إذا انتشرت صفة العفو في المجتمع رقي وسما وقلت فيه الضغائن والأحقاد فقد قال فيه جل جلاله (واعفوا وأصلحوا ) ويكون العفو بالصفح عن من أخطا في حقك ولا تعتبر ذلك ضعفا منك بل قوة إيمان فالنفس المسامحة العفوة ترى الفجر غديرا والليل مهرجانا والناس أحبة والكوخ قصرا مشيدا وبالتسامح تكون كالنحلة تأكل طيبا وتضع طيبا وإذا وقعت على عصي لم تكسره وعلى زهرة لم تخدشها .
الخلق السمح أجمل من وسامة الوجوه وسواد العيون ورقة المندود لان جمال المعني جمال الروح.
فإذا كنت مسامحا فانك تترك الأحقاد فهي سم ترياقه العفو فالنفوس الهائجة على أعدائها لن تهدا آبدا لان نار الانتقام وبركان التشفي يدمرها قبل هضموها.وإذا عفوت فأنت تصنع من الليمون شرابا حلوا فعليك أن تنسى الحقد واطوه طي السجل وأغلق عليه في زنزانة الإهمال وارمه في سجن النسيان وكن كما قال الشاعر
سألزم نفس الصفح عن كل مذنب
وان كثرت منه إلي جرائم
ولا تتأثر بالقول القبيح الذي يقال فيك فهو يؤذي غيرك ولا يؤذيك فالبعوضة تتعرض للأسد دائما وتحاول إيذاءه فلا يعيرها اهتماما ولا يلتفت إليها لأنه مشغول بمقاصده عنها .
وأفضل قدوة لنا رسولنا الكريم فقد كان يتميز بهذه الصفة فيوم فتح مكة عفى عن القريشيين رغم كل ما فعلوه فيه .والكتاب الذي نتبعه القران الكريم قد ذكر التسامح في عدة مواضع من القران الكريم مثلا في قوله عزوجل (فمن عفا وأصلح فأجره على الله )وقال أيضا (والكاظمين الغيض والعافين عن الناس والله يحب المحسنين )صدق الله العظيم وفي هذه الآيات الكريمات يبين تعالى اجر المسامحين والثواب الذي ينالونه مقابل تسامحهم.
وعليك أن تسامح غيرك دون تردد فالفلك يدور والليالي حبالى والأيام حول ودوام الحال من المحال فلماذا تحقد؟ فالتسامح ثوب واسع يغطي الأعضاء والأحقاد والقلب المسامح يقتل الميكروبات البغضاء ويطارد حشرات الكراهية
وقل للعيون الرمد للشمس عين
تراها بحق في مغيب ومطلع
وسامح عيونا أطفا الله نورها
بأبصارها لا تستفيق ولا تغيب
فللتسامح ثمرات في الدنيا والآخرة, في الدنيا بانتشار الحب والمودة بين الناس والمسامح محبوب, وفي الأخرى ثواب الله ورضاه عن عبده وهو أفضل جزاء يتمناه العبد.
خلقنا في عالم الإيمان وأحطنا أنفسنا بحبال الكراهية والحقد والطغيان وهذه الحبال لا تزول إلا بالتسامح فهو عطر لا تستطيع أن ترش به الناس إلا إذا علقت بك منه قطرات ,فالمسامح العفو يغمر الناس بتسامحه ويريح قلبه من سم الانتقام لذا على كل مسلم ومسلمة أن يتميز بهذا الخلق الكريم ونشره بين الناس فهو إكليل من الورود جمع من كل حقل وردة ومن كل جمال لون ومن كل خلق سمة .
وأحسن الختام قول رب الأنام (خذ العفو وأمر بالمعروف واعرض عن الجاهلين )