رؤيا أم أضغاث أحلام
رأيت فيما يرى النيام
رؤيا تراودني من زمن بعيد
منذ كنت رضيعا وبعد الفطام
وكثير الهموم دوما ما تغزوه الأحلام
والرؤيا يا سادتي صنفان
في عرف الأنام
رؤيا تأتي كفلق الصبح
وأخرى هموم وحسرة
فتلك أضغاث أحلام
رأيت أيها السامعين الكرام
أن العُرب َ تحشد جيشا
جند ٌ وعدة وعتاد
جحافل سودٌ كانهم
قطع ٌ من الغمام
شيب وشبان... مشاة وفرسان
نسوة ورجال... صبية وغلمان
في يد كل واحد مصحف
وسيف وقرطاس وحزمة أقلام
وفي اليد الأخرى رباط الخيل
وترس وكنانة وسهام
وعلى خاصرته....
خنجر عماني وحسام
رأيتهم من كل حدب ِ ينسلون
كريح عاصف مزمجر ٍ مسنون
وفي عيونهم حمرة الغضب
على عدوٍ أسقاهم السم ّ الزؤام
وجهتهم بيت المقدس
ومعراج نبي الهدى
على أسِنَّة ِ رماحهم ترفرف الأعلام
رأيت البشرى وقد لمع سناها
رايات خضراء سوداء حمراء بيضاء
من مغرب موسى بن نصير
من تونس الخضراء
من جزائر الأحرار ومن الدار البيضاء
ومن جبال المختار في ليبيا الشماء
ومن أرض الكنانة
أرض الحضارة ذات الأهرام
جيوش من كل حدب وصوب
من يثمن ِ اليمن ومن جزيرة العرب
جحافل تقنعت بالموت
في سبيل الله ثم الوطن
وقفت مستعدة رهن الإشارة
هناك على بوابات الشام
رأيت فلسطين وقد تهلَل َ وجهُها
وأنوار فرح فقد أكثر من ستين عام
فرح بهيج
ارتسم على وجوه أهلها الكرام
مستبشرة بالنصر بالفتح المبين
ها هي تغني عبر الجبال والتلال
وعبر السهول والحقول
رضيعها في المهد تكلم
وشهيدها في القبر تبسم
لم َ لا وقد أدمتهم الآلام
ها هم زرافات وفرادى
يرددون لحنا عشوائي
(طلع الفتح علينا
من ثنيات البلاد
وجب الشكر علينا
قد هل بدر ُ الجهاد
طلع النصر علينا
يعيد الروح للعباد
أيها الصابر فينا
ها قد أفاق النيام
سوف نحيا من جديد
ويولي اللئام )
نعم رأيت ويا لهول ما رأيت
رأيت النيل من بغداد
والجوديُّ من تشاد
والمعراج من البلد الحرام
وحدائق بابل من تطوان
وقصر زنوبية من الصومال
وسور القدس من السودان
ومرج ابن عامر من الدمَّام
نعم رأيت غبار الخيل
على الضفة الأخرى لنهر الأردن
وسمعت الصهيل على ذرى الجولان
وسمعت طبول الحرب
يهز الأرض في حطين وميسلون
وفي عكا وبيسان
وأصوات الجند تغني
لحن النصر ولحن الرجوع
أجناد ثارت على زيف النظام
على ردة الحكام
تردد كالرعد القاصف
لا للظلم لا للظلام
لا للتطبيع لا للتجويع
لا ، لا سلام ولا استسلام
وأخرى تردد عاليا
نحن يا دنيا رجعنا لإله العالمين
نحن للدين صنعنا عدة الفتح المبين
نحن فرسان أسود
جئنا نجتاز الحدود
بعدما بالصبر قهرنا
كل حكامنا الأزلام
لسنا رقٌ أو عبيد
إننا قبضة حق ٍ ... من فولاذ وحديد
لسنا سلعة تُسام
أو قطيع ٌ من أغنام
بالوحدة إنا أتينا
نعيد عزة الأوطان
نمحو أطياف الظلام
أفقت وفي نفس أمل
أهتف من تحت غطائي
بالروح بالدم ح نحرر الأوطان
بالروح بالدم نفديك يا فلسطين
لكني أدركت سريعا
أني للوهم كنت صريعا
وأدركت أن كل ما رأيت
لا يعدو وهم وسراب
لم تغدوا رؤياي حقائق
بل كانت أمنية وأوهام
جعلتني من فرحي أهذي
وكانت أضغاث أحلام
بقلم
ابن العروب
29/1/2011