يقول ابن خلدون
ثم انتقض العرب الهلاليون على دعوة صنهاجة، وكان أمير رياح فيهم محرز بن زناد ابن بادخ [1] إحدى بطون بني علي بن رياح، فلقيتهم جيوش الموحّدين بسطيف وعليهم عبد الله بن عبد المؤمن فتوافقوا ثلاثا علقوا فيهما رواحلهم، وأثبتوا في مستنقع الموت أقدامهم، ثم انتقض في الرابعة جمعهم واستلحمهم الموحّدون وغلبوا عليهم، وغنموا أموالهم وأسروا رجالهم وسبوا نساءهم واتبعوا أدبارهم إلى محصن سبتة. ثم راجعوا من بعد ذلك بصائرهم واستكانوا لعزّ الموحّدين وغلبهم، فدخلوا في دعوتهم وتمسّكوا بطاعتهم، وأطلق عبد المؤمن أسراهم ولم يزالوا على استقامتهم، ولم يزل الموحدون يستنفرونهم في جهادهم بالأندلس، وربما بعثوا إليهم في ذلك المخاطبات الشعرية، فأجازوا مع عبد المؤمن ويوسف ابنه كما هو في أخبار دولتهم. ولم يزالوا في استقامتهم إلى أن خرج عن الدولة بنو غانية المسوّفيون أمراء ميورقة، أجازوا البحر في أساطيلهم إلى بجاية فكسبوها سنة إحدى وثمانين وخمسمائة لأوّل دولة المنصور، وكشفوا القناع في نقض طاعة الموحّدين، ودعوا العرب بها، فعادت هيف إلى أديانها.