ثانيا :
يلزم الرجل نفقة ولده ، حال الحمل ، وحال الرضاعة ، وبعدها . ولا يلزم الأمَّ ذلك ولو كانت غنية .
ويدخل في النفقة : تكاليف الولادة ، والمسكن ، والمأكل والمشرب ، والكسوة ، وأجرة الرضاع ، وما يحتاجه الولد من دواء وغيره .
فإذا وضعت المطلقة حملها ، فلا نفقة لها ولا سكنى ، لكن النفقة والسكنى لرضيعها ، ولها أن تطالب الأب بأجرة الرضاع .
وإذا كانت المطلقة هي الحاضنة للطفل ، فقد اختلف الفقهاء في سكنها : هل يلزم الأب ( والد المحضون )، أم يلزمها ويلزم من ينفق عليها ، أم يكون مشتركا ، يدفع أجرته الزوج والمطلقة ، حسب اجتهاد الحاكم ، أم إن كان لها سكن ، اكتفت به ، وإن لم يكن لها سكن لزم الأب إسكانها ؟ على أقوال مشهورة لهم .
وينظر : حاشية ابن عابدين (3/ 562)، شرح الخرشي (4/ 218) ، الموسوعة الفقهية (17/ 313).
وإذا كان الأب ملزما بتوفير مسكن لابنه الرضيع - كما سبق - ، فإن للمطلقة أن تشترط سكنها معه ما دامت حاضنة أو مرضعة له ، ولا يلزمها السكن مع أهلها ، أو استئجار مسكن لها ، ولهما أن يصطلحا على بقائها في بيت أهلها ، أو في بيت خاص بها .
ثالثا :
أجرة الرضاع على والد الرضيع اتفاقا ، ولا يملك الأب ( المطلِّق ) إجبار المطلَّقة على إرضاعه.
قال ابن قدامة رحمه الله : " رضاع الولد على الأب وحده ، وليس له إجبار أمه على رضاعه ، دنيئة كانت أو شريفة ، سواء كانت في حبال الزوجية أو مطلقة . ولا نعلم في عدم إجبارها على ذلك إذا كانت مفارقة خلافا . فأما إن كانت مع الزوج فكذلك عندنا ، وبه يقول الثوري والشافعي وأصحاب الرأي "
المغني (11/ 430 ).
وقال : " الأم إذا طلبت إرضاعه بأجر مثلها فهي أحق به ، سواء كانت في حال الزوجية ، أو بعدها ، وسواء وجد الأب مرضعة متبرعة ، أو لم يجد "
انتهى من "المغني" (11/ 431 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وأما أجر الرضاع فلها ذلك باتفاق العلماء , كما قال تعالى : ( فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن ) ولا تجب النفقة إلا على الموسر ؛ فأما المعسر فلا نفقة عليه "
انتهى من "الفتاوى الكبرى" (3/347).
ثالثا :
وأما أجرة الحضانة وهي تربية الطفل والقيام عليه ، فقد اختلف فيها الفقهاء ، ومذهب الحنابلة أن الأم لها الحق في طلب أجرة الحضانة ، ولو مع وجود متبرعة بالحضانة ، قال في منتهى الإرادات : ( وأمٌّ أولى ، ولو بأجرة مثلها ، كرضاع ) انظر : "
شرح منتهى الإرادات" (3/249).
ومذهب المالكية أنه لا أجرة على الحضانة .
وللحنفية والشافعية تفصيل في المسألة . وينظر : "الموسوعة الفقهية" (17/ 311).
رابعا :
النفقة في جميع ما سبق ، تقدر بالمعروف ، ويراعى فيها حال الزوج ؛ لقوله تعالى : ( لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ) الطلاق/7 ، وهذا يختلف من بلد لآخر ، ومن شخص لآخر .
فإذا كان الزوج غنياً فالنفقة على قدر غناه ، أو كان فقيراً أو متوسط الحال فعلى حسب حاله أيضاً ، وإذا اتفق الوالدان على قدر معين من المال ، قليلاً كان أو كثيراً ، فالأمر لهما ، وأما عند التنازع فالذي يفصل في ذلك هو القاضي .
والحاصل :
أنه يلزمك نفقة الزوجة وحملها إلى أن تضعه ، ثم تلزمك نفقة الرضيع ، ومنها مسكنه ، ويلزمك أجرة الرضاع والحضانة للمطلقة إن طلبت ذلك ، وينبغي أن تتراضيا على تحديد النفقة وتقديرها بما يهيئ عيشا كريما للطفل ولأمه الحاضنة له .
على أننا ننصحك بأن تتأنى قبل اتخاذ هذه الخطوة ، وهذا ما يظهر لنا من سؤالك ، أنك لست عجولا ؛ فانظر في أمرك ، إن كانت هناك فرصة للإصلاح ، فهو الأولى بك ، والأصلح لطفلك الذي سيولد لك ؛ ثم لا يمنعك ذلك من الزواج بأخرى كما عزمت ، وتجمع بينهما .
والله أعلم .