مصر التي في خاطري أمام ناظري
هي مصر الحلم لا كذب ، هي مصر الشابة التي تولد من جديد ، هي صفحة التاريخ الخاصة بمصر التي رأى الجميع أن صفحتها طويت على مأساة ، لكن شبابها أبو ذلك واختاروا أن يمزقوا الكتاب بعد أن كاد يطوى ، وسجلوا من جديد على صفحات جديدة بألوان جديدة هي ألوان الدم والثورة والفتوة والطموح والحلم بداية جديدة ، لقد تفرست منذ مأساة الكرة أن مصر ستتغير وان الجزائر ستتغير ، وان من أراد أن يفرق بين الشعب الواحد قد اقتربت ساعته وان شباب الحلم الجديد قد نضج بما فيه الكفاية ليعلن عن شبابه وعن طموحه وعن حلمه .
من كان يظن قبل شهر من البوعزيزي ان نظام بن علي سيسقط ، ومن ظن أن مصر التي أخفاها نظام حسني وزمرته لن تعلن عن نفسها ، إن الحياة ، والشيء الحي لابد أن يخرج إلى العلن .
إن الثورة في مصر لم تكتمل بعد ، وعلى شبابها ان يعلم انه الجبهة الأمامية في معركة الحرية ، فانتصروا ، فإن بقية الأنظمة ستسقط في ليلة واحة على التوالي ، وإن - لاقدر الله ذالك انهزموا - فلن تقوم للعرب قائمة إلا بعد ثلاثين عاما أخرى ، ميدان التحرير وللمصادفات الجميلة في اسمه ، أرجوا ان يكون رمزا للتحرير في العالم العربي كله .
ثم لا يتوقع احد أن نظاما عمره ثلاثون سنة ، يمكن أن ينهار في ليلة أو ضحاها ، لا وربي ، فإن الله لما أرسل موسى إلى فرعون ، تطلب الأمر زمنا حتى يغرق فرعون ، واستغرق هذا الزمن حوارات وجدالات وتحديات ومقابلات ، حتى استنفدت كل الحجج فجاء النصر .