الإيثار خلال الثورة التحريرية - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجزائر > تاريخ الجزائر

تاريخ الجزائر من الأزل إلى ثورة التحرير ...إلى ثورة البناء ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الإيثار خلال الثورة التحريرية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم يوم أمس, 14:57   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
Mohand_Zekrini
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B1 الإيثار خلال الثورة التحريرية

إن الإيثار خلال الثورة التحريرية، من الصفات إضافة إلى أخرى اتسم وتميز بها المجاهدون الأبطال والشهداء الأبرار، وبما أن صفة الإيثار لم تنال حضها من الكتابة لا من الكتاب ولا المؤرخون، أود الكتابة عن هذه الصفة التي انفرد الأنبياء والرسل والأولياء الصالحون وعباد الرحمن، بأخذ خمسة عينات من المجاهدين أثروا بلادهم، وما الجزائر، عن أعز ما يملكون، ثلاثتهم يعتبرون من قادة الثورة، ارتقوا إلى أعلا الرتب العسكرية وهي رتبة عقيد، ورابعهم مجاهد من أدنى الرتب إلا أنه بطل مغوار من حيث المبادئ والمواقف التي أمن بها، والتضحية بالنفس والدم من أجل الجزائر، لا غير، وخامسهم شهيد القضية الجزائرية موريس أودان.

الأول هو الشهيد الخالد العقيد علي ملاح المدعو سي الشريف، ينتسب إلى عرش إمكيران وحاليا بلدية مكيرة (ولاية تيزي وزو)، وهذا العرش هو معقل إحدى الثورات الشعبية لزعميها -الشيخ مونا-، امتدى مداها إلى مشد الله شرقا (ولاية البويرة) إلى سهول الرويبة غربا (ولاية الجزائر)، وهي الثورات المنسية، التي لم يكتب عنها اللهم إلا اليسر القليل، من الأستاذ صالح بلعيد عن كتابه "الزعامات في الجزائر"، عرش -مكيران- هذا، كان تعداد سكانه سنة 1954 ما يقارب 5000 نسمة، قتلت منهم فرنسا الإستدمارية 1500 شهيد، فإقليمه كان ميدان لكفاح العقيدين كريم بلقاسم وأعمر أوعمران، إضافة إلى علي ملاح ومجاهديه، حتى قبل إندلاع الثورة.

الشهيد علي ملاح تميز بإيثار بلاده الجزائر عن الزوجة وهي عروس، وتروي زوجته أن زوجها دخل عليها وغادرها باكرا، ولم تعد تراه إلا نادرا، وليلة دخلته أثمرت بإنجاب إبنه "أعمر"، ومعروف عنه أنه كلف من قيادة الثورة بعد مؤتمر الصومام بإنشاء الولاية السادسة وقيادتها، وبعد إستشهاده كلف بقيادتها العقيد سي الحواس.


والثاني هو الشهيد الخالد العقيد أيت حمودة عميروش المعروف بالعقيد عميروش، الذي أسند له حراسة مؤتمري ومكان إنعقاد مؤتمر الصومام، ومن بعد كلف من قيادة الثورة بإصلاح ذات البين بين قيادة الولاية الأولى الأوراس، كما أفشل مكيدة فرنسا المعروفة بالعصفور الأزرق، واستشهد وهو في طريقه إلى تونس رفقة العقيد سي الحواس وهو قائدا للولاية الثالثة، الغرض من السفرية تأديب قيادة الثورة بالخارج التي قصرت عن التزويد الداخل بالسلاح.

هذا الشهيد تميز بإيثار الجزائر عن الإبن والزوجة، ويروي رفيق دربه المجاهد محمد الصالح الصديق، أن العقيد عميروش هو قائدا للولاية الثالثة سن قانونا بمنع المجاهدين بزيارة أهاليهم، إلا بعد مرور مدة زمنية ومعلومة، وإنه عندما يمر بجيشه قرب منزله -بثاسفث- في ظلمة يلفت انتباهه بكاء ابنه -نور الدين- ويقترب إلى جدار المنزل يتحسس والدموح تذرف من عينيه، وأنه يطلب منه الولوج وتفقد الأمر، إلا أن عميروش يرفض، ويردد إن عميروش مثله مثل جنوده سواسية أمام قانونه، وكل ما يسري على جنوده يسري عليه.


والثالث هو المجاهد العقيد عبد الحفيظ بوصوف، ومعروف عنه أنه تولى قيادة الولاية الثانية بعد استشهاد العربي بن مهيدي، وهو من منح الرعاية والعناية بالعقيد هواري بومدين عندما عاد من القاهرة على متن السفينة دينا الحاملة بالسلاح للثورة ليرتقي أعلا الرتب، ومن جند بوتفليقة عبد العزيز وقاصدي مرباح للثورة، ومن أنشأ جهاز الإستعلان المالغ، وتولى عدة حقائب وزارية في الحكومة المؤقتة، ويعتبر من الباءات الثلاثة المشهورين إضافة إلى العقيدين بلقاسم كريم وبن طوبال لخضر، اللذين قادوا الثورة في أحلك مراحلها التاريخية، ومن بين اللذين اغتالوا عبان رمضان بالمغرب.

هذا المجاهد تميز بإيثار الجزائر عن والدته أمه، ويروى أنه عندما كان في مسقط رأسه بمدينة ميلة، وصل الخبر إلى أمه أن إبنها متواجد هناك، فأرسلت طالبة منه رأيته، أنظروا بما أجاب بوصوف أمه، ان عبد الحفيظ في مهمة من طرف الثورة، وليس لزيارة الأهل، ففجعت الأم من حواب إبنها.


والرابع هو الشهيد عاشور زكريني، وهو محافظ سياسي المعروف
ب-عاشور الكونيسار- وينتسب مثله مثل العقيد علي ملاح إلى عرش -إمكيران-، ومعروف عنه أنه مجاهد حر وضرب أروع البطولات، وأنه يوم ألقي عليه القبض من طرف عساكر فرنسا في بدايات الثورة، فتم أخذه على متن مركبة الجيب إلى ثكنة -تيزي غنيف- وهو محروسا بجنود فرنسيين مدججين بالسلاح، ويروي بنفسه على الموقف، وأنه قبل الوصول إلى إحدى المنعرجات، تحدق النظر في الجنود الفرنسيين، فارتعدوا خوفا منه، وهنا تيقن أن هؤلاء المرتعدين لن يصيبوه حتى وإن اطلقوا عليه النار، فقفز من على متن مركبة الجيب تحت وابل نيران الجنود، إلا أنهم لم يصيبوه.

هذا المجاهد مثله ومثل عبد الحفيظ بوصوف بإيثار بلاده الجزائر عن الأم، وتروي والدته أن الإدارة الفرنسية إتصلت بها بواسطة مجاهد مسجون وهو رفيق كفاح عاشور ألقي عليه القبض، تعرض عليه الكف عن محاربتها وإلقاء السلاح مقابل ضمان حياته، وكانت فرنسا بذلك تريد تحييد هذا الشهيد البار، فتذهب الأمم إلى قرية -تالا عشرين- التي تعتبر منطقة محررة ولا تدخلها فرنسا إلا بإمدادات عسكرية، وانتظرته في بيت ابنتها -حليمة- وهي مجاهدة وأرملة شهيد، وبيتها مركز راحة ومبيت للمجاهدين، وعندما حضر عاشور نقلت له عرض فرنسا، أنظروا بماذا رد عاشور الكوميسار على أمه "لولا ذلك الحليب الأبيض الناصع الذي رضعته من ثديك لقتلتك يا أمي، وقلي لفرنسا أن عاشور لن يستسلم، خرج ولن يعود، إلا شهيدا أو منتصرا"، فرجعت الأم مصدومة من رد إبنها، خائفة مفزوعة تجر أذيال الخيبة، ويستشهد سنة 1961 في مواجعة بين قوات الإحتلال عندما تفذت منه الذخيرة، والسلاح في يده ولم يستسلم رغم نداءات الجنود الفرنسيين له بالإستسلام مع ضمان له محاكمة عادلة، وفضل أن يموت شهيدا.


والخامس من ضرب أروع صور الإيثار من أجل الإنسانية، شهيد القضية الجزائرية، الشاب الفرنسي الوسيم، عالم الرياضيات موريس اودان، الذي أمن بمثول وقيم الإنسانية السامية، التي تمقت الإستعمار والإضطهاد والميز العنصري.

هذا البطل اختار الإنحياز إلى جانب الشعب الجزائري، وسخر نفسه للدفاع عنه، رغم ما لذلك السبيل من مصاعب ومخاطر جمة، ولأجله طلق الفراش الوثير والحضن الدافيء ورغد الحياة.

إن موريس أودان من أجلرالمبادئ التي أمن بها عان الويلات وذاق كل أنواع التعذيب من بني جلدته إلى أن سقط شهيدا، وإدعت السلطات الإستعمارية أنه مات منتحرا، الجريمة التي إعترفت بها فرنسا إلا مؤخرا على لسان الرئيس مانويل ماكرون، بما يفيد أن موريس اودان مات تحت التعذيب، مثله مثل بومنجل وبن مهيدي، ومثل أودان كثيرا أذكر أيضا فرنز فانون الذي وهب حياته لأجل الجزائر، وهو من جزر الأنتيل.


إن الإيثار لم ينفرد به المجاهدين الخمسة اللذين ذكرتهم، بل كل من إستشهد وجهد من أجل الجزائر، أثر بلاده عن أعز ما يملك.


أيها الناس، لماذا لا نأخذ العبرة من هؤلاء الخالدون؟

فهل نحن تجمعنا صلة بهؤلاء؟

نحن من أثر زينة الحياة الدنيا، والمال الكثير عن بلادنا الجزائر.

بقلم الأستاذ محند زكريني









 


رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:54

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2025 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc