نعمة الالم - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام > أرشيف القسم الاسلامي العام

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

نعمة الالم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2010-11-19, 11:56   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
حميدة 2010
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية حميدة 2010
 

 

 
إحصائية العضو










M001 نعمة الالم



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الألم ليس مذموماً دائماً ولا مكروهاً أبداً فقد يكون خيراً للعبد أن يتألم.




إن الدعاء الحار لا يأتي إلا مع الألم والتسبيح الصادق يصاحب الألم وتألم الطالب زمن التحصيل وحمله لأعباء الطلب يثمر عالماً لأنه أحترق في البداية فأشرق في النهاية، وتألم الشاعر ومعاناته لما يقول تنتج أدباً مؤثراً خلاقاً لأنه أنقدح مع الألم من القلب والعصب والدم فهز المشاعر وحرك الأفئدة، ومعاناة الكاتب تخرج نتاجاً حياً جذاباً يمور بالعبر والصور والذكريات.

إن الطالب الذي عاش حياة الدعة والراحة ولم تلدغه الأزمات ولم تكوه الملمات إن هذا الطالب يبقى كسولاً مترهلاً فاتراً، وأن الشاعر الذي ما عرف الألم ولا ذاق المر ولا تجرع الغصص تبقى قصائده ركاماً من رخيص الحديث وكتلاً من زبد القول لأن قصائده خرجت من لسانه ولم تخرج من وجدانه وتلفظ بها فهمه ولم يعشها قلبه وجوانحه.


وأسمى من هذه الأمثلة وأرفع حياة المؤمنين الذين عاشوا فجر الرسالة ومولد الملة وبداية البعث فإنهم أعظم إيماناً وأبر قلوباً وأصدق لهجة وأعمق علماً لأنهم عاشوا الألم والمعاناة، ألم الجوع والفقر والتشريد والأذى والطرد والإبعاد وفراق المألوفات وهجر المرغوبات وألم الجراح والقتل والتعذيب فكانوا بحق الصفوة الصافية والثلة المجتباه، آيات في الطهر وأعلاماً في النبل ورموزاً في التضحية {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}.


وفي عالم الدنيا أناس قدموا أروع نتاجهم لأنهم تألموا فالمتنبي وعكته الحمى فأنشد رائعته:

وزائـــــــــــرتي كـــأن بــهــا حـــــيــاءً فـــــلـــيــس تـزور إلا فـــــي الظـــلام

والنابغة خوفه النعمان بن المنذر بالقتل فقدم للناس:

فــإنــك شــمــس والمـــــــــــلوك كــواكب إذا طــلعــت لم يــبــد مــنهــن كــوكــب

وكثير أولئك الذين أثروا الحياة لأنهم تألموا.

إذاً لا تجزع من الألم ولا تخف من المعاناة فربما كانت قوة لك ومتاعاً إلى حين فإنك إن تعش مشبوب الفؤاد محروق الجوى ملذوع النفس أرق وأصفى من أن تعيش بارد المشاعر فاتر الهمة خامد النفس {وَلَـكِن كَرِهَ اللّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُواْ مَعَ الْقَاعِدِينَ}.

ذكرت بهذا شاعراً عاش المعاناة والأسى وألم الفراق وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة في قصيدة بديعة الحسن ذائعة الشهرة بعيدة عن التكلف والتزويق إنه مالك الريب يرثي نفسه:

ألــم ترني بعــت الضــلالة بالـهــدى وأصبـحت في جــيـش ابـن عـفـان غــازيــاً
فــلــلــه دري يــوم أتــرك طـائـعـــاً بـنـي بأعــــلى الرقـمتــــــــــــيـــن ومـالــــيـا
فيــا صــاحــبــي رحلي دنـا المــوت فانـــزلا برابيـة إنـي مقــــيـــــــــم ليـالــيـــا
أقــيما عـلي اليــوم أو بــعـض ليـلـة ولا تعـجــــــلانــي قــد تـبـــــــــــيـن مـابـيــا
وخـطا بأطـراف الأســـنة مضـجعــي وردا عــلـى عــيــنــي فــضــــــــل ردائـــيـــا
ولا تحــسداني بـــارك الـلــه فــيكــما مــن الأرض ذات العرض أن تـوســعا ليــــا

إلى آخر ذلك الصوت المتهدج والعويل الثاكل والصرخة المفجوعة التي ثارت حمماً من قلب هذا الشاعر المفجوع بنفسه المصاب في حياته.


إن الوعظ المحترق تصل كلماته إلى شغاف القلوب وتغوص في أعماق الروح لأنه يعيش الألم والمعاناة {فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَاَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَاَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}.

لا تعـــذل المشـــــــــتاق فــي أشـــــــــــــواقه حتى يكـــــــــون حشـــــــاك فــــــي أحــشــائـــه

لقد رأينا دواوين لشعراء ولكنها باردة لا حياة فيها ولا روح لأنهم قالوها بلا عناء ونظموها في رخاء فجاءت قطعاً من الثلج وكتلاَ من الطين، ورأينا مصنفات في الوعظ لا تهز في السامع شعرةً ولا تحرك في المنصت ذرةً لأنهم قالوها بلا حرقةٍ ولا لوعةٍ ولا ألمٍ ولا معاناةٍ {يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ}


فإذا أردت أن تؤثر بكلامك أو بشعرك فاحترق به أنت قبل وتأثر وذقه وتفاعل معه وسوف ترى أنك تؤثر في الناس {فَاِذَا اَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَاَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}






المصدر: كتاب لا تحزن
لفضيلة الشيخ د/ عائض القرني.
__________________






لا اله الا الله محمد رسول الله
م/ن








 


 

الكلمات الدلالية (Tags)
الامل, نغمة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:11

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc