بإسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن ولاه أما بعد :
معلوم أن الطبيب الحاذق هو الذي يعكف على المرض من أصله ولا يكتف بعلاج أعراضه ، فلك أن تتخيل مريضا جاء يشكو من صداع شديد فأعطاه الطبيب مسكنا يبقيه كالحجر ساكنا وبعد ساعتين وجده للبصر فاقدا ، وذلك لأن عرض الصداع نشآ من ضغط على العصب البصري ، فهذا طبيب فاشل تسبّب في فقد بصر هذا المريض .
كذلك أعراض الأمة لا تتوقف ، والحاذقون هم الذين يقفون على أصل مرض الأمة لا على أعراض المرض وذلك بفهم طبيعة هذا المرض وكيف نشأ حتى يتمكنوا من معرفة الدواء المناسب .
إن أمّتنا مرت بتاريخ طويل حدثت فيه تغيرات كبرى ويجب الحكم على كل شيء من أساس ومن مراجعه التارخية ، وآخر ما تعرضت له أمتنا هو إحتلال الكفار لها وتمزقها إربا إربا في حين أنها كان أصلا ممزقة ومتفرقة إلى شيع وأحزاب وهذا الذي سهّل من مهمّة الأعداء .
إن الإحتلال الكافر لأمتنا لم يكتفي بمسخ هويتنا وتغيير ثقافتنا والعبث بديننا بل إنّه قضى على مفهوم الأمّة نهائيا بتحويلها إلى كيانات قومية وطنية وجمهوريات دمقراطية ولم يكتف بهذا بل عمل على ترسيخ هذه الفكرة في أذهان أبناء هذه الأمة ليتوارثوها جيلا بعد جيل يتعصبون لها ويستميتون في الدفاع عنها ، والعجيب أن هؤلاء المفتونين بهذا المسخ الغربي هم أنفسهم من يتهكمون على حال الأمّة ويتباكون من أجلها ولا أدري عن أي أمّة يتكلّم هؤلاء !! وهل يفهمون هؤلاء معنى الأمة أصلا ؟!!!
هؤلاء الخفافيش يختبؤن في الجحور عندما يتعرّض جزء من الأمّة للخطر بل أزيدك من الشعر بيتا ، يقفون ضد الأمّة الإسلامية وقوفا إلى جانب دول وطنية أو أمّة قوميّة ولنا في غزو القومي صدام حسين للكويت خير مثال ، ولنا في العمليات الأخيرة التي استهدفت أرامكو أكبر شركة نفط سعودية خير دليل على فساد هؤلاء ، ولا أدري بأي نور وأي تطور وتقدم يتبجحون علينا وهم جهلة ، ولا أدري عن نور للإسلام يتكلمون ، فهل ما حدث من استهداف أرامكو هو حلال زلال عندهم !!!
عندما أرى حال هؤلاء أتذكّر الآية الكريمة وهي قوله تعالى : وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ (12)
فهؤلاء الخفافيش لا يخدمون الأمّة الإسلامية بل على العكس يحاربونها بالدمقراطية والوطنية والعروبة وكل الرايات الجاهلية وإضافة إلى ذلك خدمتهم لأجندات معيّنة و ينحتون المظلوميّة لدول معتدية ولها اطماع سياسية ويصوّرون من دافعوا عن بلدانهم وحدودهم وأمنهم بأنهم طغاة ، فأصبح الطغيان عند هؤلاء ليس في الذي يطمع في أرض اخوانه المسلمين ولا في الذي يمول الجماعات الإجرامية التي تفسد في الأرض ، لا ، بل الذي يدافع عن أمنه وسلامة مقدسات المسلمين هو الطاغية في نظر هؤلاء الخفافيش الذين لا يعيشون إلاّ في الظلام ، فأمثال هؤولاء يحتاجون إلى حجر صحي حتى لا يعدون غيرهم بهذا الوباء الذي إخترق عقولهم .
