الفقه وأصوله - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الفقه وأصوله

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-03-13, 16:40   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم القياس في الرخص

السؤال :

ما حكم القياس على الرخص ، كمن يقيس رخصة الصلاة في البيت حال المطر ، بغيرها من الأمور التي من شأنها أن تسبب عائقاً للمرء أو إزعاجا ؟ ومن العلماء من قاس جواز تأخير الصلاة عند قدوم الطعام ، بغيرها من المسائل التي ينشغل فيها ذهن المرء ، فجعلوا انشغال الذهن سبباً موجباً لاتخاذ الرخصة وتأخير الصلاة .

وماذا لو لم يتوفر الموجب للرخصة ، ولكن توفرت الحالة ؛ كأن تكون السماء ممطرة ، ولكن مع وجود المظلة أو السيارة بحيث يستطيع الوصول إلى المسجد دون أن يبتل ؟ هذا على اعتبار أن البلل هو سبب حيازة الرخصة . وقل مثل ذلك في السفر، فقد يتوفر للمرء السفر على الدرجة الأولى في ظروف مريحة جداً، فهل يجوز له القصر والجمع ؟

وإذا ما جاز ، قلنا فما باله لا يقصر من يعمل عملاً شاقاً ؟ أليس في حالة يصبح فيها أكثر احتياجاً إلى القصر من ذلك المسافر المرتاح على أريكته ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا:

القياس على الرخص مختلف فيه عند علماء أصول الفقه ، وقد حكى الدكتور عبد الكريم النملة الخلاف في كتابه " المهذب في علم أصول الفقه المقارن" (4 / 1939) ورجح إثبات الرخص بالقياس وأجاب عن أدلة القائلين بالمنع فقال : " هل يجوز القياس في الرخص كقياس الثلج على المطر في جواز الجمع بين الصلاتين بجامع أن كلًّا منهما يتأذى منه المسلم ؟ اختلف في ذلك على مذهبين:

المذهب الأول: أنه يجوز إثبات الرخص بالقياس ، ولا مانع من ذلك ، إذا عرفنا العِلَّة وتحققنا منها. وهو مذهب جمهور العلماء ، وهو الحق؛ لما يلي من الأدلة:

الدليل الأول: عموم الأدلة المثبتة لحجية القياس من الإجماع والكتاب والسُّنَّة والمعقول - كما سبق بيانه -؛ حيث إنها دلَّت على أن القياس يجري في جميع الأحكام الشرعية ، إذا عرفت العلَّة ، وتحققت في الفرع ، ووجدت جميع شروط القياس ، فإن تلك الأدلة لم تفرق بين حكم وحكم ، وبما أن الرخصة حكم من الأحكام الشرعية

فإنها تدخل في هذا العموم.

الدليل الثاني: أن الرخص تثبت بخبر الواحد ، فكذلك تثبت بالقياس ، ولا فرق ؛ بجامع: أن كلًّا منهما يفيد الظن ، ويجوز الخطأ والسهو في كل منهما.

المذهب الثاني: لا يجوز إجراء القياس في الرخص. وهو مذهب الحنفية، وقول للإمام مالك، وقول للإمام الشافعي .
أدلة هذا المذهب:

الدليل الأول: أن الرخص مخالفة للدليل ، فالقول بجواز القياس عليها ، يؤدي ويفضي إلى كثرة مخالفة الدليل ، فوجب أن لا يجوز.

جوابه: أن الدليل إنما يخالفه صاحب الشرع ، لمصلحة تزيد على مصلحة ذلك الدليل ؛ عملاً بالاستقراء ؛ وتقديمُ الأرجح : هو شأن صاحب الشرع، فإذا وجدنا تلك المصلحة التي خولف الدليل لأجلها في صورة أخرى ، وجب أن يخالف الدليل بها - أيضاً - عملاً برجحانها -

فنحن حينئذٍ قد أكثرنا موافقة الدليل ، لا مخالفته.

الدليل الثاني: أن الرخص منح من اللَّه - تعالى - وعطايا ؛ فلا يتعدى بها عن مواضعها؛ حيث إن في قياس غير المنصوص ، على المنصوص ، في الأحكامالاحتكامَ على المُعطي في غير محل إرادته ، وهذا لا يجوز، فينتج من ذلك: عدم جواز إثبات الرخص بالقياس.

جوابه: أن مدار إجراء القياس : على إدراك العلَّة ، والمعنى من شرع الحكم .

وكون الرخص تتصف باليسر والتخفيف : لا يمنع من إجراء القياس فيها ؛ فمتى أدركنا العلَّة التي من أجلها شرعت تلك الرخصة ، ووجدنا تلك العلَّة في شَيء آخر فإننا نعدي تلك الرخصة إلى ذلك الشيء؛ تكثيرا لمنح اللَّه ، وحفظا لحكمة الوصف من الضياع.

وقال إمام الحرمين - في الجواب عن ذلك الدليل -: هذا هذيان ، فإن كل ما يتقلب فيه العباد من المنافع : فهي منح من اللَّه تعالى" انتهى.

وبناء على هذا ؛ فإذا عرفت العلة من مشروعية الرخصة ، وتحققنا من وجود هذه العلة في النوع : فحينئذ يصح القياس .
وهذا القياس لا يمكن أن ينطبق على قصر الصلاة ، لأن العلة في قصر الصلاة هي السفر ، وليست هي المشقة ، فالمسافر يقصر الصلاة ، سواء وَجَد مشقة أم لم يجد ، وغير المسافر (المقيم) لا يقصر الصلاة ، ولو وجدت المشقة .

ولذلك نص العلماء على أنه لا يصح القياس على الرخصة التي لا توجد علتها في غير ما شرعت فيه ، (كرخص السفر) ؛ فإن علة السفر لا توجد في الإقامة ، وكذلك لا يصح القياس إذا لم نعرف علة الرخصة .

جاء في " البحر المحيط في أصول الفقه " (7 / 75):

" وَقَالَ إلْكِيَا: إنَّمَا نَمْنَعُ الْقِيَاسَ عَلَى الرُّخَصِ إذَا كَانَتْ مَبْنِيَّةً عَلَى حَاجَاتٍ خَاصَّةٍ ، لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الرُّخْصَةِ ؛ فَيَمْتَنِعُ الْقِيَاسُ لِعَدَمِ الْجَامِعِ ، كَغَيْرِ الْمُسَافِرِ يُعْتَبَرُ بِالْمُسَافِرِ فِي رُخَصِ السَّفَرِ ؛ إذْ يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ تَخْصِيصِ الشَّرْعِ ...

وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: يَحْتَمِلُ التَّفْصِيلَ بَيْنَ أَنْ لَا يَظْهَرَ لِلرُّخْصَةِ مَعْنًى : فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا ، وَبَيْنَ أَنْ يَظْهَرَ : فَيُقَاسُ.
وَيَنْزِلُ الْخِلَافُ عَلَى هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ.

وَرَأَيْت فِي كَلَامِ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ التَّفْصِيلَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ الْمَقِيسُ عَلَيْهِ مَنْصُوصًا: فَيَجُوزُ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ اجْتِهَادًا : فَلَا. فَحَصَلَ مَذَاهِبُ" انتهى.

وينظر ـ للفائدة ـ مذهب إمام الحرمين في ذلك : "البحر المحيط" (7/79) .

ثانيا :

أما تأخير الصلاة إذا أحضر الطعام ، فليست العلة هي حضور الطعام ، ولكن العلة هي انشغال الذهن ، وذهاب الخشوع أو قلته ، ولذلك صح أن يقاس على حضور الطعام كل ما يشغل ذهن المصلي ويقلل خشوعه .

قال النووي رحمه الله في شرحه لحديث ( لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ ، وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الْأَخْبَثَانِ ) . رواه مسلم (560) . قال:
"فِي هَذِهِ الْأَحَادِيث : كَرَاهَة الصَّلَاة بِحَضْرَةِ الطَّعَام الَّذِي يُرِيد أَكْله ، لِمَا فِيهِ مِنْ اِشْتِغَال الْقَلْب بِهِ ، وَذَهَاب كَمَالِ الْخُشُوع ، وَكَرَاهَتهَا مَعَ مُدَافَعَة الْأَخْبَثِينَ وَهُمَا : الْبَوْل وَالْغَائِط ، وَيَلْحَق بِهَذَا مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ يَشْغَل الْقَلْب وَيُذْهِب كَمَال الْخُشُوع .

، وَهَذِهِ الْكَرَاهَة إِذَا صَلَّى كَذَلِكَ وَفِي الْوَقْت سَعَة ، فَإِذَا ضَاقَ بِحَيْثُ لَوْ أَكَلَ أَوْ تَطَهَّرَ خَرَجَ وَقْت الصَّلَاة : صَلَّى عَلَى حَاله ، مُحَافَظَة عَلَى حُرْمَة الْوَقْت ، وَلَا يَجُوز تَأْخِيرهَا" انتهى .

وقال العز بن عبد السلام رحمه الله في "قواعد الأحكام"(1/38) :

"وكذلك تؤخر الصلاة بكل ما يشوش الخشوع ، كإفراط الظمأ والجوع " انتهى .

وأما التخلف عن صلاة الجماعة من أجل المطر ، فليست العلة هي المطر ، ولكن العلة هي المشقة الحاصلة بسبب السعي إلى الصلاة في المطر ، ولذلك اشترط العلماء في المطر أن يبل الثياب ، لأن هذا هو الذي تحصل به المشقة .

قال البهوتي في " كشاف القناع "(4/12) :

"يُعْذَرُ فِي تَرْكِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ : خَائِفٌ مِنْ ضَرَرٍ فِي مَالِهِ ، أَوْ فِي مَعِيشَةٍ يَحْتَاجُهَا ، أَوْ أَطْلَقَ الْمَاءَ عَلَى زَرْعِهِ ، أَوْ بُسْتَانِهِ ، يَخَافُ إنْ تَرَكَهُ فَسَدَ ، أَوْ كَانَ مُسْتَحْفَظًا عَلَى شَيْءٍ يَخَافُ عَلَيْهِ الضَّيَاعَ إنْ ذَهَبَ وَتَرَكَهُ ، كَنَاطُورِ (حارس) بُسْتَانٍ وَنَحْوِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ اللَّاحِقَةَ بِذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ بَلِّ الثِّيَابِ بِالْمَطَرِ ، الَّذِي هُوَ عُذْرٌ بِالِاتِّفَاقِ " انتهى .

ومثل المطر : ما قد يحصل به التأذي في مثل تلك الحال ؛ كشدة الريح ، أو شدة البرد ، أو الوحل .

قال البهوتي في "الروض المربع" (2/362) وهو يذكر أعذار التخلف عن صلاة الجماعة : "أو : حصل له أذى بمطر ووحل ، وكذا ثلج وجليد وبرد ، وبريح باردة شديدة في ليلة مظلمة" انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (4/317) :

"فإذا خافَ الأذى بمطرٍ أو وَحْلٍ، أي: إذا كانت السَّماءُ تمطرُ، وإذا خَرَجَ للجُمُعةِ أو الجماعةِ تأذَّى بالمطرِ : فهو معذورٌ.
والأذيَّة بالمطرِ : أن يتأذَّى في بَلِّ ثيابه ، أو ببرودة الجَوِّ، أو ما أشبه ذلك، وكذلك لو خاف التأذِّي بوَحْلٍ .

وكان النَّاسُ في الأول يعانون مِن الوحلِ ؛ لأن الأسواقَ طين ، فيحصُلُ فيها الوَحْلُ والزَّلَقُ، فيتعبُ الإِنسانُ في الحضور إلى المسجدِ، فإذا حصلَ هذا فهو معذورٌ .

وأما في وقتنا الحاضرِ : فإن الوَحْلَ لا يحصُل به تأذٍّ ، لأنَّ الأسواقَ مزفَّتة ، وليس فيها طين، وغاية ما هنالك أن تجدَ في بعض المواضع المنخفضة مطراً متجمِّعاً، وهذا لا يتأذَّى به الإِنسانُ ، لا بثيابه ولا بقدميه، فالعُذرُ في مثل هذه الحال إنما يكون بنزولِ المطرِ ، فإذا توقَّفَ المطرُ : فلا عُذر، لكن في بعض القُرى التي لم تُزفَّت يكون العُذرُ موجوداً" انتهى .

والحاصل :

أن ما عرفت علته من الرخص ، وتحققت تلك العلة في الفرع : صح فيه القياس ، وما لم تعلم علته ، أو كانت علته قاصرة لا توجد في غير ما شرعت فيه : لم يصح فيه القياس حينئذ .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
سؤال وجواب


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 15:36

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc