اشترطت على زوجها أن لا يشرب الدخان ولم يلتزم بالشرط
السؤال
هل للمرأة أن تشترط على من يريد الزواج بها أن يترك التدخين ؟
وماذا تفعل لو لم يلتزم بهذا الشرط ؟
الجواب
الحمد لله
أولاً :
شرب الدخان محرم ، لما فيه من تضييع المال والإضرار بالصحة ، والإضرار بالآخرين .
لعلك تعلمين أن جميع أمم الأرض الآن _ مسلمهم وكافرهم _ أصبحوا يحاربون التدخين لمعرفتهم بضرره الشديد . والإسلام يحرم كل ما هو ضار لقوله عليه الصلاة والسلام : " لا ضرر ولا ضرار " .
ولا شك أن المطعومات والمشروبات منها ما هو نافع طيب ، ومنها ما هو ضار خبيث
وقد وصف الله سبحانه نبينا صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى : ( ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ) ، فهل الدخان من الطيبات أو من الخبائث ؟
ثانيا : جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : " إن الله ينهاكم عن قيل وقال
وكثرة السؤال وإضاعة المال " . ونهى الله سبحانه عن الإسراف فقال تعالى : ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) ووصف عباد الرحمن بقوله : ( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما )
ويدرك العالم أجمع الآن أن المال المهدر في الدخان عبارة عن مال ضائع لا يستفاد منه
لا بل ينفق فيما فيه ضرر . ولو أن أموال العالم التي أنفقت في الدخان جُمعت لأنقذت شعوبا ممن أهلكتهم المجاعة ، فهل هناك أسفه من الذي يمسك دولارا ويوقد عليه النار ؟
ما الفرق بينه وبين المدخن ؟
بل المدخن أعظم سفها فالذي يحرق الدولار ينتهي سفهه عند هذا الحد ، وأما المدخن فيحرق المال ويضر بدنه .
ثالثا : كم من الكوارث التي سببها الدخان ، بسبب أعقاب السجائر التي تلقى وتتسبب في حرائق ، وغير أعقاب السجائر ، وقد احترق منزل بأكمله على أهله بسبب تدخين صاحب المنزل ، وذلك حين أشعل سيجارته والغاز متسرب .
رابعا : كم الذين يتأذون بروائح المدخنين وبخاصة إذا ابتليت به وهو في جانبك في المسجد
ولعل الصبر على الروائح الكريهة أهون بكثير من الصبر على رائحة فم المدخن عقب قيامه من النوم . فالعجب من النساء كيف يصبرن على روائح أفواه أزواجهن ؟
وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم من أكل ثوما أو بصلاً عن الصلاة في المسجد حتى لا يؤذي المصلين برائحته ، ورائحة البصل والثوم تهون عن رائحة المدخن وفمه .
هذه بعض الأسباب التي من أجلها حرّم التدخين .
: الشيخ سعد الحميد
ثانياً :
ما يشترطه أحد الزوجين على الآخرعند العقد ، الأصل فيه الصحة ووجوب الوفاء به ، ما لم يكن مخالفا للشرع
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (أَحَقُّ الشُّرُوطِ أَنْ تُوفُوا بِهِ مَا اسْتَحْلَلْتُمْ بِهِ الْفُرُوجَ) رواه البخاري (2721) ومسلم (1418) .
وإذا لم يقم الزوج بما اشتُرط عليه والتزم به ، فللمرأة الحق في فسخ العقد .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"ولو شرط عليها أن تحافظ على الصلوات الخمس ، أو تلزم الصدق والأمانة فيما بعد العقد ، فتركته فيما بعدُ فَلَكَ الفسخ" انتهى .
"الاختيارات الفقهية" (ص 219) .
فمثله لو اشترطت المرأة على زوجها ترك الدخان ، ولم يتركه ، فلها فسخ العقد .
وقد سئل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
عن امرأة خطبها رجل فاشترطت عليه أن لا يشرب الدخان ، فوافق ، فتزوجته ، ثم تبين لها أنه يشرب الدخان ، فماذا يكون أمرها ؟
فأجاب :
"الحمد لله . إذا كان الأمر كما ذكر فإن للمرأة المذكورة الخيار في فسخ نكاحها منه ، أو البقاء معه" انتهى .
"فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم " (10/149) .
ولكن النصيحة لها قبل أن تفسخ العقد أن تحاول إصلاح زوجها ، وإعانته على ترك هذا المحرم
فإن استقام ، فالحمد لله ، وإن أصر على ما هو عليه ، فإنها تقارن بين المصالح والمفاسد ، فقد يكون بقاؤها معه أصلح ، من أجل تربية الأولاد ونحو ذلك ...
.
ولعل الله أن يهديه .
والله أعلم .