ولأننا وصلنا بعد الإستقلال إلى أمة متفرقة سياسيا وعقائديا و كان نتيجة ذلك دويلات قومية إلى جنب بعض فكان من البديهي أن نجد أمة في حدود مع أمة أخرى و ليس غريبا أن تجد دولة عربية تنتمي إلى الأمة الإسلامية ودولة بجوارها تنتمي إلى أمة أخرى ؛ فهناك أمة عربية ترى أن أساس تجمع البشر هو العرق بغض النظر عن دينه أكان مسلما أم يهوديا أم ملحدا ، وهناك أمة إسلامية ترى أن أساس تجمع البشر هو الدين بغض النظر عن عرقهم أكانوا عربا أم أعاجم أم فرس ، وهناك شعوبا وطنية لا تعترف بمفهوم الأمة فلا تعرف إلا الولاء للوطن وكل من لا يشاركها الوطن فلا رابطة تجمعه بهم .
بالله عليكم يا معشر العقلاء ، في خضم هذا التفرق الرهيب ، هل غريب أن تحدث حرب بين دولتين متجاورتين أو دولتين عربيتين أو حرب أهليّة !!!
نحن لو نتكلم عن الدول الأكثر حفاظا على دينها و التي تصون مبدأ الأمة في أفعالها نجدها دولا آمنة ومتفقة في ما بعضها ، ولنضرب على ذلك مثال بدول الخليج !! لماذا لا تحدث حرب أهلية في دول الخليج ؟
ولماذا لا تتحارب دول الخليج في ما بعضها البعض !! الحمد لله ونسأل الله أن يبارك لهم و أن يرزقهم الأمن والأمان وإن سبب ذلك هو عدم ترسيخ مفهوم الوطنية بمعناها العلماني عندهم وعدم تبنيهم للدمقراطية التي تشتت شمل المجتمع المسلم ، فكانت وحدتهم ظاهرة للعيان ولا يستطيع أن ينكرها أحد .
ومن أعجب ما ترى وتسمع هو أن هؤولاء الخفافيش نصّبوا أنفسهم ليتكلموا بإسم هذه الشعوب التي لا توافقهم في فكرهم لا من قريب ولا من بعيد ، فولاء شعوب الخليج لحكامهم لا ينكره إلا جاحد أو أعمى القلب ، فالعلاقة بين الحاكم والمحكوم في الخليج متينة ومبنية على أسس قوية جدا ويكفي أنهم يتصدون لهؤلاء الخفافيش الذين يطعنون في حكامهم ، وذلك لأن الخفافيش لا يعلمون أن العلاقة بين الحكام والشعوب في الخليج هي جد طبيعية حيث أنهم عبارة عن قبائل متحدة يتصاهرون في ما بينهم وتشتد بينهم أواصر الأخوة .
ومن بدع القوم أيضا سياسة معاداة الجيش أو التحريض عليه ، وهي فكرة ماسونية صهيونية الغرض منها إحتلال البلاد المسلمة دون طلقة نار ، فتترك القطعان يثورون على جيوشها حتى تضعف وتسقط ثم يأتي العدوّ ليلتهمها بسهولة .
ومن غرائب القوم تشدقهم بوسائل الدمقراطية زاعمين أنها نفسها الدمقراطية وفي هذا حجّة على ما يزعمون وتناقض ظاهر في ما يقولون ، فبشار الأسد وصل للحكم عن طريق الصندوق ، وعبد الفتاح السيسي وصل للحكم عن طريق الصندوق ،وعبد العزيز بوتفليقة وصل للحكم عن طريق الصندوق ....... إلخ
فلماذا لم يقبل هؤلاء الخفافيش بالدمقراطية ؟ أم أن الدمقراطية عندهم هي خدمة أجندة معينة لقوم معينين يسمونهم بالمصلحين .
علاج أمتنا لا يكون إلا بإتباع سنة نبينا صلى الله عليه وسلم والتمسك بها والدعوة إليها ولا نحتاج إلى فلسفة الخفافيش ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .