الإيمان بالله - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الإيمان بالله

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-03-21, 03:09   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

السؤال:

هل الخوف من الله واجب ؟

وبماذا نرد على الذين يقولون مثل هذا القول : " إن معنى الصلاة الحقيقي لا يكمن في كميتها وطريقة حركاتها وعدد ركعاتها أو عدد زياراتنا للمساجد أو الكنائس أو الهياكل

بل في تمدد الذات في كونيتها وتفتح زهرة الروح للتوحد مع الوجود وملامسة نور الله والشعور ببهجة لقاءه ، إن غاية الصلاة لا تكمن في توفير فرصة أو مجال زمني محدد للتعبير عن طلبات نطلبها من الله

وما نريد الحصول عليه بجشع مغلف بطبقات من نفاق الذات للذات ، بل نصلي لنتحرر ونترك وراءنا -ولو للحظات- أثقال وأعباء رغبات الأنا وأوهامها ومخاوفها التحتية ، لا طائل من صلوات جعلها الناس عادة روتينية يكررونها بلا روح حتى يجنبوا عذاب جهنم أو يفوزوا بجنة خلد ، فغياب الروح هي جهنم

أليست الأرواح من تحرق في جهنم ؟

هي رحلة معراج داخلية متجددة بتجدد أنفاسنا ، ومرآة تساعدنا على رؤية أنانا الكونية بوضوح وصفاء ، وتقربنا من مركز الوجود حيث السكون والاستقرار والطمأنينة التي ما بعدها طمأنينة

فلنصلي ، ليس يوم الأحد فحسب ، وليس خمس مرات في اليوم ، ولا خمسين مرة في اليوم ، فلنصلي مع كل نفس نتنفسه ، ولنصلي من أجل المحبة لا الخوف فما أبعد إله المحبة عن أوثان الخوف " ؟


الجواب
:

الحمد لله

أولا :

الخوف من الله تعالى واجب ، بل هو من أوجب الواجبات ، ومن لم يخف الله فليس بمؤمن .

قال عز وجل : ( إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) آل عمران/ 175 .

وقال عز وجل : ( أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) التوبة/ 13 .

وقال تعالى : ( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ) الرحمن/ 46 .

وقال سبحانه : ( إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ) الملك/ 12 .

وقال تعالى – في وصف حال الأنبياء - : ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ) الأنبياء/ 90 .

والعبادة الشرعية عند أهل السنَّة تشمل المحبة والتعظيم ، والمحبة تولِّد الرجاء ، والتعظيم يولِّد الخوف
.
قال ابن القيم رحمه الله :

" الخوف : أحد أركان الإيمان والإحسان الثلاثة التي عليها مدار مقامات السالكين جميعها ، وهى : الخوف ، والرجاءُ ، والمحبة .

وانتفاءُ الإيمان عند انتفاء الخوف : انتفاءٌ للمشروط عند انتفاءِ شرطه ، وانتفاءُ الخوف عند انتفاءِ الإِيمان : انتفاءٌ للمعلول عند انتفاءِ علته .

فالخوف من لوازم الإيمان وموجباته ؛ فلا يتخلف عنه .

وقد أثنى سبحانه على أقرب عباده إليه بالخوف منه ، فقال عن أنبيائه بعد أن أثنى عليهم ومدحهم : ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسارِعُونَ فِى الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ) الأنبياء/ 90 " .

انتهى باختصار من "طريق الهجرتين" (ص282).

ثانيا :

هذا الكلام المنقول كلام من لم يقدر الله حق قدره ، ولا خاف مقام ربه ، ولا فرق بين دين الموحدين ، ودين المشركين والملحدين ، بل لبس على نفسه ، فالتبس الأمر عليه ، وصار الكل عنده سواء ، إذا ما حققوا دينه الذي دعاهم إليه !!

فمن صلى - أية صلاة ، على أي وجه كان ، صلاة المسلمين أو صلاة الوثنيين - ليتحرر من قيود العبودية ، ولا يطلب بها جنة ولا يخاف بها من نار ، وليس له من ورائها مطلب ، سواء في الدنيا أو الآخرة : فهو المصلي حقا ، عند هذا الدجال ، وهو الذي يعرف قدر الصلاة وحقيقتها .

ومن المعلوم من الدين بالضرورة ، الذي يعرفه كل من له أدنى معرفة بدين الله : أن ما يقوله هذا الأفاك : هو عين المحادة لله ورسوله ، والمنابذة لما جاءت به الرسل ، وأنزل الله به الكتب .

فما خلق الله الخلق ولا أرسل إليهم رسلا ، إلا لعبادته وطاعته ، والخوف منه ومن عذابه ، وابتغاء وجهه ، وسؤال جنته ، وطلب رحمته وعفوه ومغفرته ، ولولا ذلك لما كان في الناس وازع يزعهم عن الشر ، ولا رادع يردعهم عن المنكر ، ولا تقوى تنهاهم عن الخبائث ، ولا إيمان يأمرهم بالمعروف .

بل لولا ذلك ، لما كان للجنة والنار شأن ، ولا لبعث الناس وقيامهم إلى رب العالمين خطر في دين ، ولا صار ذلك من أركان الإيمان ، ومعالم الديانة .

والواقع أن هذا القول المجمل يغني عن تتبع عبارات هذا الدجال الذي لم يعظم شعائر الله ، ولا عرف حدوده ، ولا قدر الله حق قدره .

فصلاة المسلمين قائمة ، بل عبادتهم وديانتهم التي بها يدينون لرب العالمين : قائمة على المحبة والخوف والرجاء ، وبهذه الثلاثة ينصلح حال العالم العلوي والسفلي ، وتتم سعادة الدارين ، وكل منها يستلزم الآخر .

قال ابن القيم رحمه الله :

" هَذِهِ الثَّلَاثَةُ : الْحُبُّ وَالْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ ، هِيَ الَّتِي تَبْعَثُ عَلَى عِمَارَةِ الْوَقْتِ بِمَا هُوَ الْأَوْلَى لِصَاحِبِهِ وَالْأَنْفَعُ لَهُ ، وَهِيَ أَسَاسُ السُّلُوكِ ، وَالسَّيْرِ إِلَى اللَّهِ ، وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الثَّلَاثَةَ فِي قَوْلِهِ : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ) الإسراء/ 57 ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ هِيَ قُطْبُ رَحَى الْعُبُودِيَّةِ . وَعَلَيْهَا دَارَتْ رَحَى الْأَعْمَالِ "
.
انتهى من " مدارج السالكين " (3/ 128).

وغاية أمثال هذا المفتري على الله : أن ينتهي إلى الزندقة ، والتحلل من أمر الله ونهيه ، والاتكال على الأماني والغرور ، أو الانتكاس في ضلالات أهل " الحلول والاتحاد " !!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وَفِي آيَةِ الدُّعَاءِ : { ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً } ؛ فَذَكَرَ التَّضَرُّعَ فِيهِمَا مَعًا ، وَهُوَ التَّذَلُّلُ وَالتَّمَسْكُنُ وَالِانْكِسَارُ ، وَهُوَ رُوحُ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ ...

وَخَصَّ الذِّكْرَ بِالْخِيفَةِ : لِحَاجَةِ الذَّاكِرِ إلَى الْخَوْفِ ؛ فَإِنَّ الذِّكْرَ يَسْتَلْزِمُ الْمَحَبَّةَ وَيُثْمِرُهَا ؛ وَلَا بُدَّ لِمَنْ أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أَنْ يُثْمِرَ لَهُ ذَلِكَ مَحَبَّتَهُ .

وَالْمَحَبَّةُ مَا لَمْ تَقْتَرِنْ بِالْخَوْفِ : فَإِنَّهَا لَا تَنْفَعُ صَاحِبَهَا ، بَلْ تَضُرُّهُ ؛ لِأَنَّهَا تُوجِبُ التواني وَالِانْبِسَاطَ ، وَرُبَّمَا آلَتْ بِكَثِيرِ مِنْ الْجُهَّالِ الْمَغْرُورِينَ إلَى أَنْ اسْتَغْنَوْا بِهَا عَنْ الْوَاجِبَاتِ ، وَقَالُوا : الْمَقْصُودُ مِنْ الْعِبَادَاتِ إنَّمَا هُوَ عِبَادَةُ الْقَلْبِ وَإِقْبَالُهُ عَلَى اللَّهِ وَمَحَبَّتُهُ لَهُ فَإِذَا حَصَلَ الْمَقْصُودُ فَالِاشْتِغَالُ بِالْوَسِيلَةِ بَاطِلٌ !!

وَلَقَدْ حَدَّثَنِي رَجُل أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى بَعْضِ هَؤُلَاءِ خَلْوَةً لَهُ تَرَكَ فِيهَا الْجُمُعَةَ ؟

فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ : أَلَيْسَ الْفُقَهَاءُ يَقُولُونَ : إذَا خَافَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ ، فَإِنَّ الْجُمُعَةَ تَسْقُطُ ؟

فَقَالَ لَهُ : بَلَى .

فَقَالَ لَهُ : فَقَلْبُ الْمُرِيدِ أَعَزُّ عَلَيْهِ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ - أَوْ كَمَا قَالَ - وَهُوَ إذَا خَرَجَ ضَاعَ قَلْبُهُ ، فَحِفْظُهُ لِقَلْبِهِ عُذْرٌ مُسْقِطٌ لِلْجُمُعَةِ فِي حَقِّهِ .

فَقَالَ لَهُ : هَذَا غُرُورٌ ؛ بِل الْوَاجِبُ الْخُرُوجُ إلَى أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .

فَتَأَمَّلْ هَذَا الْغُرُورَ الْعَظِيمَ كَيْفَ أَدَّى إلَى الِانْسِلَاخِ عَنْ الْإِسْلَامِ جُمْلَةً ؛ فَإِنَّ مَنْ سَلَكَ هَذَا الْمَسْلَكَ : انْسَلَخَ عَنْ الْإِسْلَامِ الْعَامِّ ، كَانْسِلَاخِ الْحَيَّةِ مِنْ قِشْرِهَا ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ مِنْ خَاصَّةِ الْخَاصَّةِ !!

وَسَبَبُ هَذَا : عَدَمُ اقْتِرَانِ الْخَوْفِ مِنْ اللَّهِ بِحُبِّهِ وَإِرَادَتِهِ ؛ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : مَنْ عَبَدَ اللَّهَ بِالْحُبِّ وَحْدَهُ : فَهُوَ زِنْدِيقٌ ، وَمَنْ عَبَدَهُ بِالْخَوْفِ وَحْدَهُ : فَهُوَ حروري [ الحرورية: هم الخوارج ] ، وَمَنْ عَبَدَهُ بِالرَّجَاءِ وَحْدَهُ : فَهُوَ مُرْجِئٌ . وَمَنْ عَبَدَهُ بِالْحُبِّ وَالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ .

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ تَجْرِيدَ الْحُبِّ وَالذِّكْرِ عَنْ الْخَوْفِ : يُوقِعُ فِي هَذِهِ الْمَعَاطِبِ ، فَإِذَا اقْتَرَنَ بِالْخَوْفِ : جَمْعُهُ عَلَى الطَّرِيقِ ، وَرَدُّهُ إلَيْهَا كَالْخَائِفِ الَّذِي مَعَهُ سَوْطٌ يَضْرِبُ بِهِ مَطِيَّتَهُ ؛ لِئَلَّا تَخْرُجَ عَنْ الطَّرِيقِ ، وَالرَّجَاء : حَادٍ يَحْدُوهَا ، يَطْلُبُ لَهَا السَّيْرَ ، وَالْحُبُّ قَائِدُهَا وَزِمَامُهَا الَّذِي يُشَوِّقُهَا ؛ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَطِيَّةِ سَوْطٌ وَلَا عَصًا يَرُدُّهَا إذَا حَادَتْ عَنْ الطَّرِيقِ : خَرَجَتْ عَنْ الطَّرِيقِ ، وَضلَّتْ عَنْهَا .

فَمَا حَفِظَتْ حُدُودَ اللَّهِ وَمَحَارِمَهُ ، وَوَصَلَ الْوَاصِلُونَ إلَيْهِ : بِمِثْلِ خَوْفِهِ وَرَجَائِهِ وَمَحَبَّتِهِ ؛ فَمَتَى خَلَا الْقَلْبُ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثِ : فَسَدَ فَسَادًا لَا يُرْجَى صَلَاحُهُ أَبَدًا ، وَمَتَى ضَعُفَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ : ضَعُفَ إيمَانُهُ بِحَسَبِهِ .." .

انتهى من "مجموع الفتاوى" (15/19-21) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
ركن من اركان الايمان


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 02:52

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc