![]() |
|
قسم الأمير عبد القادر الجزائري منتدى خاص لرجل الدين و الدولة الأمير عبد القادر بن محيي الدين الحسني الجزائري، للتعريف به، للدفاع عنه، لكلُّ باحثٍ عن الحقيقة ومدافع ٍعنها، ولمن أراد أن يستقي من حياة الأمير ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
الأمير عبد القادر من خلال مخطوط نادر
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() ![]() ![]() الأمير عبد القادر من خلال مخطوط نادر عبد المنعم القاسمي الحسني بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ونبيينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين مداخلة خاصة بالملتقى الدولي الخاص بالأمير عبد القادر بالحامة الجزائر العاصمة مايو 2005. إعداد الأستاذ عبد المنعم القاسمي الحسني, أستاذ بجامعة ورقلة, مكلف بالإعلام والاتصال بنفس الجامعة. يتضمن نص المداخلة ما يلي:... تمهيد، التعريف بصاحب المخطوط, التعريف بالمخطوط, أهميته, النص, أهم النقاط التي جاءت فيه, خاتمة. تمهيد: إن الكتابة عن الأمير عبد القادر وتاريخه أمر مدهش وصعب في نفس الآن, أن نقول كلمة تستوفيه حقه أمر مستحيل, وإلى الآن وبالرغم من ظهور مئات الدراسات والكتابات التاريخية التي تناولت جوانب متعددة من حياته المليئة بالبطولات والمواقف الإنسانية الخالدة, لم نجد من قال الكلمة الفصل في تاريخ هذا الرجل العظيم عظمة هذا البلد, الصامد صمود هذا البلد الوفي وفاء هذا البلد. تاريخ الأمير عبد القادر تاريخ عظيم مشرف وهي حقيقة لا يستطيع إنكارها إلا جاحد مكابر, عطرت سيرته تاريخ هذا البلد المليء بالبطولات والأمجاد, ولا يحتاج منا إلى تشريف أو تكريم. الناظر والمتفحص في تاريخ الأمير عبد القادر, يخرج بحقيقة واحدة هي إيمانه بالإنسان وما يمكن أن يقدمه للإنسانية، تاريخ غني ثري يحتاج إلى سنوات جهد طويل للكشف عن كل حقائقه وخباياه, فها نحن إلى يوم الناس هذا لا نزال نكتشف كل يوم حقيقة أخرى وفكرة أخرى كنا نجهلها. إنني بمداخلتي البسيطة هذه أحاول أن ألفت الانتباه إلى مسألة تكتسي أهمية كبرى في تاريخنا المعاصر, وذلك من خلال تاريخ الأمير عبد القادر نفسه, وهي أن كتابة تاريخنا المعاصر تعتمد في مجملها على المصادر والبحوث والدراسات الأجنبية, وقلما ونادرا ما نجد مصدرا عربيا تناول بالحديث الفترة التي نتكلم عنها( [1]), فتاريخ عبد القادر أخذنا معظمه من مصادر أجنبية, وهي حقيقة يجب أن نقبلها ونعمل على عدم الإبقاء عليها, فقد ولى الزمن الذي كنا نعتمد فيه على الغير في كتابة تاريخنا, ورجعت السيادة إلى أصحابها الحقيقيين, ولهذا قد لا أكون مبالغا إذا قلت إننا اليوم مطالبون أكثر من أي وقت مضى بالبحث الجاد والعلمي والمسئول عن تاريخنا بأنفسنا نحن, وبأقلامنا نحن, إذ مهما كانت قدرة هذا الأجنبي فلن يستطيع فهم الحقائق كما يفهمها أصحاب الشأن الحقيقيين. يقول الأستاذ أسد رستم في كتابه مصطلح التاريخ: " إذا ضاعت الأصول ضاع التاريخ معها, هذه قاعدة عامة لا موضع للجدال فيها, وذلك أن التاريخ لا يقوم إلا على الآثار التي خلفتها عقول السلف أو بأيديهم, فإذا سطت محن الدهر أو عوادي الزمن على بعض هذه الآثار وأزالت معالمها فقدها التاريخ, وكانت كأنها لم توجد, وبفقدها يجهل تاريخ عصرها ورجالها, أما إذا بقيت وحفظت فقد حفظ التاريخ فيها"( [2]). ومن هنا أيضا تتجلى لنا أهمية هذه المداخلة والتي تحمل عنوان: الأمير عبد القادر من خلال مخطوط نادر. وهو مخطوط ((ذخيرة الأواخر والأول في ما ينتظم من أخبار الدول)), للمؤرخ والفقيه الجزائري أبو حامد العربي المشرفي الغريسي دفين فاس, المتوفى سنة 1893م. وقبل المضي في تحليل هذا النص الذي أخذناه من الباب المتعلق بتاريخ الجزائر, يحسن بنا أن نعرف بالمؤلف ثم بالكتاب. التعريف بصاحب المخطوط: أبو حامد العربي بن عبد القادر المشرفي، عالم, فقيه، مؤرخ، لغوي وأديب جزائري، عاش في القرن التاسع عشر، وهو ما يعني بالنسبة للعالم العربي عصر النهضة والصحوة، ويعني بالنسبة للجزائر فترة الاحتلال والاضطهاد، عاصر نهاية الوجود التركي وبداية الوجود الفرنسي وهو بذلك ينتمي إلى ذلك الجيل المخضرم الذي شهد الفترة الأخيرة من الوجود العثماني وبداية الاحتلال الفرنسي، ومن الطبقة المثقفة التي صدمت بوجود المحتل الأجنبي ينتمي إلى أسرة المشارف المعروفة بالغرب الجزائري, وهي إحدى الأسر العلمية العريقة في الجزائر والتي أدت دورا كبيرا في الحركة العلمية والثقافية ببلادنا نهاية القرن الثامن عشر وطيلة القرن التاسع عشر، وقد برز منها عدد كبير من العلماء والفقهاء، وتولوا مناصب عالية في الدولة، خصوصا القضاء، قال صاحب "القول الأعم": "ولم تتعد الرئاسة فيما علمناه دار الشيخ المشرفي وأولاده، فإنهم الذين كانوا معتبرين عند الأتراك، وكانت لهم ولاية في خطة الشريعة ( القضاء ) أيام الأتراك وأيام ابن عمنا الأمير عبد القادر". ويقول المشرفي: "وكان بها ( غريس ) من علماء المشارف جم غفير ونفير كثير.... منهم بن عبد الله سقط، مصطفى بن الطاهر، والحاج عبد القادر الأحمر والسيد بن عبو بن مصطفى ". وعبد القادر والده، ليس هو عبد القادر عالم الراشدية المعروف، إذ أن هذا الأخير قد توفي سنة 1192 ه = 1778 م، وهو تاريخ يبعد أن يكون تاريخ ميلاد أبي حامد، ثم أن عبد القادر المشرفي عالم الراشدية هو عبد القادر بن عبد الله بن محمد بن أحمد بن أبي الجلال، وهذا نسب يختلف عن الذي ذكره أبو حامد المشرفي. ولد بقرية الكرط الواقعة بسهل غريس، ولا نعرف بالضبط تاريخ ميلاده لأن المصادر لا تسعفنا بذلك، إلا أننا نستطيع أن نضع احتمال مولده في بداية القرن التاسع عشر، لأنه قد بلغ مرحلة الرجولة أو الشباب على الأقل عند دخول الاستعمار الفرنسي سنة 1830. شرع في طلب العلم منذ الصغر على عادة أهل بلده ، فدرس العلوم المعروفة في عصره, فتعلم أولا في مسقط رأسه بمعسكر، وأخذ عن بن عبد الله سقط، الشيخ أحمد بن التهامي والد مصطفى بن التهامي خليفة الأمير عبد القادر، الطيب بن عبد الرحمن, وعن السنوسي بن عبد القادر...