![]() |
|
قسم الخـــواطر قسمٌ مُخصّصٌ لإبداعات الأعضاء النّثريّة. |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
(( معركةٌ على حُضنِ أبي .. !! ))
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() ..معركةٌ على حُضن أبي
فصل كبُرَ أبي اليوم ، وهزل جسده وغارت عيناه في هيكله .. ولم يعُد صدره يتسّع لكِلَينا .. أنا وأخي .. و عادت المعارك من جديد ضارية أكثر حدّة .. فصل بينما تنزلُ فاطمة الدرجات لزيارة عمّاتها في الطابق السفليّ أُسرع أنا لاغتنام الفرصة، وأرتمي على مهد يوسُف أحمِله بين ذراعيّ في لفّته البيضاء وأضمّه بشوق حارق أستنشق فيه رائحة الأبوّة الممزوجة برائحة القرنفل وزيت الزيتون .. يُثبّتُ نظراته على وجهي كأنّه يستغربُ كلّ هذا الشوق ! أُطمئنه ... ثمّ أبادله الإستغراب حين لا أجد من الكلمات ما يمسحُ عنه الحيرة لماذا أحبّك ؟ لم أكن أعلم أنّي لا أملك الجوابَ لهذا السؤال السهل ! حتى أبي ومع كثرة خبرته في الحياة لم يستطع فكّ هذا الإستفهام .. لم يجِبني حين سألته !! تختلطُ الأحاسيس وتتواصلُ نظرات الإستغراب المتبادلة في صمت وهيام دون أن يُشفق أحدنا على الآخر .. تقطعُ خُطوات فاطمة صمتنا واستغرابنا وهي راجعة تنطّ على الدرج ، ويذوب الموقف الصعب في هدوء ... بين خطوات فاطمة ونطّتها .. .. أَسمع دندنتها تقتربُ من الباب " دُوهَا .. يا دُوهَا .. والكعبة بَنُوها.. و زمزم شربوها . .. سيدي سافر مكة .... " أشحنُ قبلة قاسية على جبين يوسُف ليودعني إلى مهده الصغير .. تسكُتُ فاطمة عن الدندنة .. تطرقُ الباب ، وتستأذن من نفسها ثمّ تدخُل .. أبتعدُ عن يوسُف خشية أن تراني .. تفضحني النظرات !! تجتاح ملامحها ريبة عجيبة .. كأنّها تشعر بوقوع خيانة .. أتبادلُ الإيماء مع أمّها خِلسة .. تقترب منّي ، تتفقّدني .. تشمّ أطرافي .. ثمّ تنظر إليّ والغضبُ يقلصّ ما بين حاجبيها : -( أشمّ رائحة يوسُف على قميصك ) .. كُنت إذا تحمله !! لن أحبّك بعد اليوم .. هه !!! تختفي باكية لتذوب في حُضن والدتها .. وتتركني وحيدا .. أمتص بين شفتاي اعترافا ، وأكتُم بين رئتاي عذرا .. وأتأسّف لنفسي ولها .. أخرج من جيبي قطعة حلوى أميلها ذات اليمين وذات الشمال ، ورأسها لا يقاوم فيوافق ميلان الحلوى ذات الشمال وذات اليمين في رقصة بريئة !! تُقبل إليّ مسرعة وتقبَلُ حُضني ونستسلم في عناق مصالحة ونسيان ... فصل في حرارة العناق أتذكر حُضن أبي .. وأتذكر معاركي الشرسة مع أخي .. ونحنُ نتسابق إلى حُضن أبي وهو عائدٌ بالمساء .. من يفوز بالحُضن ، ومن يكتفي بالتشبثّ ... كثيرا ما كنت أخسر جولاتٍ من تلك المعارك .. وأكتفي بمكان ضيّق على كتف أبي .. لم تكن المعارك سهلة .. كانت ضارية .. طاحنة .. مسموحٌ فيها كلّ محظور .. من خدش وعضّ ونتف .. كان أبي بحكمته يجعلُ صدره فسحة تسعُ كلينا .. أنا وأخي .. ولكن ليس قبلَ أن يستمتع ببعض اللقطات من المعركة ، ليطلق ضحكته المبحوحة المعهودة في أرجاء البيت .. خفتت تلك الإبتسامة الآن وفقدتها الأرجاء ... ياه .. على الكبر .. فصل مُعاد كبُر أبي الآن وهزل جسده وغارت عيناه في هيكله ، ولم يعُد صدره كما كان يتسّع لكلينا .. وقد عادت المعارك بيني وبين أخي ضارية ، أكثر حدّة ممّا كانت .. ونحنُ صغار .. ولكن الاسلحة تبدّلت فحُضنُ أبي الآن صار أغلى ممّا كان ونحنُ صغار ، وأعزّ .. هامش : في مثل هذا اليوم من سنة 1933 وُلد أبي ... اليوم يكون قد مضى تماما 77 سنة من عمره.. فتحيّة لكلّ الآباء ... وقل ربّ ارحمهما كا ربّياني صغيرا
آخر تعديل يوسُف سُلطان 2010-11-29 في 21:18.
|
||||
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
معركةٌ, حُضنِ |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc