يبدو أنه مازال هناك من يعتقد ان وراء الأحداث أيادي يهودية و أمريكية . و هناك من يقول أن "الذنب ذنب القصر و الرضع" . و هناك من يرسل بتحية تقدير كبيرة للسيد بلخادم . و هناك من يقول ان بوتفليقة غير مسؤول عن الوضع . و الجميع ماهرون في الهروب من الحقيقة عندما يسارعون بإدانة المحتجين و يسكتون عن الوضع المتردي الذي تشهده البلاد و يركزون على الجانب السلبي من الإحتجاجات و كأن البلاد لم تعرف أي تخريب منهجي و هدر فاضح لمواردها طيلة السنوات الماضية . أعداء الجزائر ليسوا هؤلاء الشبان و المراهقين الذي كسروا و خربوا بل الأعداء الفعليين للوطن هم أولئك الذين لم يتوقفوا عن التخريب منذ الاستقلال . أصحاب المناصب و اللصوص و الخونة .
هؤلاء الصغار فعلوا بشكل فوضوي ما كان يجب ان يفعله الكبار بشكل منظم . فلماذا نلقي اللوم عليهم . من حق هذا الصغير المخرب ان يتهمهم بالجبن و الذل و بأنهم فشلوا في التعبير عن معاناة المواطن . و في المطالبة بالحقوق .
هذه السلطة لا تحترم المواطن و لا تحس بمعاناته و المواطن من جهته ساكت و لا يحتج و إذا إحتج بطريقة حضارية تعرض للضرب و الإهانة . فكان لابد ان يتكلم الصغار في مكان الكبار . باللغة التي يفهما المستبد . و مرة اخرى اقول الاحتجاجات نتيجة حتمية للأوضاع القائمة . و عندما يفشل المجتمع في التفاوض السلمي مع السلطة لابد ان ينوب عن ذلك لغة العنف الذي لا يخلو من التجاوزات . و مادام هناك من يردد نفس الخطاب الرسمي حول الأمن الإجتماعي و المصلحة العليا للوطن فسيكون هناك من سيعبر عن مطالب الشعب بالعنف .