وغيرهم من علماء معسكر الراشدية. انتقل بعدها إلى مستغانم حيث درس على يد كل من: السيد محمد بن صابر، محمد بن عامر البرجي، محمد بن عاشر، عبد القادر بن القندوز، خليل الفرندي( [3]). ولا تزال حياة المشرفي يسودها نوع من الغموض بالرغم من محاولتنا تكوين صورة واضحة عنه، ولا نملك معلومات كثيرة عنها للأسف الشديد، فلم نجد مصدرا يمدنا بتفاصيل دقيقة عن حياته إلا ما تناثر في مؤلفاته أو كنانيشه، أو بعض المؤلفات التي ردت عليه. ومع هذا فسنحاول تقديم عرض سريع موجز عن محطات حياته: شارك في المقاومة في بدايتها مع والده الذي يظهر أنه كان من قادتها الكبار قبل مبايعة الأمير عبد القادر، وقام بإنشاء رباط حول وهران، وجاء في ((طرس الأخبار)): "وضممنا إلينا الإخوان الذين خرجوا من وهران بعد احتلالها وزودناهم بما قدرنا وكسوناهم بما وجدنا، بعد أن تركوا متاعهم ونهب المحاربون بضائعهم"، وفي موضع آخر يقول:" وشاهدنا في تجهيز موتاهم فوران المسك من قبور روضاتهم، وصحبتهم في القتال تزيد لذة الرجال", عند الحديث عن المعارك التي خاضها المواطنون في بداية المقاومة. هاجر إلى المغرب بعد انتهاء مقاومة الأمير عبد القادر الجزائري، ويبدو أنه كان قد تجاوز فترة الشباب عند مغادرته أرض الوطن. عرف باهتمامه بالتاريخ وحبه لرواية الأحداث التاريخية، ويظهر لنا ذلك من خلال سرده للأحداث والوقائع التي مرت بها البلاد، وكتاباته العديدة في مجال التاريخ، والتي تمثل معظم مؤلفاته التي وقفنا على عناوينها، حتى أنه لقب ب"جهينة الأخبار"، ثم أنه قد كان على اتصال بابن خالته محمد الزروالي ، الذي كان مهتما بجمع الأخبار عن الجزائر أثناء فترة الاحتلال. في مدينة فاس اشتعل بالتعليم، تعليم الصبيان القرآن الكريم، أو معلم من الطبقة الثانية كما يقول هو عن نفسه " وكل هذا إني معدود من حزب الغرباء وإن كنت عندهم من جملة الأدباء وفي الطبقة الثانية من المدرسين". وقد استنتج الدكتور سعد الله من ذلك: " أن مستواه العلمي لم يكن عاليا، إنما كان من الطبقة المتوسطة من المتعلمين"، لكنا نجده يدافع عن نفسه بأن هذا الأمر نتيجة عدم اعتراف بسعة المغاربة علمه، وأنهم كانوا يعتبرونه أجنبيا عنهم، وقد كان دائم الشكوى من معاملة المغاربة له لذا لم يولوه أرفع المناصب العلمية، وهو كلام قد يكون على جانب كبير من الصحة. زار الجزائر مرتين بعد هجرته وذلك في أثناء طريقه إلى الحج، وكانت الزيارة الأولى سنة 1265 ه = 1849م والثانية سنة 1294 ه = 1877 م، وهو ما ذهب إليه جميع من أرَّخ لحياته مثل" بيريس" و" ابن سودة "، وهو ما يؤكده قوله: "...فقد زرت ضريحه المبارك ( الإمام الثعالبي ) في رمضان عام خمسة وستين في سفري لحجة الضرورة، وزرته زورة أخرى أربع وتسعين ومائتين وألف"( [4]). توفي المشرفي سنة 1313 ه الموافق لسنة 1895م( [5])، بمدينة فاس وبها دفن( [6]). مؤلفاته: كتب المشرفي في مجالات متنوعة من أدب وفقه ولغة وتاريخ وتصوف وسيرة وما إليها من العلوم والفنون، وهو ما يعكس اهتماماته المتنوعة وإطلاعه الواسع على مختلف علوم عصره. وترك العديد من المؤلفات، بلغت واحدا وعشرين مصنفا على الأقل. تحتل مؤلفاته أهمية كبيرة في التاريخ الثقافي للمنطقة، ويمكننا تقسيمها على حسب الموضوعات: أ التاريخ: على اعتبار أنه اشتهر بالتاريخ أكثر من غيره من العلوم: تاريخ الدولة العلوية، ذخيرة الأواخر والأول، رحلة إلى شمال المغرب، الرحلة الجزائرية، الرحلة العريضة لأداء الفريضة، رحلة القبائل الجبلية، طرس الأخبار بما جرى آخر الأربعين من القرن الثالث عشر للمسلمين مع الكفار في عتو الحاج عبد القادر وأهل دائرته الفجار: وقد ذكره المشرفي ضمن قائمة مؤلفاته التي أوردها في نهاية مخطوطه، وتناول فيه أحوال الجزائر في عهد الأمير عبد القادر، وما جرى من الأحداث والمواقف، ويبدو فيه أنه كان ضد الأمير، ويتبنى وجهة نظر مخالفة لطريقة الأمير، ذكر فيه تولية الأمير، والأعمال التي قام بها. (ب ) اللغة والأدب: تقاييد على شرح المكودي، ديوان المشرفي، شرح القصيدة الشمقمقية، مشموم عرار النجد والغيطان المعد لاستنشاق الوالي وأنفاس المولى السلطان. (ج) الردود والكنانيش وغيرها: الآيات الحوادث، أثمد الأبصار فيمن بعهد الله يوفون، أقوال المطاعين في الطعن والطواعين، تقييد في ذم البلديين أهل فاس، الحسام المشرفي لقطع لسان الشاب العجرفي، الدر المكنون في الرد على العلامة جنون، عجيب الذاهب والجائي في فضيحة الغالي اللجائي. التعريف بالمخطوط: ((ذخيرة الأواخر والأول فيما ينتظم من أخبار الدول)) ألفه الشيخ أبو حامد العربي المشرفي، في التاريخ العام من أيام سيدنا آدم عليه السلام إلى يوم التاريخ 1299 ه= 1881م، يتألف من مقدمة، ستة أبواب وخاتمة، وضعه تلبية لطلب أحد أقاربه وطلبته، أجاب فيه عن السؤال المركزي والمحوري الذي كان يشغل بال الجالية الجزائرية المهاجرة في المغرب والتي لم تكن تعرف شيئا عن أوضاع الجزائر أواخر العهد التركي وبداية الاحتلال الفرنسي، وهي الفترة التي كان المشرفي معاصرا لها، والسؤال هو: ما هي الأوضاع السائدة في تلك الفترة، وماذا كانت معاملة الأتراك للجزائريين وأعمالهم بالجزائر؟ كما سأله أن يضع تاريخا للدولة العلوية التي كان يعيش في كنفها هذه الجالية المهاجرة، على أساس أن المشرفي قد عايش تلك الفترة وله بها علم ومعرفة، وأنه أيضا كان معتنيا بعلم التاريخ وذو دراية به. جاء رد الشيخ المشرفي كتابا في 660 صفحة من القطع المتوسط، بخط نسخي رفيع، تضمن تاريخ البشرية كلها منذ عهد سيدنا آدم عليه السلام إلى أيامه. يقول في المقدمة: "فقد ورد عليَّ مكتوب من لا تسعني مخالفته، وتتأكد علي بالقرابة إجابته، أن أضع تقييدا قاصرا على سيرة ملوك الأتراك بالأيالة الجزائرية، وذكر ما شاهدناه أو سمعناه من فعالهم الممدوحة، أو التي على الضد مقدوحة، مما لا يجد المؤرخ عن سبيله مندوحة، وعلى مدة ملكهم، ووفاه جري فلكهم، وأسباب خراب الدولة، بحيث لم تبق لهم في الرعايا جولة. كما طلب مني ما نعلمه من سيرة ملوك الدولة العلوية ونسبتهم الشريفة النبوية وتاريخ وفاة ملوكهم، ومن انضم في ملك سلوكهم، من غير إهمال للحكايات المتعلقة بقوادهم وقضاتهم، وفي ضمن ذلك ذوو الجاه المستشفعين عند ولاتهم على سبيل الاختصار المقل، وعدم البسط والتطويل الممل، فلبيَّته لما دعاه، وأجبته لمسعاه، وإن كنت لست أهلا لذلك، ولا ممن يسلك أوعر تلك المسالك..."، وفد تضمن الكتاب ستة أبواب هي: 1 الباب الأول: في بدء الخلق وتكوين آدم. 2 الباب الثاني: في أطوار الإنسان من أول خلقته إلى موته. 3 الباب الثالث: في دولة آدم ومدة حياته، وكم بينه وبين كل رسول. 4 الباب الرابع: في الدول التي قبل الإسلام إلى دولة نبينا محمد صلى الله عليه و سلم. 5 الباب الخامس: في دول الإسلام من دولة نبينا صلى الله عليه و سلم والخلفاء الأعلام إلى الدولة العثمانية، والوجود التركي بالجزائر، ومن لحق عليه المؤلف من ملوك الأتراك في حدود الأربعين من القرن الثالث عشر الهجري (19 الميلادي) وبداية الاحتلال الفرنسي للجزائر. 6 الباب السادس: في الدولة العلوية بالمغرب الأقصى. أهميته: ويعتبر كتاب ذخيرة الأواخر من أهم المصادر التي تحدثت عن جزائر ما بعد الاحتلال، ومن المراجع العربية الجزائرية الأساسية للتعرف على الحياة العلمية والثقافية في تلك الفترة، فقد ترجم فيه لعدد كبير من العلماء ( أكثر من عشرين ترجمة )، وعرف بجماعة من العلماء لا نجد فيما بين أيدينا من المصادر ذكرا لهم مثل: أحمد بن البشير المختاري، محمد بن أبي سيف البحيري، الطاهر بن حسن المختاري... وهو مما يضفي على الكتاب أهمية خاصة، إذ حافظ على جزء هام من تاريخنا الثقافي والعلمي، كما تحدث فيه عن أهم القضايا الثقافية التي كانت محل نقاش وجدل: الهجرة، العدل، الرحلات، المسائل الفقهية... اهتم المشرفي بالأحداث التاريخية التي عايش بعضها وسمع عن بعضها الآخر: ثورة درقاوة، ثورة التيجاني، دخول الاحتلال الفرنسي، مبايعة محي الدين، مقاومة الأمير عبد القادر، مما يضفي على كلامه أهمية خاصة باعتباره شاهد عيان على هذه الأحداث الجسام...الخ. نقل عن والده وعن علماء الواسطة، نقل عن سابقيه، بناء الجزائر العاصمة، دخول الأتراك... الخ، وسجل لنا انطباعاته وآرائه حول الأوضاع السائدة آنذاك. بكل تحرر وعفوية مطلقة تحسب له، وتترك لنا المجال واسعا للتحليل والتركيب من جديد. تضمن الكتاب معلومات مهمة تتعلق بمختلف أوجه الحياة مثل: العادات والتقاليد، اللباس، العمران تشييد المدن وبنائها، التجارة، المرافق العامة كالحمامات والفنادق، الزراعة أهم المحاصيل الزراعية...الخ، مما يجد فيها الباحث بغيته، ويسهل عليه مهمته العلمية. يعبر الكتاب بصدق عن موقف مؤلفه من الأحداث والمواقف التي مرت بها البلاد فهو عند حديثه عن ثورة درقاوة لم يخف إعجابه الكبير بها، وعند حديثه عن ثورة أولاد سيدي الشيخ لم يخف معارضته الشديدة لها، وعند حديثه عن اهتمام الأتراك بالعلماء لم ينكر هذه الحقيقة بالرغم من موقفه المعادي لهم. اعتمد المؤلف على بعض المؤلفات الجزائرية السابقة عنه مثل: نحلة اللبيب لابن عمار،كتب أبي راس المعسكري، حميدة العمالي، مسلم بن عبد القادر... وغيرهم من العلماء الجزائريين، ونقل من بعضها نصوصا كاملة كما حدث بالنسبة لرحلة ابن عمار. عبَّر المشرفي عن عصره من حيث طريقة كتابته (إدراج الأمثال والحكم والأبيات الشعرية والقصص)، ومستوى لغته التي جمعت الأسلوب السهل والعبارات الواضحة مع الألفاظ العامية والتعابير الدارجة، واستعماله لكثير من الألفاظ العامية التي عرفت في تلك الفترة، دل على انجرافه مع التيار السائد في تلك الفترة وعدم تمكنه من الخلاص منه، وهي ألفاظ وعبارات كانت باستطاعته الاستغناء عن ادراجها باللغة الأجنبية أو اللهجة العامية، ومع هذا فقد ترك الحرية لقلمه يساير عصره. وهو ما نجده أيضا في كتابات معاصريه كالآغا المزاري، أحمد بن المبارك القسنطيني، العنتري، مسلم بن عبد القادر.... تفاعل المشرفي مع قضايا عصره وإحساسه القوي بما يعانيه قومه من التخلف والانحطاط والتفرق، ودعوته إلى التنظيم والاتحاد والأخذ بالأسباب، يجعله في مقدمة المؤرخين والكتاب الذي أحسوا بمسؤولياتهم تجاه وطنهم وشعبهم، ومن الذين دعوا إلى التحضر والاستعداد والتمسك بالأسباب الرقي لبلوغ القدرة على مواجهة العدو، ولم ينس يوما انتمائه إلى وطنه الأم، كما يعبر عليه في ثنايا كتابه. المشرفي وثورة الأمير: كتب المشرفي عن ثورة الأمير كثيرا, وخصها بتأليفين هما: طرس الأخبار بما جرى آخر الأربعين من القرن الثالث عشر للمسلمين مع الكفار في عتو الحاج عبد القادر وأهل دائرته الفجار: ذكره المشرفي ضمن قائمة مؤلفاته التي أوردها في نهاية المخطوطة، وتناول فيه أحوال الجزائر في عهد الأمير عبد القادر، وما جرى من الأحداث والمواقف، ويبدو فيه أنه كان ضد الأمير، ويتبنى وجهة نظر مخالفة لطريقة الأمير، ذكر فيه تولية الأمير، والأعمال التي قام بها, والمعارك التي دارت بين الجزائريين وجيش الاحتلال الفرنسي قبل تولية الأمير... توجد منه عدة نسخ واحدة بالمكتبة الوطنية بالحامة مصورة على الميكروفيلم، نسخة أخرى بالمكتبة الملكية بالرباط تقع في 60 ورقة، تحت رقم 1467. ونسخة أخرى بالمكتبة نفسها، مبتورة الوسط، تحت رقم 6533 ( [7]). عجيب الذاهب والجائي في فضيحة الغالي اللجائي: رد فيه على الغالي بن محمد العمراني الحسني اللجائي، حيث كان يتنطع على الأمير عبد القادر" والمشرفي كان ينتصر له"( [8]) حسب ما ذكر بن سودة. ولم نقف على هذا التأليف لنعرف محتواه بالضبط, لكن الظاهر أنه في الدفاع عن ثورة الأمير, وهو موقف اتخذه المشرفي على ما يبدو بعد هجرته إلى المغرب, إذ أننا نجده قبل ذلك اتخذ موقفا مغايرا, وذلك أثناء وجوده في الجزائر, تحت نير الاحتلال الفرنسي. وفي هذا المخطوط تحدث عن ثورته باختصار على أساس أنه قد سبق له أن تناول الموضوع في كتب أخرى, وأشار إلى ما كتبه. ومن هنا نستطيع القول أن موقف المشرفي من ثورة الأمير مر بمرحلتين: أ المعارضة والدعوة إلى الإصلاح: وباطلاعنا على طرس الأخبار نجد أن جل انتقاداته للأمير عبد القادر مبنية على عدم الاختيار الحسن للأعوان والحكام الذين ينوبون عنه. أما في شخصه أو سيرته فلم نجد ما يشير إلى أن الرجل لم يكن يحبذ حكمه, أو يدعو إلى مناهضته, وإن كانت لفظة عتو في حد ذاتها قد تعطي انطباعا عن موقف معارض عنيف, والمعروف عن المشرفي أنه كان رحمه الله سليط اللسان. بدا عليه التسرع في الأحكام, ووصف الأوضاع التي كان يعانيها الشعب تحت حكم الاحتلال, التفاصيل الدقيقة عن المعارك التي جرت. أسلوب الحجاج واللجاج. ب التأييد والدفاع: وهو ما نجده في كتابيه عجيب الذاهب والجائي وذخيرة الأواخر في النص الذي بين أيدينا، وقد بدا الكاتب هادئا ثابتا بلغ من العمر مبلغا سمح له برؤية الأشياء بكل موضوعية ونزاهة ويبدو أنه قد تخلى عن مواقفه السابقة, ويبدو أن العامل الذي حمله على تغيير موقفه من الأمير عبد القادر, هو وضوح الصورة لديه, وأن الحقيقة التي كان عليه أن يدركها هي أن الأمير فعلا كان مجاهدا مدافعا عن دينه وشرفه وشرف بلاده, ولم يكن طالب جاه أو سلطة أو مال. النص: خصص الكاتب أكثر من خمس صفحات في باب دولة الأتراك, تناول فيها مقاومة الأمير عبد القادر, ورسم لنا صورة كتابية عنه وقد كان معاصرا له, وشاهدا على وقائع كثيرة حدثت في بداية الاحتلال, إذ كان من الذين شاركوا في المقاومة الشعبية بقيادة الشيخ محي الدين قبل تولي الأمير, وذلك في منطقة وهران, كما يذكر ذلك بنفسه في كتابه الآخر عن المقاومة الجزائرية: (( طرس الأخبار)). كما يستشف من كلامه أنه لم يشارك في ثورة الأمير عبد القادر, لكنه يعرف عنها الكثير بحكم إقامته بفاس التي كانت ملجأ لكثير من الجزائريين الذين فروا من نير الاحتلال الفرنسي, وهم من المصادر الأساسية التي أخذها عنها معلوماته. كتب النص في حياة الأمير عبد القادر, وبعد انتهاء المقاومة, ونفيه إلى الشام, 1881م. وينقسم إلى جزئين: جزء جاء عرضا أثناء الحديث عن المقاومة الشعبية, والتاريخ لها. والثاني لخص فيه ما ذكره في كتابه عجيب الذاهب والجائي, كما يذكر هو نفسه, وأضاف إليه هجرة الأمير إلى الشام, إذ أن الكتاب الأول قد توقف عند هجرة الأمير إلى بروسة. وقد تعرض المشرفي في هذا النص لمختلف مراحل مقاومة الأمير: 1 مرحلة الانتصارات: "وسل عن تردده في الميدان "بيجو" وأحبار الرهبان، وسل عن تردده في الصفوف أودية "سيك" وشعاب"خروف"، وسل نصارى مستغانم، وكم أخذ لهم من أسارى في الغنائم، وسل ثنية "مُزايا" ..." 2 المرابطة على الحدود: "ودائرة أميرنا الحاج عبد القادر انتقلت إلى نواحي وجدة بخيلها ورجلها، ولم تترك غزوا على عدوها، وكانت تغنم من الروم الغنائم بحيث لا تخلو غزوة من قتلى وأسرى...". يتبع...
|
||||
![]() |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc