أقل من شهرين كانت المدة الكافية ليعود التوتر مجددا بين كوريا الشمالية و العالم ككل,والسبب هذه المرة ككل مرة التجارب العسكرية التي تقوم بها بيونغ يانغ...في هذه المرة أطلقت بيونغ يانغ صاروخا بالستي قادر على إصابة أي هدف على امتداد كامل خريطة الولايات المتحدة الأمريكية من الساحل الغربي إلى الساحل الشرقي..وأكد الجيش الكوري الشمالي على نجاح التجربة,الكثير من الناس يظنون أن كوريا الشمالية قادرة حقا على أن تكون ندا للولايات المتحدة الأمريكية...لكن و بالنظر إلى المعطيات والوقائع و الاحتكام إلى المنطق نجد أن كوريا الشمالية هي مجرد دولة صغيرة "معزولة" عن العالم تماما,بفضل نظام اجتماعي جد غريب..جمهورية يمنع فيها كل شيء ولكن يباح لحاملي "الجوازات الخاصة" كل شيء خارج البلاد..جعلت العقوبات الدولية النظام الكوري الشمالي يعتمد على وسائل ملتوية في تحقيق الأرباح و تحصيل العملة الأجنبية أبرزها إدارة شبكات واسعة للنشاطات الغير شرعية في الجارة الصين..ناهيك عن المصانع المملوكة من قبل أشخاص محسوبين على النظام الكوري والتي تصدر لمختلف أنحاء العالم..وهذه الشبكة الواسعة من الاستثمارات الخارجية لا تملك أي فرصة للصمود أو لتمويل دولة تتحدى العالم..خاصة و أننا أصبحنا في زمن "حرية نشر المعلومة" و صار من المستحيل الإبقاء على ملف مشفر داخل درج سري..وبالحديث عن الأسرار إن الولايات المتحدة الأمريكية وحدها تملك عدد لا بأس به من عناصر وكالة الأمن القومي و وكالة الاستخبارات المركزية عناصر أثبتوا تواجدهم على الميدان في أكثر من مناسبة و ذلك عبر إحباط عمليات إطلاق الصواريخ الكورية...وفرضا حتى إن استطاعت كوريا الشمالية الدخول في مجابهة عسكرية مباشرة كم من الوقت يلزمها لنقل جنودها و السؤال الأبرز هل تمتلك قواعد عسكرية في كل قارة على غرار الولايات المتحدة الأمريكية...كل هذا يزيدنا يقينا بأن الحرب التي تريد بيونغ يانغ الدخول فيها هي حرب خاسرة مسبقا و محسومة نتائجها و محدودة خياراتها...ومن هذا المنطلق ندرك بأن كوريا الشمالية عبارة عن خديعة كبرى أو عملية جس نبض للإدارة الأمريكية الجديدة و قدرتها على التجاوب كل هذا في سبيل الصراع الحقيقي بين "القيصر" و "اليانكي"...العالم يسير في ثنائية قطبية مجددا قد يصورها المتفائل على أنها ستعيد التوازن الذي يفتقده العالم و قد يصورها المتشائم على أنها ستؤجج الصراعات و تجعل من سائر الأمم رهينة للتكتلات.