اسقاطات: قط مستأسد

[خالــد]

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

كان يا ما كان ...
هي بداية لكل حكاية مجرياتها في عالم مركب من نسج الخيال و معانيها انعكاس لواقع نحن فيه.
قصتنا اليوم بطلها قط، كان دائم النظر إلى نفسه في المرآة، وكلما أطال النظر همس له ذلك الصوت: "كأنك الأسد"، فيسرح قطنا بخياله فيصدق ذلك الكلام، فينسج من القصص والمغامرات ما يملأ ذلك الفراغ الكبير في صدره و يسكت عقدة نقص تسكنه.
قطنا أراد أن يكتشف العالم لكنه لم يستطع السفر والترحال فقرر أن يكتشف العالم من خلال حاسوبه لم يكن يعرف من التكنولوجيا إلا الاسم فقط، مع الوقت تعلم الكتابة والرد وتزويق الكلام وتنميقه، فأصبح يكتب هنا ويرد هناك، يغضب على هذا ويزمجر على ذاك، أحس أنه صاحب كلمة وصاحب سطوة ولا صوت يعلو فوق صوته، رأى نفسه أسدا بأتم معنى الكلمة، يموء خلف شاشته ليهيء له أنه يزأر زئيرا يُفزع الآخرين. لكن عندما يستفيق من شطحاته الافتراضية ويعود إلى واقعه يدرك أنه مجرد قط يموء.
في هذا العالم الافتراضي نصادف الكثير من الناس وفي تلك الكثرة نجد الاختلاف وفي الاحتكاك نذرك معادنهم فنجد الأصيل فيهم والمزيف منهم فليس كل واعظ حكيم هنا يكون ذلك حاله في الواقع، فالأصيل يبقى أصيلا أينما حل فذلك طبعه.
فيا قطط الواقع لا تستأسدي من خلف الشاشات، فهيهات هيهات تبقى الأسودُ أسوداً ... والقطط قططا.