السلاح الكيماوي,كلمة وحدها تكفي لوصف قدر بشاعة الأداة الأكثر إجراما...قد مرت منطقة الشرق الأوسط بعدة تجارب في خصوص السلاح الكيماوي و استخداماته منذ ثمانينيات القرن الماضي في العراق,وصولا إلى احتلال العراق و امتدادا لحرب الكيان على قطاع غزة و انتهاء بسوريا..
إن ما حصل في خان شيخون جريمة حرب شنعاء بكل المعايير...لكن قبل الانطلاق في وصف الجريمة لابد من توفير رؤية إن لم تكن كاملة على الأقل رؤية من منظار أوسع عن منظار الإعلام العربي المنحاز,إن الإعلام تفانى في الإنشاء و النسخ و قطع و تحرير الصور التي وصلت من خان شيخون,أطفال يرقدون أرضا جثثا هامدة و شباب يصارعون من أجل شهقة هواء...حقا مؤلمة تلك الصور,ولكن الأكثر الم روح الانتقام و الشحن العاطفي الذي يلي بث هذه الصور,و حتى أقلام المحللين التي شرقت و غربت إلى الكرملين تارة و إلى البيت الأبيض تارة آخرى كل و مرجعيته و قبلته السياسية,ذهبنا إلى أقصى حد في التحليل و تناسى الكثير منا الوقائع و الأحداث التي سبقت و تلت الجريمة,أقر مجلس الأمن في 2013 خطة لنزع و تدمير السلاح الكيميائي الذي بحوزة الجيش النظامي السوري,وبالفعل بعد تفاهمات بين القوى الكبرى جرى تجريد الأسد و جيش الأسد نهائيا من الأسلحة الكيماوية عبر بعثات دولية و مشاركة أكثر من دولة من بينها الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا و بإشراف مباشر من منظمة حظر الأسلحة الكيماوية التابعة للأمم المتحدة و صادق المجتمع الدولي على العملية و اعتذر النظام السوري و أقر هزيمته بشكل ضمني من خلال الإعلام و التحركات الميدانية و على الصعيد الدبلوماسي أيضا,لكن الإعلام العربي اليوم قرر أن يستهبل عقول الناس و الخبراء الدوليين و يسارع إلى اتهام النظام السوري بالارتكاب المباشر لجريمة خان شيخون رغم استحالة امتلاك هذا الأخير للسلاح الكيماوي,إذ جرد من أسلحته الكيماوية في وقت سابق ليس من روسيا بل من أمريكا,و المطار الذي انطلقت منه طائرات سوخوي 22 معروف بأنه لا سلطان للنظام السوري عليه و أصلا الجيش السوري لم يسلم له طائرات سوخوي 22,إن الولايات المتحدة الأمريكية وجهت ضربة استباقية مبنية على تقارير سياسيين يمينيين و لم تأخذ برأي العسكريين الأكفاء في صورة مشابهة تماما لإدارة بوش الابن التي أقحمت العالم في حربين لا ضرورة عسكرية لهما.وما يزيد الطين بلة إتباع سواد من العرب للطرح جماعة ترامب الذي يضرب بالحائط عملية نزع السلاح الكيماوي التي صادق عليها المجتمع الدولي قبل سنوات,أو بالأحرى يتفادى مواجهة مباشرة حتمية لأن المذنب في خان شيخون أقرب من النظام لكنه حتما ليس النظام السوري....