع غيرهم في صياغة القرارات ذات الصلة المباشرة ببيئتهم، واتاحة وسائل الانتصاف أمامهم إذا الحق بهم ضرر أو تدهور).

واعمالاً للاتجاه المتقدم نصت المادة 66 من الدستور البرتغالي على (1- للجميع الحق ببيئة بشرية سليمة ومتوازنة وعليهم واجب حمايتها. 2- تلتزم الدولة عن طريق مؤسساتها بالمناشدة وبمساندة المبادرات الجماهيرية في أ- منع التلوث والسيطرة على آثاره وأشكال التآكل المؤذية التي يسببها. ب- تنظيم مساحة اقليمية وذلك بغية اقامة مناطق مستقرة بايلوجياً. ج- خلق وتطوير المتنزهات الطبيعية. د- تشجيع الاستمتاع العقلاني بالموارد الطبيعية مع الحفاظ على مسؤوليتها واستقرارها البيئي)(95).

وعلى مستوى التطبيقات القضائية الوطنية يمكن الإشارة إلى قرار المحكمة الهندية العليا التي أكدت بان الالتزام بالمحافظة على التوازن الآيكولوجي لا يقتصر على الدول فحسب وإنما يمتد إلى الأفراد(96).

كذلك تعرضت المؤسسات القضائية الدولية للحق في البيئة فقد أكدت محكمة العدل الدولية في الفتوى الصادرة عنها عام 1996 بخصوص مشروعية استخدام الأسلحة النووية أو التهديد باستخدامها على الحق في بيئة نظيفة وأقرت بوجود القانون البيئي العرفي وذكرت (ان وجود التزام عام على الدول بضمان احترام الأنشطة الجارية في إطار ولايتها أو سيطرتها لبيئة الدول الأخرى أو المناطق الواقعة خارج السيطرة الوطنية، شكل الآن جزءاً من القانون الدولي المتصل بالبيئة)(97).

الفرع الثالث
الحق في التضامن
يقوم الحق في التضامن على أساس ما ورد في المادة 1 من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان التي أكدت على ان الناس جميعاً (قد وهبوا عقلاً وضميراً، وعليهم ان يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء)، فضلاً عن كون التضامن واقع اجتماعي ويفترض ان يمتثل الفرد لإرادة الجماعة باعتبارها تعبيراً عن ذلك التضامن، ويبدو ان المعاني المتقدمة تحمل في طياتها جانباً أخلاقياً كبيراً إلا ان هذا البعد الأخلاقي المميز لا يعني انها غير متمتعة بوصف الالزام باعتبارها قواعد قانونية طالما تم النص عليها في اتفاقيات دولية أو في تشريعات داخلية.

وعلى اساس الحق في التضامن يقع التزام أخلاقي أولاً وقانوني ثانياً بضرورة تقديم المساعدة والعمل على نجدة الإنسان أو المجتمعات التي يمكن ان تتعرض لبعض النكبات أو المشاكل أو الاعتداءات في حالات الحروب والكوارث الطبيعية.

ان الحق في التضامن يجد له أساساً قانونياً وأخلاقياً متيناً في ديباجة ميثاق الأمم المتحدة التي نصت على (.. ان نأخذ أنفسنا بالتسامح، وان نعيش معاً في سلام وحسن جوار. ).

الفرع الرابع
الحق في السلام
يجد الحق في السلام الأساس له في نصوص ميثاق الأمم المتحدة التي تعمل على تحقيق مجموعة من الأهداف وعلى رأسها تحقيق السلم والأمن الدوليين وديباجة الميثاق تصدرتها الكلمات الآتية (نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا ان ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف ..).

وإعمالا لنص الميثاق اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 12 تشرين الثاني 1984 اعلاناً بشأن حق الشعوب في السلم أكدت فيه (ان الحياة دون حرب هي بمثابة الشرط الدولي الأساسي للرفاهية المادية للبلدان ولتنميتها وتقدمها وللتنفيذ التام لكافة الحقوق والحريات الأساسية التي تنادي بها الأمم المتحدة).

وأضافت الجمعية العامة في هذا الإعلان انها (. تدرك ان اقامة سلم دائم على الأرض، في العصر النووي، يمثل الشرط الأولى للمحافظة على الحضارة الإنسانية وعلى بقاء الجنس البشري، وإذ تسلم بان ضمان حياة هادئة للشعوب هي الواجب المقدس لكل دولة 1- تعلن رسمياً ان شعوب كوكبنا لها حق مقدس في السلم. وان المحافظة على حق الشعوب في السلم وتشجيع تنفيذ هذا الحق يشكلان التزاماً أساسياً على كل دولة . وان ضمان ممارسة حق الشعوب في السلم يتطلب من الدول ان توجه سياساتها نحو القضاء على أخطار الحرب، وقبل أي شيء آخر الحرب النووية، ونبذ استخدام القوة في العلاقات الدولية، وتسوية المنازعات الدولية بالوسائل السلمية على أساس ميثاق الأمم المتحدة .. وناشدت الجمعية العامة جميع الدول والمنظمات الدولية ان تبذل كل ما في وسعها للمساعدة في ضمان تنفيذ حق الشعوب في السلم باتخاذ التدابير الملائمة على المستوى الوطني والدولي لتحقيق هذا الهدف(98).

يتبع >








 


 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:51

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc