السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
===
قاعدة :أن جميع ما يحتج به المبطل من الأدلة إنما تدل على الحق
=====
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهُ الله
وهي: [أن جميع ما يحتج به المبطل من الأدلة الشرعية والعقلية إنما تدل على الحق، لا تدل على قول المبطل].
وهذا ظاهر يعرفه كل أحد، فإن الدليل الصحيح لا
يدل إلا على حق، لا على باطل.
يبقى الكلام في أعيان الأدلة، و بيان انتفاء دلالتها
على الباطل، ودلالتها على الحق هو تفصيل هذا
الإجمال.
والمقصود هنا شيء آخر، وهو:
أن نفس الدليل الذي يحتج به المبطل هو بعينه إذا
أعطى حقه، وتميز ما فيه من حق وباطل، وبين ما
يدل عليه، تبين أنه يدل على فساد قول المبطل
المحتج به في نفس ما احتج به عليه،
وهذا عجيب !
قد تأملته فيما شاء الله
من الأدلة السمعية فوجدته كذلك!!
والمقصود هنا بيان أن:
الأدلة العقلية التي يعتمدون عليها في الأصول
والعلوم الكلية والإلهية هي كذلك.
فأما الأدلة السمعية، فقد ذكرت من هذا أمورا
متعددة مما يحتج به الجهمية، والرافضة وغيرهم،
مثل احتجاج الجهمية نفاة الصفات بقوله: {قُلْ هُوَ
اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص:1- 2]، وقد ثبت
في غير موضع أنها تدل على نقيض مطلوبهم وتدل
على الإثبات.
وهذا مبسوط في غير موضع في الرد على الجهمية
يتضمن الكلام على تأسيس أصولهم، التي جمعها
أبو عبد الله الرازي في مصنفه الذي سماه
[تأسيس التقديس]، فإنه جمع فيه عامة حججهم،
ولم أر لهم مثله.
وكذلك احتجاجهم على نفي الرؤية بقوله:{لاَّ تُدْرِكُهُ
الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ} [الأنعام:103]، فإنها
تدل على إثبات الرؤية ونفي الإحاطة وكذلك
الاحتجاج بقوله:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11].
ونحو ذلك.
وكذلك احتجاج الشيعة بقوله:{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ
وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ} [المائدة:55]، وبقوله "أما
ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟"
ونحو ذلك هي دليل على نقيض مذهبهم، كما بسط
هذا في كتاب [منهاج أهل السنة النبوية] في الرد على الرافضة.
ونظائر هذا متعددة.
والمقصود هنا الأدلة العقلية، فإن كل من له معرفة
يعرف أن السمعيات إنما تدل على إثبات الصفات.
وأما الرافضة، فعمدتهم السمعيات،
لكن كذبوا أحاديث كثيرة جدًا، راج كثير منها على
أهل السنة، وروى خلق كثير منها أحاديث، حتى
عسر تمييز الصدق من الكذب على أكثر الناس، إلا
على أئمة الحديث العارفين بعلله متنا وسندًا.
كما أن الجهمية أتوا بحجج عقلية، اشتبهت على
أكثر الناس وراجت عليهم، إلا على قليل ممن لهم
خبرة بذلك.
والكلام على أحاديث الرافضة وبيان الفرقان بين
الحديث الصدق والكذب مذكور في غير هذا
الموضع، كالرد على الرافضة.
والمقصود هنا الكلام على الأدلة العقلية،
التي يحتج بها المبطل من الجهمية نفاة الصفات،
ومن الممثلة الذين يمثلونه بخلقه، وعلى الأدلة
التي يحتج بها القدرية النافية، والقدرية المجبرة
الجهمية،
فإن هذين الأصلين وهما:
الصفات والقدر
ويسميان التوحيد والعدل
هما أعظم وأجل ما تكلم فيه في الأصول، والحاجة
إليهما أعم، ومعرفة الحق فيهما أنفع من غيرهما،
بل وكذلك بسائر ما يحتج به في أصول الدين من