السلام عليكم
الفتنة لا يراها الغافل و لا يحس بها النائم و لا يعترف بها الجاهل فهي اذا مرّت عليهم مرّت حتى إذا لم يبقى منها إلاّ ذيلها تحرّك يمينا و شمالاً فأحرق ما تبقى مما داست عليه بأطرافها .
الفتنة تبدأ من مجرد كلام من مجرد سوء نظر ، من مجرد سوء فهم ، من مجرد غفلة أو حيرة و اكبر أسبابها الغضب .
فالغضب يعمي البصر و البصيرة فتتكون الفكرة و تصير مشكلة و تتحول المشكلة الى قضية ، فتكون لأجلها الشعارات و ترفع من اجلها اللافتات ، ثم ما تلبث ان يتصدّى لها فيحدث الانفلات فيكبر و يكبر حتى تصبح ثورة تطالب برؤوس من اعتلوا الكراسي في البــــلاد يستبدلونهم بأناس آخرين .
فما اعظمها من فتنة.
يقولون أن العلماء يعرفون الفتنة حين تُقْبل على الأمة و الشعوب باختلاف اجناسها يعرفونها حين تُدْبر .
و هذه حقيقة جرت على مسامعنا و رأيناها تحدث و تتبعناها خطوة بخطوة و كنّا نحسب انها ثقافة و تغيير و لكنها كانت فتنة سامّة تنفث سمومها علينا ، و من شدّة غبائنا أن بعض ممن كانوا حولنا كانوا يموتون الواحد تلو الاخر و بالرغم من كل ذلك لم نكن نعلم أنها فتنة و الغريب في الامر أن العلماء كانوا يحذرون الامة و يقولون أنها فتنة و لكننا كنّا في الغباء المستميت نائمين غير مبالين عميان لا نرى الا قدر شبر أمام أرجلنا و الاغرب من هذا كله ان البعض الان و حاليا لا يصدّقون بأن الذي حدث في البلاد العربية ليس فتنة بل ما زالوا يحسبونها ديمقراطية .
لو عاد هؤلاء الى فهم العلماء لعلموا انّ كل هذه الفتنّة التي حدثت في البلاد العربية أصلها الديمقراطية .
و هذه الديمقراطية الخبيثة أصبحت أخبث ممن صنعوها فهي التي تجعل من الحلاق و البنّاء رئيس دولة و تمّ وضعهم على رؤوس الشعب ، و هذا الشعب هو السيّد فمنه و له يعود الحكم ، فالشعب يصنع الرئيس و في نفس الوقت يطيح بالرئيس ، و داخل هذا الشعب اطياف متعددة و اجناس مختلفة و طوائف متفرقة و ديانات منحرفة و اعتقاد ليس في محلّه ، فحينها سيحدث للعالم العربي كما حدث و بدأ في لبنان ، رئيس مسيحي و قائد جيوش شيعي و رئيس حكومة سنّي و شعب مختلط بين هذا و ذاك مرّة كاسي و مرّة عاري ، و على هذه الخطى تسير سوريا الاشتراكية و الرأسمالية و الشيعية و السنية و الدرزية ، و تبعتها اليمن السنية الشيعية و العراق الكردي السني الشيعي المسيحي و ها هي ليبيا اصبحت على مشارف الهلاك فحين تهلك سيهلك كل من حولها فهي كالقنبلة الموقوتة إن هي انفجرت كانت لها ريح ضارية حارقة تضرب على كل الاتجاهات فيكون طولها على قدر انفجارها و هي الان في هذه الاثناء تكبر و تكثر .
كل هذا حذّرنا منه الالباني قبل موته رحمه الله و حذّرنا منه العثيمين و ابن باز رحمهم الله و مازال ربيع و الرحيلي و العباد يحذّرون و لكن للأسف نحن في حلقة ندور و السنة تعيد نفسها كل سنة و الدرس لم يُفْهمْ بعدْ.
بارك الله فيكم
م.عبد الوهاب